رغم صدوره.. ما أسباب منع القومى للترجمة طرح كتاب "القبط والغرب" للبيع؟
غياب الاستراتيجية والرؤية لوضع خطة عمل واضحة، ربما يكون هو الوصف الذي يلخص الوضع القائم في المركز القومي للترجمة فما بين تجميد طباعة الكتب بعد مرورها وانتهائها من كل المراحل والخطوات التي يمر بها الكتاب من أول اختياره والتعاقد على حقوق نشره، مرورًا بخطوات ترجمته ومراجعته وفحصه، وصولاً إلى طباعته ونشره.
وأعلن المركز القومي للترجمة قبل أيام تكريم اسم المفكر الراحل شوقي جلال، في الاحتفالية التي يعقدها الأربعاء المقبل، والمفارقة التي تشبه الكوميديا السوداء تتجلي في أن إدارة المركز لم تصدر حتى اليوم الترجمة التي أنجزها شوقي جلال لكتاب “ضد المنهج”.
الكتاب المجمّد كغيره من عشرات الكتب المتأخر صدورها في المركز القومي للترجمة يثبت غياب استراتيجية للعمل، فمع افتراض أن حقوق نشر الكتاب انتهت في العام 2019 ــ حسب العقد 5 سنوات من تاريخ التعاقد مع الناشر الأجنبي والمرفق صورته بالتقرير ــ لماذا لم تتخذ مديرة المركز د. كرمة سامي إجراءً لتجديد حقوق الكتاب بالتزامن مع تكريم “جلال” كما حدث في كتب عديدة جددت حقوقها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كتاب “الذاكرة الاجتماعية” للدكتورة هدى زكريا؟ أم أن مديرة المركز لا تدري عن وجود الكتاب الجاهز على الطباعة منذ سنوات، أم أن الأمر متعلق كما صرحت في حوارها مع الأهرام العربي بأنها ومنذ العام 2020 الذي تولت فيه إدارة المركز وحتى العام 2021، أغلقت باب مكتبها على نفسها ولم تصدر أمرا لطبع كتاب واحد؟
ما أسباب منع القومى للترجمة طرح كتاب "القبط والغرب"؟
خلال مارس 2024، أعلن المركز القومي للترجمة عبر صفحته الرسمية بفيسبوك قرب طرح النسخة العربية لكتاب “القبط والغرب” للباحث أليستر هاملتون وترجمة د.مجدي جرجس. ورغم صدور الترجمة العربية للكتاب بالفعل والذي أكد مترجمه د.مجدي جرجس، لـ“الدستور”: أنه “تسلمت نسخة فعلا من الكتاب فور صدوره وإن كانت به مشكلات فنية كما أخبرتني د. كرمة سامي مديرة المركز قبل أن أسافر وأنا حاليا خارج مصر وكنت أعتقد أن الكتاب متاح للبيع بعد صدوره خاصة أنني تسلمت نسخة منه من الدكتورة كرمة، ولا أعرف لماذا لا يتاح الكتاب حتي اليوم للقراء نظرا لتواجدي خارج مصر؟”.
لم تكن هذه الواقعة الأولى التي يتعرض لها الدكتور مجدي جرجس مع المركز القومي للترجمة. فقبل عامين تحديدا أبريل 2022، طرح المركز كتاب “جرجس” بطاركة الكنيسة القبطية في العصر الإسلامي" وعلى الغلاف صور بطاركة من القرن التاسع عشر والعشرين ومن بينهم صورة البابا شنودة.
وسجل جرجس الواقعة علي حسابه الشخصي بالفيسبوك: البابا شنودة من بطاركة العصر الإسلامي":"مفروض أزف إليكم خبر صدور ترجمتي للمجلد الثاني من كتاب تاريخ الباباوات للعظيم مارك سوانسون. بس في المجلس القومي للترجمة وضعوا غلاف المجلد الثالث (اللي أنا كتبته بالاشتراك مع نللي فان دورن) على هذا المجلد. فتجد العنوان "بطاركة الكنيسة القبطية في العصر الإسلامي" وعلى الغلاف صور بطاركة من القرن التاسع عشر والعشرين ومن بينهم صورة البابا شنودة. وآدي صورة الغلافين".
وفيما بعد تدارك المركز هذا الخطأ بتغيير الغلاف وهو ما يطرح السؤال عن من يتحمل تكلفة هذه الأخطاء، وأين المسئولون عنها، وألا تعني هذه الأخطاء الكارثية تحميلا على ميزانية المركز وإهدارا للمال العام؟
“الدستور” وفي تقصيها لحقيقة أن كتاب “القبط والغرب” غير متاح للقراء، سألنا في منفذ البيع عن نسخة من الكتاب لنشتريها الكتاب، لكن مسئول المنفذ أكد للدستور أن الكتاب غير موجود.
وفي رحلة للبحث عن الكتاب وعدم إتاحته للقراء، كشف مصدر لـ“الدستور” عن كواليس تثبت مدى التخبط والعشوائية التي تضرب المركز القومي للترجمة.
وقال المصدر:"كتاب القبط والغرب به مشاكل فنية منعت من طرحه بمنفذ البيع، رغم أهمية الكتاب ورغم طلب الجمهور عليه وهو ما تعكسه أسئلة القراء عن الكتاب عبر صفحة المركز بفيسبوك، ولماذا لا يتوافر في منفذ البيع بما أنه صدر بالفعل؟
الحداثة والشمولية أمام النيابة الإدارية
وتابع المصدر: أمام النيابة الإدارية حاليًا، قائمة تضم 35 كتابا للتحقيق في الأخطاء الفنية فيها ومشكلات تأخير صدورها، ومن بين هذه الكتب، كتاب “الحداثة والشمولية في الفاشية الإيطالية”، من ترجمة حسين محمود.
وأوضح المصدر: كانت المشرفة على الفحص والمتابعة، السيدة سهير القطب، قد رفعت مذكرة لمديرة المركز د. كرمة سامي عن الكتب التي تأخر صدورها وكذلك وبها أخطاء فنية، وبدورها أحالت مديرة المركز المذكرة إلي النيابة الإدارية والتي أرسلت للتحقيق في الأمر، فعادت “القطب” وقدمت ما يفيد بأن مشكلة كتاب “الحداثة والشمولية” قد حلت والحقيقة على العكس من الواقع، فتم طلبها للمثول أمام وكيلة النيابة الإدارية لتفسير التضارب الذي أحدثته في هذا الكتاب وسبب كذبها في هذه الواقعة وهو ما أصابها بالانهيار والبكاء أمام موظفي المركز. وقامت بالفعل بالذهاب إلى النيابة الإدارية ونحن في انتظار النتيجة النهائية للتحقيق الذي يجرب في هذا الشأن حاليًا.