أنتونى بلينكين ومارك روته.. سنوات نحو تعزيز حلف شمال الأطلسى
منذ الحرب الروسية- الأوكرانية، التى بدأت فى 24 فبراير 2022، كان من أهداف الاتحاد الأوروبى التعاون مع حلف الأطلسى والدول الكبرى فى القوات العسكرية والاقتصادية والسياسية، من أجل العمل على تعزيز الصناعات الدفاعية وقدرات أوروبا ودول الاتحاد على ضبط ميزانيتها العسكرية للحماية، عدا عن مساعدة أوكرانيا على مواجهة الغزو الروسى، تلك الحرب التى ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية كييف على التصدى لها.
إلى ذلك؛ أعلن الاتحاد الأوروبى أنه قام للمرّة الأولى بتمويل مشتريات أسلحة مشتركة لدوله الأعضاء السبع والعشرين ستذهب أغلبيتها إلى أوكرانيا.
.. * مستقبل تمويل السلاح الأوكرانى.
ما يظهر أن تكثيف اللقاءات والاجتماعات السرية والجيوسياسية الأمنية، تأخذ على عاتقها إشكالية استدامة توريد الأسلحة لأوكرانيا، فالحرب الروسية الأوكرانية، انطلقت وتوسعت، ثم تضاربت المصالح الدولية مع مصالح حلف الناتو والولايات المتحدة، وعلى غير أى تهديدات مسبقة، كانت معركة «طوفان الأقصى» وهى تلك المواجهة التى قامت بها حركة حماس، ضد الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، فى يوم السابع من تشرين الأول أكتوبر عام 2023.
*بروكسل. مقر الناتو.. بلينكن فى رحلة وداع.
.. الحراك المختلف للدبلوماسية الأمريكية، لم يتغير، فى متابعة العلاقات العميقة عسكريا وأمنيا سياسيًا، إلا مع حرب روسيا 2022، وعادت للتبلور بطرق مختلفة عبر العام 2023 بالتنسيق بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، ودول أوروبا، والهدف بناء تحالف أمريكى أوروبى إسرائيلى معلن لاجتثاث حركة حماس وتهجير الشعب الفلسطينى، وترك الإبادة بيد السفاح نتنياهو، فى الحرب على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، وهى الآن حرب جبهات مدمرة فى الجنوب اللبنانى ووسط بيروت وهضبة الجولان شرق وصولا إلى العمق السوري.
.. نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفوز الرئيس دونالد ترامب الجمهورى، نسف الطموح السياسى للرئيس بايدن والإدارة والبنتاجون، فى ملفات الشرق الأوسط وتحديدا حرب السفاح نتنياهو على غزة ورفح والضفة الغربية والجنوب اللبنانى وكل الدولة اللبنانية، التى وصلت إلى أزمة أمنية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة.
فى بروكسل، يوم 13 الجارى، اجتمع وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكين» مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسى «مارك روته»، ما أتاح لحلف الناتو التفاصيل فى مصير عديد الملفات المتصلة أزمات الحلف، والعالم، إسرائيل ودول المنطقة والشرق الأوسط.
بعد اجتماعها فى مقر الناتو، بادر الأمين العام للحلف «مارك روته» بالقول، بحسب النص الأصلى الذى حصلت «الدستور» على نسخة منه: سنعقد اجتماعًا لمجلس الناتو لاحقًا.
لقد عقدنا للتو اجتماعًا ثنائيًا. وأستطيع أن أقول- فقط - إن الولايات المتحدة استمرت على مدار السنوات الأربع الماضية فى مساعدة الناتو على بذل المزيد من الجهد فى تقاسم الأعباء، وزيادة الإنفاق أيضًا على الجانبين الأوروبى والكندى من الناتو.
.. وأضاف «روته»:
انضم عضوان جديدان إلى التحالف فى العامين الماضيين. وربما الأهم من ذلك، أيضًا بفضل القيادة الأمريكية، أن أوكرانيا سادت ولم تفز/ تنتصر/ روسيا.
.. وأشار الأمين العام للحلف:
يجب أن نبذل المزيد من الجهد لضمان قدرة أوكرانيا على البقاء فى المعركة وقدرتها على صد الهجوم الروسى قدر الإمكان ومنع «بوتين» من تحقيق النجاح فى أوكرانيا.
*ماذا عن كوريا الشمالية؟.
«روته» أقر بأن الأمر الذى ناقشناه مع وزير الخارجيه الأمريكية يتعلق بالتعاون بين روسيا وكوريا فقال:
نرى الآن كوريا الشمالية تنشط فى أوكرانيا وهذا يأتى بتكلفة بالطبع، مشيرا إلى أن الجنود الكوريين الشماليين يشكلون تهديدًا إضافيًا لأوكرانيا وسيزيدون من احتمالات إلحاق بوتين الأذى بها.
