رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فرحة ممزوجة بالألم.. شهادات عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة بعد تدميره

النازحين يعودون إلى
النازحين يعودون إلى منازلهم في شمال غزة

في مشهد يملؤه الألم والأمل، سار مئات الآلاف من الفلسطينيين لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، مرتدين الصنادل، حاملين أكياس الملابس على أذرعهم، والأطفال في أحضانهم، والمراتب على أكتافهم، كان الشيوخ يتكئون على العكاكيز، والأطفال يدفعون الكراسي المتحركة، فيما كان صبي صغير يجر أغراضه على زلاجة في طريق العودة إلى شمال غزة، حسبما رصدت صحيفة "نيويورك تايمز".

على مدى 16 شهرًا تقريبًا، عاش مئات الآلاف من الفلسطينيين في شمال غزة في خيام، بعد أن منعتهم إسرائيل من العودة إلى منازلهم التي هُجّروا منها قسرًا.

عودة للوطن ممزوجة بالألم والفرحة

صباح الإثنين، ومع شروق الشمس، بدأ آلاف النازحين العودة المؤلمة إلى ديارهم، فبعد خلافات بين إسرائيل وحماس أخّرت عودتهم خلال عطلة نهاية الأسبوع، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلية من الطريق الساحلي بحلول السابعة صباحًا، ما سمح للنازحين بالتوجه شمالًا سيرًا على الأقدام، ولاحقًا، سُمح لأصحاب السيارات بالتحرك شمالًا عبر طريق داخلي خاضع للتفتيش.

وتشكلت صفوف طويلة من المشاة امتدت لأميال، مؤلفة من عشرين شخصًا في الصف الواحد، وبالرغم من صعوبة الرحلة، إلا أنها حملت شعورًا بالفرح والارتياح.

وقالت ملك الحاج أحمد، طالبة ثانوية تبلغ من العمر 17 عامًا، وهي تلتقط صورًا مع عائلتها قرب الطريق الساحلي: "نحن سعداء للغاية، لا يوجد شعور أفضل من العودة إلى المنزل".

وزّع بعض العائدين الحلويات احتفالًا بهذه اللحظة، فيما رفع آخرون إشارات النصر، وهتف الأطفال مرددين: "يمينًا أو يسارًا، الشمال هو الأفضل".

وأشارت الصحيفة إلى أن العودة إلى الديار تحمل رمزية خاصة للفلسطينيين، فمنذ النكبة في عام 1948، التي شهدت تهجير مئات الآلاف، يعيش الفلسطينيون تحت وطأة النزوح والشتات المتكرر. 

وبالنسبة للكثيرين، كان تهجيرهم من شمال غزة في عام 2023 نكبة ثانية، ومع الدعوات الإسرائيلية المتكررة لتوطين المستوطنين الإسرائيليين في شمال غزة، ومقترحات دولية بنقل الفلسطينيين إلى دول عربية، كانت العودة بمثابة تحدٍ لهذه المحاولات.

وفي وسط غزة، واجه العائدون مشاهد الخراب والدمار، وتحولت المناطق الشمالية إلى أنقاض بعد القصف الجوي المكثف والمعارك العنيفة. 

وقال أحمد شحادة، رجل أعمال، بعدما قطع 15 ميلًا للوصول إلى منزله: "الدمار الذي مررنا به أسوأ من القيامة"، وأضاف: "لم أصدق أنني عدت للجلوس على أريكة منزلي".

وأوضحت الصحيفة أنه لم يحالف الحظ الجميع مثل شحادة؛ فالكثيرون عادوا إلى منازل مدمرة أو أحياء اختفت معالمها، تساءل العائدون عن محطات الوقود، منازل الجيران، والميادين التي لم تعد موجودة.

بينما قالت شروق القُر، خريجة حقوق تبلغ من العمر 27 عامًا: "الحمد لله أننا نجونا من هذه الحرب، لكننا ما زلنا نعيش حياة الخيام، محاطين بالدمار والحزن".