بلح تعلق باب قلعة حلب!
["بلح تعلق تحت قلعة حلب". جملة شهيرة في اللغة العربية لا يتغير لفظها ومعناها إذا ما قرئت مقلوبة من آخرها إلى أولها، وهو أيضا عنوان فيلم وثائقي للمخرج اللبناني محمد سويد يسجل فيه معايشات يومية من شوارع مدينة سورية يمزقها الرصاص.]..
ها قد عاد الرصاص، يقلب السرديات.
نقطة ارتكاز المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، الولايات المتحدة، روسيا وإيران وتركيا والبلاد العربية، تتحول من الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية وخطط تهويد القدس، والوضع في لبنان بعد اتفاق وقف الحرب.
.. وعلى ضوء التطوّرات السريعة في شمال غرب سوريا، بعد التقدّم المفاجئ ل فصائل من القوى المختلفة منها المعارضة في حلب وإدلب ورف حماة، عدا عن عصابات ومجموعات تحارب داخل سوريا بالوكالة، كل ذلك حدث في صدمة عسكرية وأمنية أدت إلى تراجع قوات الجيش السوري والجماعات الموالية له، وهذا إنذار بتفتيت الدولة السورية.
*نقطة ارتكاز متأرجحة
على هامش الاخبار التي تتسرب من أماكن عديدة، نشأ قلق دولي حذر من المستجدّات العسكرية والأمنية في كل سوريا، ذلك أن الإدارة الأميركية ودول أوروبية، بدأت بتوزّع، وتحميل المسؤوليّات، فيما اتهمت تركيا وروسيا والعراق، وإسرائيل بأنهم من يرسل التعزيزات والمهمات والأسلحة، لكل
فصائل وعصابات المعارضة، في أطراف حلب وحماية وسراقب وادلب.
*الوضع كما تراه الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد أكثر من 48 ساعة من التصعيد العسكري، برزت الولايات المتحدة، لتنفي مسؤوليتها
، وأعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، شون سافيت، عن قلق واشنطن من نتائج التطورات الأخيرة في سوريا، وأن الولايات المتحدة تتابع الوضع عن كثب، وتجري اتصالات مع عواصم المنطقة خلال الـ48 ساعة الماضية.
.. "سافيت،" أشار في بيان، إلى أن "رفض النظام السوري المستمر للانخراط في العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي 2254 واعتماده على دعم روسيا وإيران قد أدى إلى الانهيارات الحاصلة في خطوط النظام شمال غرب سوريا".
مرحليا: صورة الدعوه وتشديد البيت الأبيض إلى خفض التصعيد وحماية المدنيين والمجموعات الأقلية، وضرورة إطلاق عملية سياسية جدية وقابلة للتطبيق لإنهاء الحرب الأهلية وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254.
.. وفي ذات السياق نفت الولايات المتحدة اي علاقة لها بالهجوم الذي تقوده "هيئة تحرير الشام"؛ وغالبا بقية المجموعات والعصابات المتشددة في سوريا.
ما جعل بيان مجلس الأمن القومي الأميركي، إشارته التزام الولايات المتحدة بالدفاع الكامل عن أفرادها ومواقعها العسكرية في سوريا لضمان عدم عودة تنظيم "داعش" مجددًا.
الفصائل المهاجمة تحظى بغطاء خارجي.
اللفت ان المحلل السياسي السوري "عمر قدور"، توصل إلى أن ماحدث، يتلهص في:
* 1:
مفاجأة من العيار الثقيل جدًا، وبكل المعايير، فجرتها الفصائل التي استولت أولًا على مواقع لقوات الأسد في ريف إدلب وريف حلب الغربي. المفاجأة حدثت مع بدء الهجوم، ثم مع الانهيار السريع لمواقع الأسد، وأخيرًا مع توالي الانهيار لأيام، ما سمح للفصائل المهاجمة بالوصول إلى مدينة حلب في وقت قياسي.
*2:
المثير للتعجب أيضًا أن حليفي الأسد لم يُظهرا سرعة في امتصاص هجوم الفصائل، إذ كان الهجوم قد باغتهما ولو من حيث تجاوزه الحدود "المقبولة" للمفاجأة. فالطيران الروسي لم ينفّذ غارات على مواقع المهاجمين، ولو بوتيرة متوسطة لا تقارب القصف شبه المتواصل الذي قام به الطيران نفسه، ضد الفصائل المهاجمة ذاتها، قبل نحو خمس سنوات عندما قضت تفاهمات آستانة بطردها من حلب ومحيطها.
*3:
رغم كل ما يُقال عن أن الميليشيات الإيرانية هي حاليًا في أسوأ أحوالها، وعن كونها في وضع معنوي شبه منهار على خلفية الخسائر في لبنان، فهذه الأقاويل غير كافية نظريًا لتبرير الخسائر السريعة التي منيت بها الميليشيات. وإذا أخذنا العامل المعنوي معكوسًا، فمن المفترض أن تسعى الميليشيات، ومن خلفها طهران، إلى إثبات قوتها في وقتها العصيب هذا تحديدًا، لأن التضحية بهيبتها الآن قد يكون لها أثر على مجمل النفوذ الإيراني في سوريا.
