سوريا تدخل بورصة الحرب الشاملة.. من أين ومن العدو؟
بورصة الحرب، فى بعدها الإقليمى، بين حرب غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، ولبنان، جنوب لبنان ووسط بيروت -عادت للاشتعال الليلة-، والحرب التى تحدث فى سوريا، كل ذلك ترجمة فورية لتحذيرات السفاح نتنياهو الرئيس السورى بشار الأسد من أنه يلعب بالنار.
.. ما يتم اللعب به هو مخطط جيوسياسى أمنى، متعدد الاتجاهات والتحديات، وما يحدث فى سوريا، كان محور تحليل صحيفة «إزفستيا» الروسية، التى ذكرت أن الهجوم الكبير على حلب منسقٌ بين الاستخبارات التركية والأوكرانية والفرنسية بدعم إسرائيلى وموافقة أمريكية.
الصحيفة الروسية قالت إن التخطيط تم قبل شهرين وأنه كان من المفترض أن يكون هذا الهجوم فى مارس المقبل، ولكن أحداث لبنان ساهمت بالاستعجال فيه.
*جبهة النصر والجيش السورى
ميدان بورصة الحرب، التى ألقت بظلالها على سوريا المنهكة، تتحرك وفق ترتيبات أعلنت عنها القيادة العامة للجيش السورى، بهدف عسكرى هو تنفيذ عملية إعادة انتشار بهدف تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص هجوم الإرهابيين الذين تقودهم جبهة النصرة والتحضير لهجوم مضاد عليهم، بعد دخولهم أجزاء من أحياء مدينة حلب، والمدن التى تجاورها.
.. إن هذه المواجهة، تحمل الكثير من العمليات العسكرية والأمنية، لمعالجة التطورات العسكرية المفاجئة الجارية فى سوريا وهى الأولى من نوعها بعد إخراج المسلحين من مدينة حلب عام 2016.
.. وفى تطور سياسى دولى، أفصحت الإدارة الأمريكية، من خلال موقفها المتأرجح ما يحدث، فقالت: نأمل من كل الدول المعنية (..) التى لديها نفوذ مع سوريا ممارسة ضغوط عليها للامتثال للقرار الأممى 2254.
.. ولفتت: نريد رؤية تقليص لعلاقات إيران مع سوريا.
تضارب المواقف، أعاد إلى الآذان العلاقات السرية بين سوريا وحزب الله، فقد رجحت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» اليوم الإثنين، أن حزب الله «لا ينوى حاليًا إرسال مقاتلين إلى شمال سوريا لدعم الجيش السورى هناك».
.. والأمر هنا، ربما يصح مع عودة إطلاق النار بين الحزب وجيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، الذى يبدو أنه سينسف اتفاق الهدنة الليلة، دون وضوح لأحداث قادمة.
*الصراع الإقليمى على الخريطة السورية
الصراعات الداخلية، بكونها الحرب فى الداخل السورى، تأتى نتيجة حتمية لغياب السياسة التى كان يفترض للدولة السورية، أن تعمل عليها لحل أزماتها الدامية.
الحروب والخلافات مع دول الجوار السورى، أهم عناصر الحرب التى عادت لتشتعل فى سوريا، وجانب مهم منها، مرتبط بالصراع الإقليمى على تقاسم مواقع نفوذ على الخريطة السورية، خصوصًا أن الدولة السورية تعانى من وهن شديد ومديد، وهى هنا رؤية الوزير اللبنانى على حمادة، الذى حلل الموقف استنادًا لتجارب مع سوريا منذ اندلاع الثورة السورية.
*السفاح نتنياهو يلعب فى النار الإقليمية.
ما يتداول فى دول المنطقة، وبعض المجتمع الدولى، أن مفهوم «كلمة السر»، كان أطلقها السفاح نتنياهو، مهددًا سوريا وقيادتها، حيث تحركت المجموعات المسلحة من ريف حلب الغربى وريف إدلب الشرقى بعملية واسعة جدًا من أجل تغيير خارطة التموضع الثابتة منذ عامين حتى الآن، فبعد ساعات من خطاب نتنياهو الأخير الذى أعلن من خلاله قبوله اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان والالتزام بالقرار1701، نفذت هيئة تحرير الشام ومجموعة من الفصائل الداعمة لها عملية عسكرية مباغتة وواسعة صباح الأربعاء باتجاه ريف حلب الغربى من محورين:
*الأول:
محور الأتارب أورم الكبرى باتجاه كفر طوم وهدفه قطع طريق حلب دمشق الدولى لمحاصرة مدينة حلب بالكامل.
* الثانى:
محور من الأتارب باتجاه قبان الجبل وعندان وحريتان، لقطع طريق إعزاز الواصل بين مدينتى نبل والزهراء وحلب، فى محاولة لفصل المدينتين عن حلب.
.. ومن المتداول عبر المصادر الإعلامية السورية المرصد السورى والإعلام الغربى والتركى، أن الجيش العربى السورى أعاد انتشاره عند الخط الدفاعى الثانى تبعًا لظروف المعركة حيث تعتبر هذه المناطق، حسب مصادر سورية، مناطق مفتوحة من أجل استيعاب الهجوم، وفصل التحام القوات فيما بينها إفساحًا المجال لسلاح الجو السورى الروسى وسلاح المدفعية والصواريخ، لتنفيذ رمايات دقيقة ضد تجمعات المسلحين، الذين سقط منهم عدد كبير بين قتيل وجريح، وتم استهداف معظم السيارات المدرعة التى كان يعتمد عليها هؤلاء من أجل تنفيذ خرق فى الخطوط الدفاعية للجيش العربى السورى والالتفاف عليه، مشيرة إلى أن هذه العملية ووفق المفهوم العسكرى يطلق عليها الدفاع المتحرك، حيث عمد الجيش السورى إلى عدم فتح معركة داخل مدينة حلب لكونها تحوى نحو خمسة ملايين مدنى، وقام بسحب المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنيّة والشرطية، وأعاد انتشاره فى ريف حلب الشمالى الشرقى.
.. فى هذا المسار، مصادر سورية قريبة من الحكومة السورية، أشارت إلى الدور التركى خاصة أن مسار المفاوضات مع الجانب السورى لا يزال متعثرًا كما صرح الجانب الروسى الضامن. ويبدو أن هذا الهجوم أتى حسب هذه المصادر بأوامر تركية وإسرائيلية، فتل أبيب تريد معاقبة سوريا على مواقفها من دعم حزب الله بإشغال الجيش العربى السورى بمعارك جانبية، وأنقرة تريد الضغط على الحكومة السورية لتحسين شروط تفاوضها معها ومحاولة تغيير الجغرافيا لمصلحتها، ولإجبار دمشق على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروطها، وكانت سوريا طالبت بإعادة بناء الثقة المفقودة مع الجانب التركى من خلال وضع جدول زمنى للانسحاب من الأراضى السورية، لكن الجانب التركى لم يتخذ أى إجراءات عملية بهذا الخصوص.
هنا نتوقف عند نقطة أمنية، عن خروقات القنيطرة فهى لم تحدث، حسب هذه المصادر، وما قام به الإسرائيلى يتمثل بحفر خندق طويل بعمق 20 مترًا فى بعض المناطق خلف الخط الأزرق بحجة أنه يريد البحث عن أنفاق خوفًا من تسلل مقاومين لأراضى الجولان العربى السورى.
كما أن الجيش السورى يقوم بقطع خطوط الإمداد عن الإرهابيين وضرب مراكز القيادة والسيطرة ومخازن السلاح والذخيرة فى إدلب، ويعيد تجميع قواته مع حلفائه لتنفيذ الهجوم المضاد الذى تعهد به بيان وزارة الدفاع السورية، مع تأكيد المصادر أن سوريا تتلقى دعمًا عربيًا كبيرًا فى هذه العملية لأول مرة منذ عام 2011 وتظهر بشكل واضح فى مواقف عربية ودولية تسعى لدعم سوريا فى محاربة الإرهاب والتطرف، برغم ظهور إيرانى، تدعى دعم سوريا، وتأتى فى تنسيق الجهود الإيرانية- السورية وانتقاله إلى أنقرة من أجل وضع الأتراك أمام مسئولياتهم وإبلاغهم بقرار الحكومة السورية بأن الجيش لن يتوقف حتى يصل إلى الحدود وفق قاعدة المعاملة بالمثل، أى أنه بما أن المجموعات المسلحة الإرهابية خرقت تفاهمات استانا وسوتشى، يحق للجيش العربى السورى عدم الالتزام بهذه التفاهمات، على أن تبدأ العملية البرية قريبًا للقضاء عليها فى شمال غرب.
يأتى ذلك فى مساعٍ أمنية، إذ دعا مجلس الأمن الدولى لعقد اجتماع عاجل مساء يوم الثلاثاء، بناء على طلب دمشق بشأن الهجوم الإرهابى على شمال غرب سوريا - البعثة الروسية.
اجتماع مجلس الأمن يتقاطع مع تدخل إيرانى روسى مع سوريا، إذ قال مسئول إيرانى كبير لـ«رويترز» إن إيران تراقب التطورات عن كثب وهى مستعدة لمساعدة الحكومة السورية بأى طريقة ممكنة، لكن طهران ليس لديها خطط حالية لتقديم الدعم العسكرى، بما فى ذلك نشر أفراد عسكريين على الأرض.
*حرب المسيّرات تدخل الأجواء السورية
حسب وكالة الأنباء السورية، سانا: فقد قامت الدفاعات الجوية السورية للتصدى لعدد المسيّرات المعادية فى سماء حمص، مؤكدة مقتل عشرات الإرهابيين خلال الساعات القليلة الماضية نتيجة ضربات الطيران السورى الروسى المشترك على تجمعاتهم وأرتالهم فى أرياف حماة وإدلب وتدمير عتادهم وآلياتهم.
