"تاريخ فاتح العالم".. أحدث خطايا القومى للترجمة الكارثية
علي مدار أكثر من 10 حلقات وتقارير موسعة، ضمت آراء العشرات من قامت الفكر والثقافة في مصر حول العشوائية التي تضرب المركز القومي للترجمة، وسوء الإدارة وانعدام الرؤية أو الاستراتيجية في عمل واحد من منارات القوى الناعمة المصرية.
ورغم خروج مديرة المركز دكتورة كرمة سامي، عن صمتها في تصريحات صحفية قبل يومين مفادها أن الكوارث والأخطاء التي تعم المركز هي تركة ثقيلة ومسئولية حملتها ممن سبقها في إدارة المركز، وأن الشكاوى المتكررة من التأخر في إصدار الكتب المتعاقد عليها المركز حتى انتهاء حقوق نشرها ليست هي المتسببة فيها بقدر أنها تخص من سبقها في إدارة المركز.
وتواصل "الدستور" كشف الفوضى التي تسود أروقة المركز القومي للترجمة وإداراته والتخبط والعشوائية في عمل المركز والمسئولين عنه والعاملين فيه.
"تاريخ فاتح العالم".. أحدث خطايا القومي للترجمة الكارثية
وكشفت التقارير التي تنشرها "الدستور" عن الأخطاء الفادحة المتوالية في العشرات من الكتب وآخرها كتاب “التاريخ الكامل لطريق الحرير”، والذي صدر قبل أسابيع، وفيه ما فيه من أخطاء كارثية في الغلاف والصور التي هي جزء أصيل في الكتاب ولكنها مطموسة ولا تبين الأهداف والمعاني المقصودة منها.
تواصل مع "الدستور" الدكتور محمد السعيد جمال الدين، أستاذ اللغة الفارسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، ليكشف عن واقعة كارثية أخرى من كوارث المركز القومي للترجمة، لينضم “السعيد” إلى قائمة المترجمين المتضررين من الأخطاء الكارثية في ترجماتهم.
واستهل "السعيد" حديثه لـ"الدستور"، قائلا: تعاونت مع المركز القومي للترجمة في أكثر من عمل، وآخرها كتاب “رسالة الخلود” لـ محمد إقبال، وفى الحقيقة كان كتابا كبيرا، طبع بإخراج جيد الخط والغلاف والورق كلها أخرجت بصورة جيدة.
وأضاف “السعيد”: لكن هذه المرة مع كتابي الأخير والذي صدر قبل أيام “تاريخ فاتح العالم” في مجلده الثاني، وللأسف الشديد، أصدره المركز القومي للترجمة في صورة مشوهة، رغم أنه كتاب مصنف على أنه من الآثار العالمية الكبرى، كتاب موسوعى عن تاريخ العالم الإسلامي خلال القرن 12 و14.
وأوضح: الكتاب في ثلاثة أجزاء، صدر الكتاب بالأساس فى إنجلترا وطبعته منظمة اليونسكو مرتين ويعتبر من الكتب التراثية العالمية. ترجم الجزء الأول من الكتاب الدكتور السباعى محمد السباعى، الأستاذ بجامعة القاهرة، ثم ترجمت أنا الجزء الثالث، وصدر عام 2015، ثم ترجمت الجزء الثاني وهو الجزء المهم، وقد بذلت به مجهودا كبيرا وأخذ وقتا طويلا استغرقت في ترجمته حوالى 4 سنوات، فى الفهارس والأعلام والمصطلحات، وبعدها قدمته للمركز لطبعه باعتباره الجزء المكمل للموسوعة، وقد صدر الكتاب من حوالي 10 أيام.
القومي للترجمة طبع الكتاب دون أن أراجع بروفاته
وتابع “السعيد”: كان من المفترض أن ترسل لي إدارة المركز القومي للترجمة البروفة الأخيرة للكتاب قبل الإصدار لكن هذا لم يحدث معي فى كتابي ولم ترسل لي أي بروفات للمراجعة إطلاقا، ولم أراجع أي خطوة من خطوات الطبع، وقد أصدروه بشكل مشوه.
موضحا: مثلا غلاف الكتاب مختلف عن أغلفة المجلدين السابقين، فغلاف الجزء ين الأول والثالث كانا موحدين وحملا نفس الغلاف أما غلاف الكتاب الصادر قبل أيام فمختلف. نعم هى صورة تراثية من مخطوطة قديمة، لكنها لا تتوافق مع المفترض أن تكون عليه الموسوعة، أى أن يكون له نفس غلاف الجزئين السابقين.
بالإضافة إلى أن إدارة المركز لم يحصلوا على موافقتى على طبع الكتاب بعد مراجعته وهو الأساس فى الموضوع. وفى النهاية تم حذف 82 صفحة من صفحات الترجمة التي قدمتها للكتاب وخرج ناقصا، وهذه الصفحات الـ 82 هى فهارس الأعلام، الأماكن والمصطلحات وغيرها. وهو الترتيب الدولى للكتب الموسوعية أن تذكر فيها هذه الأجزاء.
وشدد “السعيد”: أيضا عندما اشترطت إدارة المركز مقاسات خط معين فى الكتابة وبرغم التزامي بالشروط أى أن الكتاب لا يحتاج لتعديل جديد، إلا أنهم عندما طبعوا ضيقوا المسافات بين الخطوط وخرج الخط ببنط صغير جدا لدرجة أننى قدمت الكتاب فى 450 صفحة وصدر فى 250 صفحة أي نصف الكتاب تقريبا وهذا يعد تشويه للكتاب. بالإضافة إلى حذف جزء من المادة العلمية للكتاب الأصلي وفي الترجمة التي قدمتها، وهو أمر غير هين، وقد رفضت استلام نسخ من الكتاب نظرا للأخطاء الفادحة التى ملأت الكتاب.
وحول إذ ما كان قد تواصل مترجم الكتاب مع مديرة المركز القومي للترجمة د. كرمة سامي للوقوف على أسباب الأخطاء التي خرج بها الكتاب أو أحد المسئولين في المركز، أكد “السعيد”: عندما تواصلت معهم أخبروني بأن أنتظر، أننا طبعنا عدد وربما عندما تنفذ النسخ هذه نتدارك الأخطاء في الطبعات اللاحقة، لكنني أريد طباعة الكتاب من أول وجديد بنفس النسق المتفق عليه سابقا أو على الأقل يكملوا الأجزاء المحذوفة.
وتابع: حاولت التواصل أكثر من مرة مع الدكتورة كرمة سامي واتصلت بها عشرات المرات تليفونيا لكنها لم ترد على أيا من هذه الاتصالات ولو لمرة واحدة، وعندما تواصلت مع آخرين من العاملين بالمركز، ومنهم سهير القطب المشرفة على التخطيط والمتابعة، وشرحت لها الموقف، قالت سنعرض الموضوع على مديرة المركز ونرد عليك، إلا أن أحدا لم يرد علي حتى الآن، وهذا منذ أسبوعين تقريبا بعد صدور الكتاب مباشرة.
واختتم السعيد: عندما حادثتني سهير قطب عن الجزء المحذوف سألتني إن كان في الأصل مترجما! قالوا إننا حذفنا هذا الجزء وتصورنا أنه غير مهم، بينما أخبرني موظف آخر يدعى “أحمد نزيه”، وهو مسئول فنى بالمركز، عندما سألته لماذا لم يرسلوا إلي البروفة الأخيرة للمراجعة قبل الطبع، قال إنهم حاولوا الاتصال بي وهو ما لم يحدث إطلاقا.