*4:
مجريات الصراع في الميدان، أن الفصائل المهاجمة تحظى بغطاء خارجي؛ أولًا من حيث المعطيات المباشرة، فالتقدم السريع لا يُعزى فقط إلى تدهور أوضاع قوات الأسد وشجاعة المهاجمين، بل لا بد أن يكون لدى الأخيرين معطيات استخباراتية كافية عن المواقع والتحصينات. ثم إن معركة بهذا الحجم، والاستمرار في التقدم، يُفترض أنهما يستندان إلى خط إمدادات كافٍ، بما في ذلك تعويض الذخائر والأسلحة، وسيكون من الاستخفاف والخفة الظنّ بأن ذلك كله متوفر في مخازن الفصائل القريبة، وبما يكفي للمعركة وتداعياتها المحتملة.
*5:
الصمت التركي لم يدم طويلًا، إذ أعلنت أنقرة مباركةً غير مباشرة للعملية، من خلال القول إن هدفها استرداد مناطق استولت عليها قوات الأسد، وهي ليست من حصتها بموجب ترتيبات أستانة. وموقف أنقرة يتوّج غضبًا من الرئيس الأسد الذي لم يقابل الانفتاح التركي نحوه بالإيجابية المطلوبة، وكان التعبير عن ذلك واضحًا بانسحاب أردوغان من جلسة مؤتمر القمة العربية-الإسلامية الطارئة، التي استضافتها السعودية في الثاني عشر من هذا الشهر، مقاطعًا كلمة بشار الأسد.
*6:
هناك الموقف الأميركي، وربطه باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وقطع طريق إمدادات حزب الله، هما ما يفسّر التهاون الروسي، حيث اقتصر أعلى موقف رسمي حتى اليوم الثالث على دعوة الأسد إلى إعادة فرض النظام في المناطق التي خسرها، وكأنّه قادر على فعل ذلك بقواه الذاتية. بينما، على الأرض، تم تناقل خبر انسحاب القوات الروسية من بلدة تل رفعت، ما قد يعني تركها لسيطرة فصائل معارضة تتمركز في ريف حلب الشمالي. وأهمية هذا التطور هي في أن السيطرة على تل رفعت تكمل تقريبًا الطوق حول الميليشيات الإيرانية المتمركزة في نُبّل والزهراء، بعد وصول الفصائل المهاجمة من جهة الغرب إلى تخومهما.
لن يكون الصمت الأميركي فقط على سبيل المحاباة لأردوغان، فهو مدفوع أولًا بالرغبة في قطع طريق الميليشيات الإيرانية المتصل؛ بدءًا من الحدود السورية مع العراق وصولًا إلى الحدود مع لبنان.
*7:
أن استخدام تعبير "الفصائل" بعموميته له دور التغطية على تجمع مكوّن بشكل أساسي من هيئة تحرير الشام، النصرة سابقًا، والغاية من التغطية هي التنصّل مما تمثّله النصرة في أذهان نسبة كبيرة من السوريين، بمن فيهم أولئك الذين تحت حكم ابو محمد الجولاني في إدلب وانتفضوا عليه قبل شهور قليلة ليس إلا. ولا يدخل في باب الطرافة فحسب أننا نجد تحويرًا مماثلًا للتسمية في إعلام الأسد، فالأخير دأب على تسمية مقاتلي حزب الله بـ"المقاومة الوطنية اللبنانية"!
أن الجولاني هو الرابح الأكبر حتى الآن. فهو الرابح إذا كان قد حقق هذه الإنجازات بقرار مستقل وإمكانيات ذاتية، ولا ينتقص منه أن يكون على العكس تمامًا قد تصرف بموجب إرادة إقليمية ودولية، فهذا يعني أنه كان مؤتمنًا على الإعداد للعملية وتنفيذها من دون باقي الفصائل التي لا تتمتع بانضباط وجهوزية يوثق بهما.
* الخرائط الإقليمية تتغير.. هجوم المعارضة السورية.. كيف ولماذا؟.
ما يمكن فهمه من واقع الحدث، تلك المعلومات التي تتسرب من كل جانب، هل هي حركة، ثورة عصابات جماعات سلفية مشددة، أن هي قوات المعارضة السورية من كل الاتجاهات، كانت تخطط وتستعد لهذه العمليات منذ أشهر.
معارك الايام الأولى في حلب وأدلب، تؤكد أن الفصائل المسلحة للمعارضة السورية اختارت توقيتًا ملفتًا، تزامن مع بدء وقف إطلاق النار في لبنان، كي تكسر هدوءًا طويلًا على الجبهات، استمر نحو خمس سنوات منذ آذار/مارس 2020، حينما بدأت عمليتها العسكرية الكبيرة "عمليات ردع العدوان"، باتجاه ريف حلب الغربي.
