رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بلح تعلق باب قلعة حلب!

[«بلح تعلق تحت قلعة حلب». جملة شهيرة فى اللغة العربية لا يتغير لفظها ومعناها إذا ما قرئت مقلوبة من آخرها إلى أولها، وهو أيضًا عنوان فيلم وثائقى للمخرج اللبنانى محمد سويد يسجل فيه معايشات يومية من شوارع مدينة سورية يمزقها الرصاص.].. 
ها قد عاد الرصاص، يقلب السرديات.

نقطة ارتكاز المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن، الولايات المتحدة، روسيا وإيران وتركيا والبلاد العربية، تتحول من الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية وخطط تهويد القدس، والوضع فى لبنان بعد اتفاق وقف الحرب. 
.. وعلى ضوء التطوّرات السريعة فى شمال غرب سوريا، بعد التقدّم المفاجئ لـ فصائل من القوى المختلفة منها المعارضة فى حلب وإدلب ورف حماة، عدا عن عصابات ومجموعات تحارب داخل سوريا بالوكالة، كل ذلك حدث فى صدمة عسكرية وأمنية أدت إلى تراجع قوات الجيش السورى والجماعات الموالية له، وهذا إنذار بتفتيت الدولة السورية. 
* نقطة ارتكاز متأرجحة

على هامش الأخبار التى تتسرب من أماكن عديدة، نشأ قلق دولى حذر من المستجدّات العسكرية والأمنية فى كل سوريا، ذلك أن الإدارة الأمريكية ودول أوروبية، بدأت بتوزّع، وتحميل المسئوليّات، فيما اتهمت تركيا وروسيا والعراق، وإسرائيل بأنهم من يرسل التعزيزات والمهمات والأسلحة، لكل فصائل وعصابات المعارضة، فى أطراف حلب وحماية وسراقب وإدلب. 
* الوضع كما تراه الولايات المتحدة الأمريكية.

بعد أكثر من 48 ساعة من التصعيد العسكرى، برزت الولايات المتحدة، لتنفى مسئوليتها، وأعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى، شون سافيت، عن قلق واشنطن من نتائج التطورات الأخيرة فى سوريا، وأن الولايات المتحدة تتابع الوضع عن كثب، وتجرى اتصالات مع عواصم المنطقة خلال الـ48 ساعة الماضية.

.. «سافيت،» أشار فى بيان، إلى أن «رفض النظام السورى المستمر للانخراط فى العملية السياسية المنصوص عليها فى قرار مجلس الأمن الدولى 2254 واعتماده على دعم روسيا وإيران قد أدى إلى الانهيارات الحاصلة فى خطوط النظام شمال غرب سوريا».

مرحليًا: صورة الدعوه وتشديد البيت الأبيض إلى خفض التصعيد وحماية المدنيين والمجموعات الأقلية، وضرورة إطلاق عملية سياسية جدية وقابلة للتطبيق لإنهاء الحرب الأهلية وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولى 2254.

.. وفى ذات السياق نفت الولايات المتحدة أى علاقة لها بالهجوم الذى تقوده «هيئة تحرير الشام»؛ وغالبًا بقية المجموعات والعصابات المتشددة فى سوريا.

ما جعل بيان مجلس الأمن القومى الأمريكى، إشارته التزام الولايات المتحدة بالدفاع الكامل عن أفرادها ومواقعها العسكرية فى سوريا لضمان عدم عودة تنظيم «داعش» مجددًا.
الفصائل المهاجمة تحظى بغطاء خارجى. 
اللافت أن المحلل السياسى السورى «عمر قدور»، توصل إلى أن ماحدث، يتلخص فى:
* 1:

مفاجأة من العيار الثقيل جدًا، وبكل المعايير، فجرتها الفصائل التى استولت أولًا على مواقع لقوات الأسد فى ريف إدلب وريف حلب الغربى. المفاجأة حدثت مع بدء الهجوم، ثم مع الانهيار السريع لمواقع الأسد، وأخيرًا مع توالى الانهيار لأيام، ما سمح للفصائل المهاجمة بالوصول إلى مدينة حلب فى وقت قياسى.

* 2:
المثير للتعجب أيضًا أن حليفى الأسد لم يُظهرا سرعة فى امتصاص هجوم الفصائل، إذ كان الهجوم قد باغتهما ولو من حيث تجاوزه الحدود «المقبولة» للمفاجأة. فالطيران الروسى لم ينفّذ غارات على مواقع المهاجمين، ولو بوتيرة متوسطة لا تقارب القصف شبه المتواصل الذى قام به الطيران نفسه، ضد الفصائل المهاجمة ذاتها، قبل نحو خمس سنوات عندما قضت تفاهمات آستانة بطردها من حلب ومحيطها.

* 3:
رغم كل ما يُقال عن أن الميليشيات الإيرانية هى حاليًا فى أسوأ أحوالها، وعن كونها فى وضع معنوى شبه منهار على خلفية الخسائر فى لبنان، فهذه الأقاويل غير كافية نظريًا لتبرير الخسائر السريعة التى منيت بها الميليشيات. وإذا أخذنا العامل المعنوى معكوسًا، فمن المفترض أن تسعى الميليشيات، ومن خلفها طهران، إلى إثبات قوتها فى وقتها العصيب هذا تحديدًا، لأن التضحية بهيبتها الآن قد يكون لها أثر على مجمل النفوذ الإيرانى فى سوريا.

