رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التضحيات المصرية لدعم فلسطين

لا ترامب ولا مليون ترامب يستطيع أن يجبر مصر على التخلى عن دورها فى دعم القضية الفلسطينية، وإقامة الدولة المستقلة. فهناك تضحيات واسعة لمصر على مدار عقود طويلة من الزمن فى هذا الشأن، ابتداءً من وعد بلفور المشئوم عام ١٩١٧ ومرورًا بإقامة الدولة العبرية عام ١٩٤٨ حتى كتابة هذه السطور.. وليس من المقبول أو المعقول أبدًا أن يتغير الموقف المصرى على الإطلاق مهما كانت الأسباب، ومهما كانت التحديات الجسام التى تواجهها مصر حاليًا فى هذا الصدد، تعد القضية الفلسطينية جوهر القضية العربية، ومصر على مر تاريخها كانت حجر الزاوية فى دعم هذه القضية، فقد قدمت مصر تضحيات جسامًا، بدءًا من حرب ١٩٤٨ وصولًا إلى الحروب العربية الإسرائيلية اللاحقة، حيث سقط الآلاف من الشهداء والجرحى دفاعًا عن الحق الفلسطينى. ولم تتوقف التضحيات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل الجهود الدبلوماسية والمبادرات التى تبنتها مصر لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. إن تضحيات مصر من أجل فلسطين ليست مجرد أحداث تاريخية، بل ملحمة بطولية خالدة تؤكد عمق الروابط الأخوية بين الشعبين المصرى والفلسطينى، وتشهد على التزام مصر الثابت بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ومصر على مر تاريخها كانت فى طليعة الدول العربية التى دافعت عن حقوق الشعب الفلسطينى. وقد تجلى ذلك فى سلسلة من التضحيات الجسام التى قدمتها مصر، بدءًا من المشاركة العسكرية المباشرة فى حروب ١٩٤٨ و١٩٥٦ و١٩٦٧، حيث سقط الآلاف من الشهداء المصريين دفاعًا عن الأرض الفلسطينية. ولم تتوقف التضحيات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل الجبهات السياسية والدبلوماسية، حيث لعبت مصر دورًا محوريًا فى محاولة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وشاركت فى العديد من المؤتمرات والقمم الدولية لدعم الحقوق الفلسطينية، ومنها مبادرة السلام المصرية التى قدمها الرئيس السادات التى تعد مثالًا بارزًا على الجهود المصرية الرامية إلى تحقيق السلام فى المنطقة. ورغم التحديات التى واجهتها مصر، إلا أنها استمرت فى دعم القضية الفلسطينية على المستويين الشعبى والرسمى، ما جعلها رمزًا للتضامن العربى مع الشعب الفلسطينى. إن التضحيات المصرية من أجل فلسطين ليست مجرد أحداث تاريخية، بل شهادة حية على عمق الروابط الأخوية بين الشعبين المصرى والفلسطينى، وتؤكد التزام مصر الثابت بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة.

ومصر، بدورها التاريخى، لم تدخر جهدًا فى سبيل إيجاد حل عادل وشامل لهذه القضية. وفى السنوات الأخيرة، شهدنا تكثيفًا ملحوظًا للجهود المصرية برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى لرأب الصدع الفلسطينى ووقف دوامة العنف والمجازر الإسرائيلية، حيث لعبت القاهرة دورًا مهمًا فى العديد من المبادرات والوساطات، كان آخرها وقف الحرب الإسرائيلية على غزة وتوصيل مساعدات إنسانية ضخمة لهذا القطاع المنكوب، ومنذ اندلاع الأحداث الأخيرة، عملت مصر بكل جدية على تهدئة الأوضاع وإحلال الهدوء، وذلك من خلال التواصل المكثف مع جميع الأطراف المعنية، سواء كانت فلسطينية أو إسرائيلية أو إقليمية ودولية. وقد أثمرت هذه الجهود عن توقيع العديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار، ما أسهم فى تخفيف المعاناة الإنسانية وحماية المدنيين، كما لعبت مصر دورًا حيويًا فى تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، حيث سعت إلى تحقيق المصالحة بين حركتى فتح وحماس، إيمانًا منها بأن الوحدة الفلسطينية هى السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية، علاوة على ذلك، استضافت مصر العديد من اللقاءات والمشاورات بين الفصائل الفلسطينية، بهدف توحيد الرؤى وتنسيق الجهود، إن الجهود المصرية المستمرة تأتى انطلاقًا من إيمان راسخ بأهمية القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وقد أثبتت مصر، مرة أخرى، أنها شريك أساسى فى عملية السلام، وأنها ملتزمة بدعم حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة. وما زالت القاهرة حتى الآن تؤدى دورًا بطوليًا لمنع تصفية القضية الفلسطينية ومنع التهجير القسرى وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذى ارتوى بدماء الشهداء وتدمر بفعل الآلة العسكرية الإسرائيلية. وبذلك لا يمكن أبدًا أن تسمح مصر بأى شكل من الأشكال بأن تتم تصفية القضية الفلسطينية.