لا نريد الخوف على سوريا
حركة دراماتيكية، تخطيط غير محدد الآفاق، سقوط الرئيس بشار الأسد، ولم تنهر الدولة السورية.
مقدمات سياسية وأمنية، الفرضيات بقيت حتى آخر 72 ساعة تتأرجح.
.. دمشق وضعت الحل.. السلطة، البعثة، وعائلة الأسد غابت، لن يكون الرئيس بشار الأسد ينتظر سوريا، أو الشعب السورى، أو الحضارة السورية، الآن سوريا، بعد أحداث الفجر، تتوالد لتصعيد حماية المنجز الحضارى.
.. على منصة فى وسط مجموعة من اللاجئين السوريين الذين وقفوا لحظة فرح وسط العاصمة عمان، قال شاعر «حموى»، - سعيد زرع الياسمين!
قالها وصمت.
ياسمين دمشق وبيعها قادم، سياسيًا وأمنيًا، ما زلنا، نحمل رؤية لتحليل الحدث.
*اليوم التالى، دمشق تزرع الياسمين.
فى الميادين بين حلب وإدلب وحماة وحمص، حتى فى وسط ساحة المرجلة، نشرع نحو تلك الخطط التى تعيد تماسك سوريا، لهذا خليط من الجبهات والأحزاب، مع هيئة تحرير الشام، الفصائل المعارضة، مدت يدها، بانتظار اليوم التالى.
.. ولكنه ليس كأى من أيام الثورة السورية، ساعات، زلزلت المنطقة وعادت نظرة المجتمع الدولى للشرق الأوسط، إذ شاهدنا وتيرة التسارع فى مسار الحركات التى تمت، ثم عملية الاحتواء السلمى.
.. الثورة السورية الثانية، لم تكن متوقعة، سقط النظام السورى بكل سهولة، سقوط ورق شجر الخريف.
.. إلى اللحظة، غادر بشار الأسد، ترك القصر الرئاسى، ترك ساحة الأمويين، هرب إلى اللا مكان، ربما لن تعلن حالته قبل فهم آليات سوريا اليوم التالى:
*أولًا:
المجتمع الدولى والمنطقة وجوار سوريا، يحتاج مرحلة جديدة من تاريخ سوريا، فيها الكثير من التحديات وسط مباحثات حول مرحلة ما بعد سقوط الرئيس، وبالتالى نهاية الحقبة، وحكم العائلة والتوريث.
*ثانيًا:
خلاف التوقعات بطول أمد معركة المعارضة ومع استمرار توجيه الانسحابات التى كان يجريها الجيش السورى من مراكز المحافظات والمدن الكبرى وسط غيابٍ واضحٍ لإرادة القتال، قدّمت قوى المعارضة مواقف تحرص فيها على وحدة سوريا، وأن سوريا لكل السوريين،على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم.
*ثالثًا:
اليوم التالى، بدأ مع معركة حمص، إذ كانت المفصل الأساسى والتحول الاستراتيجى، فبعدما انسحبت منها قوات الجيش السورى وسيطرت عليها المعارضة، كما جرى فى المحافظات السابقة، انتقل الاهتمام الأساسى إلى دمشق وريفها، والتى كانت تشهد تحركات دفعت الأسد إلى مغادرة البلاد.
*رابعًا:
المؤشرات التى سبقت لحظة السقوط، تفيد بصراعات كثيرة وقعت داخل بنية النظام، وبين دمشق وحلفائها، تحديدًا إيران وروسيا والعراق، وسط اتهامات جرى توجيهها إلى كل الحلفاء، لا سيما روسيا وإيران بالتخلى عن النظام والسماح بسقوطه.
*خامسًا:
الحلفاء كافة، وهذا مستهجن فى السياسة الدولية، اتهموا الجيش السورى بأنه لا يريد القتال، ويريد انتظار تدخل قوى أخرى كحزب الله والعراقيين.
*التحديات والاستجابة لليوم التالى.