* 4:
مجريات الصراع فى الميدان، أن الفصائل المهاجمة تحظى بغطاء خارجى؛ أولًا من حيث المعطيات المباشرة، فالتقدم السريع لا يُعزى فقط إلى تدهور أوضاع قوات الأسد وشجاعة المهاجمين، بل لا بد أن يكون لدى الأخيرين معطيات استخباراتية كافية عن المواقع والتحصينات. ثم إن معركة بهذا الحجم، والاستمرار فى التقدم، يُفترض أنهما يستندان إلى خط إمدادات كافٍ، بما فى ذلك تعويض الذخائر والأسلحة، وسيكون من الاستخفاف والخفة الظنّ بأن ذلك كله متوفر فى مخازن الفصائل القريبة، وبما يكفى للمعركة وتداعياتها المحتملة.

* 5:
الصمت التركى لم يدم طويلًا، إذ أعلنت أنقرة مباركةً غير مباشرة للعملية، من خلال القول إن هدفها استرداد مناطق استولت عليها قوات الأسد، وهى ليست من حصتها بموجب ترتيبات أستانة. وموقف أنقرة يتوّج غضبًا من الرئيس الأسد الذى لم يقابل الانفتاح التركى نحوه بالإيجابية المطلوبة، وكان التعبير عن ذلك واضحًا بانسحاب أردوغان من جلسة مؤتمر القمة العربية- الإسلامية الطارئة، التى استضافتها السعودية فى الثانى عشر من هذا الشهر، مقاطعًا كلمة بشار الأسد.

* 6:
هناك الموقف الأمريكى، وربطه باتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان وقطع طريق إمدادات حزب الله، هما ما يفسّر التهاون الروسى، حيث اقتصر أعلى موقف رسمى حتى اليوم الثالث على دعوة الأسد إلى إعادة فرض النظام فى المناطق التى خسرها، وكأنّه قادر على فعل ذلك بقواه الذاتية. بينما، على الأرض، تم تناقل خبر انسحاب القوات الروسية من بلدة تل رفعت، ما قد يعنى تركها لسيطرة فصائل معارضة تتمركز فى ريف حلب الشمالى. وأهمية هذا التطور هى فى أن السيطرة على تل رفعت تكمل تقريبًا الطوق حول الميليشيات الإيرانية المتمركزة فى نُبّل والزهراء، بعد وصول الفصائل المهاجمة من جهة الغرب إلى تخومهما.
لن يكون الصمت الأمريكى فقط على سبيل المحاباة لأردوغان، فهو مدفوع أولًا بالرغبة فى قطع طريق الميليشيات الإيرانية المتصل؛ بدءًا من الحدود السورية مع العراق وصولًا إلى الحدود مع لبنان.

* 7:
أن استخدام تعبير «الفصائل» بعموميته له دور التغطية على تجمع مكوّن بشكل أساسى من هيئة تحرير الشام، النصرة سابقًا، والغاية من التغطية هى التنصّل مما تمثّله النصرة فى أذهان نسبة كبيرة من السوريين، بمن فيهم أولئك الذين تحت حكم أبو محمد الجولانى فى إدلب وانتفضوا عليه قبل شهور قليلة ليس إلا. ولا يدخل فى باب الطرافة فحسب أننا نجد تحويرًا مماثلًا للتسمية فى إعلام الأسد، فالأخير دأب على تسمية مقاتلى حزب الله بـ«المقاومة الوطنية اللبنانية»!
إن الجولانى هو الرابح الأكبر حتى الآن. فهو الرابح إذا كان قد حقق هذه الإنجازات بقرار مستقل وإمكانيات ذاتية، ولا ينتقص منه أن يكون على العكس تمامًا قد تصرف بموجب إرادة إقليمية ودولية، فهذا يعنى أنه كان مؤتمنًا على الإعداد للعملية وتنفيذها من دون باقى الفصائل التى لا تتمتع بانضباط وجهوزية يوثق بهما.


* الخرائط الإقليمية تتغير.. هجوم المعارضة السورية.. كيف ولماذا؟.

 

ما يمكن فهمه من واقع الحدث، تلك المعلومات التى تتسرب من كل جانب، هل هى حركة، ثورة عصابات جماعات سلفية مشددة، أم هى قوات المعارضة السورية من كل الاتجاهات، كانت تخطط وتستعد لهذه العمليات منذ أشهر.

