«قوائم الإرهاب».. والخطوة المقبلة
راجعت القوائم الكاملة التى صدرت عن محكمة جنايات القاهرة، الأحد، برفعها من قوائم الكيانات الإرهابية. القرار صدر وفقًا للبيان الرسمى بناءً على طلب النيابة العامة، وتضمن أسماء ٧١٦ شخصًا.. وهناك معلومات من مصادر مطلعة بأن هناك قوائم جديدة فى الطريق.
قلّبت فى الأسماء، لعلى أعرف بعضها بشكل مباشر، أو تعاملت معها كصحفى، أو أعرفها باعتبار أنها كانت مشهورة فى وقت من الأوقات. وقد أدت المتابعات الصحفية الجيدة دورها وألقت الضوء على أسماء وصفات عدد من المشاهير والسياسيين، من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين أو المتعاطفين معها.. الذين كانوا ضمن القوائم.
بعض من شملهم رفع الحظر قيادات ماتوا، وسقطت الدعاوى القضائية ضدهم بالفعل، لكن عائلاتهم تستفيد بقرار رفع الحظر، على اعتبار أن هناك شقًا ماليًا مهمًا، حيث إن القانون رقم ٨ لسنة ٢٠١٥، والمعروف بـ«تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين»، يحظر على الشخص المصنف نقل الأموال أو تحويلها أو التصرف فيها.. وذلك خوفًا من وصول التمويل بشكل أو بآخر للجماعات المتطرفة.
حدث هناك نوع من التوسع فى تنفيذ القانون واستخدام بنوده بشكل حازم، تأثر بعض الأفراد التابعين، والذين لا يعملون بالسياسة.. ولا يعرفون ماهية الإخوان المسلمين.. أو طبيعة عملها.. فقط وجدوا أنفسهم بلا دخل مادى.. بعد تجميد أموال ذويهم.
صدور هذه القوائم هو خطوة ممتازة وعلينا الإشادة بها ودعمها، سواءً أكانت هذه المبادرة الممتازة للنيابة العامة قد جاءت بتوجيه رئاسى مباشر وفقًا لما تم تداوله من معلومات، أو إعمالًا وتجاوبًا مع نصوص الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، أو تنفيذًا لمخرجات الحوار الوطنى الذى استمر لشهور طويلة، وقدم أعضاؤه بعدها مجموعة من التوصيات المهمة للقيادة العليا، ضمنها مراجعة الأسماء المتهمة بأنها ضمن الكيانات الإرهابية. بعض الأسماء الوطنية داخل الحوار الوطنى وخارجه ذهبت أكثر من ذلك، ودعت تمامًا إلى إلغاء القانون أو على الأقل تجميده، وأكدت عدم دستوريته.
أنا أتفق مع هذا الرأى، وأدعو، انطلاقًا من هذا المناخ الإيجابى، إلى إلغاء القانون تمامًا. هناك عدد من الإجراءات الاستثنائية التى تم إقرارها خلال العقد الأخير، كانت هناك ضرورة لها. واجهنا عمليات إرهابية وجماعات تتستر باسم الدين وتشكك فى شرعية النظام، وتحرض ضده من الخارج والداخل، بعضها رفع السلاح ومارس الإرهاب بالفعل. الوضع تبدل للأحسن، هناك استقرار وتجفيف لمنابع الإرهاب كله، نجاحات المواجهة طالت الداعمين والممولين فى الخارج، عبر عمليات معلنة أو غير معلنة.
وبالطبع، فإن القوائم الأخيرة لم تتضمن أيًا من قيادات الإخوان المتورطين فى عمليات إرهابية أو حرّضوا عليها، وهذا عنوان مهم يجب التأكيد عليه هنا.
وبقدر إشادتنا بقرار محكمة الجنايات برفع الأسماء من قوائم الإرهاب، فإننا ننتظر صدور قرارات جديدة، تمهيدًا لإغلاق الملف كله، وبعد ذلك يكون القانون الطبيعى هو المخول بمحاسبة كل من ينتمى لجماعة محظورة أو يساعد فى تمويلها، القوانين الطبيعية فيها من البنود التى تتكفل بمثل هذا الدور.
بقى التأكيد أن مثل هذه الخطوات لا تعنى أن هناك تهدئة سياسية مع الإخوان.. أو هناك مصالحة بأى شكل ما، لكن من الممكن النظر إليها بأن هناك حالة من التعامل الإنسانى الجيد مع أفراد وعائلات تضرروا لسنوات طويلة ماديًا ومعنويًا من وجودهم أو أهليهم فى قوائم الإرهاب، بما انعكس على أوضاعهم. بعض المضارين لجأوا إلى منظمات وطنية وجماعات حقوقية، وقدموا المذكرات التفصيلية، والمنظمات تفاعلت مع أوضاعهم.. ونجحوا فى توصيل الرسالة بأمانة عن طبيعة أوضاعهم للقيادة العليا، وهنا أجزم بأن التقارب المصرى الإيجابى، خاصة مع الاتحاد الأوروبى وتركيا، كانت له تأثيرات إيجابية بهذا الشأن.
ننتظر الخطوة المقبلة فى هذا الطريق الإصلاحى الرائع.. الذى ما زلنا فى بدايته.
هناك تفاؤل بالتغييرات الإعلامية التى صدرت صباح أمس الأول الإثنين، وبالأسماء التى وردت فيها.. ونتوقع تنفيذ فكر جديد، يضمن حريات إعلامية أوسع.. ومعالجة لبعض الثغرات والأخطاء التى حدثت.
بعض المراقبين يركزون على قائمة من الإصلاحات فى الطريق، أبرزها يتعلق بالحبس الاحتياطى، هناك تعثر فى هذا المجال بعد ظهور خلافات فى مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. مما أدى إلى تعطيله فى محطته النهائية قبل إقراره من مجلس النواب. استمعت لتأكيدات أن هناك توجيهًا إصلاحيًا جديدًا من القيادة العليا بشأن صياغة جيدة لهذا القانون خلال الفترة القريبة المقبلة. هذه هى الخطوة المقبلة.. التى أتوقعها، بعد صدور قوائم الرفع من قوائم الإرهاب.
القوائم الأخيرة لم تتضمن أيًا من قيادات الإخوان المتورطين فى عمليات إرهابية أو حرّضوا عليها وهذا عنوان مهم يجب التأكيد عليه هنا