رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الداعى إلى السلام.. الساعى نحو الحرب!!


منذ إعادة انتخابه، عاد الرئيس الأمريكى الذى ينتظر يوم تنصيبه، دونالد ترامب، إلى فكرة التوسع الإقليمى للولايات المتحدة، بما فى ذلك استعادة قناة بنما، التى قال إنها «حيوية لبلدنا»، وزعم أن «الصين تديرها»، كما اتهم بنما، فى وقت سابق، بفرض رسوم زائدة على السفن الأمريكية لاستخدام الممر المائى، الذى يربط المحيطين الأطلسى والهادئ.. وأكد «أن منح القناة لبنما كان خطأ كبيرًا للغاية.. انظروا، كارتر كان رجلًا طيبًا.. لكن هذا كان خطأ كبيرًا».. وطرح الرئيس المنتخب، فكرة سيطرة الولايات المتحدة على الإقليم الدانماركى المتمتع بالحكم الذاتى، جرينلاند، فى مؤتمر صحفى مطول، رفض فيه استبعاد العمل العسكرى لتحقيق هدفه، وقال فى منشور على منصته الاجتماعية Truth إن «ملكية جرينلاند والسيطرة عليه ضرورة مطلقة».. وتزامنت تصريحات ترامب، التى قال فيها إن الولايات المتحدة تريد جرينلاند «لأغراض الأمن القومى»، مع زيارة ابنه، دونالد ترامب جونيور، إلى أكبر جزيرة فى العالم.. وفى الأسابيع الأخيرة، هاجم ترامب كندا مرارًا، بشأن احتمال أن تصبح الولاية رقم واحد وخمسين فى الولايات المتحدة، «إذا تخلصنا من هذا الخط المرسوم بشكل مصطنع، ونظرنا إلى شكله، فسيكون ذلك أفضل بكثير للأمن القومي.. كندا والولايات المتحدة، سيكون ذلك شيئًا مميزًا حقًا».
ربما لم يلتفت أحد إلى تعليق ترامب، وهو ينظر إلى خارطة إسرائيل، وقوله، «إنها تبدو صغيرة، وتحتاج إلى التوسع»، ليدرك أن المنهج التوسعى على حساب الآخر، لم يكن بعيدًا عن سياسة ترامب.. بالنسبة لأى رئيس حديث آخرـ وخصوصًا الرئيس الذى خاض حملته الانتخابية على أساس إنهاء الحروب وليس البدء بهاـ فإن التهديد بالتعدى على سيادة الحلفاء سيكون أمرًا غير معتاد للغاية.. لكن السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة ولاية ترامب الأولى، تميزت بالانحرافات شبه المستمرة عن الاتفاقيات الدبلوماسية والالتزامات الدولية السابقة، وتم تحديدها من خلال سياسة حافة الهاوية السياسية والاقتصادية غير المتوقعة، والمعادية فى بعض الأحيان مع الشركاء والأعداء التقليديين فى جميع أنحاء العالم، ولنا فى اعترافه بتبعية مرتفعات الجولان السورية إلى إسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس مثلًا.. فبالنسبة لترامب، فإن تدريب غرائزه الإمبراطورية على بعض أقرب شركاء الولايات المتحدة، يقدم نسخة من نفس السياسة الخارجية التى انتهجها خلال فترة ولايته الأولى، عندما سعى إلى تعزيز المصالح الأمريكية بالقوة على الساحة العالمية، مع القليل من الاهتمام بالحدود أو العلاقات الدولية الحساسة.
وقد رفض الرئيس البنمى، خوسيه راؤول مولينو، ادعاءات ترامب، مؤكدًا أنه «لا يوجد أى تدخل صينى على الإطلاق» فى القناة، كل ما هنالك، أن شركة «سي. كيه. هاتشيسون» القابضة، التى يقع مقرها فى هونج كونج، تدير ميناءين عند مداخل القناة، التى تم بناؤها أوائل القرن العشرين، وظلت الولايات المتحدة تسيطر على منطقة القناة حتى عام 1977، عندما تم التنازل عن الأرض تدريجيًا إلى بنما، بموجب المعاهدات التى تم التفاوض عليها فى عهد الرئيس الأسبق جيمى كارتر.. وقال وزير خارجية بنما، خافيير مارتينيز آتشا، «إن سيادة قناتنا غير قابلة للتفاوض، وهى جزء من تاريخ نضالنا وغزونا الذى لا رجعة فيه.. إن الأيدى الوحيدة التى تسيطر على القناة هى بنمية، وهذا هو السبيل الذى ستستمر به الأمور».