أمين الحلف طالب، لكن فى الوقت نفسه، يتعين عليه، يقصد بوتين، أن يدفع ثمن هذا، وهو يدفع ثمن هذا من خلال التكنولوجيا، على سبيل المثال تكنولوجيا الصواريخ التى تصل إلى كوريا الشمالية، وهذا يشكل تهديدًا ليس فقط للجانب الأوروبى من حلف شمال الأطلسى ولكن أيضًا للبر الرئيسى للولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان. وهذا ليس - ليس فقط كوريا الشمالية النشطة.
.. ولفت الحلف، عبر أمينه العام إلى تعاون روسى صينى إيرانى فقال:
نحن نعلم منذ بعض الوقت أن الصين من خلال التحايل على العقوبات، من خلال تسليم السلع ذات الاستخدام المزدوج إلى روسيا، تساعد فى المجهود الحربي. وبالطبع، تفعل إيران هذا من خلال تكنولوجيا الطائرات بدون طيار وغيرها من عمليات التسليم إلى روسيا. وهنا تدفع روسيا بالمال، وهذا يساعد إيران على مواصلة جهودها لزعزعة استقرار الشرق الأوسط وحتى خارج الشرق الأوسط.
.. وفى معاينة أمنية سياسية قال، مشيرا إلى تحديات المرحلة، ومنها
* أولا:
إن منطقة المحيط الأطلسى الأوروبى ومنطقة المحيطين الهندى والهادئ ليستا مسرحين منفصلين. كل هذا يزداد ترابطًا، وما يحدث فى أوكرانيا له تأثير الآن على مستوى العالم. *ثانيا:
يتعين علينا أن نواصل المسار، وأن نزيد من إنتاج الدفاع على الجانب الأمريكى، هنا فى أوروبا، وأن نبذل المزيد من الجهد فيما يتعلق بالإنفاق، وأن نبذل المزيد من الجهد لضمان قدرة أوكرانيا على الانتصار.
*ثالثا:
لقد أمضيت أربع سنوات، الإشارة هنا الى الإدارة الأمريكية - فى هذا الدور. لقد كنت داعمًا كبيرًا لحلف شمال الأطلسي. لقد زرت الناتو عدة مرات. ولديك العديد من الأصدقاء هنا. أود حقًا أن أشكرك على قيادتك، بالطبع، حتى الآن، ولكن أيضًا على مدار الشهرين المقبلين سنحتاج إليك فى هذا الدور. وشكرا لك على وجودك.
*الرؤية الأمريكية ما بعد الرئيس المنتخب.
وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن قال:
إننا سعداء للغاية لوجود التحالف فى أيد قوية وقادرة مع الأمين العام روته. وهذا فى نظرى نقطة ثقة هائلة للحلف ولكل ما نحتاج إلى القيام به معا. أجرينا مناقشة مثمرة للغاية اليوم حول دعمنا المستمر لأوكرانيا فى مواجهة العدوان الروسى المستمر، وكذلك هذا العنصر الإضافى المتمثل فى قوات جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية الكورية الشمالية التى تم إدخالها الآن فى المعركة والآن فى القتال حرفيا، والتى تتطلب وستحصل على رد حازم.
*الأمن غير قابل للتجزئة بين مسارح فهم الحرب المختلفة.
بلينكن أكد: نحن نرى بشكل متزايد أن الأمن غير قابل للتجزئة بين هذه المسارح المختلفة
*1:
المسرح الأوروبى الأطلسي. * مسرح المحيطين الهندى الهادئ. * مسرح الشرق الأوسط... وهو لفت إلى أنه من الأهمية بمكان أن نجد السبل للعمل معًا بشكل أوثق من أى وقت مضى.
.. بلينكن، ألمح إلى حقائق، منها أنه:
من بين الأشياء التى قام بها حلف شمال الأطلسى فى السنوات الأخيرة تعزيز شراكته مع شركائه فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، وسنفعل المزيد من ذلك فى الأسابيع والأشهر المقبلة؛ أخذنا فى الاعتبار أيضًا التحالف الذى لديه الكثير من العمل الذى يتعين عليه القيام به من حيث مواصلة تعزيز قاعدته الصناعية الدفاعية، للتأكد من تركيز إنفاقه على القدرات الضرورية.
.. وقال أيضا: لقد وصلنا الآن إلى مكان حيث يبلغ إنفاق 23 من حلفاء الناتو 2% من الناتج المحلى الإجمالى أو أكثر على الدفاع، وهو أمر جيد، لكننا نريد التأكد من تركيز هذا الإنفاق حيث يجب أن يركز. لذلك أجرينا مناقشة مثمرة للغاية حول هذا الموضوع.