الباحثة المحلل السياسية السورية "صبا مدور" تقول ان العمليات العسكرية، حققت نتائج ميدانية مهمة منذ ساعاتها الأولى، وأصبحت الفصائل على بعد كيلومترات قليلة من غربي مدينة حلب، بعدما سيطرت على أراضٍ تبلغ مساحتها نحو 250 كيلومترًا مربعًا، وتضم العشرات من القرى والبلدات، ومواقع عسكرية مهمة للنظام والميليشيات الأجنبية، من أبرزها مقر الفوج 46.
مثل هذا التطور يتجاوز بأهميته ما تحقق فيه من إنجازات ميدانية، ليكون بمثابة رسالة سياسية واضحة، بضرورة إعادة النظر بمجمل الترتيبات السياسية السابقة المتعلقة بسوريا، في ضوء المتغيرات الإقليمية، والتهديدات الجدية التي تواجهها إيران، وميليشياتها، وما تعرض له حزب الله في لبنان من خسائر جسيمة ينبغي أن تظهر آثارها على الساحة السورية. ولعل زيارة بشار الأسد المفاجئة إلى موسكو الخميس، أو ربما استدعاؤه السريع إليها، هو نتيجة مباشرة وسريعة لما يحصل غربي حلب.
"مدور" لفتت إلى ما فرضته حالات الجمود العسكري، والهدن الطويلة في الحروب، قدرًا من تراجع الجاهزية القتالية، وترهل قدرات المقاتلين، والاطمئنان لحالة الوضع القائم، وربما يكون هذا الأمر أحد أسباب الهزائم الثقيلة والخسائر الكبيرة التي تعرضت لها قوات الجيش والنظام السوري والميليشيات المساندة لها.
تؤكد المحلل ان ذلك لم يكن حال القوات المهاجمة، وهو يعني أن قوات المعارضة، كانت تخطط وتستعد لهذه العمليات ربما منذ أشهر، في تفاعل مهم مع السياق الإقليمي، لم يكن مقبولًا تجاهله أو عدم الاستفادة منه. ومن الواضح، أن الفصائل، لم تضيع وقتها خلال السنوات الماضية في التهيئة لمعارك فاصلة.
الأمر الآخر والمهم، يتعلق بالحسابات التركية التي لا ينبغي إهمال تأثيرها الحاسم على هذه العمليات ونتائجها لحقائق العلاقة المباشرة لتركيا مع الفصائل المختلفة في شمال وشمال غرب سوريا، سواء من خلال الدعم، أو التفاهم والتنسيق، يمكن تصور أهمية هذه العمليات العسكرية للمصالح التركية على أكثر من صعيد. فمن جانب كررت أنقرة التعبير عن قلقها الشديد من تأثير الحرب الإسرائيلية على أمنها القومي، لا سيما في إمكانية استغلال ميليشيا قسد وحزب العمال فراغات القوة في سوريا للتوسع وتهديد الأناضول، ومن جانب آخر، فإنها أيضا لم تكن راضية بالتأكيد عن استخفاف النظام المستمر بدعوات الرئيس أردوغان للتطبيع مع دمشق، ورغبته بالاجتماع مع بشار الأسد لحل الخلافات والاتفاق على حلول للأزمة في سوريا.
لم يكن مقدرًا لتركيا أن تتجاهل هذين المتغيرين، كما لم يكن مقدر لها أيضًا أن تتجاهل الإهمال الروسي لمصالح تركيا الأمنية، وعدم اهتمامها بسلبية النظام في التعاطي مع دعوات الرئيس أردوغان، فضلًا عن أن الانتظار أكثر لما ستؤول إليه الأوضاع في الإقليم وفي سوريا بشكل خاص، بدا وكأنه خسارة مبكرة، في سياق صراع للسيطرة الإقليمية تخوضه إسرائيل وإيران، ويخسر فيه من يظل ينتظر نصيبه من الأذى والاختراق. بمعنى آخر، فإن تركيا، سواء كان لها دور ما في المعارك الحالية(..) أم لا، فإن ما حققته المعارضة من اختراقات ميدانية سريعة وواسعة، منحتها فرصة إيصال رسائل مباشرة لسوريا وجيشها، وللنظام ولروسيا وإيران مجتمعين، بضرورة إجراء ترتيبات جديدة، تتجاوز مرحلة سلسلة "أستانا" ومخرجاتها، وتضع قواعد جديدة للتعامل على الأرض، في ضوء الوقائع الإقليمية الجديدة.
ما يفهم جذريا وتكتيكيا، قول المحلل ان تطلعات الفصائل المعارضة في إدلب. لها المصلحة الحقيقية والمباشرة في إعادة ترتيب خرائط الانتشار وحدود التماس، بعدما قضت سنوات صعبة وهي تحاول معالجة متطلبات واحتياجات ملايين النازحين في إدلب، التي باتت تستوعب أربعة أضعاف عدد سكانها الأصليين، مع موارد محدودة. كان التوسع الجغرافي على حساب قوات النظام والميليشيات هو أحد الحلول المطلوبة لغرض توفير ملاذات مناسبة للنازحين. ولذلك لم يكن من باب الخيال العاطفي، الحديث عن أن الأراضي التي استولت عليها المعارضة يمكن أن تستوعب 150 ألف خيمة أو ما يصل إلى أكثر من نصف مليون شخص.
