القاهرة عنوان السلام.. جهود الوساطة المصرية للهدنة فى غزة
مع دخول حرب غزة عامها الثاني، تواصل مصر جهودها الحثيثة للتهدئة والتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار داخل القطاع الذي يعاني ويلات الحرب والدمار جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم منذ السابع من أكتوبر 2023.
محطات الوساطة المصرية
كانت آخر محطات الوساطة المصرية لقاء فريق أمني مصري وعسكري رفيع المستوى، أمس، رئيس الموساد ووفد من الشاباك.
وقال مصدر أمني مسئول لقناة "القاهرة الإخبارية"، الجمعة، إن اللقاء يأتي في إطار الجهود المصرية المكثفة لعودة المفاوضات ووقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار بالمنطقة.
وأشار المصدر الأمني المسئول إلى أن مصر أكدَّت للوفد الإسرائيلي رفضها العملية العسكرية الجارية بشمال قطاع غزة، كما أن مصر حذرت من خطورة استمرار إسرائيل في إعاقة إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وجاء لقاء الوفد الإسرائيلي، غداة اجتماع وفد أمني مصري رفيع المستوى، مع وفد من قيادات حركة "حماس" بالقاهرة؛ لاستعراض الأوضاع الجارية بغزة وسُبل تذليل العقبات التي تواجه التهدئة بالقطاع.
وقال مصدر مسئول لـ"القاهرة الإخبارية"، الخميس الماضي، إن اللقاء يأتي في إطار الجهود المصرية لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة، كما أكد التزام مصر باستمرار زيادة إدخال المساعدات الإنسانية لإغاثة أهالي قطاع غزة.
من جهته، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بنيامين نتنياهو يُرحب باستعداد مصر للدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة.
جهود مصرية مكثفة
ومنذ اللحظة الأولى من اندلاع الحرب، كثَّفت مصر جهودها السياسية والدبلوماسية لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين، حيث وجَّه الرئيس عبدالفتاح السيسي بتكثيف الاتصالات المصرية مع جميع الأطراف ذات الصلة، سواء مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، أو الأطراف الإقليمية والدولية، وذلك منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن.
في 7 أكتوبر 2023، حذَّرت مصر في بيانٍ صادر عن وزارة الخارجية من مخاطر وخيمة للتصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ودعت إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر، محذرةً من تداعيات خطيرة نتيجة تصاعد حدة العنف، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبًا على مستقبل جهود التهدئة.
ومنذ اليوم الأول من الحرب، بدأ سامح شكري، وزير الخارجية السابق، في إجراء اتصالات مكثفة مع نظرائه وعدد من المسئولين الدوليين للعمل على وقف التصعيد الجاري بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأكدت المحادثات الخارجية المصرية ضرورة وقف التصعيد الجاري وممارسة ضبط النفس من جميع الأطراف، وحذَّرت مما ينطوي عليه الأمر من مخاطر وخيمة.
قمة القاهرة للسلام
في 21 أكتوبر 2023، استضافت مصر قمة القاهرة للسلام، ودعت قادة ورؤساء حكومات ومبعوثي عدد من الدول الإقليمية والدولية، للتشاور والنظر في سبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وحضرها أكثر من 30 دولة وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
وأكد الرئيس السيسي، في كلمته أمام قمة القاهرة للسلام، انخراط مصر، منذ اللحظة الأولى، في جهودٍ مضنية لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية، إلى المحاصرين في غزة.
خارطة طريق مصرية لإنهاء الحرب
وقدَّم الرئيس السيسي، في كلمته أمام قمة القاهرة للسلام، خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية في غزة، وإحياء مسار السلام، وذلك من خلال عدة محاور: تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، وتنتقل فورًا إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار ثم البدء العاجل في مفاوضات لإحياء عملية السلام وصولًا لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل في الأراضي الفلسطينية.
وقالت مصر في بيانها الختامي حول قمة القاهرة للسلام: "إن مصر تحافظ دومًا على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجي لا حياد أو تراجع عنه، حتى تتحقق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما البعض في سلام".
الهدنة الأولى في غزة
في 24 نوفمبر 2023، دخلت أول هدنة إنسانية في غزة، حيز التنفيذ، بعد أن نجحت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس"، بوساطة مصرية قطرية أمريكية، في التوصل لاتفاق هدنة إنسانية في غزة، ينص على وقف إطلاق النار في القطاع لمدة 4 أيام، والإفراج عن 50 محتجزًا لدى الفصائل، وكذلك الإفراج عن 150 امرأة وطفلًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ونص الاتفاق أيضًا على توقف الطيران الإسرائيلي عن التحليق بشكل كامل في جنوب قطاع غزة، على أن يتوقف الطيران الإسرائيلي عن التحليق لمدة 6 ساعات يوميًا من الساعة 10 صباحًا وحتى 4 مساء في مدينة غزة والشمال.
وصرح ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، بأن الجهود المصرية المكثفة قد أسفرت عن إطلاق سراح عدد 12 من رعايا تايلاند، بإلإضافة إلى عدد 13 من المحتجزين الإسرائيليين، من الأطفال والنساء لدى حركة حماس.
مفاوضات وقف إطلاق النار في الدوحة والقاهرة
في 16 أغسطس 2024، أصدر قادة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية بيانًا حول مباحثات الدوحة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وجاء في نص البيان: "على مدى 48 ساعة في الدوحة، انخرط كبار المسئولين من حكوماتنا في محادثات مكثفة كوسطاء بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن المحتجزين.. كانت هذه المحادثات جادة وبنَّاءة وأُجريت في أجواء إيجابية".
وأضاف البيان: "في وقتٍ سابق في الدوحة، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم من دولة قطر وجمهورية مصر العربية لكلا الطرفين اقتراحًا يقلص الفجوات بين الطرفين ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس بايدن في 31 مايو 2024 وقرار مجلس الأمن رقم 2735".
وتابع: "يبني هذا الاقتراح على نقاط الاتفاق التي تحققت، ويسد الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق".
وأشار البيان: "سيجتمع كبار المسئولين من حكوماتنا مرة أخرى في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل، آملين التوصل إلى اتفاق وفقًا للشروط المطروحة، وكما ذكر قادة الدول الثلاث، لم يعد هناك وقت نضيعه ولا أعذار يمكن أن تقبل من أي طرف تبرر مزيدًا من التأخير.. لقد حان الوقت لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وبدء وقف إطلاق النار، وتنفيذ هذا الاتفاق".
واختتم البيان آنذاك: "الآن أصبح الطريق ممهدًا لتحقيق هذه النتيجة، وإنقاذ الأرواح، وتقديم الإغاثة لشعب غزة، وتهدئة التوترات الإقليمية".
وفي 23 أغسطس 2024، أفاد مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، بأن "المؤشرات الأولية تشير إلى أن محادثات القاهرة التي تهدف إلى التوصل لوقف لإطلاق النار في غزة بناءَّة، وتم إحراز بعض التقدم، ويجب على جميع الأطراف التعاون للعمل نحو تنفيذ الاتفاق المقترح".