قبيل ساعات من دخول دمشق، كان يُتداول فى المنطقة والإقليم عن تحديات، منها إصرار النظام وإيران على عدم تقديم أى تنازلات جدية، وتم استدراك، حساسية اليوم التالى: لا صراع داخلى سورى سورى من جديد.
.. وأدركت الجهات الداعمة لهيئة تحرير الشام، أن الأمر يكاد ينفلت نحو الأسوأ، إذ كانت الحرب ستتجدد بقوة، ما سيجعل سوريا مفتوحة على احتمالات سلبية وسوداوية، خصوصًا أنه، وفق المحلل منير الربيع، الذى واكب الأحداث:
*1:
كان سيتم تكريس «تقسيم» مناطق النفوذ، لا سيما فى ظل توسع «الأكراد» فى الشمال والشرق.
*2:
رغبة ومساعٍ سياسية وأمنية إيرانية بهدف الاحتفاظ بنقاط أساسية فى دمشق وحمص وامتدادًا نحو الساحل.
*3:
أن تكون قوى المعارضة مسيطرة على حماة، إدلب وحلب، فيما الجنوب السورى سيكون ذا تأثير أردنى أو إسرائيلى، بالإضافة إلى حالة السويداء بكل أبعادها الطائفية.
.. لوضع أطر اليوم التالى لسوريا، هناك مؤشرات وتأكيدات على رفض أى تدخل من الحلفاء بشكل مباشر، لا الآن ولا بالاستناد إلى مواقف واضحة، قد تطلقها قوى المعارضة، على اختلاف مواقعها وأسلحتها.
ما يتسرب من دمشق، يمكن البناء عليه بعد تأكيد نهاية ومغادرة الرئيس الأسد، بشكل نهائى.
.. أيضًا، تنظر بيانات هيئة تحرير الشام، إلى مسائل، لا يمكن تجاوزها، أن سوريا تعانى العمق التركى والإسرائيلى، ما يجعل تصورات اليوم التالى، كأنها مخاوف أساسية، ما قد يعمل فى دهاليز السياسة التركية الإسرائيلية، وربما الروسية فالكل له مصالح فى الاستثمار السياسى الأمنى، بكل اتفاقات أو تناقضات الحالة السورية-السورية، لتغذية منطق الانقسام والتقسيم.
*السرايا غير القرايا.
الجيوسياسية الأمنية الدولية، ربما باحتواء من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وبعض حلفاء سوريا، يجرى واقعيًا، منذ لحظة سقوط دمشق بيد الفصائل المعارضة على حوار سياسى معمق، نقاش عن مستقبل سوريا ولونها فى المنطقة.
ما يجرى، يتم وفق قراءات على مستوى دولى وإقليمى، بهدف فهم ما فى اليوم التالى سوريا، تحديدًا أن العالم فى قلق من أى انفلات يجاور سوريا، والذى يتم:
*1: وعى مرحلة ما بعد سقوط الأسد، أو اليوم التالى فى سوريا.
*2:
ما تقدّمه المعارضة وهيئة تحرير الشام معطيات إيجابية حول بقاء سوريا موحدة.
*3:
تشكيل هيئة حكم انتقالية، أو إنشاء مجلس عسكرى يضم جهات مختلفة، يتسلم السلطة كمرحلة انتقالية بانتظار ترتيب الأوضاع السياسية.
*4:
تنظيم انتخابات لتشكيل سلطة مدنية.
*5:
التوافق على لجنة لكتابة دستور سورى جديد.
.. الحدث السورى، رهين انعكاسات وتداعيات، طالت بفعل الأزمة وأسبابها، التى أدت إلى سقوط حكم آل الأسد على الواقع السورى وعلى دول الجوار.
*سؤال مرحلة حاسم:
كيف انهار حكم الأسد؟
الفجر الذى انبلج يوم الأحد لم يكن دمويًا، انهار الحكم الذى يوصف منذ أكثر من نصف قرن، بأنه «الدموى»، من حيث الممارسة والتطبيق، إذ كانت الدولة والشعب رهينة لحزب البعث العربى الاشتراكى الذى تولى السلطة فى سوريا عام 1963 ودام 61 عامًا.