في الخلاصة، سياسيا وأمنيا، يعد التحرك القوي للأوضاع في شمال غرب سوريا، بحسب تحليل صبا مدور، تطورًا ينبغي مراقبته بعناية، ومتابعة مساراته، لأنه قد يكون بالفعل مقدمة لاحتمالات مختلفة. فهو قد يعيد الصراع المسلح، ويدفع أطرافًا أخرى مثل قسد والعشائر في دير الزور لفرض وقائع جديدة في محيطها الميداني، أو أنه سيفضي إلى عملية سياسية جديدة، تنتج شروطًا وأوضاعًا مختلفة على الأرض، أو أنها قد تقدم حلولًا لمجمل الأزمة السورية لأول مرة منذ 13 عامًا، أو أن المعارك الأخيرة ستشجع أطرافًا خارجية مختلفة على التدخل لفرض وقائع تخدمها في المنطقة، وتعزز من مكاناتها ومصالحها، في الخرائط الإقليمية المفترضة حين ينتهي هذا الصراع يومًا ما.
*حقائق الوضع عسكريًا وسياسيا وأمنيا.
*الحقيقة الاولي:
ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ينهي كل تبعاتها ويعيد لسوريا أمنها واستقرارها، ويحفظ سيادتها، ويخلصها من الإرهاب".
*الحقيقة الثانية:
"تظهر هذه التطورات الحاجة، بعد مرور ثلاثة عشر عامًا على بدء الحرب الأهلية السورية، إلى استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدون تأخير، من أجل التوصل أخيرًا إلى حل سياسي"
*الحقيقة الثالثة:
قالت الفصائل المسلحة في وقت مبكر من امس السبت، إنها وصلت إلى قلعة حلب وسط المدينة الواقعة في شمال سوريا، كما أنها وصلت إلى ساحة سعد الله الجابري الواقعة في قلب مدينة حلب.
ونقل المرصد السوري عن إحدى الفصائل المسلحة قولها إنها سيطرت على أكثر من نصف مدينة حلب من دون مقاومة.
*الحقيقة الرابعة:
رويترز، نقلت عن مصدر عسكري، إن السلطات السورية أغلقت مطار حلب، وألغت جميع الرحلات.
بعد أن اجتاحت فصائل مسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، يوم الأربعاء قرى وبلدات بمحافظة حلب التي تسيطر عليها الحكومة السورية.
وقالت الفصائل إنهم وصلوا إلى مدينة حلب، يوم الجمعة، بعد نحو عشر سنوات من إجبارهم على الخروج منها.
* الحقيقة الخامسة:
أعلنت المعارضة السورية، السبت، تقدم قواتها بشكل متسارع في اليوم الثالث من بدء عملية "ردع العدوان"، وسط انسحابات متتالية لقوات النظام السوري من مناطقة مهمة واستراتيجية. وقالت المعارضة السورية إنها وصلت إلى مشارف مدينة حماة بعد بسط سيطرتها على كامل محافظة إدلب، وحلب، فيما ذكرت مصادر محلية أن قوات فصائل المعارضة أحرقت مقار وحواجز لقوات النظام السوري في محيط مدينة تلبيسة بريف حمص بعد انسحابها منها.
*حلب وجوار ها في متاهة.
الحقائق السابقة تعلل الوضع، وهناك تفاصيل استراتيجية كثيرة رافقت ما أطلق عليها: معركة "ردع العدوان"؛ ففي يومها الخامس، كانت وفق مصادرها، داخل مدينة حلب، استكملت الفصائل السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها، ووجّهت ثقلها نحو ريفها الشرقي لتصل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. بينما التقت بفصائل الجيش الوطني القادمة من مدينة الباب، لتصبح مدينة حلب متصلة بمناطق درع الفرات، الخاضعة للنفوذ التركي.
.. والمنظور الآن إن محافظة حلب، على بعد ساعات من خلوها من التواجد الروسي والإيراني وقوات النظام بشكل شبه كامل، وإعلان السيطرة عليها، باستثناء مناطق سيطرة الأكراد.
.. أيضا، وفق الحقائق:
استكملت الفصائل المعارضة بقيادة تحرير الشام، السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها داخل مدينة حلب. كان أبرزها تلك القلاع المحصنة المتمثلة بالكليات الحربية والأكاديمية العسكرية، في الغرب، والجنوب الغربي، بعد معارك عنيفة دفعت قوات النظام للانسحاب نحو مطار النيرب العسكري، والريف الشرقي.