معارك الأيام الأولى فى حلب وأدلب، تؤكد أن الفصائل المسلحة للمعارضة السورية اختارت توقيتًا لافتًا، تزامن مع بدء وقف إطلاق النار فى لبنان، كى تكسر هدوءًا طويلًا على الجبهات، استمر نحو خمس سنوات منذ آذار/ مارس 2020، حينما بدأت عمليتها العسكرية الكبيرة «عمليات ردع العدوان»، باتجاه ريف حلب الغربى.
الباحثة المحلل السياسية السورية «صبا مدور» تقول أن العمليات العسكرية، حققت نتائج ميدانية مهمة منذ ساعاتها الأولى، وأصبحت الفصائل على بُعد كيلومترات قليلة من غربى مدينة حلب، بعدما سيطرت على أراضٍ تبلغ مساحتها نحو 250 كيلومترًا مربعًا، وتضم العشرات من القرى والبلدات، ومواقع عسكرية مهمة للنظام والميليشيات الأجنبية، من أبرزها مقر الفوج 46.

مثل هذا التطور يتجاوز بأهميته ما تحقق فيه من إنجازات ميدانية، ليكون بمثابة رسالة سياسية واضحة، بضرورة إعادة النظر بمجمل الترتيبات السياسية السابقة المتعلقة بسوريا، فى ضوء المتغيرات الإقليمية، والتهديدات الجدية التى تواجهها إيران، وميليشياتها، وما تعرض له حزب الله فى لبنان من خسائر جسيمة ينبغى أن تظهر آثارها على الساحة السورية. ولعل زيارة بشار الأسد المفاجئة إلى موسكو الخميس، أو ربما استدعاؤه السريع إليها، هو نتيجة مباشرة وسريعة لما يحصل غربى حلب.
«مدور» لفتت إلى ما فرضته حالات الجمود العسكرى، والهدن الطويلة فى الحروب، قدرًا من تراجع الجاهزية القتالية، وترهل قدرات المقاتلين، والاطمئنان لحالة الوضع القائم، وربما يكون هذا الأمر أحد أسباب الهزائم الثقيلة والخسائر الكبيرة التى تعرضت لها قوات الجيش والنظام السورى والميليشيات المساندة لها.
تؤكد المحلل أن ذلك لم يكن حال القوات المهاجمة، وهو يعنى أن قوات المعارضة، كانت تخطط وتستعد لهذه العمليات ربما منذ أشهر، فى تفاعل مهم مع السياق الإقليمى، لم يكن مقبولًا تجاهله أو عدم الاستفادة منه. ومن الواضح، أن الفصائل، لم تضيع وقتها خلال السنوات الماضية فى التهيئة لمعارك فاصلة.

الأمر الآخر والمهم، يتعلق بالحسابات التركية التى لا ينبغى إهمال تأثيرها الحاسم على هذه العمليات ونتائجها لحقائق العلاقة المباشرة لتركيا مع الفصائل المختلفة فى شمال وشمال غرب سوريا، سواء من خلال الدعم، أو التفاهم والتنسيق، يمكن تصور أهمية هذه العمليات العسكرية للمصالح التركية على أكثر من صعيد. فمن جانب كررت أنقرة التعبير عن قلقها الشديد من تأثير الحرب الإسرائيلية على أمنها القومى، لا سيما فى إمكانية استغلال ميليشيا قسد وحزب العمال فراغات القوة فى سوريا للتوسع وتهديد الأناضول، ومن جانب آخر، فإنها أيضًا لم تكن راضية بالتأكيد عن استخفاف النظام المستمر بدعوات الرئيس أردوغان للتطبيع مع دمشق، ورغبته بالاجتماع مع بشار الأسد لحل الخلافات والاتفاق على حلول للأزمة فى سوريا.

لم يكن مقدرًا لتركيا أن تتجاهل هذين المتغيرين، كما لم يكن مقدر لها أيضًا أن تتجاهل الإهمال الروسى لمصالح تركيا الأمنية، وعدم اهتمامها بسلبية النظام فى التعاطى مع دعوات الرئيس أردوغان، فضلًا عن أن الانتظار أكثر لما ستؤول إليه الأوضاع فى الإقليم وفى سوريا بشكل خاص، بدا وكأنه خسارة مبكرة، فى سياق صراع للسيطرة الإقليمية تخوضه إسرائيل وإيران، ويخسر فيه من يظل ينتظر نصيبه من الأذى والاختراق. بمعنى آخر، فإن تركيا، سواء كان لها دور ما فى المعارك الحالية «..» أم لا، فإن ما حققته المعارضة من اختراقات ميدانية سريعة وواسعة، منحتها فرصة إيصال رسائل مباشرة لسوريا وجيشها، وللنظام ولروسيا وإيران مجتمعين، بضرورة إجراء ترتيبات جديدة، تتجاوز مرحلة سلسلة «أستانا» ومخرجاتها، وتضع قواعد جديدة للتعامل على الأرض، فى ضوء الوقائع الإقليمية الجديدة.

ما يفهم جذريًا وتكتيكيًا، قول المحلل إن تطلعات الفصائل المعارضة فى إدلب لها المصلحة الحقيقية والمباشرة فى إعادة ترتيب خرائط الانتشار وحدود التماس، بعدما قضت سنوات صعبة وهى تحاول معالجة متطلبات واحتياجات ملايين النازحين فى إدلب، التى باتت تستوعب أربعة أضعاف عدد سكانها الأصليين، مع موارد محدودة. كان التوسع الجغرافى على حساب قوات النظام والميليشيات هو أحد الحلول المطلوبة لغرض توفير ملاذات مناسبة للنازحين. ولذلك لم يكن من باب الخيال العاطفى، الحديث عن أن الأراضى التى استولت عليها المعارضة يمكن أن تستوعب 150 ألف خيمة أو ما يصل إلى أكثر من نصف مليون شخص.

