رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النظرية القمرية.. هل يمكن التنبؤ بالزلازل اعتمادًا على الكواكب؟

أرشيفية
أرشيفية

في عام 2023، اهتز العالم حرفيًا عندما ضرب زلزال مدمر تركيا وسوريا، محطمًا آلاف الأرواح والممتلكات، وسط هذه الفوضى، برز اسم عالم الزلازل الهولندي فرانك هوجربيتس، الذي يُعتبر من الشخصيات المثيرة للجدل في الوسط العلمي، بسبب توقعاته المبنية على "هندسة الكواكب" و"الاصطفاف الكوكبي"، وعلى الرغم من أن تنبؤاته غالبًا ما تُقابل بالتشكيك، إلا أن توقّعه لهذا الزلزال لفت الانتباه بشكلٍ غير مسبوق، وعاد مجددًا "هوجربيتس" مؤخرًا إلى الأضواء بتحذيراته من زلزال جديد قد يقع في الفترة بين 15 و22 أكتوبر 2024، وذلك في تصريحات له بالأمس، مما جعل العالم يترقب بحذر.

رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية: العالم الهولندي فرانك «منجم» - الأسبوع
العالم الهولندي

ورغم أن نظريات "هوجربيتس" تخضع للشك دائمًا، إلا أنه ليس الوحيد الذي حاول الربط بين حركات الكواكب وحدوث الزلازل، ففي مصر، برز اسم العالم محمد سالم مطر، الذي كان له السبق في دراسة هذه العلاقة قبل عقود، وبالرغم من أن أبحاثه لم تحظ بالاهتمام الكافي في حياته، فإنها قد تجد ضوءًا جديدًا اليوم بفضل ابنته التي تسعى لإحياء تراثه.

عالم مصري سبق الهولندي بعقود

محمد سالم مطر، مصري نشأ في عائلة بسيطة وعمل كمتخصص في محركات الطائرات، وكانت حياته هادئة حتى وقع زلزال القاهرة المدمر عام 1992، الذي خلَّف ما يقرب من 500 قتيل ودمَّر العديد من المباني، فكان الحدث بالنسبة لمعظم الناس كارثيًا فقط، ولكن بالنسبة لـ"مطر"، كان بداية لرحلة علمية استمرت لأكثر من ثلاثة عقود.

باحث مصري سبق العالم الهولندي بـ30 عاما في هذا العلم و"هوغربيتس" يشيد به
المهندس محمد سالم مطر

واشتعل شغفه بفكرة الربط بين اقترانات الكواكب وحدوث الزلازل، وانغمس في دراسة الفلك وبدأ في مراقبة تحركات الأجرام السماوية باستخدام تلسكوبه الخاص، ولم تكن مجرد هواية بل أصبحت مهمة استحوذت على معظم وقته وجهده، ونجح في تتبع العلاقة بين تلك التحركات والزلزال عبر العالم، مؤكدًا أن بعض الأحداث الزلزالية يمكن التنبؤ بها إذا ما تم تحليل مواقع الكواكب.

وبعد وفاته، كادت أبحاثه أن تُدفن معه، لولا أن ابنته "هناء" رفضت ترك تراث والدها يذهب هباءً، فجمعت أوراقه ومذكراته، وقررت أن تنشر علمه حتى يُدرك العالم أن مصر كان لها السبق في هذا المجال قبل أن يُعرف اسم "هوجربيتس".

تقول "هناء"، في حديثها لـ "الدستور": "من خلال مقالاته وملاحظاته، وضع جدولًا للعلاقة بين كواكب المجموعة الشمسية والزلازل، وواحدة من أهم تلك الملاحظات كانت حول اقتران كوكب الزهرة بالأرض، وهو الاقتران الذي اعتقد أنه ساهم في حدوث زلازل معينة، في إحدى مقالاته، تحدث عن زلزال روسيا عام 1995 وكيف كان اقتران المريخ مؤثرًا في حدوثه.

مقاله عن زلزال الهند
مقاله عن زلزال الهند

وتابعت: "وكتب مقالات عدة حول توقعاته لألفية مليئة بالكوارث الطبيعية، بدءً من زلزال الهند عام 2001"، مؤكدة أن والدها لم يضع توقعاته لحدوث الزلازل في غضون أيام كما يدعي "هوجربيتس"، بل كان يرى أن ذلك قد يكون ممكنًا قبل أشهر.

وبينما يسعى العالم الهولندي فرانك هوجربيتس إلى الربط بين الهندسة الفلكية والنشاط الزلزالي، لا يزال المجتمع العلمي يتعامل بحذرٍ شديد مع تلك الفرضيات، فالنظريات المعتمدة على اصطفاف الكواكب والاهتزازات الأرضية لم تلق قبولًا واسعًا بين العلماء، الذين يرون أن التنبؤ بالزلازل لا يزال تحديًا كبيرًا، وأنه حتى الآن، لا توجد طريقة دقيقة لتوقع تلك الكوارث الطبيعية.

أحد مقالات “مطر”
أحد مقالات “مطر”

"البحوث الفلكية" يرفض نظرية "مطر" و"هوجربيتس"

وعلى الجانب الآخر، أكد المعهد القومي للبحوث الفلكية، في مقال علمي، بعنوان "التنبؤ بالزلازل وعلاقتها بالكواكب والقمر: حقيقة علمية أم محض خيال؟" أنه لا توجد أي علاقة بين حركة الكواكب والقمر وحدوث الزلازل، موضحًا أن المحاولات التي تربط الزلازل بحركة الأجرام السماوية غير علمية، ومشيرًا إلى أن الجاذبية بين الأجرام السماوية والأرض تحكمها قوانين نيوتن، حيث أن تأثير الأجسام الكبيرة مثل كوكب المشتري أقل تأثيرًا على الأرض من تأثير القمر نظرًا للمسافة الكبيرة.

واختتم المقال بتوضيح أن العوامل الجيولوجية مثل حركة الصفائح التكتونية هي التي تؤثر على النشاط الزلزالي، وليس الاصطفاف الكوكبي.