خرج جثمانه من المسرح القومي
صاحب "سر طاقية الإخفاء".. تفاصيل مسيرة عبدالمنعم إبراهيم الفنية
عبدالمنعم إبراهيم، صاحب "سر طاقية الإخفاء"، واحد من أبرز من حجز الدور الثاني في السينما المصرية، وهو قاسم مشترك بين المئات من الأفلام السينمائية، وواحد من مشاهير الكوميديا في الفن المصري.
عبدالمنعم إبراهيم، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1926، ورغم موهبته المتفجرة فإن المخرجين والمنتجين حصروه في الدور الثاني، الكوميديا تحديدا برغم نجاحه الساحق في أداء أدوارقليلة تراجيدية أشهرها دوره في أعمال "الشهد والدموع، أولاد آدم، هي والمستحيل، ولسه بحلم بيوم، زينب والعرش، وغيرها العديد.
وقف ليؤدى مشهدًا كوميديًا يوم وفاة والدته
في كتابه "عبدالمنعم إبراهيم.. عصفور الفن"، يذكر مؤلفه أحمد سعدالدين، موقفا صعبا علي أي إنسان أن يقفه خاصة وقت معرفته برحيل أحد والديه:، ففي يوم امتحانه للقبول في المعهد العالى للفنون المسرحية، توفيت والدته وكان بصدد عدم الذهاب للامتحان وضياع حلمه لولا وجود صديقه عبدالمنعم مدبولي الذى أقنعه بأن الامتحان واجب وتحد لا بد من عبوره حتي يثبت نفسه، وبالفعل وقف أمام اللجنة يؤدي مشهدا كوميديا وعيناه مليئة بالدموع، وعندما ابتسمت له السينما وأصبح يجسد بطولات استدعاه الطبيب وأخبره بأن زوجته مصابة بمرض السرطان في مرحلة متأخرة وأن الحياة بالنسبة لها مسألة وقت لا أكثر.
عبدالمنعم إبراهيم.. الأب والأم والشقيق والسند
ويضيف “سعدالدين”: في بداية طريق النجومية، يجد عبدالمنعم إبراهيم نفسه مسئولا عن بناته اللاتي فقدن والدتهن وعن إخوته الصغار الذين فقدوا والدهم وأصبح العائل الوحيد للأسرة فكيف ستسير به الحياة وهو مقيد بكل تلك الصعوبات ومطلوب منه أن يقف يوميا علي خشبة المسرح ليضحك الجمهور.
وفي حياته الفنية بدأ عبدالمنعم إبراهيم في المسرح مع أستاذه زكي طليمات الذي ضمه لفرقة المسرح الحديث فور تخرجه وقدم عددا من الروايات الناجحة منها، البخيل، في خدمة الملكة، مسمار جحا، صندوق الدنيا، قصة مدينتين، كسبنا البريمو، كفاح شعب، نفوسة، أصحاب العقول، المزيفون، مضحك الخليفة.
ثم انتقل لفرقة إسماعيل يس وقدم معها رواية “ثلاث فرخات وديك” لكنه لم يجد نفسه في فرق القطاع الخاص فعاد مرة أخري للمسرح القومي، حيث قدم خلال مشواره هناك العديد من التحف الفنية مثل معروف الإسكافي، حلاق بغداد، سكة السلامة، السلطان الحائر، علي جناح التبريزي وتابعه قفة.
في تلك الفترة كان مخرجو السينما يسندون له أدوارا صغيرة لا تكاد تذكر، لكنه استمر حتي يحقق ذاته وظل كذلك أكثر من خمس سنوات يشارك في فيلمين أو ثلاثة في السنة، حتي جاء عام 1957 والذي كان وش السعد عليه حيث شارك خلاله في عشرة أفلام متميزة منها مشاركته بفيلمين مع عبدالحليم حافظ وفيلم مع فريد الأطرش بالإضافة إلي دوره المميز مع إسماعيل يس حين شاركه فيلم “إسماعيل يس في الأسطول” وغيره من الأدوار التي حققت نجاحات كبري.
عبدالمنعم إبراهيم.. السيرة أطول من العمر
ويلفت "سعدالدين" إلى أن عبدالمنعم إبراهيم قدم قرابة المائتي فيلم جسد خلالها العديد من الشخصيات المختلفة، فرغم أنه قدم بطولة مطلقة مرة واحدة (خطأ وقع فيه مؤلف الكتاب أحمد سعد الدين فهناك أكثر من فيلم قام خلاله عبدالمنعم إبراهيم بالبطولة المطلقة منها فيلم “أيامي السعيدة” إنتاج 1958، وشاركته البطولة فيروز وحسن فايق) إلا أنه قدم بطولات عديدة من خلال الدور الثاني، فعلي سبيل المثال في فيلم سكر هانم كانت البطولة الحقيقية في الفيلم لصالح عبدالمنعم إبراهيم، رغم وجود كمال الشناوي وعمر الحريري وسامية جمال وعبدالفتاح القصري وحسن فايق، لكن الشخصية المحورية داخل العمل كانت شخصية عبدالمنعم إبراهيم، الذي برع في تقديم دور سكر هانم داخل الأحداث وهي الشخصية النسائية التي سمي الفيلم باسمها.
وعن الملامح الإنسانية في شخصية عبدالمنعم إبراهيم، يذكر الكاتب أنه: ظل عبدالمنعم إبراهيم يعمل في المسرح والسينما والتليفزيون حتي نهاية حياته، فقد كان يحب العمل ويعتبر المسرح شيئا مقدسا بكامل طقوسه والتزماته، لم نسمع عنه يوما أنه تشاجر مع زميل أو أخذ دورا كان لأحد زملائه، علي العكس ما أن تسأل عن اسم عبدالمنعم إبراهيم إلا وتجد من يترحم عليه سواء من الذين عاصروه وتعاملوا معه مباشرة أو من الذين سمعوا عنه من آبائهم أو أقاربهم في الوسط الفني أو من المتابعين للحركة الفنية، كل هؤلاء يجمعون علي حب الرجل الذي لم يكن له أعداء، بل كان محبا للجميع ويهتم بكل من يعمل معه سواء كان نجما أو عامل الاستديو علي حد سواء، كان أقرب أصدقائه من الوسط الفني كمال الشناوي وعبدالمنعم مدبولي وعدلي كاسب.
عبدالمنعم إبراهيم هذا الرجل الذي عشق الفن وتحديدا خشبة المسرح ظل طوال حياته لا يتأخر لحظة عن موعد البروفة أو رفع الستار، كان يرى أن التقاليد المسرحية التي تعلمها من جيل الأساتذة مثل زكي طليمات ويوسف وهبي وجورج أبيض لا بد أن نحافظ عليها، وبالفعل حافظ عليها حتي اليوم الأخير في حياته، وكانت وصيته أن يخرج جثمانه من نفس المكان الذي أحبه وشهد خطواته الأولي، من المسرح القومي، وتحقق له ما أراد.