الدور المصرى لاستقرار ليبيا
لا شك أن ليبيا تمثل عمقًا استراتيجيًا لمصر، وتشترك الدولتان فى تاريخ وحضارة وثيقة الصلة. لذلك لم يكن غريبًا أن تتبنى مصر منذ اندلاع الأزمة الليبية عام ٢٠١١ موقفًا حازمًا ومسئولًا يسعى إلى تحقيق الاستقرار والأمن فى هذا البلد الشقيق.
ويهدف الدور المصرى إلى حماية الأمن القومى المصرى؛ حيث إن أى انفلات أمنى فى ليبيا يمثل تهديدًا مباشرًا، وتسعى جاهدة إلى مكافحة التنظيمات الإرهابية التى تستغل الأزمة الليبية لتوسيع نفوذها فى المنطقة، كما أن الاستقرار فى ليبيا هو جزء لا يتجزأ من الاستقرار فى المنطقة العربية بأكملها، وحماية للمصالح الاقتصادية والسياسية فى ليبيا، التى تشمل الاستثمارات المصرية فى هذا البلد والتعاون المشترك فى العديد من المجالات.
وقدمت مصر عدة مبادرات لضمان أمن واستقرار ليبيا، أهمها: مبادرة إعلان القاهرة، عندما أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى هذه المبادرة لحل الأزمة الليبية، التى تقوم على أساس الحوار الليبى- الليبى، ودعم المؤسسات الليبية، وضرورة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
كما قدمت الدعم الدبلوماسى المطلوب، والدور الفعال فى دعم الحل السياسى للأزمة الليبية من خلال المشاركة فى العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية، والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة، وقدمت، كذلك، مساعدات إنسانية للشعب الليبى الشقيق، وذلك للتخفيف من معاناته جراء الأزمة.
ورغم ذلك، فإن هناك تحديات واسعة بسبب التدخلات الخارجية فى الشأن الليبى، التى تسعى إلى تقويض الجهود المصرية لتحقيق الاستقرار، إضافة إلى تعدد الأطراف الليبية واختلاف أجنداتها ما يمثل عائقًا أمام تحقيق المصالحة الوطنية، ويعانى الاقتصاد الليبى أزمة حادة، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسى والأمنى.
ورغم التحديات الكبيرة، فإن مصر ماضية قدمًا فى دعم الاستقرار فى ليبيا، وتؤمن بأن الحل السياسى هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، وتراهن على وعى الشعب الليبى بأهمية الوحدة الوطنية، وعلى دور المؤسسات الليبية فى بناء دولة قوية ومستقرة.
ومن المتوقع أن تستمر فى بذل جهودها من أجل تحقيق السلام والاستقرار فى ليبيا، وذلك من أجل مصلحة الشعبين الشقيقين ومصلحة المنطقة بأكملها، وقد قدمت باعتبارها جارًا وشريكًا تاريخًيا لليبيا مجموعة من المقترحات والمبادرات التى تستهدف معالجة هذه التحديات، وإعادة الاستقرار إلى هذا البلد الشقيق.
وتدعو دائمًا مصر إلى الحوار الشامل بين جميع الأطراف الليبية، دون استثناء، بهدف التوصل إلى حل سياسى يرضى جميع الأطراف.
وتؤكد مصر أهمية دعم المؤسسات الليبية، وعلى رأسها الجيش الوطنى الليبى، لبناء دولة قوية ومستقرة، وضرورة مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة، التى تهدد أمن واستقرار ليبيا والمنطقة بأكملها، كما تدعو إلى إصلاح الاقتصاد الليبى، وتنويع مصادر الدخل. وكذلك أهمية العودة إلى المسار الديمقراطى، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وتتمتع مصر بمصداقية كبيرة لدى الأطراف الليبية والدولية، ما يجعلها قادرة على لعب دور الوسيط النزيه. ولذا تعلن القاهرة بوضوح أهمية منع التدخلات الخارجية فى الشأن الليبى، وضرورة طرد كل الأطراف المرتزقة من الأراضى الليبية، والقضاء على الإرهاب، وسرعة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وتعتبر المقترحات المصرية حجر الزاوية فى أى حل للأزمة الليبية، ولكن تحقيق هذه المقترحات يتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية، والعمل الجاد من قبل جميع الأطراف الليبية.
وقد أكد هذه الرؤية لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ يومين المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطنى الليبى، بحضور اللواء حسن رشاد رئيس المخابرات العامة المصرية، وأعلن الرئيس عن أن استقرار ليبيا يرتبط ارتباطًا وثيقًا مع الأمن القومى المصرى، كما أن مصر تبذل كل ما فى وسعها من جهود ومساعٍ لضمان الأمن والاستقرار فى ليبيا، والحفاظ على سيادتها ووحدتها، واستعادة مسار التنمية بها.
وأبدى الرئيس حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية، وأهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدى إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، وعلى ضرورة منع التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية.
ولذلك أعرب المشير حفتر عن تقديره العميق الدور المحورى الذى تلعبه مصر فى استعادة الاستقرار فى ليبيا، والجهود الحثيثة التى تبذلها لدعم ومساندة الأشقاء الليبيين منذ اندلاع الأزمة.