رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى

فى ظل هذه الأيام الصعبة التى تمر على المنطقة، هلَّت علينا بالأمس ذكرى ٢٤ أكتوبر، عيد المقاومة الشعبية، عيد مدينة السويس الباسلة، التى صمدت أثناء حرب أكتوبر، واستحقت أن تكون بحق مدينة الصمود فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، مثلما كانت بورسعيد مدينة الصمود فى حرب ١٩٥٦.

ما زالت تتردد فى أذنى حتى اليوم تلك الأغنية الشهيرة التى سمعتها فى طفولتى، وظل جيلى يرددها فى شبابه، عنوانًا للمقاومة أثناء حرب الاستنزاف، وأثناء حصار السويس فى أكتوبر ١٩٧٣: «يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى.. أستشهد تحتك وتعيشى إنتى». ما أصدق كلمات الخال عبدالرحمن الأبنودى، وما أروع لحن العبقرى إبراهيم رجب، وما أعذب وأقوى غناء ابن النيل محمد حمام. كانت الدموع تجتاح أعيننا ونحن نسمع: «ونعود ونغنى ع السمسمية.. ليكى يا مدينتى ياللى صمدتى». ويعود لنا الأمل والعزيمة من جديد مع مقطع: «دى بلدنا حالفة ما تعيش غير حرة». وأتذكر أنه بعد حرب ١٩٧٣ تم تغيير مقطع: «يا مدينتى ياللى صمدتى» إلى «يا مدينتى ياللى انتصرتى». فما هى قصة صمود السويس والمقاومة الوطنية بها؟

السويس واحدة من أقدم المدن المصرية، يُرجِعها البعض إلى العصر الفرعونى. ربما تغيرت أسماؤها عبر العصور، وتغير موقعها وفقًا لحركة المد والجزر لمياه الخليج، لكن تبقى السويس الحارس على رأس الخليج الذى عُرِف فى القرون الأخيرة باسم «خليج القلزم»، نسبة إلى مدينة القلزم التى حلت محلها مدينة السويس. وعندما تم حفر القناة وافتُتِحَت فى عام ١٨٦٩، أطلق عليها العالم كله اسم «قناة السويس»، وأصبح اسم السويس من الأسماء العالمية.

ومع هزيمة يونيو ١٩٦٧ وصل الاحتلال الإسرائيلى إلى الضفة الشرقية لقناة السويس. ومع تصاعد حرب الاستنزاف تعرضت مدينة السويس إلى حملة تدميرية ممنهجة من آلة الحرب الإسرائيلية، وتم تدمير معظم بيوت السويس، وبالتالى تم تهجير أغلبية سكان المدينة، وبقيت فى المدينة مجموعات قليلة من سكانها.

ومع العبور فى ١٩٧٣، لجأت إسرائيل إلى عملية الثغرة، وعبور القوات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية لقناة السويس، وحاولت بعض القوات الإسرائيلية الاختراق سريعًا للوصول إلى مدينة السويس واحتلالها، والاستفادة من ذيوع اسمها عالميًا، بالقيام بحملة إعلامية فى العالم بأن المصريين لم ينتصروا فى الحرب، بل انتصرت إسرائيل، بدليل دخولها إلى مدينة السويس. لكن المقاومة الشعبية الوطنية من أهالى السويس، مع ما تبقى من جنود الجيش الثالث، استطاعوا صد هجمات الجيش الإسرائيلى، فى ملحمة مقاومة تحدث عنها العالم بأكمله. وفى محاولة يائسة من الجانب الإسرائيلى جاءت جولدا مائير، رئيسة الوزراء آنذاك، إلى حواف السويس ليتم تصويرها بجانب يافطة كُتِب عليها «السويس»! لكن القيادة المصرية أصدرت فى اليوم نفسه بيانًا يؤكد صمود السويس، وعدم قدرة القوات الإسرائيلية على دخولها.

تحية للسويس الباسلة فى عيدها، ٢٤ أكتوبر عيد المقاومة الشعبية: «دى بلدنا حالفة ما تعيش غير حرة».

مع تصاعد حرب الاستنزاف تعرضت مدينة السويس إلى حملة تدميرية ممنهجة من آلة الحرب الإسرائيلية وتم تدمير معظم بيوت السويس