رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

1000 يوم من الحرب فى أوكرانيا: الأسس التى تنظم سياسة الردع النووى الروسى

.. مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ووصولها لألف ليلة وليلة، من الحرب التى تعتبرها روسيا الاتحادية مهمة، قوات تتفقد معسكراتها مثلًا، خاصة فى الأرض الأوكرانية. 
لكن حقيقة الوضع، أنها حرب مفتوحة وتأكل خاصرة روسيا من جانب، والخاصرة الأسوأ، خاصرة أوكرانيا التى يفترض أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وحلف شمال الأطلسى، الناتو، هو الداعم الحليف لأوكرانيا فى الحرب التى وثقت أهوالها، بمرور «ألف ليلة وليلة» من جحيم الحرب، الدمار والتهجير.. ما يحدث فى دهاليز الحروب السائدة فى العالم، تلك العلامات الأمريكية، فالرئيس الروسى فلاديمير بوتين وافق، اليوم، على وثيقة «أسس سياسة الدولة للاتحاد الروسى فى مجال الردع النووى». 
.. وهى وثيقة تحركت قيمتها العسكرية والأمنية، بعد أن سمح الرئيس الأمريكى جو بايدن، بالتنسيق بين البنتاجون والإدارة الأمريكية، على السماح للجيش الأوكرانى باستعمال الأسلحة الأمريكية فى الحرب على روسيا؛ وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قد نقلت عن مسئولين أمريكيين قولهم إن الرئيس جو بايدن، سمح لأوكرانيا بأول استخدام للصواريخ طويلة المدى التى زودتها بها الولايات المتحدة من قبل، لشن ضربات داخل روسيا. وأضاف المسئولون أنه من المرجح أن يجرى استخدام الأسلحة فى البداية ضد القوات الروسية والكورية الشمالية دفاعًا عن القوات الأوكرانية فى منطقة كورسك، غرب روسيا.

*بوتين يلوح بالترسانة النووية.

.. فى الدلالات المؤشرات العسكرية والأمنية، لا جديد فى الموقف الروسى من تبييت الحرب، التى تستمر وفق سياسة حرب استنزاف، كر وفر، ضغوط مشتركة، مفاوضات سرية هنا وهناك،، التطور الجديد، تحولات فى مفهوم سردية الحرب فى روسيا الاتحادية، وهى تتزامن مع دخول الحرب فى أوكرانيا يومها الألف، وما زالت مفتوحة الجبهات. 
ما قد يعتبر تحولًا أو تطورًا جديدًا، يصل حد التهديد فى إمكانية استخدام روسيا لترسانتها النووية، بالذات بعدما صادق الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، على تحديث، ما يعرف اصطلاحًا بـ«العقيدة النووية الروسية».
.. الحدث وضع الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، وحلف الأطلسى، والمجتمع الدولى، أمام اختناقات غير متوقعة، إذ رجع العالم ينتظر شبح الحرب النووية. 
.. مسار دراية العالم بما يحدث فى هذه الحرب، أن روسيا، كشفت عن  وثيقة نُشرت على الموقع الإلكترونى للحكومة الروسية، مع أخبار رسمية؛ أن الرئيس فلاديمير بوتين وافق اليوم الثلاثاء، على تحديث للعقيدة النووية، دون تعليقات أو تفسيرات أو مبررات.

فى خلفية الأحداث، كان بوتين قد أمر قبل أسابيع  من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بإجراء تغييرات على العقيدة النووية لتنص على أنه: «من الممكن اعتبار أى هجوم تقليدى على روسيا بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية هجومًا مشتركًا على روسيا».
ويتضمن التحديث؛ «السماح باستخدام أسلحة نووية ضد دولة لا تملك هذا النوع من السلاح إذا كانت مدعومة من قوى نووية».
.. كل المؤشرات الجيوسياسية الأمنية، تعزز أن ما جاء فى  هذا القرار الروسى العسكرى، هو نتيجة حتمية بعدما أعطت الولايات المتحدة موافقتها المفاجئة لأوكرانيا  تعنى: «السماح للجيش الأوكرانى استخدام صواريخ طويلة المدى لضرب أهداف عسكرية داخل روسيا».
فى السياق نفسه قال الكرملين إن الهدف من العقيدة النووية الروسية المحدثة، ببنودها وصيتها الجديدة، هو «جعل الأعداء المحتملين يدركون أن الرد على أى هجوم على روسيا أو حلفائها أمر حتمى».
.. ونقل رسميًا عن المتحدث باسم الكرملين «دميترى بيسكوف» من أن: «أى هجوم على روسيا من قبل دولة غير نووية بمشاركة دولة نووية سيعد هجومًا مشتركًا».