وبسطت نفوذها على مخيم حندرات وسجن حلب المركزي والمدينة الصناعية ومدرسة المشاة، بعد معارك عنيفة مع تلك الوحدات، لتصبح الأخيرة محاصرة ضمن الأحياء التي تقدمت عليها، مع حي الشيخ المقصود، الذي يخضع لسيطرتها بالأساس. وأصبحت تواصل الوحدات الكردية مقطوعًا بمناطق سيطرتها في تل رفعت.
كما، أعلنت غرفة عمليات "ردع العدوان" السيطرة على جبل شحشبو الاستراتيجي في ريف حماة الشمالي الغربي. وتهدف الخطوة لتأمين مناطق سيطرة الفصائل في جبل الزاوية في جنوب إدلب، والمتصل بذلك الجبل الاستراتيجي. يُذكر أن محافظة إدلب بالكامل أصبحت تحت سيطرة الفصائل. وأعلنت "الغرفة" ذلك رسميًا ليلة السبت الأحد،
.. وفي تسريبات متباينة، وقعت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة داخلها، مربوطة بمناطق سيطرة "الجيش الوطني" في منطقة درع الفرات، بدءًا بمدينة الباب. وتحقّق ذلك بعد إطلاق الجيش الوطني معركة "فجر الحرية"، وسيطرته على إثرها على مناطق شاسعة في الريف الشمالي الشرقي، أبرزها مطار كويرس، وذلك جنبًا إلى جنب، مع توسع سيطرة تحرير الشام في مدينة حلب، وسيطرتها على المدينة الصناعية في الشيخ نجّار.
الفصائل، عصابات معارضة تقدمت نحو الريف الشرقي، ووصلت إلى منطقة الخفسة الواقعة على ضفاف نهر الفرات، ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. وفي الريف الجنوبي، سيطرت على منطقة خناصر، وقطعت طريق أثريا- خناصر، وبالتالي قطع أي وصول للنظام وقواته إلى مدينة حلب. وكانت الفصائل قد قطعت الطريق الرئيسي "إم5".
وهي، بحسب ما نقلت منصة المدن اللبنانية، تنتظر بسط كامل نفوذها على الريف الشرقي والجنوبي، لإعلان السيطرة على محافظة حلب كاملة، وقطع أي وصول للنظام، لكنها في هذه الأثناء، تسمح لمن يرغب بمغادرة مدينة حلب، بمن فيهم عوائل ضباط النظام وعناصره.
يُشار إلى أن إعلان السيطرة الكاملة على المحافظة بحدودها الإدارية، بحاجة لسيطرة الفصائل على مدينتي منبج وتل رفعت، الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، ولذلك قد يتأخر الإعلان، ويقتصر على مدينة حلب، بسبب تعقيد السيطرة على منبج خصوصًا، لاعتبارات سياسية متعلقة بحسابات الولايات المتحدة.
.. ما زالت الصورة تتعلق بالسيطرة على حلب، اذ باتت خالية الوجود الإيراني، بعد السيطرة على أبرز مناطق وجودها وميلشياتها، في مخيم حندرات والنيرب، داخل المدينة، وفي نبل والزهراء في ريفها الشمالي، وعندان وحيّان في الريف الجنوبي. وذلك باستثناء الريف الشرقي، إلا أن المتوقع السيطرة عليه خلال ساعات. إذ بحسب المصادر، فإن الفصائل تخوض معارك الآن، على أبواب معامل الدفاع في السفيرة، والتي تعتبر مع البحوث العلمية، أبرز قواعد إيران، في كامل المحافظة. وكانت المعامل والبحوث قد تعرضت لقصف إسرائيلي متكرر، آخرها قبل نحو 3 أسابيع.
أما عن الوجود الروسي، فقد كانت أبرز مناطق تواجده في مطار كويرس، شرقًا، الذي سيطرت عليه فصائل "الجيش الوطني" بعد انسحاب الروس منه، بينما انسحبت الشرطة العسكرية الروسية من قواعدها في تل رفعت ومطار منغ شمالًا، وانسحبت أيضًا من داخل نقاط لها داخل مدينة حلب. ويبقى الوجود الوحيد للروس في المحافظة في منطقة منبج، الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، بينما أصبحت المدينة خالية تمامًا منه.
أما عن وجود النظام، فإنه أصبح خارج مدينة حلب بالكامل، ويقتصر وجوده الآن في بعض مناطق الريف الشرقي والجنوبي، وفي مناطق الأكراد في تل رفعت ومنبج.. استنادا إلى معلومات نشرتها المدن، وصولها مصادرها في الساحة السورية.
*.. بعد" حلب"المنطقة تخضع لعملية جراحية نوعية.
يرى المحلل السياسي الاستراتيجي، منير الربيع، في مجموعة من التحليلات التي قدمها مؤخرا، أن مؤشرات الأحداث التي تتسارع في المنطقة تدلل على مجموعة من الوقفات الجيوسياسية، هي:
*الوقفة الاولى: أهداف السفاح نتنياهو.