وحذرت فرنسا وألمانيا الرئيس ترامب، من أن الاتحاد الأوروبى لن يتسامح مع غزو الولايات المتحدة جرينلاند، إذ قال وزير الخارجية الفرنسى، جان نويل بارو، «ليس من الوارد أن يسمح الاتحاد الأوروبى لدول أخرى فى العالم، أيًا كانت، بمهاجمة حدوده السيادية.. جرينلاند أرض أوروبية»، وأضاف بارو، «إذا سألتنى عما إذا كنت أعتقد أن الولايات المتحدة ستغزو جرينلاند، فإن إجابتى هى لا.. ولكن، هل دخلنا فى فترة من الزمن حيث البقاء للأقوى؟.. إذن جوابى هو نعم.. وهنا، يجب على أوروبا ألا تسمح لنفسها بأن تخاف، بل عليها أن تتغلب عليها القلق.. وعلينا أن نستيقظ، ونعزز أنفسنا فى عالم يحكمه قانون البقاء للأقوى».. وأيده ستيفن هيبسترايت، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، بتحذيره ترامب «كما هو الحال دائمًا، فإن المبدأ الثابت ينطبق.. إنه لا ينبغى نقل الحدود بالقوة».. ورد رئيس الوزراء الكندى، جاستن ترودو، على تهديد ترامب باستخدام «القوة الاقتصادية» لضم كندا إلى الولايات المتحدة، بأنه «ليس هناك أى فرصة فى الجحيم» للانضمام بين الدولتين.
لكن، لماذا يريد ترامب الاستحواذ على جرينلاند، وهى المنطقة التى تغطيها الثلوج بنسبة 80%، وتبعد أكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر عن العاصمة الأمريكية واشنطن؟.. وهل هذه هى المرة الأولى التى تحاول فيها الولايات المتحدة الاستحواذ على جرينلاند؟.
●●●
ظلت جرينلاند محل اهتمام ترامب لسنوات، بعد أن طرح فكرة سيطرة الولايات المتحدة عليها خلال ولايته الأولى.. ويرى أن جرينلاند ذات أهمية استراتيجية فى التصدى للنشاط الصينى فى القطب الشمالى، بالإضافة إلى أنها غنية بالموارد الطبيعية، بما فى ذلك النحاس والليثيوم والنيكل والكوبالت، والتى تعتبر حيوية لمجموعة من الصناعات من السيارات الكهربائية إلى التوربينات.. وهذه ليست المرة الأولى التى يُعرب فيها ترامب عن رغبته فى السيطرة على الجزيرة، التى تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية.. فقد ألغى ترامب رحلته إلى كوبنهاجن، بعد أن رفضت الدنمارك، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، عرضه لشراء الجزيرة خلال ولايته الأولى، إذ تقدم جرينلاند أقصر طريق من أمريكا الشمالية إلى أوروبا.. وهذا يمنح الولايات المتحدة اليد العليا من الناحية الاستراتيجية، فيما يتصل بجيشها ونظام الإنذار المبكر بالصواريخ الباليستية.. وقد أعربت الولايات المتحدة عن اهتمامها بتوسيع وجودها العسكرى فى جرينلاند، من خلال وضع رادارات فى المياه التى تربط جرينلاند وأيسلندا والمملكة المتحدة.. وتشكل هذه المياه بوابة للسفن الروسية والصينية، التى تهدف واشنطن إلى تعقبها.
