مجلس التنسيق المصرى السعودى
لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى، بالقاهرة مساء الثلاثاء الماضى، يعد لقاءً استراتيجيًا مهمًا فى ظل الأوضاع المضطربة فى المنطقة؛ لذلك تناول اللقاء عددًا من القضايا ذات الأهمية البالغة فى ظل الظروف الراهنة.
ناقش الزعيمان العديد من الملفات، على رأسها ملف الحرب الإسرائيلية الدائرة حاليًا فى فلسطين ولبنان. واتفق الزعيمان على أمر بالغ الأهمية، وهو ضرورة وقف إطلاق النار فى كل من غزة ولبنان، وضرورة تفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، وفى ذات الإطار أكد الزعيمان أهمية وحدة وسيادة الأراضى اللبنانية ووقف العدوان الإسرائيلى الغاشم عليها، إضافة إلى قضية بالغة الخطورة، وهى قراءة جيدة للمشهد فى المنطقة فى ظل الحرب الإسرائيلية؛ لأن الأمور زادت عن الحد؛ وستؤدى إلى سقوط المنطقة فى هوة سحيقة لا تحمد عقباها، كما تناول الزعيمان الأوضاع فى السودان وسوريا والبحر الأحمر.
أما القضية الأخرى فهى توقيع الرئيس السيسى ومحمد بن سلمان، على اتفاقية التنسيق الأعلى المصرى السعودى فى جميع المجالات، وتعد هذه الاتفاقية من أهم الاتفاقيات التى وقعتها مصر، خلال الآونة الأخيرة، بعد اتفاقيات الاستثمار المهمة فى رأس الحكمة مع الأشقاء بدولة الإمارات، وهذه الاتفاقية تزيد من الاستثمارات بين البلدين، ومن المتوقع أن تشهد الاستثمارات زيادة ملحوظة، سواء من قبل الشركات السعودية فى مصر أو العكس.
وكذلك خلق فرص عمل جديدة فى كلا البلدين، مما يسهم فى تحسين الأوضاع الاقتصادية، وتسهم الشركات السعودية فى نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى السوق المصرية، مما يسهم فى تطوير الصناعات المحلية، كما تساعد هذه الاتفاقية فى تنويع مصادر الدخل لكلا البلدين، مما يقلل الاعتماد على مصدر واحد، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية فى مختلف المجالات.
وتزيد الاتفاقية من المنافسة بين الشركات المحلية فى كلا البلدين، مما يتطلب منها تطوير قدراتها التنافسية، ويتم بذل المزيد من الجهود لتحسين البيئة الاستثمارية، مثل تسهيل الإجراءات وتوفير الحوافز الاستثمارية. ومن المتوقع أن تكون لتوقيع هذه الاتفاقية آثار إيجابية كبيرة على الاقتصادين المصرى والسعودى، لكن تحقيق هذه الآثار يتطلب تضافر جهود الحكومتين والقطاع الخاص فى كلا البلدين.
وهناك تطورات مستقبلية لمجلس التنسيق الأعلى المصرى؛ لأنه يمثل خطوة بالغة الأهمية فى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك فى شتى المجالات، ومعروف أن هذا المجلس يضم كبار المسئولين من الجانبين بهدف متابعة مختلف أوجه التعاون الثنائى ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتطويرها.
ويشهد المجلس فى المستقبل تطورات مهمة تسهم فى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ومن أبرز هذه التطورات تعميق التعاون الاقتصادى بين مصر والسعودية، من خلال زيادة حجم التبادل التجارى، وتشجيع الاستثمارات المشتركة فى مختلف القطاعات، وتسهيل حركة رءوس الأموال والأيدى العاملة.
كما يتم تعزيز التكامل فى مجال الطاقة؛ نظرًا لأهمية الطاقة فى تنفيذ مشاريع مشتركة فى مجال استكشاف وإنتاج وتوزيع الطاقة.
إضافة إلى تعزيز التعاون الثقافى والسياحى بين البلدين، من خلال تبادل الزيارات الثقافية والفنية، وتشجيع السياحة بين البلدين.
وخلاصة الأمر أن مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى يمثل آلية مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومن المتوقع أن يشهد هذا المجلس تطورات مهمة فى المستقبل تسهم فى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية، بما يعود بالنفع على الشعبين؛ لذلك جاءت زيارة ولى العهد السعودى إلى مصر لتؤكد حرص البلدين على توطيد العلاقات وتوقيع هذه الاتفاقية الاستراتيجية.