*«الدستور» حصلت على وثيقة الردع النووى الروسى التى وقعها الرئيس الروسى بوتين. 
الوثيقة تنص، وفق بنودها التى جرى تجديدها، على التالى:
*1: استخدام الأسلحة النووية.

روسيا قد تستخدم الأسلحة النووية فى حالة العدوان عليها أو على بيلاروسيا والذى يشكل تهديدًا خطيرًا للسلامة الإقليمية. 
*2: الردع النووى.

ضمان الردع النووى يتم من خلال وجود قوات ووسائل فى القوات المسلحة الروسية قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بالعدو باستخدام الأسلحة النووية. 
*3: خطر الدول غير النووية.

نشر الأسلحة النووية على أراضى الدول غير النووية يشكل خطرًا عسكريًا رئيسيًا على روسيا الاتحادية
*4: شمولية الردع الجديد.

الردع النووى الروسى يشمل القوات البرية والبحرية والجوية.

*5: وقت السلم وأثناء التهديد عدوان.

الردع النووى يتم تنفيذه بشكل مستمر فى وقت السلم وأثناء التهديد بعدوان وفى وقت الحرب حتى بدء استخدام الأسلحة النووية.

*6:.. لمنع أى تصعيد.

روسيا تبذل كل الجهود اللازمة لمنع أى تصعيد قد يؤدى إلى صراعات عسكرية، بما فى ذلك النووية.

*7: إطلاق صواريخ باليستية لمهاجمة روسيا.

المعلومات الموثوقة حول إطلاق صواريخ باليستية لمهاجمة روسيا أو حلفائها تجعل من الممكن استخدام الأسلحة النووية ردًا على ذلك
*8: امتلاك العدو أسلحة نووية.

امتلاك العدو أسلحة نووية يشكل خطرًا ولتحييده يتم تنفيذ الردع النووى لروسيا الاتحادية.

*9: حماية الحدود الروسية.

إنشاء أو توسيع التحالفات القائمة مع اقتراب البنية التحتية العسكرية من الحدود الروسية يعد أحد المخاطر العسكرية الرئيسية. 
*10: إجراء مناورات عسكرية.

التخطيط وإجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من الحدود الروسية من قبل عدو محتمل يعتبر من الأخطار الرئيسية التى تواجهها روسيا. 
*11: سياسة الدولة الروسية.

أساسيات سياسة الدولة فى مجال الردع النووى يمكن تنقيحها تبعًا للعوامل الخارجية والداخلية.
*12: قرار استخدام النووى بيد الرئيس الروسى.

اتخاذ قرار استخدام الأسلحة النووية يتم من قبل الرئيس الروسى وإذا لزم الأمر يمكنه إبلاغ الدول الأخرى بهذا الاستعداد. 
*13: السيطرة على القوات النووية.

مركزية السيطرة على القوات النووية، بما فيها تلك المتواجدة خارج الأراضى الروسية تعتبر من مبادئ الردع النووى.

*الحدث حول العالم.

القرار السيادى للرئيس الروسى بوتين، حرك مسار ومخاوف عالمية دولية، انصب أغلبها على  إمكان توسيع الأعمال العسكرية الروسية، مع أو اللجوء للسلاح النووى. 
.. وفهم من وثيقة العقيدة النووية، خطوة  عسكرية، أمنية بعيدة المدى، تأتى بعد منح  الولايات المتحدة الأمريكية، البنتاجون موافقتها للجيش الأوكرانى بضرب العمق الروسى، دون محددات أو شروط معلنة.

