"هجمة مرتدة".. هل خططت إيران لتفجير أجهزة الـATM فى إسرائيل ردًا على تفجيرات "البيجر"؟
لكل حربٍ أسلحتها ولكل صراعٍ معادلة يطبقها طرف ويخرقها الآخر إذا أراد، إلا أن "حرب الجواسيس" أضحت منعطفًا شاهدًا على معادلاتٍ جديدة قد ترتكن إليها قواعد الاشتباك بين طهران وتل أبيب، قياسًا على قانون الهجمة و"الهجمة المرتدة".
وعلى مدار عامٍ مضى منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر 2023، شهد الصراع الإسرائيلي الإيراني مراحل غير مسبوقة من التصعيد المتبادل، دون الحاجة إلى وكلاء، فانطلقت صواريخ طهران من قواعدها، وتولت سياسة الاغتيالات الإسرائلية الرد عليها، إلا أن أيادي الحرب الخفية كانت تستعد لمهام أكثر ضراوة بفعل شبكات التجسس والاختراق الأمني، وهو ما بدا جليًا عقب حادث تفجير أجهزة "البيجر" في لبنان يومي 17 و18 سبتمبر الماضي، الذي لم يكن سوى فخ نصبته إسرائيل لاستهداف عناصر حزب الله في لبنان بواسطة شركة وهمية تابعة للاحتلال، ليطلق هذا الهجوم عقال حربٍ جديدة بين إسرائيل وإيران، لكن الأخيرة قررت أن تصيب أهدافها بواسطة الإسرائيليين أنفسهم، وكأن إسرائيل اخترقت نفسها.
ضبط شبكة تجسس في إسرائيل
بعد شهرٍ واحدٍ من تفجير إسرائيل لأجهزة "البيجر" في لبنان، كشفت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الإسرائيلي عن ضبط "شبكة تجسس" مكونة من 7 إسرائيليين متهمين بالعمل لصالح إيران.
وقال البيان الإسرائيلي اليوم، إن المعتقلين كانوا "يجمعون معلومات حساسة عن قواعد الجيش الإسرائيلي والبنية التحتية للطاقة"، مضيفًا أنهم جميعًا مواطنون يهود من حيفا ومناطق أخرى في شمال البلاد.
وأضاف البيان أن عملياتهم امتدت على مدى أكثر من عامين، وشملت "مهام استطلاع مكثفة على قواعد الجيش الإسرائيلي بما في ذلك مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، وقاعدتي (نفاتيم) و(رمات دافيد) الجويتين، وذلك نظير مقابل مالي، من خلال العملات المشفرة".
وقبل أسبوعٍ من هذا الإعلان، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن جهاز الأمن العام "الشاباك"، والشرطة الإسرائيلية كشفا عن خلية استخبارات إيرانية تعمل على تجنيد وتنشيط المواطنين الإسرائيليين، واعتقلا اثنين يشتبه في تخطيطهما لتنفيذ هجوم اغتيال نيابة عن إيران.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، في تقريرٍ لها بتاريخ 14 أكتوبر 2024، اعتقلت السلطات الإسرائيلية "فلاديسلاف فيكتورسون" ويبلغ من العمر 30 عامًا، وكان يتواصل باللغة العبرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع فرد يُدعى "ماري حوسي" منذ أغسطس الماضي.
استهداف أجهزة الصراف الآلي في تل أبيب
وكشفت التحقيقات الإسرائيلية عن أن "فيكتورسون" نفَّذ العديد من المهام منها، مثل توزيع منشورات وإشعال النار في السيارات وأعمال تخريبية داخل تل أبيب، كما وافق على تصفية شخصية إسرائيلية لم يسمها، وإلقاء قنبلة يدوية على أحد المنازل.
كما ورد أنه سعى للحصول على أسلحة، بما في ذلك بندقية قنص ومسدسات وقنابل يدوية، ووفقًا لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، جنَّد "فيكتورسون" شخصين آخرين، بما في ذلك صديقته، "آنا بيرنشتاين"، للمساعدة في مهامه.
لكن المفاجأة الأخطر التي كشفت عنها نتائج التحقيقات، هي حقيقة ما ورد بأنه طُلِبَ من "فيكتورسون" تخريب البنية التحتية للاتصالات وأجهزة الصراف الآلي مقابل أكثر من 5000 دولار، الأمر الذي يثير تساؤلًا حول ما كان يمكن أن يؤول إليه الصراع حال نجاح "فيكتورسون" في تنفيذ مهمته بتخريب أجهزة الصراف الآلي داخل إسرائيل، وما إذا كان هذا التخريب تقنيًا أم تفخيخًا على غرار تفجير "أجهزة البيجر" في لبنان، لرد الضربة إلى إسرائيل.
اختراق "البيجر" في لبنان
في 17 و18 سبتمبر 2024، باغت الاحتلال لبنان بتفجير أجهزة "البيجر" ما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف، في أكبر هجومٍ شهده لبنان منذ حادث انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية آنذاك عن أن الأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصرالله، كان يهدف إلى اعتماد "حزب الله" على أجهزة "البيجر"، التي يمكنها تلقي البيانات دون الكشف عن موقع صاحبها، إلا أن الاستخبارات الإسرائيلية رأت في الأمر فرصة سانحة لاستهداف الحزب واختراقه.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل نصبت فخًا لـ"حسن نصرالله"، من خلال إنشاء شركة وهمية لتصنيع أجهزة "البيجر"، ومن ثمَّ تفخيخها استعدادًا لتفجيرها.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن شركة "بي إيه سي" المجرية التي ارتبط اسمها بتفجير أجهزة "البيجر" في لبنان، ما هي إلا جزء من واجهة إسرائيل، وأن المُصنع الحقيقي لهذه الأجهزة كانت الاستخبارات الإسرائيلية.
الرد الإسرائيلي
ويأتي الكشف عن شبكة التجسس الأخيرة داخل إسرائيل لصالح إيران، لتنذر بجولةٍ ضارية وارتفاع سقف المواجهة بين طهران وتل أبيب، لا سيما عقب محالولة اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باستهداف مسيرة لمنزله في قيسارية.
وذكرت هيئة البث العبرية نقلًا عن مصادر مقربة من نتنياهو، أنه من المتوقع أن ترد إسرائيل على محاولة اغتيال رئيس الحكومة، مؤكدة أنه بعد محاولة اغتياله يجب أن يكون الرد على إيران أكثر قسوة.