وإن وحدات من قواتنا المسلحة تخوض اشتباكات عنيفة على محاور القتال بمواجهة التنظيمات الإرهابية فى ريف حماة الشمالى بالتزامن مع غارات مكثفة يشنها الطيران الحربى السورى الروسى المشترك، مستهدفًا تجمعات الإرهابيين ومحاور تحركهم، موقعًا فى صفوفهم خسائر فادحة فى العتاد والأرواح.
.. ونقلت سانا أن: الجيش السورى ينجح فى صد الهجوم الإرهابى ويحرر كامل البلدات والقرى الواقعة على طريق محردة السقيلبية من سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة، وهى كرناز وتل ملح والجلمة والجبين وحيالين والشيخ حديد.
*سقوط حلب أو الحرب التى تنتهى
كشفت الأحداث التى تعصف منذ بضعة أيام بسوريا عن هشاشة الوضع الذى كان قائمًا فى سوريا منذ أن توقف القتال بمعظمه قبل أربع سنوات.
هنا رؤية الوزير اللبنانى على حمادة الذى كتب فى صحيفة النهار البيروتية، فقال:
*أولًا:
الأرض السورية تعانى من أربعة احتلالات على الأرض: إيرانية، تركية، روسية، وأمريكية، تتقاسم الجغرافيا السياسية للبلاد، فضلًا عن «احتلال جوى» إسرائيلى يحتل السماء كلها.
*ثانيًا:
الرئيس بشار الأسد أعلن أكثر من مرة أنه انتصر فى الحرب التى اشتعلت عام 2011، فإن مسار الحل السياسى لم ينطلق. فقد اكتفى الأسد بتثبيت الوضع لمصلحة بقائه، ومعه الدعم الروسى والإيرانى، ولم يحاول أن يخطو خطوة واحدة فى اتجاه الحل الشامل الذى تحددت أطره بوضوح منذ أكثر ما يقارب العقد من الزمن.
*ثالثًا:
القرار الدولى رقم 2254 بقى أساسًا متينًا لحل شامل. ومنصة آستانا التى أكدت وحدة الأراضى السورية، والحل السياسى السلمى للأزمة السورية، لم تغيّر من حقيقة أن الحل الشامل يحتاج، إضافة إلى خريطة طريق لإنهاء الاحتلالات الخمسة، إلى الاستناد إلى القرار 2254 لإدارة مرحلة التغيير السياسى الذى تحتاجه سوريا كضامن لأى مسار أمنى يعيد الاستقرار إلى البلاد، ومسار إعمار ملازم لمشروع إعادة النازحين واللاجئين إلى أرضهم.
*رابعًا:
كانت الورقة العربية التى سلمها وزراء الخارجية العرب بنهاية 2023 إلى القيادة السورية متضمنة مجموعة شروط بديهية اعتبرتها الأسرة العربية أزمة من أجل استكمال تطبيع العلاقات، وأيضًا من أجل إخراج دمشق من الحروب التى لا تنتهى.
*خامسًا:
كان اجتياح محافظتى حلب وإدلب وصولًا إلى حدود مدينة حماة بالشكل الذى رأيناه نتيجة لعوامل عدة تقاطعت، تراوحت بين انعكاسات ضربة «حزب الله» فى لبنان، والضغط الشديد على التمدد الإيرانى فى سوريا ولبنان، وانشغال روسيا بحربها فى أوكرانيا، وبين تردى علاقات حكومة دمشق وتركيا، وتفاقم أزمة النازحين واللاجئين بين إدلب وتركيا، وانسداد كل المسارات السياسية وسط عجز أو امتناع دمشق عن إطلاق مبادرات جدية نحو الداخل أو الخارج.
*سادسًا:
قد تتوقف هذه الجولة من القتال وتدخل ضمن تصنيف الحروب الموسمية أو التذكيرية فى حرب قد تمتد لعقود طويلة، لكن ستبقى المشكلة قائمة، بما يؤكد أن سوريا مستمرة ساحة خصبة لحروب الآخرين ولانعدام الحلول السياسية الداخلية.
*بعد هجوم هيئة تحرير الشام.. الصورة ضبابية.
بعد هجوم بدأ قبل ما يقارب أسبوع فعلى، وربما تحضيرات زادت عن أشهر، استولت فيه فصائل مسلحة بقيادة تحرير الشام على أراض سورية ودخولها مدينة حلب، وبعد توجيه السفاح بنيامين نتنياهو تحذيرًا للرئيس السورى بشار الأسد، مؤكدا أنه «يلعب بالنار».
*الخريطة السورية لحدود جديدة فى مناطق النفوذ
ترتسم فى الخريطة السورية حدود جديدة لمناطق النفوذ، وإن كان بشكل غير نهائى، بانتظار ما ستسفر عنه التطورات الميدانية والاتصالات الديبلوماسية بين دمشق وعواصم عربية وإقليمية، والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى.
ما سميت بمعركة «ردع العدوان» فقدت زخمها عند حدود مدينة حماة التى صدت محاولات التسلل إليها سريعًا وبحزم، خلافًا لما حصل فى مدينة حلب، استمرت فى الاندفاع فى ريف حلب الجنوبى، حيث سيطرت على بلدة خناصر لتغلق الطريق بين حلب وحماة.
وعلى الأرجح، تقول تسريبات سياسية وأمنية، سيتوقف زخم الهجوم عند هذه البلدة من هذا المحور؛ لأن التقدم أكثر يعنى أن يصطدم المهاجمون مع مناطق من بيئة طائفية مختلفة.
وتمكنت، حسب معلومات تناقلتها الصحف العربية نقلًا، عن مصادر غربية (..) استطاعت فصائل «الجيش الوطنى السورى»، الممول من تركيا، من السيطرة على المدينة الصناعية فى منطقة النجار وبلدة السفيرة ذات الأهمية الاستراتيجية، وذلك ضمن معركة أعلنتها تحت شعار «فجر الحرية»، ونجحت كذلك فى إغلاق طريق الرقة - حلب، ما يعنى أن الكانتون الكردى فى منبج وبعض النقاط الأخرى فى تل رفعت ومحيطها انفصل عمليًا عن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) فى شرق نهر الفرات. لكن القوات الكردية كانت لها حصة من بعض أحياء حلب كالأشرفية وبنى زيد والسريان، كما أن قطع الطريق سيخلق صعوبات أمام دمشق فى الوصول إلى مناطق سيطرتها فى دير الزور والحسكة والرقة.
ذات المصادر، تقول إن الجيش السورى الذى على ما يبدو خسر آخر نقاط كان لا يزال يتمركز فيها داخل مدينة حلب حتى صباح الأحد، وهى الأكاديمية العسكرية وكلية المدفعية وكلية التسليح والكلية الفنية الجوية، وسط غياب المعلومات عن مصير كوادر هذه الكليات، تمكن من استعادة زمام الأمور فى ريف حماة، حيث طرد المهاجمين من بعض المناطق بعد ساعات فقط من سيطرتهم عليها، مثل قلعة المضيق ومعردس وحلفايا.
ما يتردد أن العاصمة السورية دمشق، فوجئت بطبيعة الهجوم ومداه، عملت خلال الأيام الماضية على تأمين مظلة عربية وإقليمية شملت الاتصال بالسعودية والإمارات والعراق والأردن ومصر وإيران، بالإضافة إلى اجتماع الرئيس السورى بشار الأسد مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين فى موسكو الجمعة، لإضفاء نوع من الشرعية على أى هجوم معاكس يقوم به الجيش.
*دمشق طلبت من روسيا وإيران الضغط على تركيا
فى نفس الاتجاه، قالت صحيفة «النهار» إن دمشق طلبت من روسيا وإيران الضغط على تركيا لدفعها إلى الالتزام بمقررات أستانا وبنود التفاهمات الثنائية، محاولة الإيحاء بأن انسحابها من مدينة حلب لم يكن من قبيل الضعف بل تجنبًا لتدمير المدينة من جديد، وأنها تتوقع أن تستعيد المدينة بالحالة التى انسحبت منها.
ومن المرجح أن الجيش السورى لن يحاول استعادة حلب عبر عملية عسكرية، بل سوف يطرق أبواب الديبلوماسية بسبب أهمية المدينة الاستراتيجية وخشية أن يتسبب فتح معركة فيها بانتقال عدوى المواجهات إلى مناطق أخرى، وهو ما بدأت إرهاصاته تظهر فى مدينة درعا التى شهدت أكثر من هجوم على حواجز الجيش، وكذلك فى ريف اللاذقية، حيث اعتقل الجيش خلية نائمة كانت تسعى للقيام بعمليات أمنية للتسبب بالفوضى وبث روح الخوف.
.. وتنقل النهار عن مصادرها فى المعارضة السورية، إشارات سياسية وأمنية عن انطلاق معركتين، واحدة بمسمى «ردع العدوان» والثانية «فجر الحرية»، فى توقيت متقارب، إلى وجود حالة من التنافس بين جناحين، الأول تمثله «هيئة تحرير الشام»، والثانى يمثله «الجيش الوطنى السورى».
وبرغم أن ذلك يزيد من حدة الضغوط العسكرية على الجيش السورى، إلا أنه يؤشر إلى رغبة تركيا فى التمايز عن «هيئة تحرير الشام» المصنفة على قوائم الإرهاب الدولية. وأنقرة التى لم تتخذ موقفًا واضحًا من تمدد الهيئة، مكتفية بالقول إنها تراقب الوضع معبرة عن قلقها من تصاعد التوتر ومستنكرة قصف إدلب، لا تتوانى عن التعبير عن دعمها لعملية «فجر الحرية» وأنها تستهدف منع القوات الكردية من استغلال التطورات للتوسع فى المنطقة وفرض أمر واقع جديد.