فى الخلاصة، سياسيًا وأمنيًا، يعد التحرك القوى للأوضاع فى شمال غرب سوريا، بحسب تحليل صبا مدور، تطورًا ينبغى مراقبته بعناية، ومتابعة مساراته، لأنه قد يكون بالفعل مقدمة لاحتمالات مختلفة. فهو قد يعيد الصراع المسلح، ويدفع أطرافًا أخرى مثل قسد والعشائر فى دير الزور لفرض وقائع جديدة فى محيطها الميدانى، أو أنه سيفضى إلى عملية سياسية جديدة، تنتج شروطًا وأوضاعًا مختلفة على الأرض، أو أنها قد تقدم حلولًا لمجمل الأزمة السورية لأول مرة منذ 13 عامًا، أو أن المعارك الأخيرة ستشجع أطرافًا خارجية مختلفة على التدخل لفرض وقائع تخدمها فى المنطقة، وتعزز من مكاناتها ومصالحها، فى الخرائط الإقليمية المفترضة حين ينتهى هذا الصراع يومًا ما.
* حقائق الوضع عسكريًا وسياسيًا وأمنيًا.

* الحقيقة الأولى:
ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسى للأزمة السورية ينهى كل تبعاتها ويعيد لسوريا أمنها واستقرارها، ويحفظ سيادتها، ويخلصها من الإرهاب.

* الحقيقة الثانية:
«تظهر هذه التطورات الحاجة، بعد مرور ثلاثة عشر عامًا على بدء الحرب الأهلية السورية، إلى استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية السورية دون تأخير، من أجل التوصل أخيرًا إلى حل سياسى»
* الحقيقة الثالثة:

قالت الفصائل المسلحة فى وقت مبكر من أمس السبت، إنها وصلت إلى قلعة حلب وسط المدينة الواقعة فى شمال سوريا، كما أنها وصلت إلى ساحة سعد الله الجابرى الواقعة فى قلب مدينة حلب.

ونقل المرصد السورى عن إحدى الفصائل المسلحة قولها إنها سيطرت على أكثر من نصف مدينة حلب من دون مقاومة.
* الحقيقة الرابعة:
رويترز، نقلت عن مصدر عسكرى، إن السلطات السورية أغلقت مطار حلب، وألغت جميع الرحلات.

بعد أن اجتاحت فصائل مسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، يوم الأربعاء قرى وبلدات بمحافظة حلب التى تسيطر عليها الحكومة السورية.

وقالت الفصائل إنهم وصلوا إلى مدينة حلب، يوم الجمعة، بعد نحو عشر سنوات من إجبارهم على الخروج منها.
* الحقيقة الخامسة:
أعلنت المعارضة السورية، السبت، تقدم قواتها بشكل متسارع فى اليوم الثالث من بدء عملية «ردع العدوان»، وسط انسحابات متتالية لقوات النظام السورى من مناطقة مهمة واستراتيجية. وقالت المعارضة السورية إنها وصلت إلى مشارف مدينة حماة بعد بسط سيطرتها على كامل محافظة إدلب، وحلب، فيما ذكرت مصادر محلية أن قوات فصائل المعارضة أحرقت مقار وحواجز لقوات النظام السورى فى محيط مدينة تلبيسة بريف حمص بعد انسحابها منها.

* حلب وجوارها فى متاهة.


الحقائق السابقة تعلل الوضع، وهناك تفاصيل استراتيجية كثيرة رافقت ما أطلق عليها: معركة «ردع العدوان»؛ ففى يومها الخامس، كانت وفق مصادرها، داخل مدينة حلب، استكملت الفصائل السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها، ووجّهت ثقلها نحو ريفها الشرقى لتصل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. بينما التقت بفصائل الجيش الوطنى القادمة من مدينة الباب، لتصبح مدينة حلب متصلة بمناطق درع الفرات، الخاضعة للنفوذ التركى.
.. والمنظور الآن إن محافظة حلب، على بعد ساعات من خلوها من الوجود الروسى والإيرانى وقوات النظام بشكل شبه كامل، وإعلان السيطرة عليها، باستثناء مناطق سيطرة الأكراد.
.. أيضًا، وفق الحقائق:
استكملت الفصائل المعارضة بقيادة تحرير الشام السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها داخل مدينة حلب. كان أبرزها تلك القلاع المحصنة المتمثلة بالكليات الحربية والأكاديمية العسكرية، فى الغرب، والجنوب الغربى، بعد معارك عنيفة دفعت قوات النظام للانسحاب نحو مطار النيرب العسكرى، والريف الشرقى.
وبسطت نفوذها على مخيم حندرات وسجن حلب المركزى والمدينة الصناعية ومدرسة المشاة، بعد معارك عنيفة مع تلك الوحدات، لتصبح الأخيرة محاصرة ضمن الأحياء التى تقدمت عليها، مع حى الشيخ المقصود، الذى يخضع لسيطرتها بالأساس. وأصبحت تواصل الوحدات الكردية مقطوعًا بمناطق سيطرتها فى تل رفعت.
كما أعلنت غرفة عمليات «ردع العدوان» السيطرة على جبل شحشبو الاستراتيجى فى ريف حماة الشمالى الغربى. وتهدف الخطوة لتأمين مناطق سيطرة الفصائل فى جبل الزاوية فى جنوب إدلب، والمتصل بذلك الجبل الاستراتيجى. يُذكر أن محافظة إدلب بالكامل أصبحت تحت سيطرة الفصائل. وأعلنت «الغرفة» ذلك رسميًا ليلة السبت.
.. وفى تسريبات متباينة، وقعت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة داخلها، مربوطة بمناطق سيطرة «الجيش الوطنى» فى منطقة درع الفرات، بدءًا بمدينة الباب. وتحقّق ذلك بعد إطلاق الجيش الوطنى معركة «فجر الحرية»، وسيطرته على إثرها على مناطق شاسعة فى الريف الشمالى الشرقى، أبرزها مطار كويرس، وذلك جنبًا إلى جنب، مع توسع سيطرة تحرير الشام فى مدينة حلب، وسيطرتها على المدينة الصناعية فى الشيخ نجّار.

