رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

براءة عدوية من عدم عودة عطية..

هل مات محمد خان وفى رقبته اعتذار لمطرب «زحمة يا دنيا زحمة»؟

عدوية و علي خان وفيلم
عدوية و علي خان وفيلم خرج ولم يعد

كتاب قديم للطالب الباكستانى محمد خان يطالب فيه بالثورية الغنائية على القوالب القديمة

استخدام خان لعدوية رمزًا لفوضى المدينة كان تماهيًا مع لغة التعالى التى تعامل بها مجتمع المثقفين مع الرجل

حظ عدوية السيئ أن المثقفين استخدموه رمزًا لإهانة عصر السادات بأكمله

نجيب محفوظ أدرك قيمته مبكرًا وحارب تسفيه تجربته

هل خاف عبدالوهاب وعبدالحليم الجهر بإيمانهما بعدوية خشية هجوم المثقفين؟

 

«معقولة أسيب الكروان واروح لأحمد عدوية»..

بهذه الجملة الساخرة يكلم عطية «يحيى الفخرانى» بطل فيلم «خرج ولم يعد» نفسه بعد أن تركته خوخة «ليلى علوى» مفترشًا أرض حديقة الفاكهة الغناء تغمره خضرة الريف وروقانه، ووضعت خيارين أمامه، إما جنة الريف التى ذاق حلاوتها خلال الأسابيع السابقة، أو جحيم المدينة بضوضائها وغليانها وهمجيتها.

فى تلك اللحظة أدخل محمد خان مخرج الفيلم صوت الكروان على عطية الحائر الذى يجلس مؤنبًا ومقرعًا نفسه الأمارة بالسوء، والسوء هنا كان أحمد عدوية رمز غوغائية المدينة وفوضاها. 

محمد خان
محمد خان

قبل أن نضع سياقًا زمنيًا لنناقش طرح خان فى فيلمه البديع الذى ساوى بين فن عدوية وسوءات القاهرة الغارقة فى الفوضى والعبث، دعونا نتساءل: هل كان فن عدوية فعلًا على هذه الدرجة من القبح والسوء التى جعلته مضرب الأمثال فى كل ما هو ردىء وغير محتمل؟

والسؤال قد يطرح بصورة عكسية: هل بالغ المجتمعان الثقافى والفنى فى حربهما الضروس على عدوية وفنه دون تأن ونظرة منصفة لموهبة الشاب الفقير الذى بعث من رحم معاناة الطبقة الغارقة فى الشعبية، ومحاولة حبس صوته داخل علب الليل فقط فى شارع الهرم؟

وسؤال ثالث: هل من الإنصاف تحميل أحمد عدوية وتجربته الغنائية سوءات عصر بأكمله لصالح عصر آخر؟

وسؤال آخر: هل دفع عدوية ثمن نجاحه الساحق الماحق المكسر لكل المقاييس فى زمن ما زال يحمل أنفاس أم كلثوم وعبدالحليم أو حتى عبدالمطلب ومحمد رشدى وشفيق جلال؟

شلال أسئلة فرضتها تلك اللحظة المهيبة بعد أن سلم أحمد عدوية أخيرًا ورقة حضوره ليكتب فى دفاتر الغياب الأبدى بعد حياة حافلة بالدراما يندر أن يعيشها فرد واحد، وننتقل إلى مناقشة هادئة تحتمل الصواب والخطأ مثل أى شىء فى تلك الدنيا الزائلة.

فيلم خرج ولم يعد
فيلم خرج ولم يعد

أولًا لا أخفى ولهى وإعجابى الشديد بفيلم «خرج ولم يعد» الذى أطلقت عليه سابقًا «مضاد الاكتئاب القومى» من فرط ما يبعثه فى نفسى من بهجة، وأنا المحب للريف بطبعى ونشأتى، لكن كنت دائمًا أتوقف عند هذا الربط القاسى الذى جاء على لسان بطل الفيلم يحيى الفخرانى أو عطية عندما يصرخ قائلًا: «جايلك يا أحمد يا عدوية» بعد أن طردته حبيبته خوخة من جنتها الموعودة فى الريف، بعد أن اكتشفت كذبته البيضاء الخاصة بخطبته القديمة، وكنت أراه ربطًا فى غير محله، لكن ما كان يجعل الأمر منطقيًا أو مقبولًا قفلة الفيلم بأغنية «زحمة يا دنيا زحمة» التى كانت تصدح فى كاسيت سيارة الثمانينيات الذهبية «البيجو ٧ راكب»، الراكب فيها عطية فى طريق عودته إلى جحيم المدينة قبل أن يأخذ قراره المريح بالنزول، بعد أن رأى حبيبته خوخة تجر جاموستها، لينتهى الفيلم نهاية سعيدة بقرار البطل الهروب من بؤس المدينة وضوضائها وزحمتها يا دنيا زحمة، وينزل من البيجو ممسكًا بيد حبيبته رمز جنة الريف الجميل، وينتهى الفيلم بعد أن يختفى صوت عدوية، وتنساب بدلًا منه موسيقى كمال بكير، ليغلق بها خان فيلمه الأيقونى الممتع معززًا نفس الفكرة الظالمة لعدوية، كونه رمزًا لحالة الفوضى العارمة التى تغزو المجتمع عن طريق التضاد بينه وبين موسيقى بكير الخلابة الجميلة.

