رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاصمة محاكم إفريقيا العليا

الصفة، صفة «عاصمة محاكم إفريقيا العليا»، تستحقها مصر، التى عقدت للسنة الثامنة، على التوالى، «مؤتمر القاهرة رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الإفريقية»، الذى يرعاه الرئيس عبدالفتاح السيسى، واعتاد، كما جرى الثلاثاء، على استقبال المشاركين فيه، وتأكيد الأهمية التى توليها الدولة المصرية لدعم وتعزيز دور السلطة القضائية فى الدول الإفريقية الشقيقة.

تنظيم هذا المؤتمر وانتظام عقد اجتماعاته، منذ سنة ٢٠١٧، يعكسان «وحدة الأهداف والمصير بين شعوب القارة، التى تمتاز بالالتزام بقيم الحق والعدل، والتطلع لتعزيز مبادئ سيادة القانون، واستقلال القضاء، واحترام الحقوق والحريات»، وما بين التنصيص قاله الرئيس، خلال لقائه رؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة، بحضور المستشار بولس فهمى، رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعدد من قضاة المحكمة، مؤكدًا أهمية الدور الذى تلعبه المؤسسات القضائية فى ضمان أمن واستقرار الدول الإفريقية، إضافة إلى دورها الحيوى فى مواجهة التحديات المتعددة التى تواجه دول القارة. ومن هذا المنطلق، شدد الرئيس على ضرورة تعزيز دور القانون والمؤسسات القضائية فى التصدى للتحديات التى تهدد كيانات الدول، وأهمية العمل الجماعى لوضع قواعد دستورية إفريقية مشتركة، تواجه تلك التحديات.

أعرب الرئيس، أيضًا، عن تقديره الدور الجوهرى الذى تقوم به المحكمة الدستورية العليا المصرية، مؤكدًا أن مصر حريصة على استقلال القضاء وتعزيز دوره ومكانته، إيمانًا منها بأن العدل هو عماد المجتمع والضامن لأمنه وسلامته، لافتًا إلى أن الدستور المصرى يؤكد استقلالية السلطة القضائية ويحميها، ويحظر التدخل فى شئونها، إعلاءً لسيادة القانون وترسيخًا لقيم الحق والمساواة والإنصاف. وفى هذا السياق، أكد رؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة، تشرفهم بلقاء الرئيس، وثمّنوا دور المؤتمر كأحد السبل الفعالة لتعزيز التعاون بين الدول الإفريقية، معربين عن تقديرهم العميق للتاريخ، الذى تتمتع به مصر فى هذا المجال، وحرصها على تبادل الخبرات النوعية مع الدول الإفريقية، وتأكيدها دور المحاكم الدستورية والعليا فى الحفاظ على سيادة الدول وحماية مقدرات شعوبها خلال الظروف الاستثنائية.

لم يكن لدى مصر محكمة دستورية، حتى أصدر الرئيس جمال عبدالناصر القرار بقانون رقم ٨١ لسنة ١٩٦٩ بإنشاء «المحكمة العليا»، الذى حددت مادته الرابعة اختصاصاتها بالفصل فى دستورية القوانين، وتفسير النصوص التى تستدعى ذلك بسبب طبيعتها أو أهميتها ضمانًا لوحدة التطبيق القضائى، و.... و.... ومع أن دستور ١٩٧١، أطلق تسمية «المحكمة الدستورية العليا»، على المحكمة التى تفصل فى دستورية القوانين، إلا أن الاسم لم يتغير إلا بصدور القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، بعد ثمانى سنوات.

باسمها القديم، تولى المستشار بدوى حمودة رئاسة المحكمة منذ ٧ فبراير ١٩٧٠، إلى ٤ أكتوبر ١٩٧٨، وتلاه المستشار أحمد ممدوح عطية، الذى صار أول رئيس للمحكمة باسمها الحالى. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن رئيس المحكمة الدستورية العليا الحالى، الرئيس التاسع عشر، كان نائبًا لرئيس المحكمة، حين أبعده قرار حمَل توقيع المعزول محمد مرسى، فى ديسمبر ٢٠١٢، ثم أعاده قرار رئيس الجمهورية رقم ١٠٨ لسنة ٢٠١٤، «بعد الاطلاع على الدستور المعدل الصادر فى ١٨ يناير ٢٠١٤»، وحين حالت الظروف الصحية لرئيس المحكمة السابق، المستشار سعيد مرعى محمد جاد، دون استمراره، أصدر الرئيس السيسى، فى فبراير ٢٠٢٢، قرارًا جمهوريًا بتعيين المستشار بولس فهمى، الذى أعرب، خلال لقاء أمس عن شكره لرعاية الرئيس المؤتمر، مثمنًا حرصه المتواصل على ترسيخ استقلال القضاء، وتعظيم دور المحاكم الدستورية، بوصفها ركيزة أساسية لإرساء دعائم الديمقراطية وتعزيز مسيرة التنمية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الدورة الثامنة من المؤتمر، الذى تنظمه المحكمة الدستورية العليا، منذ سنة ٢٠١٧، تحت رعاية الرئيس السيسى، ناقشت، خلال ثلاث جلسات رئيسية، «طبيعة المخاطر التى تواجه الدول الإفريقية فى الظروف الاستثنائية»، و«التجارب التشريعية لمواجهة الظروف الاستثنائية»، وتناولت الجلسة الثالثة، دور الرقابة الدستورية على التشريعات المنظمة للظروف الاستثنائية.