الفصائل، عصابات معارضة تقدمت نحو الريف الشرقى، ووصلت إلى منطقة الخفسة الواقعة على ضفاف نهر الفرات، ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. وفى الريف الجنوبى، سيطرت على منطقة خناصر، وقطعت طريق أثريا- خناصر، وبالتالى قطع أى وصول للنظام وقواته إلى مدينة حلب. وكانت الفصائل قد قطعت الطريق الرئيسى «إم5».
وهى، حسب ما نقلت منصة المدن اللبنانية، تنتظر بسط كامل نفوذها على الريف الشرقى والجنوبى، لإعلان السيطرة على محافظة حلب كاملة، وقطع أى وصول للنظام، لكنها فى هذه الأثناء، تسمح لمن يرغب بمغادرة مدينة حلب، بمن فيهم عوائل ضباط النظام وعناصره.
يُشار إلى أن إعلان السيطرة الكاملة على المحافظة بحدودها الإدارية، بحاجة لسيطرة الفصائل على مدينتى منبج وتل رفعت، الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، ولذلك قد يتأخر الإعلان، ويقتصر على مدينة حلب، بسبب تعقيد السيطرة على منبج خصوصًا، لاعتبارات سياسية متعلقة بحسابات الولايات المتحدة.

.. ما زالت الصورة تتعلق بالسيطرة على حلب، إذ باتت خالية الوجود الإيرانى، بعد السيطرة على أبرز مناطق وجودها وميليشياتها، فى مخيم حندرات والنيرب، داخل المدينة، وفى نبل والزهراء فى ريفها الشمالى، وعندان وحيّان فى الريف الجنوبى. وذلك باستثناء الريف الشرقى، إلا أن المتوقع السيطرة عليه خلال ساعات. إذ حسب المصادر، فإن الفصائل تخوض معارك الآن، على أبواب معامل الدفاع فى السفيرة، والتى تعتبر مع البحوث العلمية، أبرز قواعد إيران، فى كامل المحافظة. وكانت المعامل والبحوث قد تعرضت لقصف إسرائيلى متكرر، آخرها قبل نحو 3 أسابيع.
أما عن الوجود الروسى، فقد كانت أبرز مناطق تواجده فى مطار كويرس، شرقًا، الذى سيطرت عليه فصائل «الجيش الوطنى» بعد انسحاب الروس منه، بينما انسحبت الشرطة العسكرية الروسية من قواعدها فى تل رفعت ومطار منغ شمالًا، وانسحبت أيضًا من داخل نقاط لها داخل مدينة حلب. ويبقى الوجود الوحيد للروس فى المحافظة فى منطقة منبج، الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، بينما أصبحت المدينة خالية تمامًا منه.
أما عن وجود النظام، فإنه أصبح خارج مدينة حلب بالكامل، ويقتصر وجوده الآن فى بعض مناطق الريف الشرقى والجنوبى، وفى مناطق الأكراد فى تل رفعت ومنبج.. استنادا إلى معلومات نشرتها المدن، وصولها مصادرها فى الساحة السورية.

* .. «بعد حلب» المنطقة تخضع لعملية جراحية نوعية.

يرى المحلل السياسى الاستراتيجى، منير الربيع، فى مجموعة من التحليلات التى قدمها مؤخرا، أن مؤشرات الأحداث التى تتسارع فى المنطقة تدلل على مجموعة من الوقفات الجيوسياسية، هى:

* الوقفة الأولى: أهداف السفاح نتنياهو.