تتميز الجزيرة أيضًا بثروتها الهائلة من المعادن، بما فى ذلك المعادن الأرضية النادرة المستخدمة فى تصنيع البطاريات والصناعة عالية التقنية.. وبحسب مسح أجرى عام 2023، تم العثور على خمسة وعشرين من أصل أربعة وثلاثين معدنًا، اعتبرتها المفوضية الأوروبية «مواد خام أساسية» فى جرينلاند.. ولا تقوم جرينلاند باستخراج النفط والغاز، حيث يعارض سكانها الأصليون قطاع التعدين فيها.. ويعتمد اقتصاد الجزيرة إلى حد كبير على صناعة صيد الأسماك.. وقد أعربت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة عن اهتمامها بجرينلاند، حيث فكرت فى شراء جرينلاند مرتين على الأقل، إحداهما عام 1867 والأخرى عام 1946، عندما اقترح الرئيس هارى ترومان، شراءها مقابل مائة مليون دولار. وقد رفضت الدنمارك العرض.. وفى عام 1867، اشترت الولايات المتحدة ألاسكا من روسيا.. وبعد ذلك، حاول وزير الخارجية الأمريكى، ويليام سيوارد التفاوض على شراء جرينلاند من روسيا، لكن المحاولة باءت بالفشل.
احتلت الولايات المتحدة جرينلاند عام 1941، بعد غزو ألمانيا النازية للدنمارك خلال الحرب العالمية الثانية.. وأنشأت وجودًا عسكريًا وإذاعيًا فى الجزيرة، وحافظت القوات الأمريكية على وجود دائم فى قاعدة «بيتوفيك» الفضائية، المعروفة سابقًا باسم قاعدة «ثولى الجوية»، فى شمال غرب جرينلاند منذ ذلك الحين.. وفى عام 1946، كانت جرينلاند لا تزال مستعمرة دانماركية، وفى ذلك الوقت عرض ترومان شراء الجزيرة، وهو العرض الذى رفضته الدانمارك. وقد تم ذلك تحت ستار من السرية أثناء الحرب الباردة، ولم يتم الكشف عن الأمر إلا فى 1991، فى تقرير لوكالة أسوشيتد برس.
وبين القلق وعدم التصديق، كانت ردود الفعل على تهديدات ترامب باستخدام «القوة الاقتصادية» ضد كندا وصناعاتها.. إذ قال ترامب، إنه يمكنه استخدام العقوبات الاقتصادية، لدفع كندا إلى أن تصبح جزءًا من الولايات المتحدة، بينما أثار مرة أخرى قضايا العجز التجارى، وقال إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى شراء الأخشاب أو منتجات الألبان أو السيارات الكندية.. وهو ما فنده فلافيو فولبى، رئيس رابطة مصنعى قطع غيار السيارات، إن تعليقات ترامب تظهر أنه لا يفهم، مدى الترابط بين قطاع صناعة السيارات بين كندا والولايات المتحدة.. كما هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على البضائع القادمة من كندا والمكسيك، بجعوى «مخاوف أمنية على الحدود».. إلا أن فولبى قال، إن التهديد بمثابة جنون!!، ومن شأنه أن يؤدى إلى رد فعل فورى من جانب شركات صناعة السيارات الأمريكية ومساهميها، من خلال الإجراءات القضائية وغيرها من الوسائل.. وأكد أن تعليقات ترامب الأوسع نطاقًا، حول انضمام كندا إلى الولايات المتحدة، إلى جانب تصريحاته حول الاستيلاء على قناة بنما وجرينلاند، تظهر أنه يريد إثارة الفوضى، «إن التهديدات تثير قضايا أكبر من قطاع قطع الغيار الكندى وقطاع السيارات نفسه.. هذا أكبر بكثير من صانع الأدوات فى وندسور، أو مورد البلاستيك المنفوخ فى ماركهام».. وبينما وصف ترامب، العجز التجارى للولايات المتحدة مع كندا، بأنه بمثابة إعانة، وهو تعليق أدلى به من قبل، قال فولبى، «بعض الرجال يحبون فقط مشاهدة العالم يحترق، وأعتقد أنهـ ترامبـ واحد منهم.. نحن لا نحتاج إلى أى شيء مما لديهم».