 

رد عدوية على خان وصحبه

فيلم «خرج ولم يعد» عرض فى منتصف الثمانينيات فى ذروة تألق شباب السينما الجديدة الذين لم يصيروا شبابًا، وعلى رأسهم الثلاثى عاطف الطيب ومحمد خان وبشير الديك، ورابعهم سعيد شيمى مدير التصوير الرائع، ولا يستطيع أحد أن ينكر دور تلك المجموعة فى دبيب روح جديدة داخل أوصال السينما المصرية بأفلام صارت أيقونات فى تاريخ تلك الصناعة، مثل فيلم «سواق الأتوبيس» لعاطف الطيب قبل ثلاث سنوات من فيلم خان «خرج ولم يعد» اللذين كانا فى مضمونهما هجومًا كاسحًا على العصر الاستهلاكى السبعيناتى الذى أنتج نكرانًا لصانعى نصر أكتوبر لصالح طبقة الأثرياء والمنتفعين الجدد بعهد الانفتاح كما فى فيلم عاطف، وأنتج أيضًا فوضى عارمة فى فضاء المدينة أنتجت عشوائية مقيتة لا تحتمل فى فيلم خان.

فيلم خرج ولم يعد
فيلم خرج ولم يعد

هنا لا أناقش مدى صحة وموضوعية رؤية خان وعاطف وغيرهما فى نظرتهم للعهد الساداتى، لكنى أردت أن أعطى سياقًا زمنيًا لطرح خان الظالم لعدوية وتجربته الملهمة، الذى فى رأيى لم يكن سوى ترجمة لحاجة طبقات مهمشة لم تجد نفسها، صحيح أن تلك الطبقة كغيرها أحبت الغناء الجميل بكل أنواعه، وتماهت مع أصوات أم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب وفريد الأطرش، أو حتى أصوات عبدالمطلب وعبدالعزيز محمود ومحمد رشدى وشفيق جلال، وكل من يوصف بالمطرب الشعبى، لكن أبناء تلك الطبقة وجدوا فى صوت عدوية ومفرداته البسيطة التلقائية شيئًا إضافيًا كانوا يحتاجون إليه، حتى ذلك الشرخ الذى قسم صوته قد صادف شروخًا كثيرًا أحدثتها الحياة بقسوتها داخل أنفسهم.

فيلم خرج ولم يعد
فيلم خرج ولم يعد

فى نفس الوقت الذى شاهد فيه المصريون فيلم خان البديع، وسعدوا به لم يكن على ما يبدو أحمد عدوية سعيدًا بتلك الزاوية التى وضعه فيها خان، فخرج ألبومه فى نفس العام الذى صدر بعنوان «علمناه الحساب» وداخله رد عملى من مطرب زحمة يا دنيا زحمة، عبارة عن أغنية بالغة الجمال بعنوان «خرج حبيبى ولم يعد»، بتوقيع ضخم من حيث القيمة الفنية: بهجت قمر وألحان فاروق سلامة، الأغنية كانت طربية بامتياز على خلاف لون عدوية المميز، تحمل مقدمة موسيقية هادئة نوعًا ما، وكأنه أراد أن يرد على خان بأخلاق ولاد البلد النبلاء بإنتاج تلك الأغنية الرائعة، لينفى عنه تهمة خان الظالمة، ويؤكد موهبته وجدارتها حتى لو منع المانعون صوته عن الإذاعة والتليفزيون بحجة الخوف على الذوق العام من الانهيار.

 

خان ١٩٧٠ يرد على خان ١٩٨٥

 

