الفوائد من عودة ترامب
هل هناك فوائد من الممكن أن تعود علينا فى مصر وفى المنطقة العربية عمومًا، من عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة؟.. كان الرأى العام العربى بوجه عام، على مستوى الجماهير وليس مستوى القادة، يتمنى انتخاب كامالا هاريس، نائبة الرئيس جو بايدن ومرشحة الحزب الديمقراطى. ويرى أنها أقل جموحًا من ترامب.
فى المقابل، فإن النتائج المتاحة لاستطلاعات الرأى الأخيرة تؤكد أن نسبة عظيمة من الناخبين ذوى الأصول العربية داخل الولايات المتحدة صوتوا لترامب، وأخذوا موقفًا مناوئًا من الحزب الديمقراطى ومرشحته. هم يؤمنون بأن الدعم العسكرى والسياسى والإعلامى، الذى قدمه الرئيس جو بايدن لإسرائيل فى حربها الدموية فى قطاع غزة، كان حافزًا لدولة الاحتلال وجيشها فى تنفيذ المذابح على مدار الشهور الأخيرة وحتى الآن، وأن مواقف هاريس المائعة من القضية لا تبشر بأى خير، وأنها لم تستطع أن تخرج من عباءة بايدن فى هذه القضية أو بقية القضايا الرئيسية.
على كل الأحوال، فإن هذا الرئيس المنتخب فى البيت الأبيض، ومن خلال خبراتنا معه فى فترة رئاسته السابقة، ورغم أنه كان داعمًا لإسرائيل هو وأطراف حكومته، أكثر من القادة الصهيونيين داخل إسرائيل، قد يكون مفيدًا أكثر إذا نجح فى تحقيق وعوده وأنهى كل الحروب فى العالم.. ومن بينها حرب إسرائيل فى غزة ولبنان. ومن المفيد أن نتعرف أكثر على أجندته كاملة للشرق الأوسط.
لقد خرج ترامب خاسرًا فى الانتخابات الرئاسية السابقة فى ٢٠٢٠، لصالح بايدن.. وحتى الآن، لا نعرف على وجه اليقين، تفاصيل خطته لصفقة القرن. حدثت تسريبات غير رسمية لبعض بنودها، ورحب بعض الزعماء بها علنًا، لكنها لم تظهر بشكل كامل للنور. وصفها سياسيون ومحللون بأنها مخيفة، ومن شأن تنفيذها بشكل كامل أن تنهى القضية الفلسطينية إلى الأبد، فى مقابل مصالح اقتصادية للفلسطينيين ولدول الجوار. وقيل إن بعض العواصم الخليجية المهمة، رحبت بالخطة سرًا.. وهى مستعدة للمشاركة فى تمويلها.
والسؤال الآن: هل يستطيع ترامب أن يمارس نفوذه على الأرض مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وجيشه الدموى، من أجل وقف حمام الدم فى غزة، وأن يعيد الحياة لصفقة القرن؟!
هناك فوائد أخرى أنظر إليها كصحفى، بإعادة انتخاب ترامب، ولا أقصد الفوائد السياسية تحديدًا، فكما هو واضح فإن السياسات الأمريكية فى العالم لا تتغير بسهولة إلا فيما يتعلق بعدد محدود جدًا منها مثل المهاجرين.. والتجارة مع التجمعات الكبرى والصين.
أول فائدة نظرت إليها تتعلق بنهاية المصداقية لاستطلاعات الرأى بمفهومها التقليدى. لقد فشلت مراكز استطلاع مهمة وصحف وفضائيات كبرى فى الولايات المتحدة وخارجها، فى الوصول لنتائج قريبة من الواقع. اتضح أن هناك مسافة بين القائمين على الاستطلاعات وبين الناخب المتردد، أو الذى خرج من مزرعته أو قريته ليختار مرشحًا، صفحته الجنائية ليست نقية، لكنه رجل اقتصاد ناجح، وحقق نجاحات مهمة من قبل.. ويعد بالمزيد لصالح المواطن الأمريكى التقليدى. نسبة مهمة من الأمريكيين أيدوا سياسات ترامب فقط أمام صناديق الانتخابات وخاصة ما يتعلق بقضية الهجرة وترحيل الأجانب الذين لا يحملون إقامات شرعية. فوز ترامب هو نهاية لزمن استطلاعات الرأى بأسلوبها المعروف فى بلد هو الذى ابتدع هذه الممارسات الإعلامية والسياسية.. وقلدناها فيما بعد.
وما كشف عنه انتخاب ترامب أيضًا، أن الولايات المتحدة لا تنتخب امرأة. فقد فشلت كل من كامالا هاريس ومن قبلها هيلارى كلينتون فى مواجهة هذا الملياردير المغامر. فرغم التاريخ الإيجابى للولايات المتحدة وريادتها فى منح المرأة حقوقها فى ميادين عديدة فإنها فشلت فى أن تصل بأى امرأة لقيادة البيت الأبيض. ولقد وصلت النساء فى عواصم عديدة لكرسى الرئاسة حتى فى دول تنتمى إلى العالم الثالث. ربما يكون الأمر متعلًقا بعدم كفاءة النساء المرشحات للمنصب فى واشنطن، وقد نجد مرشحة قادرة على الوصول لرئاسة الولايات المتحدة فى دورات رئاسية مقبلة.
أعود للفوائد التى قد نجنيها من عودة ترامب للبيت الأبيض، وأؤكد أن العلاقة مع مصر تحديدًا قد تتحسن وتخطو للأمام. أتوقع، على أقل تقدير، أن تكون أفضل من مستواها الذى حققته فى عهد بايدن. الكيميا بين القاهرة وواشنطن فى عهد الديمقراطيين بشكل عام لا تكون فى أفضل حالاتها. التاريخ القريب يثبت ذلك. والرئيس السيسى كان أول زعيم عربى يهنئ ترامب. كما أن العلاقة بينهما فى فترة الولاية الأولى لترامب كانت جيدة وإيجابية. نتمنى أن تنعكس هذه الحالة بشكل جيد على أوضاعنا.. وخاصة ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية.
هل يستطيع ترامب أن يمارس نفوذه على الأرض مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وجيشه الدموى من أجل وقف حمام الدم فى غزة؟