عمليًا: اعتبر توقّيع الرئيس الروسى  بوتين،، مرسومًا يسمح لروسيا باستخدام السلاح النووى ضد دولة لا تملك هذا النوع من السلاح، إذا كانت مدعومة من قوى نووية، محاولة من الجيش الروسى لإعلان الردع النووى، رغم أن الحرب الروسية الأوكرانية ما زالت قائمة بكل آثارها الدولية. 
.. ويبدو عسكريًا وأمنيًا، أن السماح لأوكرانيا استخدام صواريخ طويلة المدى لضرب أهداف عسكرية داخل روسيا، جعل الجيش الروسى يتحرك.
وكالة «تاس» الروسية للأنباء، أفادت أن روسيا أدخلت تعديلات على عقيدتها النووية وأنه «تمت صياغتها عمليًا بالفعل، وسيتم إضفاء الطابع الرسمى عليها عند الضرورة»، وهنا غاب مفهوم الضرورة أو الاستجابة لأى تهديدات، التى تزامنت مع ما حذر منه الرئيس بوتين، كل الغرب فى أوقات من مسارات ومراحل الحرب فى أوكرانيا، من أن روسيا سيكون بمقدورها بموجب التعديلات المقترحة، استخدام السلاح النووى إذا تعرضت لضربة بصواريخ تقليدية، و إلى أنها ستعتبر أى هجوم عليها بدعم من إحدى القوى النووية هجومًا مشتركًا... مع تضارب المواقف، تعد التعديلات على نطاق واسع، فيما يخص الترسانة النووية الروسية، محاولة من بوتين لرسم الخطوط الحمراء»، سواءً لحلف الناتو، أو للولايات المتحدة؛ من وخلال الإشارة إلى أن روسيا ستدرس الرد باستخدام أسلحة نووية إذا سمحت تلك الدول لأوكرانيا بضرب عمق روسيا بصواريخ غربية بعيدة المدى.
*الكرملين.. وعزيمة أوكرانيا.

يرى الكرملين أن الجيش الروسى سيهزم قوات الجيش الأوكرانى، مؤكدًا أن أوكرانيا تواجه صعوبات فى مناطق عدة أمام القوات الروسية التى تتقدم منذ أشهر؛ فسر ذلك ما كشفه الناطق باسم الرئاسة الروسية، من أن: «العملية العسكرية ستتواصل» حتى تحقيق «الأهداف المحددة»، فى إشارة إلى شروط الدولة الروسية، التى تدعو إلى استسلام أوكرانيا وتخليها عن مناطق تحتلها روسيا، قبل وبعد الحرب، مع اشتراط ووعود من أوكرانيا بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى.
عزيمة الجيش الأوكرانى تعتمد ميدانيًا على المساعدات العسكرية الأمريكية والغربية،  وهى مساعدات تؤكد روسيا: «لن يكون لها أى أثر على نتيجة الحرب، أو ما تدعيه روسيا بأنها عملية عسكرية داخلية». 
من طرفها، وعلى وقع إعلان العقيدة النووية، أعلنت روسيا سيطرتها على بلدة فى شرق أوكرانيا قرب كوراخوفيه، فى منطقة على الجبهة تحرز فيها قواتها تقدمًا فى مواجهة الجيش الأوكرانى. وقالت وزارة الدفاع الروسية فى تقريرها اليومى عن المعارك: «بفضل عمليات هجومية حررت القوات الروسية بلدة نوفوسيليديفكا فى منطقة دونيتسك».
حلفاء الناتو والولايات المتحدة، لديهم قلق، مناورة من أى تهديد باستخدام الترسانة النووية الروسية، فى ذلك قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسى الناتو «مارك روته»، إنه ينبغى عدم السماح للرئيس الروسى «بتحقيق غاياته» فى أوكرانيا. جاء ذلك فى اجتماع لوزراء الدفاع فى الاتحاد الأوروبى، الذى طالب: بعدم السماح لبوتين بتحقيق غاياته «..» لأننا سنكون أمام روسيا أكثر جرأة ووقاحة عند حدودنا، بحسب «روته»، الذى تابع مكاشفاته: وأنا على ثقة مطلقة بأنها لن تتوقف عند هذا الحد».