على الرغم من محاولات رئيس وزراء حكومة إئتلاف اليمين المتطرف التوراتي الإسرائيلي السفاح نتنياهو ووزرائه اليمينيين تقديم ورقة وقف إطلاق النار في لبنان لصالح تنفيذ خطتهم لضم أجزاء من قطاع غزة، والتفرغ للضفة الغربية، في موازاة إعلان نتنياهو نفسه عن التفرغ لمواجهة إيران، وتوجيه تحذير مباشر للنظام السوري، لجهة ردعه عن الاستمرار في تهريب الأسلحة إلى حزب الله. ومنذ عقود لا يمكن فصل لبنان عن تطورات فلسطين وسوريا. أي اشتعال أو تهدئة في أي من هذه الدول، لا بد أن يتردد صداهما في الأخرى. ولذلك فإن اتفاق وقف النار سيكون له تداعيات على هذه الملفات.
*الوقفة الثانية:التنسيق المسبق بين تركيا أميركا.
تحرك تركي عسكري في سوريا بناء على التنسيق المسبق بين تركيا وأميركا، خصوصًا مع إبداء الأتراك الاستعداد للدخول إلى مناطق شمال شرق سوريا، في حال انسحب الأميركيون من هناك، وسط رهان تركي على التفاهم حول هذه النقطة مع دونالد ترامب.
*الوقفة الثالثه:فتح معركة حلب.
تحرّك قوى المعارضة السورية في فتح معركة حلب، والتي تشكل ضغطًا من عنصرين، أولًا من الأتراك على النظام في مسألة استمرار وضع الشروط لإنجاز المصالحة مع تركيا. وثانياَ، ضغط أميركي على دمشق حول فتح الكثير من المعارك على النظام، في حال لم يلتزم بوقف تهريب الأسلحة إلى لبنان.
*الوقفة الرابعة:التفاهمات والتقاطعات الإقليمية،
أمام تحديات كثيرة، من بينها استمرار هذه التفاهمات والتقاطعات الإقليمية، حتى ما بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والوصول إلى صيغة ملائمة بشأن نفوذ إيران ووضع حلفائها في المنطقة، ولا سيما في لبنان، سوريا، والعراق.
.. ويبدو ان النتيجة المرحلة الأولى والضعف، هي الحراك العسكري للمعارض ودعم العصابات في سوريا، وبالتالي أشغال المنطقة والإقليم الأزمة السورية من جديد.
*الدور الإسرائيلي
في تحليل ومتابعة لما تعرضه أو تقدمه وتبثة شاشات إسرائيلية، التي عمدت إلى استضافة معارضين سوريين من إدلب وغير مدينة سورية، تابع الكاتب الفلسطيني
أدهم منارة، ما يجري في الإعلام الإسرائيلي:
*عبد الكريم العمر في لقاء مع قناة "مكان" الإسرائيلية.
ظهر ناشطون وصحافيون معارضون من إدلب تحديدًا، على شاشات إسرائيلية، بشكل غير مسبوق للحديث عن تطورات المعركة المفاجئة في شمال البلاد، بعد سنوات من ظهور شخصيات سورية تروج لـ"التطبيع الإعلامي" وتقبل بظهورها في الإعلام الإسرائيلي لكونها تنسجم عمومًا مع الليبرالية الغربية وتقيم خارج سوريا، من أمثال كمال الليبواني وهيفي بوظو، وغيرهما.
وكانت أحدث استضافة من هذا النوع في الساعات الماضية، خروج الناشط عبد الكريم العمر على شاشة التلفزيون العبري الرسمي "مكان"، في مقابلة مدتها 8 دقائق، ليتحدث عن تطورات عملية المعارضة في سوريا. وبدأ العمر حديثه بالتنويه أنه موجود في الطرف الشرقي لإدلب.
وركز مذيع "مكان" على أسئلته على نقاط محددة منها معرفة الفصيل الرئيسي الذي يقود عملية المعارضة للسيطرة على حلب ومناطق في إدلب وغيرها، في إشارة ضمنية إلى "هيئة تحرير الشام" التي فكت ارتباطها شكليًا بتنظيم "القاعدة" قبل نحو عشر سنوات، ليجيبه العمر بأن كل الفصائل حاضرة في غرفة العمليات، ولا سيطرة لفصيل معين على قيادة العملية، منوهًا لإشارات طمأنة من المعارضة للأقليات والجميع في الداخل، وأيضا إلى الخارج بوصفها "عامل استقرار إقليمي".
وطرح مذيع النشرة المسائية في التلفزيون العبري، سؤالًا انتهازيًا بشأن تسهيل الحرب الإسرائيلية على "حزب الله" في لبنان، و"إضعافه"، لعملية المعارضة السورية، لكن العمر سارع إلى نفي وجود أي علاقة أو رابط بين الأمرين، بقوله "لا علاقة بين ما يحدث في لبنان وما يجري في سوريا".
رغم ذلك، لم يتردد العمر في طمأنة إسرائيل، ولو ضمنيًا، في معرض تعليقه على ما قاله المذيع بشأن متابعة إسرائيل للتطورات السورية بـ"حذر شديد"، بدعوى الخشية من اقتراب "الفوضى وقوى إرهابية من حدود إسرائيل". ورد العمر بالقول أنه "لا توجد في فصائل الثورة قوى إرهابية. وإنما حزب الله والنظام السوري والميليشيات الإيرانية وداعش"، محاولًا تقديم فصائل المعارضة في صورة "عامل استقرار للمنطقة. لا إشعالها".