«الكواكب» فى عددها الصادر بداية السبعينيات، وتحديدًا بتاريخ ٢٧ يناير ١٩٧٠ خرجت بتحقيق موقع باسم الناقد العظيم سامى السلامونى بعنوان: «نظرة من لندن إلى الفيلم المصرى»، يناقش فيه كتابًا جديدًا أصدره شاب باكستانى موهوب يدرس السينما فى لندن اسمه «محمد خان»، الكتاب كان بعنوان: «مقدمة إلى السينما المصرية»، ناقش فيها الشاب العاشق مصر بدايات السينما المصرية التى كان يراها هوليوود أخرى على شاطئ القنال، كما قال فى كتابه الذى حمل مفارقتين، الأولى أن خان الشاب المحب للسينما والدارس لها الذى قبل أن يغوص بقدمه فى بحرها قد ناقش فى أحد فصول الكتاب كما نقل عنه السلامونى فى تحقيقه أسباب فشل الأفلام الغنائية فى السينما المصرية من وجهة نظره، وانتقد خان الأسلوب القديم الذى تقدم به الأغانى داخل الفيلم السينمائى، حيث «تقاليد الأغنية الشرقية وأسلوبها الخاص الذى تسرب فى أذهان المستمع منذ قرون، وبلا أدنى تغيير، فهناك مثلًا تكرار واستدرار إعجاب المستمع بالتطريب والإيقاع البطىء الذى تنشأ عنه استجابات محفوظة لدى المستمع، وفى مقاطع وتوقيتات معروفة»، والكلام بين القوسين بنص ما ذكر فى كتاب خان الذى وصفه السلامونى بالبديع، وعدد محاسنه التى بالتأكيد كانت كثيرة، لكن ما يهمنا هنا رصد رأى خان الثورى فى الانقلاب على الشكل القديم للغناء بداية السبعينيات وهو فى لندن، بينما كانت تجربة عدوية فى طور الولادة على ضفاف النيل، أو بالأحرى على أطراف شارع الهرم، والمفارقة هنا أن خان ٧٠ كان كأنه يرد على خان ٨٥ فى مطالبته بالثورية الغنائية على القوالب القديمة على عظمتها، دون أن تكون الأشكال الموسيقية الثورية الجديدة الناتجة دليلًا على فوضى مدينة القاهرة وغوغائيتها كما قرر فى نهاية فيلمه «خرج ولم يعد».

والمفارقة الأخرى أن إهداء الكتاب كان من كلمتين فقط «إلى القاهرة»، ليعبر محمد خان الرجل الذى ذاب عشقًا فى تراب تلك الرقعة العامرة دون أن يحمل جنسيتها حتى أواخر أيامه، وهى نفس القاهرة التى هرب منها عطية بطل فيلمه «خرج ولم يعد» منتصف الثمانينيات.

النظرية المحفوظية فى إنقاذ عدوية

 

لا يكف نجيب محفوظ عن إثارة الدهشة فى فلسفته الإنسانية العظيمة فى التعامل مع المعطيات الجديدة لأى عصر يعيش فيه، ففى مقابلة ملهمة مع مفيد فوزى دقيقتين صورهما بالتقريب منتصف الثمانينيات، أى فى وقت مقارب لعرض فيلم «خرج ولم يعد» ألقى قنبلة فى موسم اصطياد عدوية من قبل المثقفين الذين ناصبوا الرجل العداء منذ خروجه بداية السبعينيات وعدوه رمزًا للتدهور الاجتماعى والذائقة الجمعية فى تلك الحقبة السياسية المهمة، هنا نجيب الرجل الذى خرج من رحم الحارة الشعبية المتشربة روح مصر الأصلية يعرف قدر عدوية جيدًا، ويدرك أهمية وجوده فى وقت الكل يهاجمه، ويطالب بإنهاء سطوته على الذوق العام بأغانيه المبتذلة التى تدر عليه آلاف الجنيهات يوميًا نقوطًا فى ملاهى شارع الهرم وأفراح القاهرة.

 

قال نجيب معارضًا مفيد فوزى المهاجم فى سؤاله وساخرًا من أغنيته «زحمة يا دنيا زحمة» قائلًا بأهمية وجود عدوية كونه ظاهرة تسعد فئة من البشر، فلا يجب أن نتعالى عليها، كما أكد جمال صوته قائلًا: «رجل من الشعب يستخدم أساليب شعبية، صاحب صوت خشن شعبى لا يخلو من الحلاوة».

 

نجيب بطرحه الواعى هذا يخالف التيار العام الذى كان يجتاح الوسط الفنى والثقافى تجاه عدوية منذ ظهوره، والذى كان أبرز نتائجه منع صوته عن الإذاعة تمامًا لسنوات طويلة، بل إن المدهش أن هناك من كان يخشى الإفصاح عن رأيه الفنى فى عدوية بشكل مجاهر حتى لا يقابل بمزايدة ممن ينظرون نظرة متعالية فوقية لتجربة عدوية، كونها نشأت من تحت أرجل الراقصات فى ملاهى شارع الهرم، وشلالات النقوط تتساقط على رأس المطرب الشعبى وهو يغنى السح الدح إمبو، وفى ظنى أن تلك النظرة الفوقية لعدوية منعته من مسار جديد كان يمكن أن يسلكه غنائيًا يخرج عنه منتج غاية فى الروعة مستغلًا مساحات صوت عدوية شاسعة الموهبة، لو أن شخصًا مثل عبدالوهاب مثلًا قد تبناه فنيًا، لولا أن يكون قد خشى من مزايدة المزايدين على الرغم من أن عبدالوهاب نفسه أعلن عن إعجابه بصوت عدوية لكن على استحياء لم يصل للتلحين له.