.. وفى ظلال فقدان بشار الأسد السيطرة، بل الغياب المجهول، بات على العاصمة دمشق أن تتحرر، ويأتى تحريرها فى مساع ظاهرية أنها سلمية، إلا أنها قبضة فصائل المعارضة المسلحة، بما فى ذلك تاريخ هيئة تحرير الشام.
فى المفصل التاريخى، البعث السورى، غالبًا سيكون دستوريًا قد انتهى ورحل إلى مالانهاية، وهو الحزب الذى كان فى نزاع أزلى مع حزب البعث العراقى، البعث السورى وصل إلى السلطة فى سوريا عبر انقلاب عام 1963، واستولى والد بشار الأسد، حافظ الأسد، على السلطة فى انقلاب داخل الحزب عام 1970 وأصبح رئيسًا لسوريا فى عام 1971. ومع وفاة حافظ الأسد، أصبح بشار الأسد رئيسًا لنظام البعث عام 2000.
وعام 2011، شهدت سوريا ثورة شعبية طالبت بالحرية فى البلاد وتدخل النظام بعنف وبلا رحمة ضد الشعب السورى، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة والمتفجرات والتهجير والسلب، والعنف، ما أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص ودخول سوريا فى دوامة حرب داخلية.
بعد نزاع امتد أكثر من 13 عامًا، شهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية تغييرًا جذريًا تمثّل ببدء هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها، هجومًا واسعًا فى شمال سوريا، حلب ومناطق إدلب، تمت الأمور وفق مقولات لم تتغير، أن العمليات تمت بدعم أمريكى تركى فرنسى إسرائيلى، وهى حسابات أعلنت، دون تعليق، إلا من إسرائيل، وتركيا.
الحركة فى سياق المنطق السياسى، نجحت، احتوت أزمة سوريا، الحال مفتوح على ما سيكون من مواقف دولية تجلس فى مواجهة ظرف وحكم ومجلس انتقالى، مطلوب دعمة ليكتمل الإنجاز.
انتهى الخوف من شبح الأمن والشرطة فى العاصمة دمشق ويستطيع السورى أن يستوعب أن «هروب» بشار الأسد، حقيقة، بدأت فى 27 تشرين الثانى/نوفمبر، عندما أعلنت هيئة تحرير الشام إضافة إلى فصائل معارضة مسلحة حليفة لها، بدء هجوم على مناطق تسيطر عليها قوات النظام السورى فى شمال البلاد انطلاقًا من محافظة إدلب، شمال غرب، التى كانت مكمن أبرز معاقل للمعارضة. أسفرت المعارك عن مقتل 141 شخصًا فى يوم واحد، وفق المرصد السورى لحقوق الإنسان.
قطع الطريق
وفى 28 تشرين الثانى/نوفمبر، حققت الفصائل المعارضة تقدمًا ميدانيًا سريعًا نحو حلب، كبرى مدن شمال سوريا وثانى كبرى مدن البلاد. وتمكنت من قطع الطريق الرئيسى بينها وبين دمشق. وأعلن المرصد أن الفصائل قطعت «طريق دمشق-حلب الدولى «إم 5» عند بلدة الزربة فى ريف حلب، إضافة إلى السيطرة على عقدة الطريقين الدوليين إم 4 وإم 5 عند مدينة سراقب»، ما أدّى إلى توقّف الطريق الدولى عن العمل بعد سنوات من إعادة فتحه.
النتيجة، مع تسارع الأحداث، وصل المسلحون المعارضون فى 29 تشرين الثانى/نوفمبر إلى أبواب مدينة حلب بعد تقدم سريع فى ريف المحافظة التى تحمل الاسم نفسه، وسيطرتهم على أكثر من 50 قرية وبلدة.