على الرغم من محاولات رئيس وزراء حكومة ائتلاف اليمين المتطرف التوراتى الإسرائيلى السفاح نتنياهو ووزرائه اليمينيين تقديم ورقة وقف إطلاق النار فى لبنان لصالح تنفيذ خطتهم لضم أجزاء من قطاع غزة، والتفرغ للضفة الغربية، فى موازاة إعلان نتنياهو نفسه عن التفرغ لمواجهة إيران، وتوجيه تحذير مباشر للنظام السورى، لجهة ردعه عن الاستمرار فى تهريب الأسلحة إلى حزب الله. ومنذ عقود لا يمكن فصل لبنان عن تطورات فلسطين وسوريا. أى اشتعال أو تهدئة فى أى من هذه الدول، لا بد أن يتردد صداهما فى الأخرى. ولذلك فإن اتفاق وقف النار سيكون له تداعيات على هذه الملفات.

* الوقفة الثانية: التنسيق المسبق بين تركيا أمريكا.

تحرك تركى عسكرى فى سوريا بناء على التنسيق المسبق بين تركيا وأمريكا، خصوصًا مع إبداء الأتراك الاستعداد للدخول إلى مناطق شمال شرق سوريا، فى حال انسحب الأمريكيون من هناك، وسط رهان تركى على التفاهم حول هذه النقطة مع دونالد ترامب.

* الوقفة الثالثة: فتح معركة حلب.

تحرّك قوى المعارضة السورية فى فتح معركة حلب، والتى تشكل ضغطًا من عنصرين، أولًا من الأتراك على النظام فى مسألة استمرار وضع الشروط لإنجاز المصالحة مع تركيا. وثانيًا، ضغط أمريكى على دمشق حول فتح الكثير من المعارك على النظام، فى حال لم يلتزم بوقف تهريب الأسلحة إلى لبنان. 
* الوقفة الرابعة: التفاهمات والتقاطعات الإقليمية.

أمام تحديات كثيرة، من بينها استمرار هذه التفاهمات والتقاطعات الإقليمية، حتى ما بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والوصول إلى صيغة ملائمة بشأن نفوذ إيران ووضع حلفائها فى المنطقة، ولا سيما فى لبنان، سوريا، والعراق.
.. ويبدو أن النتيجة المرحلة الأولى والضعف، هى الحراك العسكرى للمعارض ودعم العصابات فى سوريا، وبالتالى أشغال المنطقة والإقليم الأزمة السورية من جديد.

* الدور الإسرائيلى 
فى تحليل ومتابعة لما تعرضه أو تقدمه وتبثة شاشات إسرائيلية، التى عمدت إلى استضافة معارضين سوريين من إدلب وغير مدينة سورية، تابع الكاتب الفلسطينىأدهم منارة، ما يجرى فى الإعلام الإسرائيلى:
* عبدالكريم العمر فى لقاء مع قناة «مكان» الإسرائيلية.

ظهر ناشطون وصحافيون معارضون من إدلب تحديدًا، على شاشات إسرائيلية، بشكل غير مسبوق للحديث عن تطورات المعركة المفاجئة فى شمال البلاد، بعد سنوات من ظهور شخصيات سورية تروج لـ«التطبيع الإعلامى» وتقبل بظهورها فى الإعلام الإسرائيلى لكونها تنسجم عمومًا مع الليبرالية الغربية وتقيم خارج سوريا، من أمثال كمال الليبوانى وهيفى بوظو، وغيرهما.

وكانت أحدث استضافة من هذا النوع فى الساعات الماضية، خروج الناشط عبدالكريم العمر على شاشة التلفزيون العبرى الرسمى «مكان»، فى مقابلة مدتها 8 دقائق، ليتحدث عن تطورات عملية المعارضة فى سوريا. وبدأ العمر حديثه بالتنويه أنه موجود فى الطرف الشرقى لإدلب.

 

وركز مذيع «مكان» على أسئلته على نقاط محددة منها معرفة الفصيل الرئيسى الذى يقود عملية المعارضة للسيطرة على حلب ومناطق فى إدلب وغيرها، فى إشارة ضمنية إلى «هيئة تحرير الشام» التى فكت ارتباطها شكليًا بتنظيم «القاعدة» قبل نحو عشر سنوات، ليجيبه العمر بأن كل الفصائل حاضرة فى غرفة العمليات، ولا سيطرة لفصيل معين على قيادة العملية، منوهًا لإشارات طمأنة من المعارضة للأقليات والجميع فى الداخل، وأيضًا إلى الخارج بوصفها «عامل استقرار إقليمى».

وطرح مذيع النشرة المسائية فى التليفزيون العبرى، سؤالًا انتهازيًا بشأن تسهيل الحرب الإسرائيلية على «حزب الله» فى لبنان، و«إضعافه»، لعملية المعارضة السورية، لكن العمر سارع إلى نفى وجود أى علاقة أو رابط بين الأمرين، بقوله «لا علاقة بين ما يحدث فى لبنان وما يجرى فى سوريا».

رغم ذلك، لم يتردد العمر فى طمأنة إسرائيل، ولو ضمنيًا، فى معرض تعليقه على ما قاله المذيع بشأن متابعة إسرائيل للتطورات السورية بـ«حذر شديد»، بدعوى الخشية من اقتراب «الفوضى وقوى إرهابية من حدود إسرائيل». ورد العمر بالقول إنه «لا توجد فى فصائل الثورة قوى إرهابية. وإنما حزب الله والنظام السورى والميليشيات الإيرانية وداعش»، محاولًا تقديم فصائل المعارضة فى صورة «عامل استقرار للمنطقة. لا إشعالها».