*الموقف الأمريكى يتجدد
فى صلب الأحداث، الولايات المتحدة ستجد نفسها مضطرة للتدخل فى مجريات الأحداث فى منطقة عمليات «فجر الحرية» لأنها تستهدف مناطق حلفائها فى قوات «قسد»، كما أن تركيا لا تخفى رغبتها منذ سنوات فى السيطرة على تل رفعت ومنبج التى كانت محل تفاهم ثنائى تركى - أمريكى أواخر عام 2019. وتتهم أنقرة واشنطن بعدم الإيفاء بتعهداتها بموجب هذا التفاهم الذى يتضمن إخلاء عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، وهو موقف نتيجة تقيمات البنتاجون والإدارة الأمريكية؛ ذلك أن سقوط حلب لم يعد خلط أوراق المشهد السورى فحسب، بل أعاد الأراضى السورية ساحة صراع إقليمية ودولية. وستحاول كل دولة أن تستغل انفجار المشهد السورى للترويج لأهدافها الخاصة، فواشنطن وإسرائيل تراقبان مدى تأثير الهجوم على نفوذ إيران وانتشارها فى سوريا، فيما تراقب تركيا مساعى قوات «قسد» لاستغلال الوضع للتوسع أكثر، بينما تهتم كلًا من موسكو وطهران بعدم تأثير ما يحصل على بقاء النظام السورى مع محاولة الحفاظ على المنصات السياسية التى أُنشئت لحل القضية السورية مثل مسار أستانا واللجنة الدستورية، ومراقبة انعكاس ذلك على إمكان التطبيع بين دمشق وأنقرة.
* كتيبة مسيّرات لـ«هيئة تحرير الشام»
السياسى المحلل السورى، عبدالله سليمان، كتب فى النهار، كاشفًا عن كتيبة مسيّرات لـ«هيئة تحرير الشام» فى الهجوم على الجيش السورى بحلب.
.. وقال فى المعلومات التى كشفها، إنه كان تنظيم «داعش» إبان سيطرته على مناطق واسعة فى سوريا والعراق بين عامى 2013و2019، أول تنظيم مصنف إرهابيًا يسعى لامتلاك سلاح المسيّرات. وقد تمكن من تصنيع طائرات بدائية استخدمها فى بعض معاركه بالفعل. وكان لديه طموح لتزويد طائراته بمحرك نفّاث لزيادة سرعتها ومداها، غير أن خسارته الميدانية أجهضت هذا الطموح.
.. مؤكدًا أن مجريات معركة «ردع العدوان» التى أطلقتها «هيئة تحرير الشام» فى مناطق شمال سوريا، كشفت عن امتلاك الأخيرة كتيبة كاملة مختصة بإطلاق المسيرات تحمل اسم «كتيبة الشاهين»، لتكون بذلك أول تنظيم مسلح مصنف على قوائم الإرهاب العالمية بموجب قرار من الأمم المتحدة، يمتلك مثل هذا الاختصاص العسكرى الذى يعتبر الهاجس الرئيسى لدى معظم جيوش العالم؛ بسبب عدم وجود سلاح فعّال مضاد له.
ويثير هذا التطور مخاوف من مدى امتلاك فصائل مسلحة أخرى تنتشر فى مناطق واسعة من سوريا، سواء تلك التى تنتمى إلى ما يسمى «الجيش الوطنى السورى» الممول من قبل تركيا، أم تلك التى تتبع «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، مثل هذه التقنيات العسكرية، وسط تصاعد حالة التوتر فى سوريا نتيجة عوامل داخلية وخارجية مختلفة.
المحلل سليمان ذكر أن «إدارة العمليات العسكرية» نشرت فى اليوم الأول من المعركة، مقطعًا مصورًا لما سمته “كتائب الشاهين” المسئولة عن استخدام سلاح المسيّرات خلال العملية، وهذه المرة الأولى تعلن فيها الفصائل العاملة فى إدلب بشكل رسمى استخدامها طائرات دون طيار فى أعمال عسكرية هجومية، غير الرصد.
وليست هناك معلومات دقيقة حتى الآن عن مدى تطور المسيرات التى استخدمتها غرفة عمليات «الفتح المبين» بقيادة «هيئة تحرير الشام» فى المعركة، غير أن ما اتضح من المقاطع المنشورة أن معظم هذه الطائرات هى من الأنواع التجارية التى جرى تعديلها لتناسب الاستخدام العسكرى. بعضها أطلق بدفع أولى من عنصر، وبعضها تم إطلاقه من خلال منصة جاهزة. وكانت وكالة “سبوتنيك” الروسيّة نشرت عام2021 تقريرًا يشير إلى أن “هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة” تمكنتا من استقدام أكثر من 500 طائرة مسيّرة متوسطة الحجم، عن طريق أحد الوسطاء المحليين استطاع إدخالها إلى المحافظة عبر الحدود التركيّة بالتعاون مع تجّار أتراك.
ونشرت بعض المواقع السورية المعارضة خبرًا أفاد بتمكّن إحدى مسيرات «شاهين» من تدمير مروحية للجيش السورى فى مطار النيرب قبل إقلاعها. ويتداول العديد من النشطاء السوريين المعارضين المقاطع التى تظهر هجمات «شاهين» فى مواقع التواصل الاجتماعى تحت شعار «أينما كنتم نصل إليكم».
ورغم أن دخول المسيرات كاختصاص مستقل ضمن التشكيلات العسكرية التى تقودها «هيئة تحرير الشام» يعتبر تطورًا خطيرًا يتجاوز الحدود السورية، لا يمكن اعتباره مفاجئًا أو غير متوقع، لا سيما مع ورود معلومات كثيرة خلال السنوات الماضية تفيد بامتلاك الهيئة أنواعًا متطورة من المسيرات. وأصبح هذا الاحتمال واردًا مع الشكوك التى حامت أخيرًا حول العلاقة بين «هيئة تحرير الشام» وأوكرانيا وكانت موضع اتهامات من روسيا التى أشارت إلى أن المسيرات تشكل جوهر التعاون بين الطرفين، وكشفت وكالات روسية عن تلقى الهيئة 250 طائرة مسيرة متطورة مقابل إرسال مقاتلين إلى أوكرانيا.
وأعلنت قيادة القوات الروسية فى سوريا أكثر من مرة خلال الأعوام السابقة تصديها لأسراب من الطائرات المسيرة التى حاولت استهداف قاعدة حميميم الساحلية، غير أن الأنظار لم تلتفت بجدية إلى خطورة هذا السلاح إلا عند ضرب الكلية العسكرية فى حمص فى 5 أكتوبر من العام الماضى، أى قبل يومين فقط من عملية «طوفان الأقصى»، حيث سقط عشرات الضحايا والمصابين أثناء حفل تخريج ضباط.
ويعتبر مصنع البيضا فى ريف اللاذقية أول مصنع للمسيرات فى سوريا يجرى الكشف عنه فى فبراير الماضى. ويتبع المصنع لـ«هيئة تحرير الشام» التى أقامته فى مبنى مدرسة قرية البيضا. ومعظم المهندسين والخبراء العاملين فى المصنع هم من الأيغور «الحزب الإسلامى التركستانى الذى يتكون من جهاديين قدموا من الصين واستوطنوا أرياف اللاذقية وإدلب». ويشرف هؤلاء على تصنيع المسيرات لقاء أجر شهرى قد يصل إلى 4000 دولار أمريكى. وتربط الحزب الإسلامى التركستانى علاقة تحالف قوية مع «هيئة تحرير الشام»، بل تذهب بعض التسريبات إلى القول بأن قيادة الحزب بايعت أبا محمد الجولانى زعيم الهيئة سرًا. وأثناء معاركه مع الفصائل المسلحة فى إدلب حارب الحزب الإسلامى التركستانى إلى جانب الجولانى وأنقذه من الهزيمة أكثر من مرة.
وبدأت «هيئة تحرير الشام» منذ عام 2021 تاريخ الصفقة التى تحدثت عنها سبوتنيك، بتدريبِ جيش من قائدى الطائرات المسيّرة والمفخخة بمواد شديدة الانفجار، لتكون قادرة على استهداف تجمعات النظام وأسلحته الثقيلة وغرف عملياته، عبر الانقضاض السريع على هذه الأهداف، وفق تقرير نشره تليفزيون سوريا المعارض فى حينه.
ويُعتقد أن الهيئة وصلت إلى مراحل متقدمة من تطوير الطائرات المسيرة التجارية إلى طائرات عسكرية قادرة على حمل متفجرات لضرب مواقع حساسة بشكل فعال، والقيام بعمليات رصد وجمع المعطيات. وأشارت بعض التقارير الإعلامية المعارضة، بعضها منشور الشهر الماضى، إلى أن الهيئة أصبحت تنافس الجيش النظامى فى مجال المسيرات، وتسعى لامتلاك قدرات وأسراب متطورة وفعالة عسكريًا، لتكون فى المستقبل أداة مهمة فى عملياتها العسكرية، وهو ما ظهر خلال المعركة الأخيرة.