.. وليس مستغربًا، متاهة الأيام الأولى، رد جيش النظام المدعوم من روسيا بشنّ غارات جوية على إدلب ومحيطها. وبينما أكد النظام العمل على صد هجوم الجماعات «الإرهابية»، دعته موسكو إلى «إعادة فرض النظام» فى ريف حلب بصورة «عاجلة».
استمرار التقدم
وفى 30 تشرين الثانى/نوفمبر، سيطرت فصائل المعارضة على معظم أحياء مدينة حلب، إضافة إلى مطارها الدولى والمبانى الرسمية والسجون. وشنّ الطيران الروسى غارات جوية كانت الأولى على المدينة منذ استعادة قوات النظام السيطرة عليها بالكامل فى العام 2016. وتقدمت المعارضة بشكل إضافى فى محافظة إدلب وسيطرت على مدينة سراقب.
خارج السيطرة
أصبحت مدينة حلب خارج سيطرة قوات النظام السورى بشكل كامل فى أول كانون الأول/ديسمبر، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع فى البلاد عام 2011، مع استحواذ هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها على كل أحيائها باستثناء الكردية منها.
توعّد الأسد باستخدام «القوة» للقضاء على «الإرهاب»، وفق ما أوردت الرئاسة، معتبرًا أن «الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة، وهى اللغة التى سنكسره ونقضى عليه بها أيًا كان داعموه ورعاتُه». وأسفرت ضربات روسية على إدلب عن مقتل ثمانية أشخاص، بحسب المرصد.
تأكيد الدعم
توازيًا مع هجوم هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها، تقدمت فصائل مسلحة مدعومة من تركيا للسيطرة على مدينة تل رفعت (شمال) وطرد القوات الكردية منها فى 2 كانون الأول/ديسمبر.
رأى الأسد أن الهجوم فى شمال سوريا محاولة «لتقسيم المنطقة.. وإعادة رسم خرائطها». وقال خلال اتصال مع نظيره الإيرانى مسعود بزشكيان، وفق ما أوردت الرئاسة السورية، «ما يحصل من تصعيد إرهابى يعكس أهدافًا بعيدة فى محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد»، مؤكدًا أن «التصعيد لن يزيد سوريا وجيشها إلا إصرارًا على المزيد من المواجهة».
بدورها، أكدت طهران وموسكو الدعم «غير المشروط» لدمشق. وقامت طائرات روسية وسورية بقصف مناطق تسيطر عليها المعارضة فى شمال غرب البلاد، ما أسفر عن مقتل 11 شخصًا على الأقل.
سقوط حماة
فى 5 كانون الأول/ديسمبر، سيطرت فصائل المعارضة على مدينة حماة (وسط)، حيث تم إسقاط تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد. وبدأ آلاف السكان بمغادرة حمص، ثالث كبرى مدن البلاد، فى ظل التقدم الذى تحققه الفصائل المسلحة، مع تجاوز حصيلة أسبوع من القصف والمعارك 700 قتيل، بحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان.
سقوط حمص
وفى 7 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت فصائل المعارضة أنها سيطرت على مدينة حمص الاستراتيجية، لتقترب بذلك من العاصمة، حيث قالت سلطات النظام إنها فرضت «طوقًا أمنيًا وعسكريًا قويًا».
اعتبر قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولانى أن السيطرة على حمص هى «الحدث التاريخى الذى سيفصل بين الحق والباطل»، وذلك بعيد إعلان الفصائل توغلها داخل أحياء المدينة لتمشيطها إثر انسحاب القوات الحكومية منها.
وشهد اليوم عينه إعلان الفصائل المعارضة أنها تقترب من دمشق، بينما فقدت القوات الحكومية السيطرة على محافظتى درعا والقنيطرة بجنوب البلاد.
دبلوماسيًا، اعتبرت موسكو أنه من غير المقبول أن تتولى «جماعة إرهابية» حكم سوريا، بينما شهدت العاصمة القطرية الدوحة اجتماعًا بين وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وتركيا للبحث فى تسارع الأحداث فى سوريا.
