عفو عند المقدرة.. وقلوب لا تنسى جرائمهم
لا تصالح مع الفكر الإرهابى إنما عودة للرشد ونظافة عقل من معتقدات دمرت أصحابها أهلًا بهم.. نرحب بمن تاب وأناب وابتعد عن الفكر الشيطانى وراجع نفسه ثم عاد بقلب سليم، هذا شرط قبول المجتمع لمن شملهم قرار من راجعوا موقفهم دون كبر أو عناد.
إلى الآن لم تنشر أسماء من شملهم قرار العفو الرئاسى الذى أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى وتبعه تصديق محكمة الجنايات برفع 716 شخصًا من قوائم الإرهاب.. إنها خطوة جادة وتسامح مع من صدقوا النوايا بما أكدته النيابة العامة بمراجعة موقف المدرجين على قوائم الإرهاب ورفع أسماء من يثبت توقف أنشطتهم غير المشروعة، هذه الخطوة تؤكد أن الدولة لا تتدخل فى النوايا والفكر والمعتقد، إنما تحاسب وتحاكم من يصدر عنه أى عمل ضد الصالح العام أو ضد أى مواطن هنا يكون تدخل الدولة وفقًا للدستور والقانون.
«إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» رب العزة يغفر ونحن نمتثل لإرادة الله نسامح ونغفر لمن أساء فى حقنا، نبسط أيدينا لمن تاب وأناب وعاد إلى أحضان الوطن طالبًا العفو السماح.. لكن الله عز وجل ترك لنا الحق فى أن نغفر إن أردنا ولم يجبرنا على المغفرة لمن اقترفوا فى حقنا ذنبًا عظيمًا.
لكن.. لماذا نرفض التعامل مع جماعة إرهابية وفقًا للقانون؟ الإجابة معروفة نذكر بها، وإن كانت الذكرى تنفع المؤمنين، نذكر أنفسنا والجميع أن جماعة الإخوان لها منهج ومعتقد خاص بها لا تقبل أن تعيش تحت راية الدستور والقانون المصرى، فهى دولة داخل دولة، وهذا ما لا يقبله الشعب والقيادة المصرية، من يريد أن يحيا تحت راية مصر وعلمها ودستورها أهلًا به، ما دون ذلك لن نقبل له سبيلا.
أثناء كتابة هذه الكلمات أستدعى روح ثورة 30 يونيو 2013، والتاريخ ليس ببعيد، أتذكر جموع الشعب المصرى الذى تجاوز 33 مليون مواطن انتشروا فى ربوع مصر منددين بحكم الإخوان ووحشيتهم.. حتى لا ننسى علينا أن نتذكر جرائمهم بين الحين والآخر، نتذكر ولو مثال واحد إشارة إلى هى من أبشع الجرائم، جريمة قتل فيها ضباط شرطة قسم كرداسة على يد أتباع الإخوان.. لا تزال الفيديوهات تنتشر على شبكة الإنترنت، أتذكر الضابط الصائم فى شهر رمضان وهو يطلب جرعة ماء، فجرعته الإخوانية «ماء نار» قتلته، وهى ترقص على جثته، وتمثل بها.. جرائمهم كثيرة لا يكفى مقال نستعيد ذكرياتهم.
لقد حدد المشرع المصرى حق المواطن فى التعبير وحرية الرأى فى ظل القانون والدستور الذى نحترمه جميعًا، أما جماعة الإخوان لهم معتقدات خاصة بهم ودستور وقانون يحكمهم ضاربين عرض الحائط بالدولة المصرية، أما الوطن بالنسبة لهم مجرد حفنة تراب على حد زعمهم.. نحن نذَكر أنفسنا ونذَكرهم بأقوالهم وأفعالهم وبثورة30 يونيو التى خرج فيها الشعب المصرى رافضًا حكم الإخوان وممارساتهم.. نذكر تجاوزهم ضد الدولة المصرية.. جماعة الإخوان لا تخجل أن تعلن انتماءها للتنظيم الدولى ولا تنتمى إلى الدولة المصرية، تنظيم عقيدته دموية، هكذا عرفناهم ونعرفهم على مدار تاريخهم90 عامًا من القتل والعنف ضد الشعب المصرى وقياداته إلى أن أسقطنا دولتهم الموازية فى ثورة عظيمة هى ثورة شعب 30 يونيو 2013.
هناك أسئلة منطقية لماذا نقبل حزب النور ولا نقبل أحزاب انتماؤها لجماعة الإخوان.. الإجابة بسيطة غير معقدة، حزب النور السلفى احترم الدولة المصرية وأعلن فى بيان تأسيسه أنه ينتمى إلى وطنه مصر ويحترم الدستور والقانون، كما أن حزبه يتبع الإجراءات التأسيسية للأحزاب، من بين هذه الإجراءات إعلان حزب النور عن الأعضاء المؤسسين، كما لا يخفى عن الجميع ميزانيته التى تخضع للرقابة والمحاسبة، لديه مكتب إعلامى يتلو علينا أهم تصريحاته وقرارات حزبه..هكذا يكون العمل السياسى.
بالرغم من هذه الخطوة الجريئة التى يحرص فيها رئيس الدولة المصرية على العدل والمساواة، وحكم قضائى غير مسبوق لنغلق صفحة من صدقت نواياهم، إلا أن كتائب جماعة الإخوان التى تعيش فى الخارج لا يرضيها هذا الصفح والعفو بل مستمرة فى الهجوم على مصر.
على أى حال، إن لم يستثمر من شملهم هذه القرار والتعامل معه بحكمة وعقلانية لن يكون الأمر فى صالحهم وسيغلق الباب أمام من أراد أن يثبت حسن نواياه.. إنها فرصة سانحة وحقيقية لمن أراد العودة بقلب سليم إلى حضن الوطن.. إن عدتم عدنا وكفى الله المؤمنين شر القتال.