ويتواصل الجدل فى كندا حول «تعليقات ترامب التى تظهر أنه لا يفهم التجارة».. قالها دوان برات، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ماونت رويال، الذى يؤكد أن ترامب «يرى الأمر وكأنه موازنة عامة.. إذا لم يكونوا بحاجة إلى السلع الكندية، فلماذا يستمرون فى شراء السلع الكندية؟.. إنها ليست إعانة»، كما يقول.. ويرى فين هامبسون، أستاذ الشئون الدولية فى جامعة كارلتون، والرئيس المشارك لمجموعة الخبراء المعنية بالعلاقات الكنديةـ الأمريكية، إن أفضل استراتيجية لكندا فى الوقت الحالى، هى اتباع نهج «الانتظار والترقب» علنًا، مع تجنب أى تهديدات بالانتقام، لأن «كندا تستفيد عندما تبقى تحت الرادار»، وعلينا «ألا ننجرف وراء الطعم، على الرغم من أنه مغرٍ».. عندما تكون الحزب الأصغر، لا تطلق التهديدات، والتى لن تكون ذات مصداقية فى المقام الأول، لأن الرجل الكبير يمكن أن يدوس عليك بفوضى.. لذا يتعين علينا أن نكون أكثر رشاقة وذكاءً، ويتعين على رئيس وزرائنا أن يلتزم الصمت».. ورغم أنه نصح بالحذر فى الوقت الحالى، فإن هامبسون يرى أنه يجب على كندا أن تظل مستعدة للرد بإجراءات مستهدفة خاصة بها، فى حالة عدم تراجع ترامب عن خطابه الحالى بمجرد توليه منصبه.. واقترح هامبسون أن هذا قد يعنى الرد بفرض تعريفات جمركية وحظر على منتجات، مثل نبيذ كاليفورنيا أو ويسكى تينيسي.. وتستطيع الحكومة الفيدرالية أيضًا فرض ضرائب على الخدمات الرقمية التى يستخدمها الكنديون بشكل متكرر مثل Netflix أو Amazon أوUber، أو ملاحقة قطاع السياحة فى الولايات المتحدة، من خلال فرض ضرائب على أولئك الذين يقضون عطلاتهم، فى وجهات مشمسة مثل فلوريدا أو كاليفورنيا خلال أشهر الشتاء، و«إنهمـ الأمريكيونـ سوف يلاحظون ذلك، خصوصًا فى ولاية ترامب، حيث يسهم الكنديون بشكل كبير فى الاقتصاد المحلى الأمريكي».
وبينما قال ترامب إنه لا يفكر فى استخدام القوة العسكرية لجعل كندا جزءًا من الولايات المتحدة، إلا أنه أثار مخاوف بشأن الإنفاق العسكرى لجارته، عندما قال إنهم يملكون جيشًا صغيرًا للغاية، وهم يعتمدون على جيشنا.. كل شيء على ما يرام، ولكن كما تعلمون، يتعين عليهم أن يدفعوا ثمن ذلك.. وهذا غير عادل على الإطلاق».. فكندا تواجه ضغوطًا لزيادة إنفاقها العسكرى، فى ظل استمرار عدم تمكنها من تحقيق الهدف المحدد لأعضاء حلف شمال الأطلسي.. وفى حين استقال رئيس الوزراء الكندى، فإن دوج فورد، زعيم مقاطعة أونتاريو، أكبر مقاطعات كندا من حيث عدد السكان، «مع أن رؤساء الوزراء يقودون البلاد الآن، فإن ترودو يجب أن يقضى الأسابيع المتبقية له فى منصبه، فى العمل مع المقاطعات لمعالجة تهديد ترامب»، ورفض فورد أيضًا تعليقات ترامب بشأن الولاية الحادية والخمسين، قائلًا، «سأقدم له عرضًا مضادًا. ماذا لو اشترينا ألاسكا، وأضفنا مينيابوليس ومينيسوتا فى نفس الوقت؟».. وقد حذر رئيس الوزراء من «أننا سنرد بقوة»، إذا مضت إدارة ترامب قدمًا فى خطتها، وسلط الضوء على العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين البلدين، بما فى ذلك فى مجال الطاقة.. وأضاف أن الولايات المتحدة تعتمد على أونتاريو فى توفير الكهرباء. «فنحن نحافظ على تشغيل الأضواء فى مليون ونصف المليون منزل وشركة فى الولايات المتحدة».