.. ومن الواضح، أن قدرات الجيش الأوكرانى، تصر على عدم الاستسلام أو الرضوخ للتهديدات  الروسية: لن ترضخ «أبدًا»، على الرغم من الصعوبات البالغة التى تواجهها فى الميدان والمخاوف من عدم استمرار المساعدات الأمريكية.
وجاء فى بيان لوزارة الخارجية أن «أوكرانيا لن ترضخ أبدًا أمام المحتلين وستتم معاقبة العسكريين الروس لانتهاكهم القانون الدولى»، معتبرة أنه لا يمكن إحلال الأمن «دون استعادة وحدة أراضى أوكرانيا وسيادتها». وأشارت إلى أن روسيا، خلال الحرب المتواصلة منذ ثلاث سنوات تقريبًا، عززت تحالفًا عسكريًا مع كوريا الشمالية وإيران، ما يشكل تهديدًا متزايدًا للأمن والاستقرار الدوليين، كما أن «الترابط المتزايد بين هذه الدول الثلاث: روسيا، كوريا الشمالية، إيران الإسلامية، يظهر أن الحرب الروسية على أوكرانيا، كانت وما زالت تمثل تهديدًا عالميًا يزعزع استقرار أوروبا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. 
*هل أطلقت أوكرانيا الصواريخ الأمريكية الباليستية؟.

أعلنت روسيا، اليوم «الثلاثاء» أن أوكرانيا أطلقت خلال الليل صواريخ أمريكية بعيدة المدى على أراضيها فى هجوم يعد الأول من نوعه منذ بدء الحرب قبل ألف يوم، جاء ذلك بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية أ ف ب، وأضافت: هددت موسكو مجددًا باستخدام أسلحة نووية ردًا على ذلك.
مسئول أوكرانى قال للوكالة، إن أوكرانيا استهدفت روسيا بصواريخ «أتاكمز» الأمريكية، فيما كشف وزير الخارجية الروسى «سيرجى لافروف» أن الضربات الأوكرانية على روسيا بصواريخ بعيدة المدى تشكل «مرحلة جديدة» فى النزاع، متوعدًا برد «مناسب»؛ 
متهمًا أوكرانيا والغرب بالسعى إلى التصعيد، ذلك أن أوكرانيا لم تكن لتطلق صواريخ بعيدة المدى على روسيا دون مساعدة الأمريكيين. 
فى رؤية أخرى، تبدو مؤشرًا على التهديد باستخدام الترسانة النووية الروسية، دعا وزير الخارجية الروسى، الغرب إلى الاطلاع على العقيدة الروسية الجديدة لاستخدام السلاح النووى «كاملة».
المجتمع الدولى، الولايات المتحدة، الحلفاء، وجدوا أن مواقف روسيا تتقدم، بعدما أجازت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها برئاسة بايدن لأوكرانيا إطلاق صواريخ بعيدة المدى سلمتها إياها من نوع «أتاكمس» ATACMS نحو عمق الأراضى الروسية، ما يشكل خطًا أحمر بالنسبة للجيش الروسى وبالتالى قرارات الرئيس الروسى بوتين.
التطورات كشفت عنها  وزارة الدفاع الروسية فى بيان نقلته وكالات الإعلام الرسمية، أن إطلاق الصواريخ الباليستية، التى ضربتها أوكرانيا، وصلت موقعًا فى منطقة بريانسك بستة صواريخ باليستية، إذ تم استخدام صواريخ أتاكمس التكتيكية الأمريكية الصنع».
البيان  الروسى كشف  أن دفاعاتها الجوية أسقطت خمسة صواريخ، بينما سقطت شظايا من صاروخ سادس على «منشأة عسكرية» لم تحدد، ما تسبب بحريق محدود. وقالت «لم تقع إصابات أو أضرار».

قبل أشهر حذر الرئيس الروسى بوتين من أن الموافقة الغربية للجيش الأوكرانى، تعنى-بالنسبة لروسيا- «ضلوع دول حلف شمال الأطلسى، الناتو مباشرة فى الحرب على  أوكرانيا».

.. وفى ردود الفعل، علق البيت الأبيض، 
وفق  وكالة «بلومبرج»  الأمريكية عن متحدث باسم البيت الأبيض،  أن الولايات المتحدة «لا ترى حاجة لتغيير جاهزية قواتها النووية ردًا على التغييرات فى العقيدة النووية الروسية».