وليست «هيئة تحرير الشام» وحدها من اتجهت إلى استخدام المسيرات وتضمينها فى برامج تدريباتها العسكرية، بل إن معظم الفصائل المسلحة المنتشرة فى سوريا بات لديها مثل هذا الاتجاه، وهو ما رصده موقع «عنب بلدي» المعارض فى تقرير نشر، وذكر أن فصائل عسكرية فى شمال غربى سوريا انتقلت من استخدام المسيرات للرصد إلى تنفيذ هجمات ضد مواقع قوات سوريا الديموقراطية «قسد» وقوات النظام السورى.
وظهر استخدام فصائل “الجيش الوطنى السورى” المسيرات للمرة الأولى فى 20 أغسطس الماضى، فى صور نشرتها وزارة الدفاع التابعة لـ«الحكومة الموقتة» لتدريبات على المسيرات الانتحارية.
*شمال غرب سوريا.. احتمالات التصعيد والتهدئة
قبل حوالى أقل من ثلاثة أسابيع، نشرت الباحثة «ندى أسود» والمحللة السياسية «ناز حمى» دراسة عن التصعيد فى مناطق شمال غرب سوريا الهجمات، وحالة العمل العسكرى وسط من القلق على مصير الهدوء النسبى الذى حقّقته التفاهمات الدولية فى سوتشى ومحادثات أستانا. ومع التعثر الواضح فى مسار مفاوضات المصالحة والتطبيع الذى ترعاه موسكو ودمشق، تتبدد غموض مستقبل منطقة شمال غرب سوريا، حيث تصوره متباينة بين تصعيد عسكرى أو تجميد الوضع الجزئى انتظارًا لأية أسئلة تسويقية سياسية مقبلة، لا ضوء فى التوجهات التى سترسمها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى السنوات الأربع الأخيرة من ولايته والأخيرة الثانية.
وترى الدراسة أن روسيا وتركيا وإيران أطلقت عام 2017 محادثات أستانا بهدف الوصول إلى تحقيقات الهدف إلى المنطقة فى سوريا، وهو ما أفضى إلى حدوث إنشاء مناطق خفض التصعيد، والتى شكلت خطوة مبدئية نحو تقليل المقاطعة الكبرى بين المعارضة ودمشق العسكرية وفائهما. عام 2018، حدث عزّز سوتشى جهود التهدئة، إذ تم التوافق بين روسيا وتركيا على إنشاء منطقة منزوعة الأسلحة فى وقت لاحق، مع سحب المعدات الأساسية لدوريات التعاون. وركّز هذا الجبر على التصعيد العسكرى فى آخر معاقل المعارضة. لكن على الرغم من ذلك، تواجه التحديات التكيف المستمر، حيث تتجدد الجبالات بين فترة وأخرى، ما يؤدى إلى عرقلة استدامة وتعمد إلى حياة المستهلكين.
وحسب نتائج الدراسة، أدّت تحديد تفاهمات الدول الثلاث وبالتحديد تحديد برازيلية وتركيا وعبر مسار أستانا المستمر حتى تاريخنا هذا، إلى تحقيق حالة الهدوء النسبى، ولكن فى عام 2020 تشهد منطقة خسارة تركيا فرصة كبيرة فى مصير حركة التجارة والنقل فى الطريق الدولى بين دمشق ويحقق M5 وخسارة روسيا من اللحظة الأخيرة من تحويله إلى إنجاز سياسى واقتصادى. مؤقتًا، وقف هذه الهدوءات إلى حد تخفيف النزاع حتى الآن، وتوفير الحماية لبعض الوقت فى بعض المناطق، وتهدئة الجبهات لجميع دمشق وحلفائها، وتأثير تركيا فى شمال غرب سوريا على طرقها التجارية وبعد مناقشة الأسباب والتفسيرات، بشكل مستمر، على الرغم من استمرار الخروقات من تم تحديده. العمليات العسكرية العسكرية فى الآونة الأخيرة، تراجعت وتيرة العمليات العسكرية فى أرياف، وبعدها تحسنت دمشق وتحالفت من قصفهم لمواقع المعارضة، واستُخدمت طائرات المُسيّرة فى استهداف مناطق متعددة من مناطق شرق دمشق، فيما يبدو أنها تستهدف “هيئة تحرير الشام”. من المهم أن نستوعب ما فى القراءات السياسية من دلالات أمنية، وقد يصل هذا التوسع إلى منطقة الآلاف من القرى من 37 قرية فى ريف حلب الغربى وريف الشرقى والجنوبى، خلال 48 ساعة نزح 1800 شخص كلهم من النساء. وبالتزامن مع هذا التصعيد صرّحت فصائل المعارضة المسلحة فى غرفة عمليات الفتح المبين عن جاهزيتها العسكرية لمواجهة أى مهتم من قبل قوات دمشق وحلفائها، لا سيما أن الأخيرة عزّزت وحداتها العسكرية فى مختلف المناطق. حيث تأتى هذه الاستعدادات والتكهنات عن عملية عسكرية فى شمال غرب سوريا، بل ذهب البعض للحديث عما أسموها «معركة حلب»، وسط حديث عن إعادة انتشار وتموضع القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها، لا سيما حزب الله على طول الأراضى السورية، بفعل تكثيف الاستهداف الإسرائيلى المركز لهذه القوات، ما قد يُشجّع أطرافًا سورية ودولية فاعلة فى سوريا على إعادة ترتيب أولوياتها على الأرض. يتطلب تحديد مسار مستقبل شمال غرب سوريا تحليلًا متأنيًا من جميع الأطراف المتنازعة، لا سيما فى ضوء ما يُمكن أن يحمله فوز ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية من فرص ومخاطر وتحولات قد تخدم مصالح بعض الأطراف على حساب أطراف أخرى. الميدان، الآن أداة ضغط سياسى: هل سنشهد فى الأيام المقبلة معركة فى شمال غرب سوريا أم أنها مجرد تهديدات وتكهنات، ومن سيكون المستفيد؟
هذا ما حدث بعد سؤال الدراسة الواقعى: تسعى تركيا بشكل متزايد للتطبيع مع دمشق، حيث أبدت استعدادها عبر تصريحات رسمية ورسائل ترسلها بين الحين والآخر بإعادة بناء علاقاتها مع دمشق. كما ظهرت مؤشرات إيجابية من طرف دمشق فى البداية، إذ أدلى الرئيس السورى بشار الأسد فى مجلس الشعب الجديد بتصريحات لافتة للانتباه تؤكد دخول سوريا مرحلة التغيير وحاجتها إلى أدوات جديدة تتطلب تغييرًا فى السياسات وكسر حالة الاستعصاء والانطلاق إلى آليات تفكير جديدة، والبدء بالعمل بالخيارات الصعبة وفتح الباب أمام اللقاء مع الأتراك والتراجع عن الشروط المسبقة، وأن لا عداء دائمًا فى عالم السياسة، وقد عزّز الوسطاء الروس هذه الإشارات الإيجابية بين الجانبين السورى والتركى. لكن ما لبثت دمشق أن تراجعت عن موقفها بإعلان تمسكها بشروط ترى أنها أساسية قبل الحديث عن أى خطوات سياسية نحو التطبيع، وأبرزها انسحاب القوات التركية من الأراضى السورية وضمان السيادة السورية، مُقلّلة من مصداقية أنقرة حيال ما تُصرّح به بعدم رغبتها فى أن تبقى جنودها على أرض سوريا، لكن شريطة وجود ضمانات لحماية أمن حدودها الجنوبية مع سوريا والوصول إلى «اتفاقية أضنة المعدلة»، إلا أن تركيا تجاهلت الشروط السورية، مُتسلحة بإحباط موسكو من موقف دمشق المتشدد تجاه عقد القمة التركية السورية. فى هذا السياق، ربما تكون رسالة أنقرة لدمشق، قبيل أستانا المقبل تتمثل فى التلويح باستخدام القوة عبر عملية عسكرية من قبل الفصائل المعارضة لاستعادة السيطرة على بعض المناطق كسراقب وغيرها بل ربما يتسع الأمر للوصول إلى مدينة حلب الاستراتيجية، ما يُعزّز من قوة الموقف التفاوضى التركى، بالتالى ممارسة المزيد من الضغط على دمشق للتطبيع حيث تشهد الأخيرة تراجعًا فى قواتها العسكرية لا سيما فى ظل تقييد حركة أهم حلفائها على الأرض، أى إيران وحزب الله، فضلًا عن رسائل عربية وغربية وصلت إلى دمشق وتتصل تحديدًا بتحييد أصول الدولة السورية عن دعم أى عمليات نقل أسلحة ومسلحين على خط طهران ـ دمشق وصولًا إلى بيروت. وفى الوقت ذاته، تستمر أنقرة فى محاولاتها الدبلوماسية فى انتظار دور روسى حاسم يُفضى إلى ترتيب اللقاء الموعود بين رجب طيب أردوغان وبشار الأسد، نظرًا للعلاقات الجيدة التى تربط موسكو بالرئيسين وبكلا البلدين ودورها فى تهدئة التوترات الإقليمية.. وما حدث، بعد سقوط حلب، قلب كل التوازنات ووضع سوريا فى بورصة الحرب وتجدد الأزمة إلى أفق غير منظور.
