التقارب المصرى الإيرانى
لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع عباس عراقجى، وزير الخارجية الإيرانى، لقاء بالغ الأهمية، وبالغ التأثير فى ظل الأزمة المشتعلة حاليًا بالمنطقة والإقليم، والتى على وشك الدخول فى حرب إقليمية. هذا اللقاء يمثل رؤية استراتيجية مهمة جدًا للمرحلة المقبلة، خاصة فى العلاقات المصرية الإيرانية. وكانت العلاقات قد شهدت مؤخرًا تطورًا ملموسًا خاصة بعد الزيارة الأخيرة للوزير الإيرانى، والنقاش حول عدد من القرارات المهمة التى تتعلق بالمنطقة. لقد جاءت زيارة الوزير الإيرانى فى هذا التوقيت لتؤكد أن مصر لديها رؤية ثابتة لا تتغير، وهى ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية وعدم امتدادها، ووقف إطلاق النار فى غزة ولبنان. هذا اللقاء ليس عفويًا، لكنه يحمل الكثير من المضامين والحلول فيما يتعلق بشأن المنطقة خلال الفترة المقبلة، وهذا يتطلب ضرورة إلقاء نظرة سريعة على أهمية تطور العلاقات بين القاهرة وطهران خلال الفترة المقبلة.
لقد جاء حديث الرئيس السيسى واضحًا مع وزير الخارجية الإيرانى، وهو ضرورة وقف كل الانتهاكات التى تحدث فى المنطقة؛ من أجل عدم وقوعها فى هوة سحيقة تكون نتيجتها الضرر البالغ على شعوب الإقليم بأكمله.
وتُعد العلاقات بين مصر وإيران من أبرز القضايا التى تشغل الرأى العام الإقليمى والدولى، فتاريخ هذه العلاقات حافل بالتقلبات، مرورًا بفترة من التعاون الوثيق إلى فترات من التوتر والقطيعة. فى السنوات الأخيرة، لوحظ تحسن ملحوظ فى العلاقات بين البلدين، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون المشترك.
وتشهد المنطقة العربية والعالم تغيرات جذرية على المستوى السياسى والاقتصادى والأمنى. هذه التغيرات دفعت بالدول إلى إعادة تقييم سياساتها الخارجية، والسعى إلى بناء تحالفات جديدة، وتمتلك مصر وإيران مصالح مشتركة عديدة، منها: الأمن القومى، ومكافحة الإرهاب، والتطوير الاقتصادى. كما أن البلدين يشاركان فى العديد من القضايا الإقليمية، مثل القضية الفلسطينية والأزمة السورية.
ويسعى كل من مصر وإيران إلى تعزيز دورهما كقوة إقليمية مؤثرة، والتعاون بين البلدين يمكن أن يعزز هذا الدور، ويمنحهما نفوذًا أكبر، كما يمكن للبلدين الاستفادة من التعاون الاقتصادى فى العديد من المجالات، مثل التجارة والاستثمار والطاقة، ويمكن للبلدين التعاون فى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة، وتعزيز التعاون الثقافى من خلال تبادل الزيارات والوفود الفنية والثقافية.
التقارب المصرى الإيرانى يمثل تحولًا كبيرًا فى المشهد السياسى الإقليمى، ويحمل فى طياته العديد من الدلالات، ويسهم هذا التقارب فى تخفيف حدة التوترات المستمرة فى المنطقة، والتى طالما كانت تشكل تهديدًا للاستقرار والأمن، ويؤدى إلى تعزيز التعاون الإقليمى فى مختلف المجالات، مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة، مما يعود بالنفع على شعوب المنطقة.
إضافة إلى أن هذا التقارب يغير موازين القوى فى المنطقة، ويضع تحديات جديدة أمام القوى الإقليمية والدولية، وسيكون له تأثير كبير على القضايا الإقليمية الملحة، مثل القضية الفلسطينية والصراع اليمنى، وقد يسهم فى إيجاد حلول سياسية لها، ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والتعاون الاقتصادى بين البلدين، مما يسهم فى تنمية الاقتصاد المصرى والإيرانى.
فى الواقع، إن سياسة مصر الخارجية تؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك أنها سياسة حكيمة تعمل من أجل، أولًا: مصلحة الأمن القومى المصرى، وثانيًا: من أجل تحقيق المصالح المشتركة، وهذه السياسة المصرية وطنية خالصة ينتهجها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ ثورة ٣٠ يونيو حتى الآن، وتحقق لمصر المصالح التى تراها، وتؤكد أيضًا أن سياسة مصر من رأسها لا بتوجيه من قوى كبرى أو خلافه، وبالتالى فإن مصلحة مصر الآن تتراءى من خلال هذا التقارب المصرى الإيرانى من كل الجوانب والمناحى.