وأنا أتطلع بشدة إلى الاجتماع مع جميع شركاء الناتو فى مجلس شمال الأطلسى الآن ومواصلة هذه المحادثات.. وفى تلميحات سياسية، أكد على وجود جدول مكوكى مستمر خلال الأسابيع القادمة، ولفت: لدينا جدول أعمال مكثف وهام للغاية على مدى الشهرين المقبلين. وكما قلت للأمين العام، فإن الرئيس بايدن ينوى تمامًا الاستمرار فى تنفيذ ما قمنا به على مدار السنوات الأربع الماضية، وهو تعزيز هذا التحالف الذى يعد بالغ الأهمية لأمن الولايات المتحدة وأمن البلدان فى جميع أنحاء أوروبا. وسنفعل ذلك بالإضافة إلى مواصلة دعم كل ما نقوم به من أجل أوكرانيا للتأكد من أنها قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل فعال ضد هذا العدوان الروسي.
*حيوية مشاريع التحالف ما بعد دخول ترامب البيت الأبيض.
فى المؤشرات المشتركة بين حلف الناتو والمجموعة الأوروبية والاتحاد الأوروبى، سبق أن موّل الاتحاد الأوروبى مشتريات أسلحة لمساعدة كييف، لكن ذلك تمّ ضمن آلية مالية خاصة من خارج إطار الميزانية.
نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية «مارجريتى فيستيجر» كشفت فى بيان: «هذه المرّة الأولى التى نستخدم فيها ميزانية الاتحاد الأوروبى لدعم الدول الأعضاء فى مشتريات مشتركة» للأسلحة.
وإن الاتحاد الأوروبى استثمر أكثر من 300 مليون يورو لمساعدة حوالى عشرين بلدًا عضوًا على شراء معدّات للدفاع الجوّى ومركبات مدرّعة وذخائر ستخصّص أغلبيتها لأوكرانيا.
اعتمد آلية ما اتضح أن الناتو والاتحاد الأوروبى، دخلا فى سباق لزيادة دعم تسلح أوكرانيا، قبل مرحلة دخول الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب البيت الأبيض، وأن المساعدة المالية، والأسلحة من شأنها أن تيسّر شراء الذخائر للدول الأعضاء، مع تعهّد بتسليم أوكرانيا مليون ذخيرة مدفعية على الأقل، وهى كانت مقررة بالفعل فى آذار مارس 2024، ولم يتحقّق هذا الهدف بعد، غير أن مسئول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل تعهّد بأن يتم ذلك قبل نهاية العام.
شكل اجتماع وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسى مارك روته فى بروكسل، حساسية أمنية سياسية، تقوم على أن هاجس الإدارة الأمريكية دخل نفق معاينة إرث بايدن، فى مسارح الحرب وجيوسياسية العالم الأمنية والاقتصادية، يأتى ذلك فى وقت تسعى فيه إدارة بايدن المنتهية ولايتها فى أقل من أسابيع مقبلة، وهى تسعى إلى تعزيز الدعم لأوكرانيا قبل عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة.
عمليًا، مؤشرات الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، هو من كان دائم التشكيك فى الدعم العسكرى الأمريكى لأوكرانيا، داعيا إلى أنه سينهى حرب أوكرانيا سريعا.
حلفاء الولايات المتحدة، فى حلف الناتو والاتحاد الأوروبى، على وشك قراءة دلالات تصريحات ترامب من أنه قد يحاول إجبار أوكرانيا على قبول السلام بشروط روسيا.
اجتماعات بروكسل، تؤشر إلى اهتمام الرئيس بايدن، والإدارة الأمريكية والبنتاجون فى تعزيز المساعدات لأوكرانيا قبل مغادرة بايدن المنصب فى 20 يناير 2025، بغض النظر عن واقع الحرب أو تحقيق روسيا مكاسب عسكرية على طول خط المواجهة الذى يمتد لأكثر من ألف كيلومتر.
مع الانتباه إلى أن بلينكن كشف أن قوات كوريا الشمالية تقاتل الآن إلى جانب روسيا فى أوكرانيا، مؤكدا أن انخراطها فى حرب أوكرانيا يستدعى «ردّا حازما»، بعد أن قامت روسيا بتزويد كوريا الشمالية بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية، وهذا يعنى تعاونًا عسكريًا مباشرًا.
* مسارح الحرب.. توتر لن ينتهى.
محاولات كشف أسرار مسارح الحرب جبهات تنذر بحرب شاملة، لم تعد، فى الأفق المنظور، همًا فى أيام الإدارة الأمريكية والبنتاجون المتبقية، الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، مثلما هى فى جبهة الجنوب اللبنانى ووسط بيروت الضربات باتجاه سوريا واليمن، تشكل مسارات حرجة، برغم أن الواضح أمام المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، أن إيقاف الحرب فى المنطقة لن يتم وأنه لا نتائج لأى مفاوضات جدية توقف حرب الإبادة فى غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وسياسة التهجير والتصفية للقضية الفلسطينية، عدا عن تدمير لبنان، وخطط إعادة تشكيل الحدود بين جميع دول جوار فلسطين المحتلة.