وفى الواقع العملى: تعد «معركة حلب» تحديدًا من قبل فصائل المعارضة السورية ستاتيكو الاستقرار النسبى تتباين المصالح فيها مع الخسائر؛ ذلك أن ما بين «أنقرة وهيئة تحرير الشام» مؤشرات سياسية وأمنية وعسكرية، شكلت الدعوة لعملية عسكرية فى شمال غرب سوريا والحديث عن معركة حلب هى مجرد تلويحات من قبل هيئة تحرير الشام، تسعى الأخيرة من خلالها إلى تحسين موقفها التفاوضى مع كل من دمشق وأنقرة، خصوصًا أن التكهنات تؤكد أن التطبيع بين دمشق وأنقرة قادم مهما تأخر، وقد تضطر تركيا للتضحية بـ«الهيئة» للوصول إليه. ومن هنا، ربما تحاول «الهيئة» إلغاء ضعف النظام السورى والتحالف السورى الذى يقوم ببعض المكاسب فى هذا الشأن. غير أن الهيئة تفتقد للتقرير الشرعى والدعم اللوجستى إذ لم يتم السيطرة، وزيادة احتمالية التصعيد العسكرى فى المنطقة بل تُشير بعض التقديرات إلى أنها عمل يتعارض مع حقيقة اعتراف الوقت فى الوقت الراهن؛ فبالأمس القريب لم يكتمل إلا إعادة فتح “معبر أبو الزندين” أمام الحالات الإنسانية بعد أن تعّرفته سابقًا بسبب قدوات من قبل بعض الفصائل المعارضة، من عسكرى ومدنية، كما ترى مؤكد أن تجميد الوضع والتوافق مع تفاهمات أستانا تحرر هو كامل ريثما تكتشف معالم المرحلة القادمة. ومعرفة ما هى آلية الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان لا سيما فى ضوء نتائج الانتخابات الأمريكية، كما أن أى تصعيد عسكرى فى المنطقة اليوم سيؤدى إلى بلدان الغرب الكبرى للمدنيين وفترات الحدود الشمالية الأكثر أمانًا بالتالى فإن عنصر الضغط المتنوع على الجانب التركى، بالتالى يرجح حدوث حالة من الفوضى التى تتقاطع مع مصالح قوى كثيرة ومتنوعة فى توسيع نطاق الحرب فى المنطقة، ما يجعل ترجيح الاتجاه العسكرى فى شمال غرب سوريا أمرًا متحكمًا فى تحديد المؤشرات الحالية. ضوء آخر حدد هذه المصالح المتشابكة، سيتطلب مسار مستقبل شمال غرب سوريا تحليلًا متأنيًا من جميع المحققين المتنازعة، لا ضوء فى ما يتعاونه سيماه مع فوز العمل السياسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية من فرص ومخاطر وتحولات قد يفرق بعض المحققين فى حسابات الأطراف.
*ما هى خلفيات «السقوط السريع» لحلب؟
صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية فى أحدث تقارير ها قالت: إن الهجوم الذى شنه المتمردون الأسبوع الماضى، والذين استولوا على حلب، ثانى أكبر مدينة فى البلاد، فى غضون 48 ساعة من شن هجومهم، كشف بشكل كبير عن عدم الاستقرار فى سوريا.
.. وتكشف الصحيفة، فى إطار ها السياسى أنه بينما كانت الصراعات بين إسرائيل والجماعات المدعومة من إيران تنتشر عبر الشرق الأوسط وتمتد إلى سوريا، كان الرئيس السورى بشار الأسد صامتًا بشكل واضح حتى حصل الهجوم المفاجئ على محافظة حلب داخل سوريا من قبل جماعات متطرفة.
المحلل السورى فى تشاتام هاوس «حايد حايد» قال: «الجميع ينتظرون لمعرفة ما إذا كان الحكومة السورية قادرة على حشد قواتها وحلفائها للرد».
هو يرى كان الأسد بالفعل فى مأزق إذ حذرت إسرائيل التى شنت عشرات الضربات ضد أهداف تابعة لإيران فى سوريا، الأسد علنًا من أنه فى مرمى نيرانها وأن عليه اختيار أحد الجانبين.
ويرى مراقبون للشأن السورى أن الرئيس بشار الأسد قد يكون وجد فرصة لاستعادة بعض الاستقلالية عن داعميه الدوليين، مع تصاعد الحديث فى بعض الدول العربية والأوروبية حول إمكانية إعادة العلاقات معه. ومع انحسار أسوأ فصول الحرب الأهلية، برزت الحاجة للتعامل مع ملفات شائكة كأزمة اللاجئين وتهريب المخدرات.
رغم ذلك، كشفت التطورات الأخيرة عن اعتماد الأسد الكبير على روسيا وإيران والمجموعات المدعومة من إيران لمواجهة التهديدات الداخلية. وهذا الاعتماد ظهر جليًا مع تقدم المتمردين، بقيادة هيئة تحرير الشام، باتجاه مدينة حلب ذات الكثافة السكانية العالية، واستمرارهم جنوبًا نحو حماة.
الرد العسكرى
فى مواجهة هذا التقدم، تراجعت قوات الجيش السورى، لكنها حاولت إعادة تنظيم صفوفها.
ويوم الأحد، استهدفت الطائرات الحربية السورية والروسية مناطق فى حلب وإدلب بعدة غارات جوية، حيث تُعد إدلب معقلًا رئيسيًا لهيئة تحرير الشام.
بعد 13 عامًا من الحرب الأهلية السورية، يقول المحللون إن مشاعر الإحباط واليأس تفشت حتى داخل الجيش السورى.
وأوضح تشارلز ليستر، من معهد الشرق الأوسط، أن «الوحدات العسكرية كانت تتراجع واحدة تلو الأخرى، تنهار وتنسحب من مواقعها».
كذلك، يعانى الاقتصاد السورى منذ سنوات من أزمات متراكمة، أبرزها العقوبات الغربية وانهيار النظام المصرفى فى لبنان، الذى كان ملاذًا تقليديًا لرجال الأعمال السوريين.
ووفقًا للخبير الاقتصادى جهاد يازجى، ازدادت معاناة السوريين فقرًا خلال السنوات الخمس الماضية، بينما لم تتمكن الحكومة من تحسين الأوضاع.
وأشار يازجى إلى أن الاقتصاد يعانى من الفساد المتغلغل فى الدولة، فضلًا عن سياسات مثل فرض الضرائب المتزايدة ومصادرة الأراضى.
وأضاف: «الكثيرون يشعرون بالغضب لأنهم، بعد سنوات من الولاء، أصبحوا أسوأ حالًا».
تراجع المعنويات
حسب يازجى، فإن محاولات إصلاح الجيش جاءت «أقل من اللازم ومتأخرة للغاية»، إذ استمرت المعنويات المنخفضة نتيجة التجنيد الإجبارى وإلغاء الإعانات، ما أثّر سلبًا على الجنود.
ورغم المحاولات الروسية لدفع النظام نحو تسوية سياسية، لم تظهر أى إرادة حقيقية لتحقيق ذلك. ومع ذلك، برزت جهود إعادة التواصل مع الأسد عقب زلزال فبراير2023 الذى ضرب تركيا وشمال سوريا.
وأعادت دول أوروبية، مثل إيطاليا، فتح سفاراتها فى دمشق، بينما قادت السعودية جهودًا لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
أما تركيا، الداعم الرئيسى للمعارضة السورية، فقد أبدت اهتمامًا بتطبيع العلاقات مع الأسد. ومع ذلك، رفض الأخير أى تنازل، خاصة بشأن قضية اللاجئين، التى تُعد حساسة فى السياسة الداخلية التركية.
الأسد يرفض التنازل
بدلًا من التفاوض مع أنقرة، واصل الأسد قصف إدلب، ما تسبب فى نزوح آلاف السوريين نحو الحدود التركية، التى تستضيف بالفعل نحو 3 ملايين لاجئ وتدعم المتمردين شمال سوريا.
ويرى محللون أن الهجوم الأخير لهيئة تحرير الشام قد يخدم المصالح التركية، وربما يمنح أنقرة نفوذًا أكبر فى المفاوضات المستقبلية.
وأشار المحلل السورى مالك العبدة إلى أن الأسد كان بإمكانه استغلال فرصة للتفاوض مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لترتيب منطقة نفوذ تركية فى شمال سوريا، بشكل يحفظ ماء الوجه سياسيًا، لكنه رفض، متمسكًا برؤيته أن التنازلات تمثل ضعفًا.
وهذا التعنت، مع الاعتماد المستمر على روسيا وإيران والجماعات المرتبطة بهما، يؤكد حجم الدور الذى تلعبه القوى الأجنبية فى استمرار النزاع السورى، وفق ما تقول «فايننشال تايمز».
*رئيس تحرير جريدة «البعث.. ماذا قال عن: ولادة النظام العالمى.
فى حوار سياسى أجرته وكالة سبوتنيك عربى الروسية،، قال رئيس تحرير جريدة «البعث» الناطقة باسم حزب البعث الاشتراكى فى سوريا، الصحفى «بسام هاشم»، أن «العدوان على حلب، جاء بعد أسبوع من التقارير التى تفيد بأن الصواريخ الغربية بعيدة المدى ستستخدم فى ضربات فى عمق الأراضى الروسية، وفى الوقت الذى تقلّب فيه إيران أوراق ملفها النووى غداة فوز ترامب، والتحضير لليوم التالى فى كل من جنوب لبنان وغزة».
وأضاف هاشم، أن «مفاجأة ما قد وقعت، ما كان ينبغى أن تحدث أصلًا، لأن الحقيقة الثابتة هى أنه لا يمكن الثقة بالأتراك، وكذلك العدوان عرف كيف يستفيد إلى أقصى حدّ من وسائل التواصل الاجتماعى ليوحى بالانهيار السريع، ويكرّس الشعور بسرعة السيطرة على المدينة»، لافتًا إلى أن المعركة العسكرية ليست «سوشيال ميديا»، ولا يمكن تحقيق النصر من خلال إثارة الذعر فى الأحياء الآمنة، ولا التقاط الصور فى القرى الريفية المتباعدة وسط المناطق المفتوحة، ولا بإغراق الشاشات بالكاميرات الشبحية وبالمشاهد الرقمية المشبعة برسائل كاذبة.