●●●
حظيت مقترحات ترامب للاستيلاء على جرينلاند وقناة بنما، بردود فعل متباينة فى «الكابيتول هيل»، حيث صدمت تصريحاته بعض الجمهوريين.. إذ سخر منها مايكل ماكول، عضو الكونجرس، بقوله «لا أعتقد أنها معروضة للبيع».. كما رفض فكرة غزو الولايات المتحدة لجرينلاند، وقال «أعتقد أنه يتحدث بحرية نوعًا ما.. إنه يود أن يحصل على جرينلاند.. يبدو أنه يحب جرينلاند حقًا».. كما أبدى السيناتور الجمهورى، جون كورنين، تشككه فى هذا الأمر، وقال «لم تكن الولايات المتحدة تتألف من خمسين ولاية على الدوام.. فقد استحوذنا على ألاسكا وجزر هاواى، وحتى تكساس فى 1845.. لذا لم أسمع أى مناقشات حقيقية خارج ما قاله الرئيس ترامب».. وفى المثابل، حظيت تهديدات ترامب بشأن جرينلاند بدعم من أديسون ماكدويل، عضو الكونجرس الجمهورى الجديد، «أنا أؤيد الرئيس، فنحن بحاجة إلى وضع أمريكا فى المقام الأول، ومهما كانت الطريقة التى يتعين علينا أن نفعل بها ذلك، يتعين علينا أن نفعل ذلك، ولكن يتعين علينا أن نضع أمريكا فى المقام الأول مرة أخرى».. وقال جون بولتون، الذى شغل منصب مستشار الأمن القومى فى إدارة ترامب الأولى، إن الولايات المتحدة لديها مصلحة طويلة الأمد فى جرينلاند، «ترامب لم يكتشف جرينلاند، والولايات المتحدة تشعر بالقلق بشأنها منذ فترة طويلة».
ومع ذلك، ووفقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، فإن تصريحات ترامب الأخيرة تشير إلى أن نظرته للقوة الأمريكية مبنية على التوسع الإقليمى، وهو ما يمثل تحولًا صارخًا عن الأعراف الدبلوماسية السائدة.. وقد تعيد منهجية ترامب غير التقليدية فى الدبلوماسيةـ التى تتسم بالخطاب التوسعى والتكتيكات غير المتوقعةـ تشكيل العلاقات الخارجية الأمريكية.. ودافعت كيلى ماكنانى، المتحدثة باسم فريق ترامب الانتقالى عن تصريحاته، واصفة إياها بأنها استراتيجية ومحسوبة لاستعادة قوة الولايات المتحدة، وأكدت أن «قادة العالم مقبلون على التفاوض، بسبب وفاء الرئيس ترامب بوعده، بجعل أمريكا قوية مرة أخرى».. إن ما يربط بين تعليقات الرئيس المنتخب حول كندا والمكسيك وجرينلاند وبنما، هو رغبته فى مواجهة النفوذ الروسى والصيني.
ويرى فريد فليتز، نائب رئيس معهد «أمريكا أولًا»، أن تصريحات ترامب تأتى فى سياق رؤيته لتوسيع النفوذ الأمريكى، «ترامب رئيس غير تقليدى، يتجاوز الحدود المعتادة.. إنه قلق من النفوذ الصينى فى بنما وجرينلاند».. ربما تكون دعوة ترامب لضم كندا أو جرينلاند «تكتيكات تفاوضية»، للحصول على امتيازات اقتصادية وتجارية.. لكن استخدام القوة العسكرية، رغم أن ترامب لم يستبعده، يبقى أمرًا غير واقعى فى الظروف الحالية.. ليبقى السؤال حول مدى جدية ترامب فى هذه المطالبات.. وهل هى طموحات توسعية غير مسبوقة؟، أم أنها مجرد أدوات تفاوضية تثير الجدل الإعلامى وتضغط على الخصوم لتحقيق مكاسب؟.. الوقت وحده كفيل بالإجابة.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.