"امسك حرامى".. كواليس ليلة قضاها عمر الشريف بقسم الشرطة متهمًا بسرقة سيارة
تعرض عمر الشريف، النجم المصري العالمي، لموقف عصيب قضى إثره ليلة في قسم الشرطة، وهو ما كشف تفاصيله لمجلة الكواكب الفنية بعددها الصادر في عام 1955، وكيف أنه وخلال تصويره أحد الأفلام بميناء الإسكندرية مرتديًا ثياب الحمالين ممن يعملون في الميناء، تعرض للاشتباه وقبض عليه عسكري المرور وقاده إلى القسم.
وقال عمر الشريف: "حدث وأنا أسير في أحد شوارع حي اللبان أن اعترض سبيلي عسكري المرور الذي نظر إلى ملابسي وعلى طريقة من يضع يده على سر خطير قال: "ضبطتك يا حرامي.. هو أنت اللي بتسرق العربيات ومدوخ البوليس عليك"، فقلت له في دهشة: "حرامي إيه يا عم دي عربيتي"، فرد: "وكمان بتقول عربيتك يا لص يا خارج عن القانون، يا شيخ منصر، قدامي على القسم".
وأضاف: هنا اضطررت لأن أقول له: يا شاويش أنا عمر الشريف الممثل، كنت بمثل في المينا،. فطلب مني الرخصة ولم تكن معي، فقد كنت قد تركتها في جيب سترتي بالفندق، فقلت لعسكري المرور: "الرخصة مش معايا يا حضرة"، فقال: "تبقي حرامي على القسم من فضلك متضيعش وقت الحكومة".
وتابع: كان جمهور من الناس قد تجمع حول السيارة، وقد لمحت الشر في أعين البعض منهم، والذين عرفوني رغم المكياج لم يستطيعوا أن يدافعوا عني لأن العسكري قال لهم: "اللي هيتكلم كلمة واحدة يبقي شريكه وزميله في العصابة"، ولم أجد مناص من أن أذهب إلى قسم البوليس، فهناك أبتعد عن ضجة الناس وأستطيع الاتصال بـ"فاتن" في الفندق، لتحضر لي الرخصة وأثبت للعسكري الذكي أنني لست اللص الذي يبحث عنه، ووصلنا لقسم البوليس، وطلبت أن أقابل الضابط، فقال لي العسكري: كمان عاوز تقابل الضابط مش خايف يعني؟ أنت تقعد هنا زي حاجة محطوطة لحد ما يرجع حضرة الضابط.
والله ووقعت يا باشحرامي
ويمضي عمر الشريف في سرد وقائع ليلته التي قضاها في قسم الشرطة: كان يجلس أمامنا باشجاويش على ذراعه أشرطة حمراء، كان يكتب ولا يرفع رأسه عن الورق إلا لينظر لي نظرة احتقار ثم يقول وهو لا ينقطع عن الكتابة: "والله ووقعت يا باشحرامي"، وسألته متي يعود الضابط؟ فرد: "أقولك ليه، أنت حرامي ولا مفتش بوليس، اقفل بوقك يا متهم"، كانت قسوة من كل ناحية، وأدركني الغيظ من كل ما يفعلون ولم يكن في استطاعتي أن أفعل شيئًا في هذا الموقف، وقررت أن أسلم أمري لله وأنتظر عودة الضابط، لأن الضابط سيعرفني حتمًا ويصحح الأوضاع، وظللت واقفًا، فقد كنت مخيرًا بين أن أقف وبين أن أجلس على الأرض، وكان كل عسكري يدخل ينظر لي شزرًا وهو يقول: "ده إحنا هانعشيك الليلة"، وكنت أعرف معني العشاء، أنه علقة من نوع فاخر.
فاتن تبحث عن عمر في المستشفيات وأقسام البوليس
ويستكمل عمر الشريف كواليس احتجازه بقسم الشرطة للاشتباه بأنه لص سيارات: نظرت للساعة فوجدتها السابعة، وأخذت أتصور ماذا ستفعل "فاتن" حين تنتظر عودتي فلا أعود؟ ستتصل بالمخرج وزملائي فتعلم أنني خرجت، فتبحث عني في المستشفيات وأقسام البوليس، وتكاثرت الأفكار على رأسي، واقترحت على العسكري أن يذهب بي إلى المحافظة فأقابل أي أحد من المسئولين فيها، ولكنه قال: "القانون مايسمحش يا حضرة، لازم تستنى الضابط"، وظللت أنتظر على نار، وحاولت أن أبعد من رأسي صورة القلق الذي ينتاب "فاتن" وصورة السهرة التي كنا نحلم بقضائها والسهرة التي أقضيها الآن في قسم البوليس، وتقضيها هي بين الظنون والمخاوف.
وقال: في العاشرة تمامًا أقبل الضابط، نظر لوجهي وقبل أن أبدأ الحديث قال: "أستاذ عمر الشريف أهلًا وسهلًا"، وصعق العسكري والباشاويش، وشرحت للضابط كل الذي حدث، فعتب على العساكر أنهم لم يمكنونني من الاتصال التليفوني لأثبت لهم شخصيتي، وقدم لي اعتذاره لما حدث، وكان أول ما فعلته أن اتصلت بفاتن لأقول لها أنني حي أرزق، كانت عاملة التليفون في الفندق سعيدة وهي تسمع صوتي، وقبل أن توصلني بفاتن قالت لي: "يا أستاذ دي الست قلبت الدنيا عليك"، وضحكنا أنا والضابط لهذه المفارقة اللطيفة المغيظة، وعدت إلى الفندق في دقائق بسيارتي.. والله سيارتي، وأصررت على أن نقضي السهرة حيث أردنا، حتى ننسى ما كان من أمر ليلتنا في قسم البوليس.