.. من طرف آخر، حاول هاشم أن يعمم أن «الجيش العربى السورى تصرف بضبط أعصاب ومسئولية عالية، انطلاقًا من حرصه المسئول على مقدراته البشرية خاصة، وعلى وحدات ليست أصلًا فى أوضاع قتالية عادية على امتداد جبهة عسكرية نظامية»، مشيرًا إلى أن «المناطق التى تسلل إليها الإرهابيون خاضعة أساسًا لاتفاقات خفض التصعيد، ويتحمل الأتراك مسئولية تطبيق ما جرى التوافق عليه فى أستانا فيها، وهو ما نكثوا به مجددًا، موجهين الطعنة فى الظهر لروسيا وإيران مرة أخرى».
سبوتنيك، نقلت عن المسئول الإعلامى السورى، أن «الجيش العربى السورى كان قد أعطى الأوامر بإعادة الانتشار لاستيعاب الطبيعة القطيعية للعدوان غير المسبوق، والتى ميزت تكتيكات العصابات الإرهابية فى سورية فى كل مناطق تواجدها سابقًا، ولأن ذلك يوفر، فوق ذلك، الفرصة للقضاء على العصابات بأسرع وقت ممكن، والعودة بالأوضاع داخل المدينة وأريافها المباشرة إلى سابق عهدها».
وقال هاشم: «واضح أن العملية كانت مبيّتة ومعدّ لها مسبقًا، وأن الأوراق والخطط كانت مخبأة فى الأدراج، ولربما كانت المفاجأة الأم والأساس تتمثل، قبل كل شىء، بصدمة الإرهابيين والأتراك أنفسهم من التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى جنوب لبنان، والتوقعات بقرب الإعلان عن اتفاق مماثل فى غزة»، لافتًا إلى أن «السيناريو الأقرب إلى الواقع هو أن أردوغان ومجموعاته المسلحة والإرهابية كانوا يراهنون على هزيمة المقاومة لملاقاة نتنياهو من الشمال فى إطار مشروع تفكيك محور المقاومة ومحاولة تقطيع أوصالها، بدءًا من الحدود السورية مع العراق، وصولًا إلى الحدود مع لبنان، كدفعة على الحساب يمكن تقديمها لترامب، قبيل تقلّده منصبه رسميًا فى شباط المقبل.
رئيس تحرير البعث السورية، يرى، بشكل رسمى أن «الوضع فى هذه المنطقة الممتدة من شمال غرب سوريا إلى شمال شرق سوريا، فى حالة جمود ميدانى منذ سنوات عدة، لذا كان هذا الهجوم ليدفع بهذه المنطقة إلى الواجهة مجددًا، والتى تعتبر ساحة معركة لولادة النظام العالمى الجديد».
وتابع: «سوريا لا يمكن أن تقبل أى محاولة للّى ذراعها والمسألة مسألة وطنية قبل أى اعتبار آخر، وإن كان أردوغان يألف توظيف مرتزقة، ويعتبر ذلك عدّة شغل سياسية، فلأنه اعتاد القفز على الحبال منذ عقود طويلة، وليس لأنه يتبنى ما يصفه إصلاحًا أو مطالب إصلاحية، والمعركة كما تراها سوريا ليست مع حفنة من المرتزقة الذين يقاتلون فى سوريا، كما قاتلوا ويقاتلون فى أوكرانيا وناغورنى قره باخ وليبيا، بل هى مع خونة وضعوا أنفسهم فى خدمة الأطماع التركية المتشعبة والمتزايدة تعقيدًا».
كما أن «كل طرف يفكر بضمان مصالحه فى المرحلة القادمة وخاصة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض»، مشيرًا إلى أن «أردوغان يقدم عروضًا مسبقة للأمريكيين ولترامب خاصة، من خلال ما يعدّه نوعًا من تنظيف الساحة أمامه، قبيل تسلمه منصبه رسميًا فى البيت الأبيض»، مشيرًا إلى أن «أردوغان يعتبر أنه يخدم ترامب فى الموضوع الإيرانى، وأنه ينجز ما عجزت إسرائيل عنه فى جنوب لبنان، فهو يدعم حماس لفظيًا فى غزة، ويتحدث عن حقوق الفلسطينيين، ولا يقف الموقف نفسه تجاه المقاومة فى جنوب لبنان، إذ يراها مدًا شيعيًا ينبغى التخلص منه خدمة للأمريكيين أولًا ولمصالح تركيا فى قطاع التنافس مع إيران فى المنطقة».
*هل حرب سوريا نتيجة الصراعات الدولية الراهنة.
فى المؤشر الأساسى لفهم الحدث فى حلب، وانهيار ما احتاجت سوريا، مع دعم الحلفاء: روسيا وإيران وحزب الله، 4 أعوام لكى تطرد الفصائل المُسلحة من مدينة حلب، عام 2016، لكنها عادت لتخسرها فى غضون أيام قليلة، مع تضارب الأحوال حول سوريا، ولهشاشة الوضع فى حلب، وحماية إدلب.
ولا يمكن تحليل الحدث، بمعزل عن تحليل كيف تعرض الجيش السورى لضربات مفاجئة ومتتالية من قوات هيئة تحرير الشام، النصرة سابقا، وفصائل سورية وعصابات حليفة لها، فى وقت لم يجد خلاله الرئيس السورى بشار الأسد الحلفاء فى مواقعهم المعتادة للقتال معه، ما يدل على لعبة عسكرية فيها شبهات مؤامرات غير محسوم مصدرها، لأن المعارضة السورية تنشر عشرات البيانات التصريحات، دون أى مؤشر على الأرض.
عمليًا، وتمتيكيًا، وربما وأمنيًا، انشغل حلفاء سوريا، فى معارك وصراعات دولية أخرى، جميعها تحيط بسوريا، ما أحدث الاختلافات، وجعلت للحلفاد، مصالحهم أولًا، لهم أولويات مختلفة عن الوقوف إلى جانب الجيش السورى فى وجه الفصائل المسلحة.
*1:
تُستنزف روسيا كل ساعة فى حربها الممتدة منذ 2022 مع أوكرانيا.
*2:
يحاول حزب الله التعافى بعد ضربات قاسية تعرض لها فى حربه مع إسرائيل.
*3:
تلملم إيران أوراقها المبعثرة بسبب استهداف أذرعها وقياداتها وتصعيدها المباشر مع تل أبيب،
كل ذلك حفر عميقا وأظهر «ثغرات» عديدة فى سوريا، أدت إلى سقوط حلب، جوار حلب القلعة والكلية العسكرية وإدلب وصولًا إلى حماة.
الباحث البارز فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، «أندرو تابلر»، قال فى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية:
تلعب روسيا وإيران وحزب الله أدوارًا رئيسية فى الصراع داخل الأراضى السورية، بينما يحظى الجيش السورى بدور أقل بكثير، بينما تتمتع هيئة تحرير الشام بدعم تركى واسع.
الى ذلك لفتت مؤسسة بروكينغز أن ضعف إيران وانشغال روسيا، والضربات التى تلقاها حزب الله، أدت إلى «فرصة سانحة لتركيا سارعت إلى اغتنامها».
.. ويلمح التقرير الأمريكى إلى أن سقوط حلب قد يعطى أنقرة دورا كبيرا فى مستقبل سوريا، الأمر الذى لن تقبله إسرائيل بالضرورة، ما يزيد الموقف تعقيدًا.
.. مضيفًا: إن العامل الرئيسى وراء سقوط مدينة حلب فى قبضة هيئة تحرير الشام وانسحاب الجيش السورى منها، يكمن فى الضربات التى تلقاها «حزب الله» فى لبنان أمام إسرائيل.
.. وتقر الأبحاث الجيوسياسية أن حزب الله اللبنانى كان قوة رئيسية فى دعم الجيش السورى فى مواجهة الفصائل المسلحة، لكنه نقل قواته وعتاده إلى جنوب لبنان لخوض الحرب ضد إسرائيل، ليترك خلفه ثغرة فى سوريا.
*ماذا عن روسيا فى معارك حلب؟
.. ما يظهر فى الأفق، نتيجة الاتصالات والأعمال الأممية على مستوى مجلس الأمن الدولى، أن روسيا انتبهت له الأحداث العسكرية فى حلب وإدلب وحماية.
لكل هذا قصة عن صورة روسيا فى سوريا منذ البداية:
فى عام 2015 تدخلت روسيا بشكل مباشر فى الأزمة السورية، فى محاولة لمساعدة دمشق ودعمها فى مواجهة الفصائل المسلحة، لكن الوضع لم يعد كالسابق.
دخل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين حرب أوكرانيا فى 2022 بحثًا عن نصر سريع، لكنها تحولت إلى حرب استنزاف دموية طويلة لا يعرف متى تنتهى، لتغير حساباته تمامًا، وتجعل كل تركيزه منصب على الجبهة.
خسرت روسيا آلاف الجنود والمعدات العسكرية من دبابات ومركبات قتالية، ودُمرت مجموعة فاغنر التى لعبت دورًا حاسمًا فى سوريا، وقتل أغلب قيادتها.
وتمثل القوة الجوية الروسية غطاء لا غنى عنه لقوات الجيش السورى، لكنها ضعفت كذلك بسبب الحرب مع أوكرانيا التى تحظى بدعم غربى هائل بالسلاح والذخيرة والمقاتلات الحربية.
ووفقًا لمحللى شركة «أوريكس الاستشارية» فقد تم تدمير نحو 117 طائرة حربية روسية فى الحرب مع أوكرانيا، وأصيبت ١٥ طائرة أخرى بأضرار مختلفة، الأمر الذى يجعل إرسال موسكو طائرات لسوريا أمرًا يحتاج إلى تفكير.
