بناء الإنسان المصرى
فى خطاب التكليف الرئاسى إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، كان أبرز ما تناوله هو بناء الإنسان المصرى من خلال التعليم والثقافة والصحة والرياضة. لذلك تم اختيار نائب لرئيس الوزراء للتنمية البشرية، وتم تكليف الدكتور خالد عبدالغفار بهذه المهمة القومية التى حان وقتها.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الرئيس عبدالفتاح السيسى أطلق مؤخرًا مبادرة رئاسية تدعيمًا لبناء الإنسان المصرى، فى ظل الحرص على دعم المواطنين وتقديم الخدمات لجميع الفئات داخل المجتمع، وتحسين جودة الحياة، والاستثمار فى رأس المال البشرى فى سبيل تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، إيمانًا بأن التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا يمكن الوصول إليها دون إحداث تنمية بشرية حقيقية على مختلف المحاور والاتجاهات.
وتأتى مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى»، بهدف الاستثمار فى رأس المال البشرى من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية من خلال تعزيز الجهود والتنسيق والتكامل بين جميع جهات الدولة فى مختلف أقاليم الجمهورية، وعلى رأسها الوزارات المعنية.
وتهتم المبادرة بالأسرة المصرية عبر برنامج متكامل، وترتكز أيضًا على بناء الوعى، وإعداد أجيال جديدة تترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للدولة المصرية، والحفاظ على مقدرات الوطن والمشاركة بفاعلية فى عملية التنمية الشاملة.
والمبادرة شملت عدة أمور رئيسية، منها تعزيز الأمن القومى، وبناء الإنسان المصرى وتطوير اقتصاد تنافسى وتحقيق الاستقرار السياسى. كما تركز على تحسين النظام الصحى، وتوفير تعليم أفضل، وتأمين فرص العمل اللائقة، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
وهذا يتطلب بالضرورة تعليمًا جيدًا، من خلال تطوير المناهج التعليمية، وتوافر برامج تدريبية متقدمة للمعلمين، وتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة فى التعليم، حتى نضمن خريجًا واعيًا لديه انتماء للوطن ومدركًا حجم التحديات التى تتعرض لها البلاد.
أما الجانب الصحى فيهتم بإطلاق حملات توعوية وبرامج صحية وقوافل علاجية بالمحافظات لتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وتوفير الرعاية الصحية الكاملة لهم، وقد بدأت الدولة فى هذا خلال العشر سنوات الماضية. ثم يأتى الجانب الرياضى، ولا بد من الاهتمام بالرياضة من خلال دعم النشاط الرياضى وضمان توافر آلياته فى كل محافظات الجمهورية، من خلال مراكز الشباب التى تعد مفرخة لتخريج أبطال فى كل الألعاب الرياضية، إضافة إلى تخريج الكوادر فى العديد من المجالات.
أما الثقافة فهى جزء لا يتجزأ من بناء الإنسان، ويتم ذلك من خلال تعظيم دور بيوت الثقافة والمسرح والسينما، وهى قد لعبت أدوارًا كبيرة فى تخريج الكوادر البشرية الوطنية، وظهر ذلك واضحًا فى فترة الستينيات من القرن الماضى.
وكذلك اهتمت المبادرة بداية بضرورة تأمين فرص العمل عن طريق خلق هذه الفرص وعقد برامج لتطوير المهارات، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل. ويتم هذا فى ظل آليات متكاملة بين الوزارات والجهات الشريكة بالمبادرة مع وجود آلية لمتابعة مركزية من خلال تطبيق لا مركزى بكل محافظة لضمان تحقيق الأهداف المنشودة، واستفادة ورضا جميع المواطنين.
هذه المبادرة الرئاسية «بداية» تعد أكبر رد على كل الذين يتقوّلون على المشروع الوطنى المصرى الموضوع للبلاد بعد ثورة ٣٠ يونيو. والحقيقة أن هذا المشروع يتبنى كل ملفات المواطن المصرى ابتداءً من الحياة الكريمة وانتهاءً ببناء إنسان مصرى يتمتع بوعى وثقافة وفكر يواجه بها التحديات الجسام التى تتعرض لها الدولة المصرية، وبالتالى فإن اهتمام مصر ببناء الإنسان المصرى، من خلال الوزارات المعنية المختلفة، يؤكد حقيقة دامغة، هى أن مصر لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تنسى المواطن، وأنها تقدم له كل ما يحتاجه ليكون مواكبًا تطورات العصر الحديث.
وبذلك تكون القيادة السياسية تضع قضية بناء الإنسان والنهوض الحقيقى بالأسرة المصرية على رأس أولويات التنمية التى يطلقها الرئيس لترسيخ قيم التكافل والتراحم، وتحث على تزكية النفس، وتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى البلاد.