* المقاتل سهيل حمود!
إن هذه النوعية من مقابلات لناشطى ومقاتلى المعارضة مع قنوات عبرية، تستغلها سوريا وحلفاؤها، لتثبيت الدعاية الرسمية الرامية إلى وسم المعارضة بـ«العميلة»، وإن العملية التى شنتها أخيرًا للسيطرة على حلب وغيرها «مدعومة إسرائيليًا»، وهو أمر تنفيه المعارضة وتؤكد أن دوافعها «وطنية سورية»، وهدفها التخلص من «ظلم النظام»، وعودة النازحين إلى بيوتهم وومتلكاتهم بعد سنوات من الغياب القسرى.

والواقع أن عبدالكريم لم يكن المعارض الوحيد الذى خرج من سوريا على قناة إسرائيلية أخيرًا، بل واظب مراسل قناة «كان 11» للشئون العربية، روعى كيس، على استضافة معارضين من الداخل السورى فى الأيام الأخيرة، وكان أبرزهم أحد المقاتلين المشاركين فى عملية السيطرة على حلب، سهيل حمود، والمعروف بلقب «صياد الدبابات»، حيث خاطب الإسرائيليين فى تسجيل صوتى، لطمأنتهم من «المعارضين الإسلاميين»، بقوله إن الإسرائيليين «يجب أن يخشوا من بشار الأسد وإيران وحزب الله وليس منا، فأنتم تعرفون سلوك إيران وبشار الأسد الذى يتصرف بقوة أشد من الإسلاميين».

 

* «تطبيع إعلامى من معارضين سوريين إسلاميين». 
دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى تنظر بحذر شديد إلى الجناح الإسلامى للمعارضة، رغم «رسائل الطمأنة عبر بعض مقاتليها»، لأن تل أبيب تعتقد أن هؤلاء الإسلاميين يتبنون النظرية «الميكافيلية»، أى أن «الغاية تبرر الوسيلة»، بمعنى أن تل أبيب تتعامل مع فرضية أن هذه المعارضة تبعث الآن رسائل «طمأنة» لإسرائيل «تحت عنوان العدو المشترك»، حتى التمكن من السيطرة الكاملة من دون إعاقات، وبعد ذلك تنتهج سياسة «معادية نحو إسرائيل»، كما حصل فى تجارب سابقة. فإسرائيل «لا تثق بالإسلاميين.. حتى لو هادنت معهم أحيانًا».


* إسرائيل تقايض الأسد وروسيا. لماذا فى هذا الوقت؟

دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية تحاول فهم ما يدور فى عقلية المعارضة السورية، وفى الوقت نفسه تسعى إلى استغلال تطورات المشهد السورى، لمقايضة النظام السورى وروسيا، فى ضوء تسريبات إعلامية تحدثت عن تقديم إسرائيل عرضًا لروسيا، بالتوسط بينها وبين واشنطن فى المسألة الأوكرانية، وأمور أخرى، مقابل أفعال من موسكو وبشار الأسد فى الموضوع الإيرانى، ومنع نقل أسلحة إلى حزب الله فى لبنان.

يقود ذلك إلى فهم العقلية الإسرائيلية فى النظرة إلى المعارضة والنظام منذ العام 2011 مع بقاء تل أبيب على الحياد عمومًا، حيث يستند «منطق» إسرائيل إلى «الارتياح» أكثر لبقاء النظام السورى، تحت عنوان «مَن أعرفه أفضل مما أشك فيه»، لكنها تريد فى الوقت نفسه توظيف التطورات الميدانية فى سوريا، كعامل ضغط على نظام الأسد وداعمته روسيا، من أجل فتح «حوار» أساسه مقايضة ملفات متعددة، وصولًا إلى تحقيق المصلحة الإسرائيلية، ولو بعد حين، بحسب تقارير إعلامية متباينه تناقلت ها وسائل الإعلام الإسرائيلية.

* ما يجرى فى سوريا مخاض جديد

 

يمكن النظر إلى أن ما يجرى فى سوريا مخاض جديد لا ينفصل عن التطورات التى شهدتها المنطقة بعد طوفان الأقصى.

لا تنفصل المعركة، يرى المحلل الربيع، التى فتحتها قوى المعارضة السورية فى حلب عن كل تطورات الوضع فى المنطقة. بعيدًا عن أى تفسيرات «تآمرية» لتوقيت هذه الخطوة، لا شك أن المعارضة اختارت لحظة سياسية وعسكرية مفصلية لتدشين هجومها. فقد استغلّت تراجع قوة إيران وحلفائها، إلى جانب الأزمة المتفاقمة التى يعانى منها النظام السورى نتيجة عوامل متعددة. ومما يزيد المشهد تعقيدًا، أن الملف السورى لا يمكن عزله عن الملفات اللبنانية والفلسطينية، فى ظل التحولات الكبرى التى تمر بها المنطقة، بدءًا من الحرب فى غزة وصولًا إلى نتائج الانتخابات الأمريكية وفوز دونالد ترامب، الذى يسعى إلى التقارب مع روسيا لحل الأزمة الأوكرانية، وسط توقعات بأن يكون لهذا التقارب ثمن فى الملف السورى. هذا بالإضافة إلى إعلان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مؤخرًا عن استعداد تركيا لتحمل مسئولية إدارة مناطق الانتشار الأمريكى فى سوريا، فى حال قرر ترامب الانسحاب منها.