ومع تقدم ساعات الليل، أعلنت فصائل المعارضة أن قواتها بدأت بدخول دمشق.
فى الموازاة، أفاد مصدر مقرب من حزب الله اللبنانى أن الفصيل الحليف للأسد سحب عناصره من محيط دمشق وفى حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السورى.
*فى 8 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت فصائل المعارضة «هروب» الأسد، و«بدء عهد جديد» لسوريا، بعد دخول قواتها دمشق. وقالت «الطاغية بشار الأسد هرب... نعلن مدينة دمشق حرة».
*من جهته، أعلن رئيس الحكومة السورية محمد الجلالى استعداده لتسليم المؤسسات إلى أى «قيادة» يختارها الشعب. وأفاق سكان العاصمة على مظاهر ابتهاج مع إطلاق الرصاص فى الهواء احتفالًا لساعات، مترافقًا مع تكبيرات المساجد والهتافات والزغاريد، وأسقط جمع من السوريين تمثالًا للرئيس الراحل حافظ الأسد فى وسط دمشق.
*سقوط الأسد
وتلت المعارضة السورية، ممثلة بغرفة عمليات «فتح دمشق»، البيان رقم 1 على التليفزيون الرسمى السورى، معلنة سقوط النظام، بينما دعت للحفاظ على مؤسسات الدولة.
وأعلنت غرفة عمليات «ردع العدوان» فجر الأحد، «هروب الطاغية بشار الأسد»، واعتبرت أن «هذه اللحظة التى طالما انتظرها المهجرون والأسرى، لحظة العودة إلى الديار ولحظة الحرية بعد عقود من القهر والمعاناة»، داعية كل المهجرين من كل أنحاء العالم للعودة إلى سوريا الحرة.
وقالت: «نعلن دمشق حرة من الطاغية بشار الأسد»، مضيفةً أنه «بعد 50 عامًا من القهر تحت حكم البعث، و13 عامًا من الإجرام والطغيان والتهجير، وبعد كفاح ونضال طويل ومواجهة جميع أشكال قوى الاحتلال، نعلن اليوم نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا». وذكرت أن «فى سوريا الجديدة حيث يتعايش الجميع بسلام ويسود العدل ويقام الحق، حيث يعز فيها كل سورى وتصان كرامته، نطوى صفحة الماضى المظلم ونفتح أفقًا جديدًا للمستقبل».
*.. مفارقة: الجولانى والجلالى
بعد لحظات من سقوط النظام السورى، ووفق ترتيبات خرج رئيس الوزراء السورى السابق محمد الجلالى فى بيان مصور، أكد فيه أنه لم يغادر دمشق، وسيزاول عمله كالمعتاد اليوم الأحد، قائلًا: « أنا هنا فى منزلى، ولا أنوى مغادرته إلا بصورة سلمية، بحيث أضمن استمرار المؤسسات العامة ومؤسسات مرافق الدولة، وإشاعة الأمن والاطمئنان للمواطنين، وأتمنى أن يفكر الجميع بعقلانية ووطنية».
ودعا جميع السوريين إلى عدم المساس بالممتلكات العامة، لأنها ملك للسوريين، معربًا عن استعداده لتقديم أى مساعدة فى سبيل استمرار عمل المؤسسات الحكومية، وإدارة شئون البلاد فى الوقت الراهن، متمنيًا أن «يسود عهد جديد». وقال إن الحكومة منفتحة وتمد يدها لتسليم العمل الحكومى لحكومة انتقالية، بعد هذا المخاض السياسى المفاجئ الذى تمر به البلاد، مضيفًا أن يده ممدودة للمعارضين الذين مدوا أياديهم، وأكدوا أنهم لن يتعرضوا إلى أى إنسان من السوريين.
