رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس.. صوت الشعب


يومًا بعد يوم تؤكد القيادة المصرية ثبات موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، منذ أن بدأت المأساة عام 1948 حتى اليوم، وإن اختلف شكل هذا الدعم، طبقًا لمراحل سير القضية الفلسطينية، حيث بدأ بمشاركة الجيش المصرى فى حرب فلسطين، وذلك لاستعادة الأرض لأصحابها، ثم استمر طوال تلك السنوات، والتى تحملت فيها مصر بسبب هذه القضية مرارة الهزيمة عام 1967، وعلى الرغم من ذلك لم تتخل مصر عن هذا الدعم وتلك المساندة، وأصبحت مصر هى الملاذ الآمن لأعداد كبيرة من أبناء الشعب الفلسطينى، وقدمت لهم الحكومة المصرية كل التسهيلات الحياتية، خاصة فى مجال التعليم، حيث يتم وحتى يومنا هذا معاملة الطالب الفلسطينى بنفس معاملة الطالب المصرى، بل إن هناك أحياء سكنية بالكامل أقامت بها المئات من العائلات الفلسطينية، مثل حى عين شمس وحلمية الزيتون بالقاهرة.
طوال تلك العقود كانت إسرائيل تتفنن فى الوصول إلى أى نتائج يترتب عليها القضاء على القضية الفلسطينية، سواء بالعنف أو من خلال علاقاتها الدولية مع العديد من دول العالم وأهمها على الإطلاق الولايات المتحدة الأمريكية، التى تعتبر إسرائيل ابنتها الصغرى فى الشرق الأوسط وجميعنا يعرف تلك العلاقة بينهما، والتى كانت تظهر بشكل واضح كلما تعرضت إسرائيل لعمليات فدائية أو إدانات سياسية فى بعض المحافل الدولية، حيث كانت تستخدم حق الفيتو لإجهاض أى قرار يدين السياسة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى الشقيق.
ويستمر هذا المسلسل بين العدوان والمعاناة إلى أن جاء يوم السابع من أكتوبر 2023، الذى اندلعت فيه الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، والتى استمرت مدة خمسة عشر شهرًا، ومن وجهة نظرى فإن هجوم حماس لم يستغرق سوى أيام قليلة، أعقبه رد فعل عنيف من الجيش الإسرائيلى سحق فيه آلاف الشهداء وأتى على الأخضر واليابس، وتم تدمير ما لا يقل عن 70% من قطاع غزة، علاوة على جميع مقدرات الحياة فيها، وللأسف فقد ساعد هجوم حماس فى تنامى فكرة تهجير أبناء قطاع غزة من أراضيهم إلى أقرب الدول له، وهى مصر والأردن، وتم الترويج لهذا المخطط وتبنته حليفتها الرئيسية بكل ثقل ودعم سياسى ولوجستى، بل إن بعض دول المنطقة كانت تؤيد هذا التوجه ولكن بشكل غير معلن.
هنا جاء الصوت المصرى جريئًا وواضحًا وجليًا بالرفض التام لهذا المخطط عندما أعلن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى جميع لقاءاته واتصالاته مع زعماء العالم، بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، بأنه المسئول الأول عن الأمن القومى المصرى وعلى الحفاظ على أمن مصر وسلامتها، وأيضًا على الشعب الفلسطينى وتبنى قضيته وأخذ على عاتقه جمع الصف العالمى والعربى لاتخاذ موقف رافض لتهجير الشعب الفلسطينى وتصفية القضية الفلسطينية برمتها.
كانت مصر هى البوابة الرئيسية الوحيدة لإدخال المساعدات الإنسانية للأراضى الفلسطينية، على الرغم من الاعتداءات الإسرائيلية على منفذ رفح البرى والاستيلاء على الشريط الحدودى بين مصر وغزة، ومع ذلك استمرت محاولاتها الإنسانية، لدرجة أنها استخدمت الطائرات المروحية لذلك.. وقد حاول بعض الأبواق المعادية الترويج إلى أن مصر تتسبب فى معاناة أهل غزة برفضها فتح المعبر، إلا أن الأيام أثبتت سلامة الموقف المصرى الرافض لاستيلاء إسرائيل على هذا المنفذ من الجانب الفلسطينى.. وفى أبريل من العام نفسه كانت مصر أول من تقدمت بمقترح وقف إطلاق النار بين الجانبين؛ بهدف إدخال المساعدات إلى غزة وكانت إسرائيل تضع العراقيل لعدم إتمام هذا المقترح إلى أن بدأت الأمور تأخذ منحى جديد فى أعقاب تولى الرئيس ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث التزمت إسرائيل بالانسحاب من قطاع غزة بعد تدميره بشكل شبه كامل، وكذلك الانسحاب من معبر رفح وإعادة إدارته للجانب الفلسطينى وبدأت عمليات إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة.. ورغم ذلك فإن إسرائيل بل وأمريكا لم تتخليا عن فكرة تهجير الشعب الفلسطينى إلى مصر والأردن؛ تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل.. ومرة أخرى جاءت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتؤكد أن الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية يرتكز على أسس وثوابت أخلاقية وتاريخية قاطعة تجاه القضية الفلسطينية حيث أعلن رفضه الكامل للتهجير القسرى للفلسطينيين ولتوطينهم فى سيناء ولتحويل القضية من قضية شعب يسعى إلى تقرير مصيره وفقًا للقوانين الدولية إلى مجرد مسألة إنسانية لشعب افتقد كل مقومات الحياة حتى البسيطة منها.
جاء موقف الرئيس ليعبر عن صوت الشعب المصرى بمختلف فئاته وانتماءاته الرافضة لدعوات ترحيل الفلسطينين من أراضيهم، حيث عبرت فئات الشعب المصرى عن حالة الغضب الشديد والرفض والإدانة الواضحة لتلك المحاولات، وهو ما يؤكد أن القضية الفلسطينية سوف تظل دائمًا فى وجدان وضمير الشعب المصرى الأصيل وقيادته الرشيدة.
لقد أثلج الرئيس عبدالفتاح السيسى صدورنا عندما أعلن مؤخرًا أن مصر لن تشارك فى ذلك الظلم الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى، مثلما حدث فى السابق عندما تم تهجير آباء وأجداد الشعب الحالى تحت ذريعة التطوير والتحديث للأراضى التى كانوا يقيمون فيها، إلا أنه لم يسمح لهم بالعودة مرة أخرى، وأكد أن ذلك لن يتكرر مرة أخرى، بل إن مصر عازمة على مواصلة جهودها للتوصل إلى السلام المنشود فى المنطقة، والقائم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية بحقوق تاريخية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليعيش المواطن الفلسطينى والإسرائيلى جنبًا إلى جنب ويتحقق الأمن والسلام لكل منهما.
هذه هى مصر، وهذا هو شعبها، وهذا هو قائدها، الذى يتحدث بصوتنا وضميرنا دائمًا.. إنه صوت الشعب المصرى.