معرض الكتاب.. قِبلة الثقافة
مهما كانت الظروف الاقتصادية والتحديات الصعبة التى تمر بها مصر، إلا أن هناك قدسية كبيرة لمعرض الكتاب السنوى، فهو بمثابة قبلة تلتف حولها جموع المصريين فى اشتياق بالغ كل عام. وهذا يعنى أن المصريين لديهم شغف بالثقافة والمعرفة بكل أنواعها وأشكالها وألوانها. وهذه صفة متوارثة عبر قرون طويلة من الزمن.
ويمثل معرض الكتاب السنوى فى مصر أكثر من مجرد حدث ثقافى سنوى، فهو احتفال حقيقى بالمعرفة والقراءة، ويعكس روح الشعب المصرى وتعلقه بالكتاب. هذا الاهتمام الكبير له جذور تاريخية تمتد لقرون، عندما كانت مصر مهدًا للحضارات ومنبعًا للعلم والمعرفة، فكان الكتاب هو الوسيلة الأساسية لنقل هذه المعرفة وتوارثها عبر الأجيال. واليوم يجد هذا الاهتمام تجديدًا مستمرًا، حيث يتوافد ملايين القراء من مختلف الأعمار والطبقات إلى المعرض بحثًا عن كل ما هو جديد فى عالم الكتب، ما يؤكد أن القراءة لا تزال تمثل ركيزة أساسية فى حياة المصريين.
ولا يقتصر الأمر على شراء الكتب فحسب، بل يتعداه إلى الاستمتاع بالأجواء الثقافية التى يوفرها المعرض، حيث يتم تنظيم العديد من الفعاليات والندوات التى تجمع الكتاب والقراء والمفكرين، ما يسهم فى إثراء الحوار الفكرى وتبادل الأفكار. كما أن المعرض يمثل فرصة للناشرين لعرض أحدث إصداراتهم والتفاعل مباشرة مع القراء، ما يدعم صناعة النشر فى مصر.
ولعل من أبرز الأسباب التى تجعل المصريين يحرصون على زيارة معرض الكتاب الرغبة فى مواكبة التطورات فى مختلف المجالات، سواء كانت أدبية أو علمية أو فنية. كما أن المعرض يوفر فرصة للتعرف على الثقافات الأخرى من خلال الكتب التى تعرض فيه، ما يسهم فى توسيع آفاق المعرفة والثقافة.
يمثل معرض القاهرة الدولى للكتاب حدثًا ثقافيًا سنويًا بارزًا يجذب اهتمامًا عالميًا واسعًا، فما السر وراء هذا الإقبال الكبير؟ تكمن الإجابة فى عوامل كثيرة، نذكر منها أن المعرض نافذة على الحضارة المصرية العريقة وتراثها الثقافى الغنى، فهو يقدم لمحة عن تاريخ مصر الأدبى والفكرى، ويبرز دورها المحورى فى صناعة المعرفة وتبادل الأفكار. ويتميز المعرض بتنوعه الثقافى، إذ يستضيف ناشرين وكتابًا من مختلف أنحاء العالم، ما يتيح للزوار فرصة الاطلاع على أحدث الإصدارات الأدبية والفكرية، والتعرف على الثقافات الأخرى. كما يوفر المعرض منصة للحوار والنقاش حول القضايا الثقافية والمعرفية المعاصرة، حيث يُعقد فيه العديد من الندوات والمؤتمرات التى تستقطب نخبة المثقفين والكتاب. ويعتبر المعرض حدثًا اجتماعيًا وثقافيًا مهمًا، حيث يتيح للزوار فرصة التقاء بعضهم بعضًا ومشاركة شغفهم بالقراءة والمعرفة، ما يعزز الروابط الاجتماعية والثقافية. وكذلك يسهم المعرض فى تعزيز صناعة النشر والتوزيع فى مصر والمنطقة العربية، حيث يوفر فرصًا تسويقية جديدة للناشرين، ويشجع القراءة والاطلاع لدى الجمهور. ويقدم المعرض تجربة ثقافية فريدة من نوعها، حيث يجمع بين المعرفة والترفيه، ما يجعله وجهة جاذبة للزوار من جميع الأعمار. ولذلك يمكن القول إن معرض القاهرة الدولى للكتاب ليس مجرد معرض للكتب، بل هو احتفال بالحياة الثقافية والمعرفية، وهو دليل على أهمية الكتاب والقراءة فى بناء المجتمعات.
وهو لا يقتصر على كونه مجرد حدث ثقافى سنوى، بل هو بوابة لعالم المعرفة والإبداع، ويوفر المعرض للشباب فرصة فريدة للتعرف على أحدث الإصدارات الأدبية والفكرية، والتواصل مع الكتاب والمثقفين، والمشاركة فى الفعاليات الثقافية المتنوعة. كما يسهم المعرض فى تشجيع القراءة لدى الشباب، ويعزز وعيهم بأهمية المعرفة فى بناء المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر المعرض منصة للشباب للتعبير عن آرائهم ومواهبهم، حيث يتم تنظيم العديد من الورش والمسابقات التى تستهدف الشباب. وبالتالى، فإن معرض الكتاب ليس مجرد حدث، بل هو استثمار فى مستقبل الأجيال الجديدة.