زيارة بلينكن ومفاوضات وقف الحرب الإسرائيلية
هل بعد زيارة أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، إلى القاهرة مؤخرًا، ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى، من الممكن أن يتم دفع مفاوضات وقف الحرب الإسرائيلية؟ وهل بعد هذه الزيارة من الممكن أن يتم استئناف المفاوضات التى تجريها القاهرة والدوحة وواشنطن لإيقاف هذا العدوان البشع على الأشقاء فى فلسطين؟ وهل بعد هذا اللقاء المهم من الممكن أن تستجيب الولايات المتحدة الأمريكية للرؤية المصرية المهمة فى هذا الأمر من أجل وقف الحرب وعودة الهدوء إلى المنطقة، خاصة بعد توسيع دائرتها مؤخرًا فى الضفة الغربية ولبنان؟.. هناك أسئلة كثيرة جدًا يتم طرحها فى هذا الإطار.. فى الواقع إن الدور المصرى كبير وواضح من أجل وقف الحرب ودفع عملية السلام من خلال إجراءات كثيرة ولقاءات ومفاوضات تستضيفها مصر وتشارك فى أخرى بالخارج من أجل وقف الحرب. كل ذلك لم يحقق الهدف الرئيسى بسبب التعنت الصهيونى الأمريكى، وتراخى المجتمع الدولى فى أداء الدور المنوط به.
أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مختلفة بسبب الضغوط الشديدة التى تقوم بها مصر من أجل تهدئة المنطقة، إضافة إلى ضغوط أخرى تمارسها بعض الدول التى تريد عودة الهدوء إلى المنطقة. الكل متضرر من هذا الوضع السيئ، بما فى ذلك أمريكا وإسرائيل والمنطقة العربية والإقليم بأسره. وأعتقد أن الأيام المقبلة ستكشف عن بدء مفاوضات سريعة أو على الأقل استكمال المفاوضات الأخيرة التى تشارك فيها مصر وقطر والولايات المتحدة والفلسطينيون من أجل وقف إطلاق النار.
الموقف المصرى ثابت لم يتغير منذ اندلاع الحرب فى أكتوبر الماضى حتى الآن، وهو الوقف الفورى للحرب ومنع التهجير القسرى للفلسطينيين وضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية، والدخول فى مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتنفيذ القانون والمواثيق الدولية المتمثل فى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧. ولدىّ أمل أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مختلفة بعد الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكى للقاهرة ولقائه الرئيس السيسى الذى يحمل عبء القضية الفلسطينية على كاهله بشكل مختلف لم يضاهه فيه أى زعيم عربى من قبل. وقد حدد الرئيس السيسى الموقف المصرى منذ اندلاع الحرب حتى الآن، وهو موقف لا يتغير وثابت من أجل تنفيذ حل الدولتين، فهو الضمان الوحيد لإقامة السلام العادل والشامل فى المنطقة ويمنع الانفجار الذى بات وشيكًا بهذا الشكل، بسبب التصرفات الإسرائيلية الغاشمة من أجل إبادة الشعب الفلسطينى.
وفى هذا الصدد، لا بد أن يلتف المجتمع الدولى حول الرؤية المصرية بشكل واضح وصريح، وأن يكون فاعلًا فى هذا الأمر، بدلًا من هذا التغافل والتعمد فى التجاهل أمام كارثة حقيقية، لأن انفجار المنطقة لن يتأثر به أهلها فقط، بل العالم أجمع سيتأثر به، وكذلك المصالح الأمريكية تأتى على رأس هذا التأثير لما سيصيبها من خسائر كثيرة جدًا.
إن الجهود المصرية الواسعة التى تقوم بها القاهرة من أجل وقف الحرب سيظل يذكرها التاريخ بحروف من نور. وقد آن الأوان أن تستجيب الإدارة الأمريكية بالضغط على إسرائيل لتنفيذ الرؤية المصرية، لأنها هى الخاسر الأكبر قبل أى دولة أخرى فى المنطقة، بدلًا من هذه البرطعة التى تقوم بها حكومة اليمين المتطرف. والكل يُجمع الآن على أن نتنياهو يصر على إطالة أمد الحرب خوفًا من المحاكمة لأن مصيره معروف وهو السجن بسبب كل هذه الجرائم التى ارتكبها خلال عام.
ومهما طال أمد هذه الحرب الغاشمة فإنه لا ملاذ إلا بتنفيذ الرؤية المصرية القائمة على حل الدولتين والدخول فى مفاوضات مباشرة، لأنه بات من المؤكد أن القضية الفلسطينية لن تموت أبدًا فى ظل هذا الموقف الصلب الذى تقوم به القاهرة. ولم يعد أمام إسرائيل سوى الانصياع للرؤية المصرية وتنفيذ حل الدولتين، لأنها هى الخاسر الأول والأخير بعد توسيع دائرة الصراع فى المنطقة.