رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد حجاب صوت الملايين

رحم الله الشاعر الكبير «سيد حجاب» الذى تحل هذه الأيام ذكرى وفاته الثامنة، فقد ولد فى ٢٣ سبتمبر ١٩٤٠، وتوفاه الله فى ٢٥ يناير ٢٠١٧. 

تعرفت وجلست إلى سيد حجاب منذ أواخر السبعينيات من خلال اللقاء الدورى الذى كان يعقده مع عدد كبير من شعراء الأقاليم. عرّفنى عليه المرحوم الشاعر الكبير ابن دمياط سيد الموجى. وكانت أول جلسة لقاء جمعتنا على مقهى فى ميدان السيدة زينب بالقاهرة. ولمن لا يعرف الشاعر سيد الموجى، فقد صدرت له عدة دواوين أبرزها: ديوان «بيكيا» عام ١٩٧٧، وديوان «الدنيا والإنسان» عام ١٩٨٥، وديوان «الهموم الإنسانية بالحروف الأبجدية». وكتب العديد من المسرحيات الشعرية، وله عدة أوبريتات تم تقديمها على عدد من المسارح. وقد ظلمته الحركة الأدبية والنقاد على حد سواء.

أما سيد حجاب فهو شاعر العامية الذى لامس القلوب، وترك بصمة لا تُمحى فى ذاكرة الأدب العربى، بصوته الشجى وأشعاره التى تجسد هموم وآمال الشعب. واستطاع أن يصل إلى قلوب الملايين، وحياته حافلة بالإبداع.

ولد سيد حجاب فى عام ١٩٤٠ بمدينة المطرية فى الدقهلية، ومنذ صغره أظهر اهتمامًا بالشعر، وتأثر بوالده الذى كان محبًا للشعر. بدأ مسيرته الشعرية بكتابة الشعر الفصيح، ثم تحول إلى كتابة الشعر العامى الذى برع فيه.

ويتميز شعر سيد حجاب ببساطته وعفويته، وقربه من هموم الناس اليومية. واستطاع أن يترجم آمال وآلام الناس وأحاسيسهم ومشاعرهم إلى كلمات مؤثرة. من أبرز سمات شعره أنه يتصف بالواقعية، حيث تناول فى شعره قضايا المجتمع المصرى المعاصر، وصور الحياة اليومية بصدق وشفافية. واستخدم اللهجة العامية المصرية بطريقة فنية، ما أسهم فى انتشار شعره بين مختلف شرائح المجتمع.

وكتب الشعر الغنائى، والشعر الفكاهى، والشعر الحزين، مما زاد من تنوع إبداعه. وترك سيد حجاب إرثًا شعريًا غنيًا، ومن أبرز أعماله أشعار المسلسلات، حيث كتب العديد من التترات والأغانى للمسلسلات التليفزيونية الشهيرة مثل: «ليالى الحلمية»، و«المال والبنون»، و«بوابة الحلوانى»، كما قدم العديد من الأغانى الشعبية التى لاقت رواجًا كبيرًا. وأصدر العديد من الدواوين الشعرية التى تضمنت أجمل قصائده.

وبرحيل سيد حجاب عن عالمنا فى عام ٢٠١٧، ترك فراغًا كبيرًا فى الساحة الشعرية العربية. ورغم رحيله، فإن شعره سيظل خالدًا فى ذاكرة الأجيال.

إن سيد حجاب ليس مجرد شاعر، بل هو رمز من رموز الثقافة المصرية، فلقد أثبت أن الشعر العامى يمكن أن يكون فنًا راقيًا، وأن الشاعر الشعبى يمكن أن يكون صوتًا للملايين.

ويشكل شعر سيد حجاب لوحة فنية متكاملة تعكس عمق الحس الشعبى المصرى الأصيل، ويتميز شعره ببساطة اللغة ودقتها فى الوقت نفسه، حيث يستخدم مفردات يومية قريبة من الناس، ويعبر عن أحاسيسهم وآمالهم وتطلعاتهم بصدق وشفافية. ويعتبر حجاب شاعرًا واقعيًا بامتياز، فهو يرصد حياة الناس البسيطة وهمومهم اليومية، ويحولها إلى قصائد خالدة تتردد على الألسنة. كما أنه يتميز بقدرته الفائقة على استخدام الصور الشعرية البسيطة والمعبرة، والتى تترك أثرًا عميقًا فى النفس. إضافة إلى ذلك، فإن شعره يحمل طابعًا اجتماعيًا واضحًا، حيث يعبر عن قضايا المجتمع المصرى، ويوجه انتقادات لاذعة إلى الظلم والفساد. ولا يمكن تجاهل الجانب الإنسانى العميق فى شعر حجاب، حيث يعبر عن الحب والحنين والأمل فى حياة أفضل. وبفضل هذه المميزات، أصبح شعر سيد حجاب جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المصرية، وحظى بشعبية واسعة تجاوزت حدود الوطن العربى.

واستطاع سيد حجاب أن يترك بصمة واضحة فى تاريخ مصر المعاصر من خلال صياغته مقدمة الدستور المصرى. فبلمساته الشعرية الرقيقة، وأسلوبه السلس، رسم حجاب لوحة زاهية تعبر عن هوية المصريين وطموحاتهم، وحشد كل طاقات الأمة من أجل بناء مستقبل مشرق.

مقدمة الدستور التى جاءت بقلم حجاب لم تكن مجرد كلمات منمقة، بل كانت وثيقة وطنية تعكس تطلعات الشعب المصرى نحو الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.