كتب منعتها مديرة القومي للترجمة بدعوى أنها "حرام".. ما القصة؟
في عصر السماوات المفتوحة، وحرية تداول المعلومات وثورة الاتصالات، وسهولة الوصول إلي أي كتاب حتى ولو تم منعه ومصادرته، وعلى طريقة المثل الشعبي: “ياخد راس القبة ويطير”، تعاملت مديرة المركز القومي للترجمة، د. كرمة سامي، مع كتاب "خطط كبرى في قارورات زجاجية: التاريخ الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي للبيرة في مصر 1880- 1970"، والذي كان مقرر أن يصدر منذ أكثر من أربعة سنوات، لكنه لم ير النور حتي اليوم فما القصة؟.
مديرة القومي للترجمة “تحرم” وتمنع هذه الكتب
حين سُئلت د. كرمة سامي، في حوار صحفي أجري معها، في مارس 2022، في الأهرام العربي: هل هناك خطوط حمراء لدى الدكتورة كرمة سامي في اختيار العناوين المترجمة فأجابت: "ليست خطوطا حمراء، لكن لدينا خطوط خضراء، ليس بمفهوم الاستبعاد، وإنما اختيار قائمة أولويات تعبر عما ينفع الناس، بمعنى أنا مواطنة مصرية، أريد أن أعرف ماذا يكتب الآخرون عنا.. وكل الكتب التي عملت على إصدارها كانت اختيارات والتزامات سابقة للمركز".
والواقع الذي تمارسه، في إدارتها للمركز، يناقض كلامها السابق، في الكتب الموجودة بالفعل في المركز، والتي كان يجب عليها إصدارها بمجرد توليها رئاسة المركز والتواصل مع الناشرين الأجانب؛ التزاما بالتعاقدات الموجودة في المركز، وليس عرقلتها، وعدم إصدارها خلال السنوات الأربع الماضية، واختيار عناوين محددة منها.
وكشف مصدر لـ“الدستور": "أن كتاب "خطط كبرى في قارورات زجاجية: التاريخ الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي للبيرة في مصر 1880- 1970"، والذي تعاقد القومي للترجمة علي نشره في نسخته العربية، بالتعاون مع مؤسسة فورد، تأليف عمر دافيد فودة، وترجمة السيد جابر محمد، سلسلة العلوم الاجتماعية للباحثين، والمشرف على السلسلة دكتور أحمد زايد، ورقم الكتاب 3181، والتي كان ضمن اختيارتها للنشر، في 2020، وحتى الآن لم يصدر؛ بسبب أنها ترفض نشره، ومارست معه الخطوط الحمراء وليست الخضراء، كما تدعي، خطوط حمراء لعدم النشر، رغم التعاقد الذي تم مع المترجم والأموال التي حصل عليها، ثم ضربت بذلك عرض الحائط، فقد وجدت نفسها تفعل ما تريد، وقتما تريد، دون محاسبة، وليس أدل على ذلك من أنها أدارت المركز، لمدة عام من 8/2020 حتى 8/2021، دون أن توقع على أي أمر طبع لأي كتاب، عام كامل ضاعت فيه حقوق ملكية فكرية، وأموال مهدرة بلا رقيب أو حساب، وإذا ما عدنا إلى كتاب "خطط كبرى في قارورات زجاجية"، نجد سببا عجيبا لعدم النشر حتى تاريخه، وهو جمود الفكر المتمثل في أنها ترى أن نشره "حرام"، وأنها لن تنشره، وينشر في عهد مدير المركز القومي للترجمة القادم، وعام وراء عام، ومرت أربع سنوات، ولم يأت مدير جديد للمركز، إذن، فليمت الكتاب، ولا ينشر، "إنهم أناس يتطهرون"؛ هذا الكتاب نموذج كاشف وفاضح للعقلية التي تدير المركز، على الرغم من وجود مجلس أمناء للمركز يشكل بقرار جمهوري، ويرأسه وزير الثقافة، وهو السلطة المهيمنة على شؤون المركز، ويتولى رسم السياسة العامة لإدارته والتخطيط لأنشطته، وله أن يصدر من القرارات ما يراه لازما لتحقيق الأغراض التي قام من أجلها، ويختص مدير المركز بتنفيذ السياسات العامة للمركز التي يضعها مجلس الأمناء.
وتابع المصدر: "ومن الأمور اللافتة للنظر بشكل كبير، عودة وحضور د. شكري مجاهد، في المركز القومي للترجمة، في عهد د.كرمة سامي؛ سواء في الترجمة أو مراجعة الترجمة أو الفحص أو الندوات واللقاءات، وهو من تولى رئاسة المركز 6/2015 وتم إنهاء ندبه في 10/2015 بقرار من وزير الثقافة، في ذلك الوقت، الكاتب الكبير حلمي النمنم، لأسباب نتمنى أن يفصح عنها الوزير الأسبق، حتى تتضح لنا طبيعة العقلية التي تدير المركز وتوجهاتها. وقد صدر له كتابان هما: ترجمة كتاب: "فلسفة البلاغة"، وترجمة ومراجعة كتاب: "فرقة العمال المصرية" لمؤلفه كايل جون أندرسون، وتم عقد لقاء تليفزيوني مع مؤلف الكتاب وشكري مجاهد دون حضور مديرة المركز أو ممثل عن المركز، ومن الغريب أنه من رفض طباعة كتاب "أقنعة جنسية: الفن والانحطاط من نفرتيتي إلى إميلي ديكنسون"، ثم تكرر نفس الأمر في إعادة طبع الكتاب طبعة ثانية لنفاد الطبعة الأولى، فقامت كرمة سامي بمنع إعادة طباعة الكتاب، وهو ما أكده مترجم الكتاب ربيع وهبه ــ في تصريحات سابقة للدستور ــ أليست كل هذه الأمور وغيرها تحتاج إلى وقفة ومراجعة وإنقاذ عاجل، قبل فوات الأوان؟ ومن المستفيد من القضاء على المركز القومي للترجمة؟.