من جانبه، حذّر زعيم هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولانى فى بيان، من الاقتراب من المؤسسات العامة، لافتًا إلى أن تلك المؤسسات ستبقى تحت إشراف الجلالى حتى يتم تسليمها رسميًا، كما حذر من إطلاق الرصاص بالهواء.
.. حتما اختفى هرب، سقطت طائراته.
الصورة أن سوريا أنهت حكمًا عصيبًا، والغياب هروب
وحتى الآن، لا معلومات عن مكان تواجد الأسد.
.. ما يجرى من اتصالات وتنسيق عربى غربى، إسلامى، اممى، يؤكد ما نقلت «وول ستريت جورنال» عن مسئولين أمنيين سوريين قولهم إن الأسد غادر البلاد بالساعات الأولى من صباح الأحد، إلى وجهة غير معروفة، وكذلك نقلت وكالة «رويترز» عن مسئولين سوريين رفيعى المستوى، أن الأسد غادر دمشق نحو وجهة غير معلومة لأحد.
*ائتلاف المعارضة: نعمل لتسليم السلطة إلى «هيئة حكم انتقالية».
.. قد يكون القرار مرحليًا، فنحن أمام «لحظة فاصلة» أنهت حكم عائلة الأسد الذى امتد على أكثر من خمسة عقود.
قال ائتلاف المعارضة السورية، الأحد، إنه سيواصل العمل من أجل «إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة». وأضاف فى بيان: «انتقلت الثورة السورية العظيمة من مرحلة النضال لإسقاط نظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سوريا بناء سويًا يليق بتضحيات شعبها».
وفجر الأحد، أعلنت فصائل المعارضة السورية عبر التليفزيون السورى، سقوط نظام الأسد، وقالت فى بيان: «لقد تم تحرير دمشق وسقوط نظام الأسد». وفى 27 تشرين الثانى/نوفمبر، اندلعت اشتباكات بين قوات النظام السورى وفصائل معارضة، فى الريف الغربى لمحافظة حلب شمال البلاد انتهت بسقوط نظام حكم حزب البعث بعد أكثر من 60 عامًا.
الشعب السورى قال كلمته منذ اليوم الأول للثورة، ومضى فى درب تحرير الأرض والإنسان، حالمًا ببناء وطن الحرية والكرامة، وطن لكل السوريين، يسود فيه القانون، وينعم بالعدل والسلام.
أمميًا:
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن «آملًا حذرًا» بعد سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق، قائلًا إنها «لحظة فاصلة» أنهت حكم عائلة الأسد الذى امتد على أكثر من خمسة عقود. وقال بيدرسن فى بيان: «يمثل اليوم لحظة فاصلة فى تاريخ سوريا، وهى الأمة التى تحمّلت ما يقرب من 14 عامًا من المعاناة المستمرة والخسارة التى لا توصف» معربًا عن «تضامنه مع كل من تحملوا وطأة الموت والدمار والاعتقال وانتهاكات حقوق الإنسان التى لا تعد ولا تحصى». وأضاف: «لقد ترك هذا الفصل المظلم آثارًا عميقة، لكننا نتطلع اليوم بأمل حذر إلى فتح فصل جديد، فصل السلام والمصالحة والكرامة والإدماج لجميع السوريين».
ولفت بيدرسن إلى أن «التحديات التى تنتظرنا هائلة ونحن نسمع من ينتابه القلق والتوجس. ومع ذلك، فهذه لحظةٌ لاحتضان إمكانية التجديد. إن صمود الشعب السورى يفضى إلى مسار نحو سوريا موحدة وسلمية». وحض بيدرسن «جميع السوريين على إعطاء الأولوية للحوار والوحدة واحترام القانون الإنسانى الدولى وحقوق الإنسان فى سعيهم إلى إعادة بناء مجتمعهم». وأوضح أنه من أجل الوصول إلى ذلك، يجب «تحقيق الرغبة الواضحة التى عبر عنها ملايين السوريين فى وضع ترتيبات انتقالية مستقرة وشاملة، واستمرار المؤسسات السورية فى العمل».