.. وكان فى خلفية الحدث، أنه ولأول مرة منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية تلجأ إدارة  الرئيس بايدن  إلى إرسال متعاقدين دفاعيين إلى أوكرانيا.

وكانت شبكة «سى إن إن» لفتت إلى أن الإدارة الأمريكية بموافقة الرئيس بايدن، قررت السماح لمتعاقدين دفاعيين أمريكيين بالتوجه إلى أوكرانيا لأول مرة منذ بدء العملية العسكرية الروسية، وأن المتعاقدين-سيكون حتمًا لهم أدوارهم- سيساعدون الجيش الأوكرانى فى صيانة وإصلاح الأسلحة، التى توفرها الولايات المتحدة، خاصة مقاتلات إف-16 وأنظمة الدفاع الجوى باتريوت.
«سى إن إن» اعتبرت أن السياسة الجديدة، التى تمت الموافقة عليها فى وقت سابق من هذا الشهر قبل الانتخابات الرئاسية، ستسمح لوزارة الدفاع «البنتاجون» بتزويد الشركات الأمريكية بعقود للعمل داخل أوكرانيا لأول مرة منذ 2022، وإنهم يأملون فى تسريع صيانة وإصلاح الأسلحة التى يستخدمها الجيش الأوكرانى، وأن وجودهم سيكون محدودًا وسيتمركزون بعيدًا عن خطوط المواجهة، ولن يشاركوا فى القتال.

*العقيدة النووية الروسية تواجه
صواريخ «أتاكمس».. الخوف قائم. 
تصورات المجتمع الدولى، بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، الحلفاء مع حلف الناتو، تدرك أن موافقة الرئيس الأمريكى بايدن لأوكرانيا استخدام صواريخ «أتاكمس» البعيدة المدى، اعتبرت من الطرف الروسى فى الحرب، تشكل مفهوم «القرار الأمنى» الذى يشعل أتون الحرب، وبالتالى قد يحد من رغبة الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب، الذى قال إنه يستعد لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، بعد ٢٤ ساعة من دخوله البيت الأبيض.

ما قبل ذلك، السؤال العسكرى، يدخل حيز ردود الفعل حول العالم: هل ستتمكن تلك الصواريخ من تغيير مسار العمليات الحربية.

.. وفى آليات التحليل برزت عدة نقاط، تضع إجابات غير نهائية منها:
*أولًا:
أن استخدام صواريخ «أتاكمس» لن يكون له تأثير كبير على مسار الصراع.

*ثانيًا:
روسيا تستطيع نقل معظم معداتها العسكرية بعيدًا عن الخطر، والمعارك فى مختلف الساحات.


*ثالثًا:
اعتبر جورج باروس، المحلل فى معهد دراسة الحرب الذى وضع خريطة بمئات الأهداف العسكرية ضمن نطاق نظام ATACMS، أن السماح لأوكرانيا بضرب منطقة كورسك الروسية يعد خطوة مهمة،  هذا القرار يجب أن يمتد إلى ما هو أبعد من تلك المنطقة لتحقيق تأثير كبير. 

*رابعًا:
الولايات المتحدة ليس لديها ما يكفى من أنظمة ATACMS لتجديد واستبدال ما ستستخدمه أوكرانيا.

*خامسًا:
تزامن قرار إدارة بايدن، والبنتاجون مع قرارات دعم وتزويد أوكرانيا بأسلحة جديدة تزيد قيمتها عن 7 مليارات دولار، خوفًا من أن تحد الإدارة المقبلة برئاسة دونالد ترامب من شحنات الأسلحة.

*سادسًا:
تعد هذه الخطوة، محاولة ضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف الناتو، على روسيا من أجل الدخول فى مفاوضات مستقبلية لإيقاف الحرب، يبدو أن بوتين أعاد التهديد بالردع النووى.
**
* قبل سنوات، حاولت روسيا الاتحادية، التهديد باستخدام الترسانة النووية، وفى سياق ذلك بدأت مجلة  The Atlantic، التى تعد من مجلات مراكز أبحاث حلف الناتو، الحديث عن 
سيناريوهات الحرب النووية وأين يمكن أن تستخدم روسيا سلاحها النووى؟ وكيف سترد واشنطن؟، وكان ذلك وقتها مؤشرًا على أزمة دولية، صورتها الأمنية الخوف من حرب عالمية تسمع أصواتها تطرق، بحسب وصف الرئيس الأمريكى جو بايدن.