* استراتيجية «الربيع» فى تحليل الأسباب ونتائجها، بعد سقوط حلب.

نقاط عديدة يراها المحلل الاستراتيجى، من واقع عمله التراكمى سياسيًا وأمنيًا وإعلاميًا، يمكن تسجيلها حول توقيت معركة حلب وادلب ومآلاتها:
* أولًا:
التقدم الإسرائيلى الذى جرى على مدى الأسابيع الماضية فى الجنوب باتجاه القنيطرة والقيام بعمليات تجريف ورفع سواتر فى إطار فصل «الجغرافيا السورية عن الجغرافيا اللبنانية» لقطع طرق الإمداد والمدى الواسع الذى يمكن لحزب الله أن يتحرك ضمنه. 
* ثانيًا:
تهديدات إسرائيلية واضحة للنظام السورى فى ضرورة التوقف عن السماح بإدخال الأسلحة والإمداد العسكرى لحزب الله فى لبنان. 
* ثالثًا:
مفاوضات غير مباشرة ومباشرة حاول النظام السورى خوضها مع الولايات المتحدة الأمريكية فى سبيل إعادة تعويم نفسه مقابل ضغوط وشروط أمريكية واضحة تدفع إلى إحداث تغييرات سياسية. 
* رابعًا:
خروقات عديدة من قبل النظام السورى والإيرانيين على مدى الأشهر السابقة لكل اتفاقات خفض التصعيد فى آستانا ومواصلة تنفيذ هجمات ضد مناطق المعارضة. 
* خامسًا:
قدرة تركيا على لعب دور أساسى وفاعل فى سوريا، وإبداء الاستعداد للعب دور مستقبلى فى غزة وحتى فى لبنان من خلال تعزيز دورها فى قوات اليونيفيل. 
* سادسًا:
محاولة تركيا أكثر من مرة إجراء مصالحة مع دمشق والتى رفضها الأسد مُصرًا على وضع الكثير من الشروط. 
* سابعًا:
استشعار قوى المعارضة السورية فتح مسار جديد على المستويين الإقليمى والدولى لتقويض نفوذ إيران وحلفائها فى المنطقة، وإمكانية تكريس ذلك فى سوريا. 
استعادة من «الحضن الإيرانى»
كل هذه العوامل يمكنها أن تتداخل وتتقاطع فى مكان، وتتضارب فى مكان آخر، ما يطرح الكثير من الأسئلة، حول مدى التقدم الذى ستحرزه قوى المعارضة وإذا كان سيقتصر على حلب والبقاء فيها، أم سيتوسع باتجاه محافظات أخرى.
وعلى وقع هذه المعارك ستفتح أبواب كثيرة للتفاوض بين القوى الإقليمية والدولية المتشابكة أو المتقاطعة فوق الجغرافيا السورية. أحد أبرز عناوين التفاوض سيكون مواصلة الضغوط السياسية على دمشق لتقديم ما يجب تقديمه فى سبيل قطع طرق الإمداد عن حزب الله فى لبنان، بالإضافة إلى تقديم تنازلات سياسية. وهو لا ينفصل أيضًا عن محاولات دول عربية عديدة منذ أشهر للانفتاح على دمشق تحت مسمّى «استعادة سوريا من الحضن الإيرانى» والعمل على تقويض النفوذ الإيرانى هناك مقابل إعادة تعويم النظام وتوفير المساعدات اللازمة له. 
.. لا يمكن أن تكون معارك حلب وإدلب وغير مدينة سورية، إلا أن تعيدنا إلى فهم دلالة التهديدات الإسرائيلية العدوانية فى تغيير وقائع المنطقة، أو تغيير وجه الشرق الأوسط بمعانيه الأمنية والسياسية، وهو ما أرادت تل أبيب تكريسه فى لبنان وفى غزة، وبعدهما تريد الانتقال باتجاه دمشق وبغداد، تحت عنوان مواجهة إيران.
أمنيًا، وعسكريًا وسياسيًا التصورات مفتوحة على الغرب، فى سوريا كما فى لبنان، فى سبيل تغيير هذه الوقائع، ومحاولة إسرائيل استغلال تقدّم المعارضة لإضعاف النظام أكثر، وصولًا إلى قطع «الكوريدور» الإيرانى الاستراتيجى من طهران، إلى بغداد، دمشق، بيروت، وربما تتبعثر طربة الصوف إلى نهايات أصعب.

.. شبح التوسع فى حروب مرتقبة ازدادت اتجاهات، والاتفاق فى لبنان ما زال عشًا، والأسرار تتمدد بعد ما حدث فى حلب وإدلب.