*المقاتل سهيل حمود !
أن هذه النوعية من مقابلات لناشطي ومقاتلي المعارضة مع قنوات عبرية، تستغلها سوريا وحلفاؤها، لتثبيت الدعاية الرسمية الرامية إلى وسم المعارضة بـ"العميلة"، وأن العملية التي شنتها أخيرًا للسيطرة على حلب وغيرها "مدعومة إسرائيليًا"، وهو أمر تنفيه المعارضة وتؤكد أن دوافعها "وطنية سورية"، وهدفها التخلص من "ظلم النظام"، وعودة النازحين إلى بيوتهم وومتلكاتهم بعد سنوات من الغياب القسري.
والواقع أن عبد الكريم لم يكن المعارض الوحيد الذي خرج من سوريا على قناة إسرائيلية أخيرًا، بل واظب مراسل قناة "كان 11" للشؤون العربية، روعي كيس، على استضافة معارضين من الداخل السوري في الأيام الأخيرة، وكان أبرزهم أحد المقاتلين المشاركين في عملية السيطرة على حلب، سهيل حمود، والمعروف بلقب "صياد الدبابات"، حيث خاطب الإسرائيليين في تسجيل صوتي، لطمأنتهم من "المعارضين الإسلاميين"، بقوله أن الإسرائيليين "يجب أن يخشوا من بشار الأسد وإيران وحزب الله وليس منا، فأنتم تعرفون سلوك إيران وبشار الأسد الذي يتصرف بقوة أشد من الإسلاميين".
*"تطبيع إعلامي من معارضين سوريين إسلاميين".
دولة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني تنظر بحذر شديد إلى الجناح الإسلامي للمعارضة، رغم "رسائل الطمأنة عبر بعض مقاتليها"، لأن تل أبيب تعتقد أن هؤلاء الإسلاميين يتبنون النظرية "الميكافيلية"، أي أن "الغاية تبرر الوسيلة"، بمعنى أن تل أبيب تتعامل مع فرضية أن هذه المعارضة تبعث الآن رسائل "طمأنة" لإسرائيل "تحت عنوان العدو المشترك"، حتى التمكن من السيطرة الكاملة من دون إعاقات، وبعد ذلك تنتهج سياسة "معادية نحو إسرائيل"، كما حصل في تجارب سابقة. فإسرائيل "لا تثق بالإسلاميين.. حتى لو هادنت معهم أحياناَ".
*إسرائيل تقايض الأسد وروسيا. لماذا في هذا الوقت؟
دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية تحاول فهم ما يدور في عقلية المعارضة السورية، وفي الوقت نفسه تسعى إلى استغلال تطورات المشهد السوري، لمقايضة النظام السوري وروسيا، في ضوء تسريبات إعلامية تحدثت عن تقديم إسرائيل عرضًا لروسيا، بالتوسط بينها وبين واشنطن في المسألة الأوكرانية، وأمور أخرى، مقابل أفعال من موسكو وبشار الأسد في الموضوع الإيراني، ومنع نقل أسلحة إلى حزب الله في لبنان.
يقود ذلك إلى فهم العقلية الإسرائيلية في النظرة إلى المعارضة والنظام منذ العام 2011 مع بقاء تل أبيب على الحياد عمومًا، حيث يستند "منطق" إسرائيل إلى "الارتياح" أكثر لبقاء النظام السوري، تحت عنوان "مَن أعرفه أفضل مما أشك فيه"، لكنها تريد في الوقت نفسه توظيف التطورات الميدانية في سوريا، كعامل ضغط على نظام الأسد وداعمته روسيا، من أجل فتح "حوار" أساسه مقايضة ملفات متعددة، وصولًا إلى تحقيق المصلحة الإسرائيلية، ولو بعد حين، بحسب تقارير إعلامية متباينه تناقلت ها وسائل الإعلام الإسرائيلية.
*ما يجري في سوريا مخاض جديد
يمكن النظر إلى أن ما يجري في سوريا مخاض جديد لا ينفصل عن التطورات التي شهدتها المنطقة بعد طوفان الأقصى.
لا تنفصل المعركة، يرى المحلل الربيع، التي فتحتها قوى المعارضة السورية في حلب عن كل تطورات الوضع في المنطقة. بعيدًا عن أي تفسيرات "تآمرية" لتوقيت هذه الخطوة، لا شك أن المعارضة اختارت لحظة سياسية وعسكرية مفصلية لتدشين هجومها. فقد استغلّت تراجع قوة إيران وحلفائها، إلى جانب الأزمة المتفاقمة التي يعاني منها النظام السوري نتيجة عوامل متعددة. ومما يزيد المشهد تعقيدًا، أن الملف السوري لا يمكن عزله عن الملفات اللبنانية والفلسطينية، في ظل التحولات الكبرى التي تمر بها المنطقة، بدءًا من الحرب في غزة وصولًا إلى نتائج الانتخابات الأميركية وفوز دونالد ترامب، الذي يسعى إلى التقارب مع روسيا لحل الأزمة الأوكرانية، وسط توقعات بأن يكون لهذا التقارب ثمن في الملف السوري. هذا بالإضافة إلى إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرًا عن استعداد تركيا لتحمل مسؤولية إدارة مناطق الانتشار الأميركي في سوريا، في حال قرر ترامب الانسحاب منها.