بوتين،  اختار  التهديد والتلويح باستخدام الأسلحة النووية فى أوكرانيا، لا سيما فى بداية غزوه للبلاد. ولم تستجب الولايات المتحدة لأيٍّ من تلك التهديدات.  الكاتب المحلل السياسى  «إريك شلوسِر»  نشر فى مجلة «ذى أتلانتيك»  بعض النقاط التى بات لها اليوم قيمتها بعد الإعلان عن العقيدة النووية الروسية:

*1:
وزارة الدفاع الروسية مسئولة عن تشغيل عشرات من المنشآت المركزية لتخزين الأسلحة النووية. وتحوى هذه المنشآت، المعروفة بمواقع «العُنصر إس» (Object S) والمُنتشِرة فى شتى أنحاء الفيدرالية الروسية، الآلاف من الرءوس الحربية النووية والقنابل الهيدروجينية، إلى جانب تشكيلة واسعة من المتفجرات النووية. وقد هدَّد الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» وغيره من المسئولين الروس على مدار الأشهر الثلاثة الماضية باستخدام الأسلحة النووية فى الحرب على أوكرانيا.
*2:
تُعَدُّ الصواريخ الباليستية طويلة المدى والمنصوبة على الأرض وعلى الغوَّاصات هى الأسلحة النووية الروسية الوحيدة المتاحة للاستخدام الفورى.

*3:
فى ذات الوقت، أوضح الرئيس بايدن أن أى استخدام للأسلحة النووية فى أوكرانيا سيكون «غير مقبول نهائيًا» و«ذا عواقب وخيمة»، بيد أن إدارته ظلَّت غامضة فى الحديث علنًا حول ماهية تلك العواقب. 
.. كما أن خطر اندلاع حرب نووية اليوم أكبر من أى وقت مضى منذ أزمة الصواريخ الكوبية. كما أن القرارات التى سيلزم اتخاذها بعد ضربة نووية روسية على أوكرانيا ستكون غير مسبوقة.
*4:
أى ردود عسكرية أمريكية، على الطريقة التى ستستخدم بها روسيا الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، سيعتمد على التأثير المتوقع للرد الأمريكى فى طبيعة السلوك الروسى مستقبلًا، وما إذا كان سيحُث بوتين على التراجع أم الإصرار أكثر على موقفه.
*5:
اجتمع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف و«سام نان» السيناتور الأمريكى السابق والرئيس التنفيذى لمبادرة التهديد النووى، 
قبل الهجوم على أوكرانيا، توصَّلت الدول الخمس المسموح لها بامتلاك الأسلحة النووية بموجب معاهدة الحد من الانتشار،الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا، إلى اتفاق يقضى بأن استخدام مثل هذه الأسلحة لا يمكن تبريره إلا إذا كان تدبيرًا دفاعيًا للرد على هجوم نووى أو آخر تقليدى واسع النطاق. وفى يناير/كانون الثانى 2022، أصدرت هذه الدول الخمس بيانًا مشتركًا أكَّدت فيه مقولة الرئيس الأمريكى السابق «رونالد ريجان»: «لا يجب بتاتًا خوض الحرب النووية، ولا يمكن أبدًا الانتصار فيها». وبعد شهر واحد، خرقت روسيا الأعراف السائدة فى ظل معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والقائمة لأكثر من نصف قرن.
*6:
تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية، وربما الناتو، أن هناك ثلاثة أمور جوهرية وأساسية لتجنُّب كارثة نووية: قادة عقلانيون، ومعلومات دقيقة، وعدم ارتكاب حماقات كبرى، ويقول إن «هذه الأمور الثلاثة كافة مشكوك حاليًا بتوافرها».
*7:
إذا استخدمت روسيا السلاح النووى فى أوكرانيا، فليس على الولايات المتحدة الرد بهجوم نووى، بل يُفضَّل عوضًا عن ذلك نوع من التصعيد الأفقى، والقيام بكل شىء مُمكِن لتجنُّب تبادل الضربات النووية بين روسيا والولايات المتحدة.

