رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الأشقياء يتألمون كثيرا في الشتاء".. أي الفصول يفضل طه حسين؟

طه حسين
طه حسين

يحل اليوم ذكرى رحيل عميد الأدب العربي، طه حسين، في سنة 1973، وهو الكاتب الذي أنار بأفكاره عقول الكثير من المصريين، بل ويعد من أبرز الشخصيات المؤثر في الحركة الثقافية والأدبية في مصر في العصر الحديث.

وبهذه المناسبة، فتح عميد الأدب العربي قلبه، لمحبيه وقراءه، في كتابه "من لغو الصيف"، فماذا قال عن فصلي الشتاء والصيف.. وأيهما يفضل؟

من لغو الصيف إلى جد الشتاء

فاعتبر عميد الأدب العربي، طه حسين، إن اللغو محله فصل “الصيف” أما “الشتاء”فهو للأعمال الجادة، قائلصا: كنا نلغو أثناء الصيف، فلنجدَّ أثناء الشتاء، وماذا كان يمنعنا من اللغو أثناء الصيف، وفي الصيف تهدأ الحياة ويأخذها الكسل من جميع أطرافها فتوشك أن تنام ولا تسير إلا على مهل يشبه الوقوف، وفي أناةٍ تضيق بها النفوس.

ويعقد طه حسين مقارناته بين الشتاء والصيف، قائلًا:  نقضي الصيف في بلادنا إن لم نكُن من المترفين الذين لا يكادون يحسون الصيف حتى يعبروا البحر إلى حيث يحيون حياة أخرى، أو لا يكادون يحسون الصيف حتى يسرعوا إلى ساحل البحر، فيحيون حياة خير منها ما نحن فيه من كسل وفتور، ومن تقصير وقصور، فلغو الصيف شيء طبيعي ملائم أشد الملاءمة لحياة الصيف، أما الشتاء فشيء آخر كله فرح ومرح، وكله حركة ونشاط، وكله حياة خصبة عذبة منتجة، تجد فيه النفوس أقصى لذاتها، وتجد فيه الأجسام أقصى قدرتها على الاستمتاع.

شقاء العمال والفلاحين في الشتاء

وأوضح طه حسين، وجهة نظره في كل من الصيف والشتاء، قائلًا: إن الصيف هو الفصل الذي يحسن فيه اللغو، وأن الشتاء هو الفصل الذي لا يحسن فيه إلا الجد، ولا يمكن فيه إلا الجد؟ ولعلك تظن أن ما حدثتك به هو كل ما في الشتاء من جِد، فَذُدْ عن نفسك هذا الوهم؛ ففي الشتاء جِدٌّ آخرُ مرٌّ كله.

ويتحدث طه حسين عن شقاء العمال والفلاحين في فصل الشتاء، قائلًا بأسلوبه البليغ: ففي الشتاء جِدٌّ آخر، جِد خصب حقا، جِدٌّ نافع حقا، جِدٌّ نعيش منه ونلهو به، ولا يجني منه أصحابه إلا حياة كلها خشونة وشظف وحرمان، هو جِدُّ هؤلاء الفلاحين الذين يعملون في الأرض، لا يحفلون بالبرد ولا يحفل بهم البرد، وفي الشتاء جِد آخر، جِدٌّ يمزق القلوب، ويعذب النفوس، ويبعث اللوعة والأسى في أفئدة الذين يعرفون الرحمة واللين، ويذكرون حين يلهون أن في الأرض ليالي خير منها ظلمة القبور في الشتاء؛ هذا الجو المظلم القاتم.

واختتم طه حسين حديثه عن الشتاء، قائلًا:هذا الشتاء يقبل، ومعه حاشيته الحزينة، إن الأشقياء لَيألمون كثيرًا في الشتاء، إن من الحق علينا أن نحميهم من هذا الشقاء، إن البرد الشديد في دورهم المقفرة!