وقال «اسمحوا لى أن أردد هذه التصريحات وأوجه نداءً إلى جميع الجهات المسلحة على الأرض للحفاظ على حسن السلوك والقانون والنظام وحماية المدنيين والحفاظ على المؤسسات العامة».
.. من جهته، أشاد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدى بـ«لحظات تاريخية» يعيشها السوريون مع سقوط النظام «الاستبدادى» الذى حكم البلاد نحو ربع قرن. معتبرًا أن «هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين».
بدوره، أكد الأردن أهمية الحفاظ على أمن واستقرار سوريا، ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن مصادر حكومية أنه «يجرى العمل على تعزيز حالة الأمن والاستقرار فى المنطقة».
*الخوف من دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى.
.. بين عشية وضحاها، برزت آلاعيب السفاح نتنياهو، الذى أعلن، اليوم، أنه قرر إنهاء العمل باتفاق فصل القوات.. ويأمر باحتلال جبل الشيخ بسوريا.
الحدث، يحرك مستقبل سوريا، اليوم التالى، الذى قد تنشط فية عديد الدول، مع غياب واضح لأى مساعى احتواء عربى على مستوى جامعة الدول العربية، أو إسلامى على مستوى منظمة التعاون الإسلامى، أو خليجى، على مستوى اتحاد التعاون الخليجى، وغالبًا ليس فى الاتحاد الإفريقى أو الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، أى حلول أو مقترحات تنقذ، أى تحولات سلبية فى سوريا.
بالعودة إلى قرار السفاح نتنياهو وحكومة التطرف التوراتية الإسرائيلية، فقد بدأ الجيش الإسرائيلى السيطرة الفعلية على موقع جبل الشيخ العسكرى السورى بعد أن غادرته قوات النظام، وبإيعاز من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذى اعتبر أن اتفاق فصل القوات الموقع مع النظام السورى، انهار بعد مغادرة جنود قوات النظام مواقعهم.
السفاح نتنياهو، خلال جولة فى هضبة الجولان المحتلة، اليوم الأحد، إن «هذا يوم تاريخى فى تاريخ الشرق الأوسط»، فى إشارة إلى سقوط نظام بشار الأسد، وأنه «لن نسمح لأى قوة معادية بالاستقرار عند حدودنا».
وأطلق نتنياهو تصريحاته لدى توقفه عند موقع مطل على الحدود السورية، وبرفقته وزير الأمن يسرائيل كاتس، ورئيس المجلس الإقليمى للمستوطنات فى الجولان أورى كلنر.
واستمع السفاح نتنياهو إلى تقرير قدمه قائد المنطقة الشمالية فى الجيش الإسرائيلى حول تطور الأحداث فى سوريت وحشد قوات فى الجولان المحتل، وحول «جهوزية وإجراءات قتالية لعمليات عسكرية مستقبلية»، حسب بيان مكتبه.
وقال نتنياهو إن «نظام الأسد حلقة مركزية فى محور الشر الإيرانى، وهذا النظام سقط. وهذه نتيجة مباشرة للضربات التى أنزلناها على إيران وحزب الله، الداعمين الأساسيين لنظام الأسد. وهذا أحدث رد فعل متسلسل فى أنحاء الشرق الأوسط من جانب الذين يريدون التحرر من نظام القمع والاستبداد هذا».
واعتبر نتنياهو أن «هذا ينشئ فرصًا جديدة لدولة إسرائيل. لكن هذا لا يخلو من المخاطر أيضًا. ونعمل أولًا من أجل الدفاع عن حدودنا. وسيطرت على هذه المنطقة قرابة 50 عامًا منطقة عازلة اتُفق عليها فى العام 1974، من خلال اتفاق فصل القوات. وهذا الاتفاق انهار، وجنود سوريا غادروا مواقعهم».