* استراتيجية "الربيع " في تحليل الأسباب ونتائجها، بعد سقوط حلب.
نقاط عديدة يراها المحلل الاستراتيجي، من واقع عمله التراكمي سياسيا وأمنيا وإعلامي، يمكن تسجيلها حول توقيت معركة حلب وادلب ومآلاتها:
*أولًا:
التقدم الإسرائيلي الذي جرى على مدى الأسابيع الماضية في الجنوب باتجاه القنيطرة والقيام بعمليات تجريف ورفع سواتر في إطار فصل "الجغرافيا السورية عن الجغرافيا اللبنانية" لقطع طرق الإمداد والمدى الواسع الذي يمكن لحزب الله أن يتحرك ضمنه.
*ثانيًا:
تهديدات إسرائيلية واضحة للنظام السوري في ضرورة التوقف عن السماح بإدخال الأسلحة والإمداد العسكري لحزب الله في لبنان.
*ثالثًا:
مفاوضات غير مباشرة ومباشرة حاول النظام السوري خوضها مع الولايات المتحدة الأميركية في سبيل إعادة تعويم نفسه مقابل ضغوط وشروط أميركية واضحة تدفع إلى إحداث تغييرات سياسية.
*رابعًا:
خروقات عديدة من قبل النظام السوري والإيرانيين على مدى الأشهر السابقة لكل اتفاقات خفض التصعيد في آستانا ومواصلة تنفيذ هجمات ضد مناطق المعارضة.
*خامسًا:
قدرة تركيا على لعب دور أساسي وفاعل في سوريا، وإبداء الاستعداد للعب دور مستقبلي في غزة وحتى في لبنان من خلال تعزيز دورها في قوات اليونيفيل.
*سادسًا:
محاولة تركيا أكثر من مرة إجراء مصالحة مع دمشق والتي رفضها الأسد مصرًا على وضع الكثير من الشروط.
*سابعًا:
استشعار قوى المعارضة السورية فتح مسار جديد على المستويين الإقليمي والدولي لتقويض نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، وإمكانية تكريس ذلك في سوريا.
استعادة من "الحضن الإيراني"
كل هذه العوامل يمكنها أن تتداخل وتتقاطع في مكان، وتتضارب في مكان آخر، ما يطرح الكثير من الأسئلة، حول مدى التقدم الي ستحرزه قوى المعارضة وإذا كان سيقتصر على حلب والبقاء فيها، أم سيتوسع باتجاه محافظات أخرى.
وعلى وقع هذه المعارك ستفتح أبواب كثيرة للتفاوض بين القوى الإقليمية والدولية المتشابكة أو المتقاطعة فوق الجغرافيا السورية. أحد أبرز عناوين التفاوض ستكون مواصلة الضغوط السياسية على دمشق لتقديم ما يجب تقديمه في سبيل قطع طرق الإمداد عن حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى تقديم تنازلات سياسية. وهو لا ينفصل أيضًا عن محاولات دول عربية عديدة منذ أشهر للانفتاح على دمشق تحت مسمّى "استعادة سوريا من الحضن الإيراني" والعمل على تقويض النفوذ الإيراني هناك مقابل إعادة تعويم النظام وتوفير المساعدات اللازمة له.
.. لا يمكن أن تكون معارك حلب وادلب وغير مدينة سورية، إلا أن تعيدنا إلى فهم دلالة التهديدات الإسرائيلية العدوانية في تغيير وقائع المنطقة، أو تغيير وجه الشرق الأوسط بمعانيه الأمنية والسياسية، وهو ما أرادت تل أبيب تكريسه في لبنان وفي غزة، وبعدهما تريد الانتقال باتجاه دمشق وبغداد، تحت عنوان مواجهة إيران.
أمنيًا، وعسكريًا وسياسيا التصورات مفتوحة على الغرب، في سوريا كما في لبنان، في سبيل تغيير هذه الوقائع، ومحاولة إسرائيل استغلال تقدّم المعارضة لإضعاف النظام أكثر، وصولًا إلى قطع "الكوريدور" الإيراني الاستراتيجي من طهران، إلى بغداد،، دمشق، بيروت، وربما تتبعثر طربة الصوف إلى نهايات أصعب.
.. شبح التوسع في حروب مرتقبة ازدادت اتجاهات، والاتفاق في لبنان ما زال عشا، والاسرار تتمدد بعد ما حدث في حلب وأدلب.