فيلم خرج ولم يعد
فيلم خرج ولم يعد

الدكتور محمد الباز فسر ذلك فى كتابه البديع «كشك وعدوية»، حيث قال «كان الموسيقار الكبير يقول للمقربين منه، إنه لو لحن لعدوية، فمعنى ذلك أنه يمنحه الشرعية الكاملة، ثم إنه لا يريد أن يمنح من قاموا بالتلحين لعدوية من الملحنين الشعبيين- إذا جاز التعبير- الشرعية الوهابية، وأعتقد أنه سأل عن محمد عصفور صاحب لحن «خضر العطار»، لأنه أدهشه بدرجة جعلته يتطلع لمعرفة صاحب هذه النغمة، وكيف أتى بها، لكن لم يكن ذلك يعنى أبدًا أن يعترف به، ويضع نفسه معه فى قائمة واحدة هى قائمة ملحنى عدوية».

 

حتى قصة عبدالحليم المتداولة وصورته الشهيرة التى تبادل فيها الغناء مع عدوية فى الشيراتون لم يحكها حليم نهائيًا خوفًا من المزايدة عليه، فكيف وهو حليم بجلالة قدره يغنى السح الدح إمبو رمز الانحدار الموسيقى فى هذا العصر الذى يعد حليم نجمه الأول.

فيلم خرج ولم يعد
فيلم خرج ولم يعد

نقوط عدوية

 

بعنوان «يقتلنى أحمد عدوية وآخرون» كتب عبدالعال الحمامصى مقالًا كبيرًا كله سخرية من عدوية وتجربته، وفيه رد على ما يبدو على مقال سابق دافع عن عدوية واعتبر هجوم المثقفين عليه بدافع عقدة التجاهل الاجتماعى، لكن الحمامصى ملأ كلمات مقاله تجريحًا وتقريعًا لهذا الزمن الذى أنتج عدوية وجعل صوته يحاصره من كل الاتجاهات، حيث يسكن فى شارع الصناديلى بالجيزة، خاصة بعد انتشار أجهزة الكاسيت فى أيدى الباعة والمحلات المجاورة لشقته.

ولكى نضع أيدينا على نظرة المثقفين المتعالية لعدوية دعونا نقرأ ما تيسر من مقال الحمامصى حاد اللهجة حيث يقول: 

«وما دامت ليست عقدة التجاهل الاجتماعى التى تحركنى فقد يتبادر أنه الحسد لرجل تنهال عليه «النقطة» بالمئات كل ليلة، يا ترى كم بلغ مرتب عالم الذرة المرحوم مشرفة قبل وفاته؟ لست حاسدًا وحصوة فى عين اللى ما يصلى على النبى أقولها صادقًا فى مواجهة احتمال سيقول «يا ناس يا شر كفاية قر»، وغير ذلك من الحكم والمأثورات واليافطات التى يكتبها أصحاب التاكسيات، وعربات اللورى، وأصحاب محلات الكشرى، والأكشاك التى تحولت فى الحارات الشعبية إلى بوتيكات، لست حاسدًا لهذا الذى كلما زعق «حبة فوق وحبة تحت» انهالت عليه النقطة بالدولارات من فوق ومن تحت وكله عاوز من كله».

انتهى الاقتباس من مقال الحمامصى، ولست هنا فى معرض النقاش حول مضمونه، لكننى اتخذته مثالًا على حالة الفوقية التى تم التعامل بها مع عدوية وجعله حبيسًا لفكرة «ملك الليل» المغنى الشعبى الجاهل الذى يبنى إمبراطورية غنائية فى شارع الهرم من «النقطة» التى يبدرها الأثرياء تحت قدمه وقدم الراقصة التى تجاوره، دون تأمل حقيقى لموهبة هذا الفتى الشعبى الهائلة التى كانت تؤهله ليكون فى مسار آخر، ونتيجة أخرى غير التى قادها إليه قدره المحتوم فى حادث الأمير الكويتى الشهير الذى أوصله إلى حافة الموت فعليًا ليعود بعدها شخصًا آخر غير الذى دخل.. ويضيع مشروع مطرب شعبى عالمى وسط غبار الكباريهات وفوضى القاهرة لنصل إلى النتيجة الأولى التى بدأنا بها الكلام، ويصير هو المثال الأقرب فى ذهن محمد خان ليعبر به عن جحيم المدينة فى خرج ولم يعد.

يقتلنى أحمد عدوية وآخرون
يقتلنى أحمد عدوية وآخرون

 

 

عدوية 
عدوية 

 

عدوية 
عدوية 

 

عدوية 
عدوية 
عدوية 
عدوية