وأضاف «أوعزت، أمس، إلى الجيش الإسرائيلى بالسيطرة على المنطقة العازلة وعلى مواقع السيطرة القريبة منه. وفى موازاة ذلك، نعمل من أجل جيرة حسنة، كتلك الجيرة الحسنة التى نفذناه وننفذها هنا عندما أقمنا مستشفى ميدانيًا للعناية بآلاف السوريين الذين أصيبوا فى الحرب الأهلية. وقد وُلد مئات الأطفال السوريين هنا فى إسرائيل».
؛ *مَن يراقب إسرائيل اليوم.
المتغيرات سلبية فى الجولان وجبل العرب،
توغل الجيش الإسرائيلى عدة كيلو مترات داخل الجولان السورى وسيطر على موقع جبل الشيخ العسكرى السورى بعد أن غادرته قوات النظام، بحسب ما نقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن مصادر «مطلعة».
وذكرت الصحيفة أن «الجيش الإسرائيلى يسعى حاليًا لإنشاء منطقة عازلة لحماية المستوطنات فى الجولان» المحتل. وادعت المصادر أن «الهدف ليس التوغل فى الأراضى السورية والبقاء فيها بشكل دائم، بل استغلال الوضع لتعزيز أمن إسرائيل وحماية هضبة الجولان» المحتل.
والليلة الماضية، صادق الكابينت الإسرائيلى بالإجماع، على احتلال جبل الشيخ السورى فى الجولان المحرر، وإنشاء منطقة عازلة. ونقلت القناة «12» الإسرائيلية عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن «الجيش الإسرائيلى سيكون مسئولًا عن هذه المنطقة العازلة كذراع تنفيذية، تمامًا كما هو الحال فى لبنان».
وأفادت القناة بأن «اقتراح احتلال جبل الشيخ السورى قدمه وزير الأمن يسرائيل كاتس، بناءً على خطة وضعت بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلى».
كذلك وجه جيش الاحتلال، اليوم الأحد، تحذيرًا عاجلًا إلى السكان فى جنوب سوريا، يطلب منهم البقاء فى منازلهم وعدم الخروج حتى إشعار آخر.
وجاء فى نص البيان: «تحذير عاجل إلى السكان فى جنوب سوريا فى القرى والبلدات التالية: أوفانية، القنيطرة، الحميدية، الصمدانية الغربية، القحطانية. القتال داخل منطقتكم يجبر جيش الدفاع على التحرك ولا ننوى المساس بكم. من أجل سلامتكم عليكم البقاء فى منازلكم وعدم الخروج حتى إشعار آخر».
.. دمشق، تحتاج تحولًا فى المواقف من سنوات مضت مع قيادة آل الأسد، تحتاج تكاثف ووعى لمنع سوريا الغد، من تسوية صورة دمشق روح الياسمين.
العمل العربى والدولى والأمنى، يحتاج مصداقية، الرهان هنا على أدوار نوعية من مصر، الأردن، لبنان، ودول الخليج العربى.
.. وبات من الضرورى أن تنشط الآن جامعة الدول العربية لتأخذ بعضًا من غيابها، ففى الملف السورى كثير من الحلول.
ليس سرًا، من يعرف سوريا منذ عقود، يدرك لماذا تصيبنى الصدمة، والخوف، وعودة فتح مشاريع الغرب فى تقسيم المنطقة، والخرائط تبدأ من سوريا.
لقد صدمتنى فعلًا السرعة الهائلة التى انهار بها جيش سوريا، ولا أسف على الرئيس الأسد، فهو لم يكن على أجندة زعماء العالم، سوريا كانت الأجنة، فقد كان النظام يحظى بدعم محدود سلبى، لمصالح من روسيا وإيران، وحزب الله.
.. سوريا تستحق أكثر، الشعب السورى عندما خرج من بلده، غيّر لون العالم بثقافته وأناقته، امتزج مع العربى فى الأردن وفى مصر وفى أوروبا وكل العالم.
.. ما زلت أخاف على صورة دمشق وحلب وبردى.