واكتفت موسكو فى الأيام الأخيرة بتنفيذ ضربات جوية فى سوريا لاستهداف الفصائل المسلحة وهيئة تحرير الشام، لكنها كانت محدودة للغاية، إذ يقول المدير التنفيذى لقوة مهام الطوارئ السورية، معاذ مصطفى: «الروس مشغولون للغاية فى أوكرانيا، وهذا جزء كبير من المعرك».
وحاولت هيئة تحرير الشام تحييد روسيا فى بيان قالت فيه إنها لا تستهدف روسيا أو أى دولة أو شعب آخر، مؤكدة أن «الثورة السورية» ليست طرفا فى الحرب الروسية الأوكرانية».
كل ذلك لا يعفى الدولة السورية من انحيازها لحلفاء لكل منهم أجندتها، واتصالات ومصالحه.
*حلب؛ انتكاسة لإيران.. معقول!
فى الحرب، فى العمليات السرية الإرهابية، فى سرديات الحرب المعتادة، كل شىء ممكن فى حالة استباقية الرصاص للحوار.
ما يندرج تحت بند ملفات المنطقة، هناك حديث عن أن معارك حلب، سببت انتكاسة للجمهورية الإسلامية الإيرانية (..).. فى أول تحد خطير منذ 4 سنوات لسوريا وداعميتها الأبرز روسيا وإيران، تقدم المسلحون شرقًا من منطقة إدلب المتبقية تحت سيطرة الفصائل السورية، التى كانت فى حالة من الجمود منذ اتفقت موسكو وأنقرة على وقف إطلاق النار عام 2020.
صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، اعتبرت أن هذا التقدم يعد أكبر انتكاسة لسوريا وداعمتها إيران منذ سنوات.
وقتل فى المعارك الدائرة فى سوريا ضابط بارز فى الحرس الثورى الإيرانى، وعدد كبير من مسلحى الفصائل الموالية طهران، فيما غابت البيانات العسكرية التى تؤكد أو تنفى ذلك.
إذن، انتكاسة إيران، بحسب «فايننشال تايمز»، أدت إلى أن يبدو «هذا التقدم، مثيرا التساؤلات العسكرية والأمنية، ويظهر كيف تغيرت موازين القوى فى سوريا التى مزقتها الحرب خلال عام من الصراع فى الشرق الأوسط الأوسع، فبينما أخمدت الاحتجاجات وما تلاها من مظاهر مسلحة فى سوريا بقوة، باتت دمشق تتعرض لضغوط على جبهات متعددة، وأصبحت ساحة لتنافس القوى العظمى»
*.. معارك حلب وإدلب.. فى 7 أسئلة.
*السؤال الاول: من يهاجم؟
هيئة تحرير الشام التى عرفت سابقا بجبهة النصرة، وهى تنظيم متطرف كان مرتبطًا بالقاعدة، يقود هذا الهجوم، إضافة إلى فصائل أخرى معارضة متحالفة معها.
*السؤال الثانى: أين وقع الهجوم؟
على مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية فى محافظتى حلب «شمال» وإدلب المحاذية لها «شمال غرب».
وسيطرت هذه الفصائل على معظم مدينة حلب والعديد من القرى والبلدات فى الشمال السوري، على ما أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان السبت.
*السؤال الثالث: ماذا يقول الجيش السورى؟
أقر الجيش السورى بدخول الفصائل المسلحة إلى «أجزاء واسعة» من مدينة حلب، ومقتل العشرات من عناصره فى اشتباكات ممتدة على جبهة بطول نحو 100 كيلومتر.
وأسفرت المعارك عن مقتل 311 شخصًا، وفقًا للمرصد السورى، غالبيتهم مقاتلون من طرفى النزاع، ومن بينهم مدنيون قضى معظمهم فى قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام فى المعركة.
*السؤال الرابع: لماذا الآن؟
تقول دارين خليفة الباحثة فى مجموعة الأزمات الدولية، إن تلك الفصائل كانت تعدّ للهجوم منذ أشهر.
وتوضح «قاموا بتصويره على أنه خطوة دفاعية ضدّ تصعيد كان يريد النظام القيام به»، مع تكثيف الحكومة السورية وحليفتها روسيا غاراتها على المنطقة قبيل الهجوم.
وتضيف خليفة أن هيئة تحرير الشام وحلفاءها «تنظر أيضا إلى التغيرات الأكبر على المستويين الإقليمى والجيواستراتيجى».
*السؤال الخامس: ماذا عن المستوى الإقليمى؟
شنّت الفصائل التى تنسّق عملياتها ضمن غرفة عمليات مشتركة، الهجوم فى يوم سريان اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان بين إسرائيل وحزب الله بعد نزاع بين الطرفين امتد 13 شهرًا على خلفية حرب غزة.
وخلال تلك الفترة، كثّفت اسرائيل غاراتها فى سوريا على مجموعات موالية لإيران، ومنها حزب الله الذى ساند بشكل مباشر القوات السورية فى النزاع الداخلى خلال الأعوام الماضية.
وتعتبر روسيا كذلك حليفًا بارزًا للأسد، وساهم تدخّلها العسكرى المباشر اعتبارا من العام 2015، فى قلب ميزان القوى الميدانى لصالح دمشق.
وتقول خليفة «يعتقدون أن هذا وقت يكون فيه الإيرانيون ضعفاء، والنظام محاصر، وتركيا (الداعمة لبعض الفصائل المسلحة فى شمال سوريا) أكثر جرأة إزاء روسيا».
*السؤال السادس: ماذا عن القوى الداعمة للطرفين؟
امتنعت القوى الداعمة لكلّ من الطرفين حتى الآن عن الإدلاء بأى تعليق تصعيدى.
اعتبر المتحدّث باسم الكرملين دميترى بيسكوف أن الوضع فى حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية فى استعادة النظام فى المنطقة وإعادة النظام الدستورى».
بدورها، دعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة فى شمال غرب البلاد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عبر منصة إكس إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات فى المنطقة الحدودية».
كذلك، جددت طهران الجمعة دعمها الحازم لحليفتها سوريا، وجاء فى بيان للخارجية الإيرانية إن الوزير عباس عراقجى «شدد على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها فى كفاحها ضد الإرهاب»، فى اتصال هاتفى أجراه مع نظيره السورى بسام الصباغ.
*السؤال السابع: ما سبب السقوط السريع لهذه المناطق؟
قطعت الفصائل طريق دمشق حلب الدولى، وسيطرت على تقاطع مهم بين طريقين يصلان حلب بكلّ من دمشق واللاذقية.
وحسب مدير المرصد رامى عبد الرحمن، فإن الفصائل تقدّمت فى حلب من دون «مقاومة كبيرة من قوات النظام»، ويُضيف: «من الغريب أن نرى قوات النظام تتلقى ضربات قوية كهذه رغم الغطاء الجوى الروسى والمؤشرات المبكرة على أن هيئة تحرير الشام ستشن هذه العملية».
واعتمدت دمشق إلى حدّ كبير على القوة الجوية الروسية وعلى حزب الله فى الميدان لاستعادة مناطق واسعة خسرتها خلال الحرب لصالح فصائل معارضة.
لكن الهجوم الراهن يأتى فى وقت تنشغل روسيا بحربها فى أوكرانيا، وحزب الله بالضربات التى تلقّاها خلال المواجهة الطويلة والقاسية مع إسرائيل.
ويشرح رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكى آرون شتاين أن «وجود روسيا (فى سوريا) تقلّص بشكل كبير، والغارات الجوية السريعة أصبحت فائدتها محدودة».
.. فى هذا السياق قالت الباحثة والمحللة الإعلامية فى صحيفة مترو البريطانية «جيرجانا كراستيفا»: تشتعل المعارك فى سوريا- بعد 13 عاما من بدء الحرب الأهلية- حيث يحاول تحالف جديد بقيادة الجهاديين الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
وأضافت: يبدو أن ميزان القوى يتحول فى حلب، حيث سيطرت جماعة هيئة تحرير الشام المسلحة على المدينة، بما فى ذلك مطارها، ودخلت منذ ذلك الحين مدينتى حماة وإدلب.
.. وتعمل «مترو»، على إيضاح الصورة من الميدان، فتذكر:
هذه المعارك الأكثر أهمية فى الحرب الأهلية السورية فى السنوات الأخيرة ــ وهى تشكل إحراجًا كبيرًا للرئيس الذى تعهد بمعاقبة المهاجمين.
قُتل أكثر من 370 شخصًا، بينهم 20 مدنيًا على الأقل، منذ الأربعاء، حسب المرصد السورى لحقوق الإنسان.
وطرحت الصحيفة سؤالًا: ماذا حدث فى الحرب الأهلية فى سوريا؟
.. وتجيب كاتبة التقرير جيرجيانا، لقد شهدت الحرب السورية المستمرة منذ 13 عامًا، والتى تُعد واحدة من أكثر الصراعات تعقيدًا وتدميرًا فى القرن الحادى والعشرين، عودة للعنف.
ويسلط هذا الضوء على الانقسامات الدائمة التى أبقت البلاد منقسمة منذ عام 2011.
بدأت الحرب كانتفاضة فى ذروة الربيع العربى، مع أعمال شغب ضد نظام الأسد الاستبدادى.
وقد قوبلت هذه المظاهرات بقمع مميت، ما أدى إلى تشكيل جماعات معارضة مسلحة وانزلاق سوريا إلى حرب أهلية واسعة النطاق.