فى أتون الحرب الروسية الأوكرانية، كان هدف التهديدات النووية الروسية عرقلة الولايات المتحدة وحلفائها من دول الناتو عن تقديم الإمداد العسكرى لأوكرانيا، وهى تهديدات مدعومة بالقدرات العسكرية الروسية. 
.. و«كلما طال أمد هذه الحرب، ازداد الضغط على روسيا لمهاجمة خطوط الإمداد من دول الناتو إلى أوكرانيا»، كما سيرفع ذلك من خطر ارتكاب حماقات خطيرة ووقوع أخطاء فادحة. هذا ويُمكِن أن يكون وقوع هجوم روسى، عن عمد أو بغير عمد، على أى من دول الناتو بمنزلة بداية الحرب العالمية الثالثة.

*8:
فى عام 2019،  تقول المجلة، أجرت «وكالة الحد من التهديدات الدفاعية» محاكاة حربية مكثفة بشأن الرد الأمريكى الأمثل إذا ما غزت روسيا أوكرانيا واستخدمت السلاح النووى هناك. وتُعَدُّ هذه الوكالة التابعة للبنتاجون هى الوحيدة المُكلَّفة حصرًا بمواجهة وردع أسلحة الدمار الشامل. ورغم أن نتائج تلك المحاكاة الحربية لا تزال سرية، فقد قال لى أحد المشاركين فيها إنه «لم تكن أى السيناريوهات ذات نهاية سعيدة». وتتشابه سيناريوهات استخدام القوة النووية تلك تشابهًا مدهشًا مع السيناريوهات التى يُنظَر فيها حاليًا. وبحسب ما قاله المشارك المذكور آنفًا، فعندما يتعلَّق الأمر بالحرب النووية، فإن الرسالة الجوهرية لفيلم «ألعاب حربية» «War Games» الصادر عام 1983 تتحقَّق بحذافيرها: «الخطوة الوحيدة الرابحة هى ألَّا تلعب».

*9:
أىّ هجوم نووى روسى على أوكرانيا سيلقى استنكارًا عالميًا، لا سيما من دول إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وهُما القارتان الخاليتان من الأسلحة النووية. كما تعتقد أن الصين، رغم دعمها الضمنى لغزو أوكرانيا، ستُعارض بقوة استخدام بوتين للأسلحة النووية، وقد تدعم العقوبات ضد روسيا فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولطالما دعمت الصين «الضمانات النووية السلبية»، فقد تعهَّدت عام 2016 دون قيد أو شرط بـ«عدم استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية ضد دول غير مسلحة نوويًا أو فى مناطق خالية من السلاح النووى».

*10:
إن التصعيد النووى يشبه أكثر السُّلَّم المُتحرِّك: فحالمًا يبدأ الحركة تكون لديه قوته الدافعة ذاتيا، ويصعُب بمكان إيقافه، كما أن ظهور أى علامة على اتخاذ بوتين خطوات حتى لو كانت أوليَّة باتجاه استخدام القوة النووية، هنا الرأى الاستراتيجى: «لا ينبغى لنا التقليل من خطر وقوع انفجار نووى غير مقصود، حالمًا تخرج الأسلحة من مخازنها وتنتشر على نطاق واسع بين القوات الروسية».
*ما بعد العقيدة النووية الروسية، هل العالم بخير؟ 
.. بالتأكيد، إن الحدث، يعيدنا إلى أن روسيا الاتحادية، بوجود الرئيس بوتين، وبعد إقرار العقيدة النووية الروسية، بوجودها العسكرى فى أوكرانيا، ربما تناور العالم عبر الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف الناتو، وتجعل المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، وكل المنظمات الدولية الإقليمية والدول الكبرى، أمام دلالات ما كشفته روسيا اليوم، وأنه فى إمكانية عسكرية وأمنية لاتخاذ قرار روسى بشأن ما إذا كان الهجوم النووى سيقع فى أوكرانيا، أو على غيرها من الدول التى تدعم وتزود أوكرانيا بالسلاح، الأمر يفتح مكاشفة نحو واقع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وإمكانية الإدارة الأمريكية المقبلة، على نزع فتيل الحرب، فهل ينجح ترامب، أم أن المتغيرات باتت مجهولة.