ومنذ ذلك الحين، يخوض الأسد حربًا ضد قوات المعارضة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتهجير ما يقرب من ستة ملايين لاجئ خارج البلاد.
وبمرور الوقت، اجتذب الصراع قوى عالمية، بما فى ذلك روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة، حيث دعمت كل منها أطرافًا مختلفة.
فى عام 2020، وقعت روسيا وتركيا على وقف إطلاق النار فى آخر محافظة تحت سيطرة المعارضة، إدلب، واتفقتا على إنشاء ممر أمنى مع دوريات مشتركة.
ولم تحدث أى اشتباكات كبرى منذ ذلك الحين، لكن الحكومة السورية لم تتمكن قط من استعادة كل أراضيها.
ماذا يحدث فى سوريا الآن ومن هم الثوار؟
وبدأ الهجوم بعد أن شكل المسلحون تحالفًا جديدًا أطلقوا عليه اسم «قيادة العمليات العسكرية»، واجتاحوا قرى فى ضواحى حلب.
القوة الأساسية التى تقود هذه الهجمة هى هيئة تحرير الشام، والتى كانت مرتبطة سابقًا بتنظيم القاعدة الإرهابى.
وقد تم وضع هدفها الرئيسى فى إقامة الحكم الإسلامى فى سوريا من خلال الإطاحة بالنظام الحالى.
يعود تاريخ هيئة تحرير الشام إلى بداية الحرب الأهلية، وظلت قوة معارضة خطيرة طوال الوقت.
وتظل الجماعة اليوم تحت قيادة أبو محمد الجولانى، لكن أهدافها تغيرت بعض الشىء منذ إعلان استقلالها عن تنظيم القاعدة.
وصنفت الأمم المتحدة منذ فترة طويلة الجماعة المعارضة التى تقود محاولة الانقلاب الجارية على أنها جماعة إرهابية.
يتفقد الناس الدمار فى موقع غارة جوية شنتها قوات النظام السورى استهدفت حيًا فى مدينة إدلب التى يسيطر عليها المتمردون فى شمال سوريا فى 1 ديسمبر 2024. وقال مراقب حرب سوريا إن المتمردين استولوا على مطار حلب المدنى فى 30 نوفمبر، وهى المرة الأولى التى يستولون فيها على مثل هذه المنشأة، إلى جانب بلدات رئيسية فى محافظتى إدلب وحماة.
لماذا تدعم روسيا سوريا ولماذا تهاجم المتمردين؟
وتخوض الطائرات المقاتلة الروسية معركة الأسد من السماء، وتضرب المدنيين والمسلحين فى محافظتى حلب وإدلب.
وكان فلاديمير بوتين مؤيدًا قويًا لنظام الأسد منذ السنوات الأولى للحرب، حيث قدم له الدعم العسكرى والسياسى والاقتصادى.
وفى عام 2015، أطلق الكرملين تدخلًا كبيرًا، فضرب مجموعات المعارضة، الأمر الذى أدى إلى تحويل مجرى الحرب لصالح الرئيس السورى.
إن دعم بوتين لسوريا مدفوع بمصالح استراتيجية. وبهذه الطريقة يستطيع بوتين الحفاظ على القاعدة البحرية فى طرطوس، بالتالى الحفاظ على نفوذه فى الشرق الأوسط.
.. هنا الحقيقة من وجهة نظر الإعلام ورجال السياسة وحلفاء سوريا.
* إرهابى وزعيم خطير.. إنه أبومحمّد الجولانى؟!
وجّه زعيم هيئة تحرير الشام، أبومحمد الجولانى، رسالة، السبت، إلى المقاتلين فى الجبهة السورية المستجدة قبل يومين، يوصيهم من خلالها الالتزام بـ«القيم الإنسانية» مع المدنيين.
وبعودة اسمه اليوم إلى الساحة السورية بقوة، بعد طول ركود للحركات الإسلامية والمعارضة، لا سيما أن هيئة التحرير نجحت فى غضون يومين بتوجيه ضربة قوية للجيش السورى فى حلب وحماة، ترددت معلومات أنه استهدف فى غارة روسية على مقر هيئة التحرير. فمن هو الجولانى الذى يقود المعارك وبات الهدف الرئيسى للسوريين والروس؟
اسم أبومحمّد الجولانى الحقيقى هوَ أحمد حسين الشرع فيما تقولُ مصادر أخرى إن اسمهُ الحقيقى هو أسامة العبسى الواحدى.
هو القائد الأعلى لهيئة تحرير الشام المُسلّحة. وكان أيضًا أميرَ جبهة النصرة- قبل أن تُغيّر اسمها- التى تُعدّ الفرع السورى لتنظيم القاعدة.
بدأ عمله المسلّح فى العام 2003 فى العراق حينما التحق بفرع «القاعدة» لمواجهة القوات الأميركية، وانتقل إلى لبنان وتقول التقارير إنّه أشرف على عمل «جند الشام»، ثم عاد إلى العراق حيث اعتقلته القوات الأميركية، وأطلق سراحه.
فى العام 2011، عاد الجولانى إلى سوريا وأسس فرعا للقاعدة تحت اسم «جبهة النصرة»، وفى العام 2016، فك ارتباطه مع القاعدة واندمج مع فصائل مسلّحة وشكّلوا هيئة تحرير الشام.
صنّفت وزارة الخارجية الأميركية الجولانى على أنه إرهابى عالمى فى (مايو) 2013، وبعد ذلك بأربع سنوات؛ أعلنت عن مكافأةٍ قدرها 10 ملايين دولار لكل من يُدلى بمعلومات تؤدّى إلى القبض عليه.
وكلمة «الجولانى» فى اسمهِ غير الحقيقى مُشتقّة من هضبة الجولان التى احتلتها إسرائيل وضمها جزئيًا خلال حرب 1967. وكانَ الجولانى قد أصدرَ بيانًا صوتيًا فى 28 (سبتمبر) 2014 صرّح فيه بأنه سيحارب الولايات المتحدة وحلفاءها وحثَّ مقاتليه على عدم قبول مساعدة الغرب فى معركتهم ضد «داعش». ولكنه تراجع عن تهديد أمريكا، ففى مقابلة أجراها الصحافى الأميركى مارتن سميث مع الجولانى لعام 2021 مطلع فبراير الماضى، قال الجولانى إن هيئة تحرير الشام لا تشكّل أى تهديد للولايات المتحدة الأمريكية وعلى الإدارة الأميركية رفعها من قائمتها للإرهاب. وأضاف: كنا ننتقد بعض السياسات الغربية فى المنطقة، أما أن نشن هجمات ضد الدول الغربية، فلا نريد ذلك.
قُتل شخص اليوم الثلاثاء، جرّاء قصف طائرة مسيّرة إسرائيلية، سيارة على طريق مطار دمشق الدولى، جنوب العاصمة دمشق، بينما قالت إذاعة الجيش الإسرائيلى إنه قيادى بحزب الله.
استهداف سيارة
ونقلت وكالة أنباء النظام السورى «سانا» عن مصدر فى قيادة شرطة محافظة دمشق قوله إن سيارة انفجرت على طريق مطار دمشق الدولى، جراء عدوان إسرائيلى استهدفها.
بدورها، ذكرت إذاعة «شام إف إم» إن اعتداءً يرجح بأنه إسرائيلى، استهدف سيارة على طريق المطار، قرب جسر بلدة عقربا فى ريف دمشق الجنوبى، ما أدى إلى مقتل شخص ووقوع أضرار مادية.
من جانبها، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلى عن مصدر عسكرى إسرائيلى قوله: «استهدفنا قياديًا فى حزب الله بدمشق»، من دون أن يذكر مزيدًا من التفاصيل حول هويته. وقال المرصد السورى لحقوق الإنسان إن مسيّرة إسرائيلية استهدف سيارة قرب جسر عقربا، ما أدى لمقتل شخص وإصابة آخر.
تكثيف الضربات
يأتى ذلك بعد موافقة المستوى السياسى فى إسرائيل، على تكثيف الضربات الجوية عند الحدود السورية- اللبنانية، حسب الإعلام الإسرائيلى.
والأحد، نفّذت طائرات إسرائيلية غارات على مواقع حدودية بين سوريا ولبنان، من جهة منطقة القصير فى ريف حمص الغربي، وذلك بالتزامن مع غارات مماثلة استهدف جنوب لبنان.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قد حذّر رئيس النظام السورى بشار الأسد، أنه «يلعب بالنار»، وذلك خلال خطاب إعلان وقف إطلاق النار مع حزب الله فى لبنان.
عقب ذلك، حذّر الجيش الإسرائيلى من ضرب النظام السورى فى حال ساعد حزب الله فى إعادة التسلح مرة جديدة. ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغارى قوله إن «الجيش الإسرائيلى لن يكتفى بضرب شحنات الأسلحة إلى لبنان، بل سيدفع نظام الأسد ثمن مساعدته» لحزب الله.
وأضاف المتحدث العسكرى أن الجيش الإسرائيلى سيتحرك ضد جميع شحنات الأسلحة التى ستتجه إلى لبنان، بما فى ذلك فى سوريا.
وكثّفت إسرائيل من ضرباتها على الأراضى السورية منذ انطلاقة عملية «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر 2023، وزادتها مع بداية تصعيد جيش الاحتلال ضد حزب الله فى لبنان، قبل إعلان الهدنة قبل نحو أسبوع.
ووفق إحصائية صادرة عن مركز «حرمون» للدارسات، فإن إسرائيل نفّذت 54 ضربة موزعة على 6 محافظات، وذلك من تاريخ 15 أكتوبر، وحتى 15 نوفمبر 2024.