رحمة طلبة.. من طفلة موهوبة لبطلة عالمية ترفع اسم مصر بالمحافل الدولية
في سن مبكرة، وقبل أن تبلغ الرابعة من عمرها، خطت رحمة طلبة أولى خطواتها في رياضة الكاراتيه، وهي الرياضة التي ستصبح لاحقًا جزءًا لا يتجزأ من حياتها، حيث بدأت "رحمة" ممارسة الكاراتيه، وهي في الثالثة من عمرها، ودون أن تعلم، كانت تلك البداية الصغيرة لرحلة استثنائية ستقودها إلى أعلى منصات التتويج في العالم.
وتروي والدتها، الدكتورة سلوى التونسي، بحب وفخر لـ"الدستور"، كيف كانت البداية مع هذه الموهبة المبكرة، فتقول: "بدأت رحمة ممارسة الكاراتيه في عمر ثلاث سنوات وتسعة أشهر، وكانت موهبتها واضحة منذ البداية، وقبل أن تتم عامها العاشر، قال لها مدربها إنها ستكون 'أول جمهورية'، وبالفعل حققت اللقب خمس مرات متتالية".
اكتشاف موهبة مبكرة ونجاح متواصل
وتابعت الأم: مع تقدم "رحمة" في العمر، وازدياد مهاراتها في اللعبة، بدأت تدخل عالم البطولات، وكانت مشاركتها الأولى على الصعيد الدولي في بطولة تركيا المفتوحة في سن الرابعة عشرة، حيث أحرزت الميدالية الذهبية، وهذا الإنجاز الدولي الأول كان بمثابة نقطة تحول في مسيرتها الرياضية، حيث بدأت بعدها المشاركة بانتظام في البطولات الدولية مثل بطولات البحر المتوسط وبطولة إفريقيا، بالإضافة إلى البطولات المحلية.
وعلى مدار السنوات، استطاعت "رحمة" حصد العديد من الألقاب المحلية والدولية، منها ذهبية بطولة البحر المتوسط 2021، والمركز الأول في بطولة إفريقيا، آخر إنجازاتها جاء في بطولة إفريقيا 2024 التي أُقيمت في تونس، حيث أبهرت الجميع بأدائها المبهر وفازت بالميدالية الذهبية بجدارة، مؤكدةً مكانتها كواحدة من أبرز لاعبات الكاراتيه في مصر.
تحدي "الكاراتيه" والثانوية العامة
ورغم كل هذه النجاحات والإنجازات، لم يكن الطريق سهلًا عليها، فقد عانت من تحديات كبيرة، وخاصة حين كان عليها التوفيق بين دراستها وتدريباتها، وتزامنت تحضيراتها لبطولة العالم 2022 مع امتحانات الثانوية العامة، وهو ما شكّل ضغطًا كبيرًا عليها، فتقول والدتها: "كانت في الثانوية العامة وتستعد في نفس الوقت لبطولة العالم، ومع ذلك، استطاعت إحراز الميدالية الفضية في بطولة العالم في تركيا لعام 2022، ودخلت كلية الطب بجامعة عين شمس، وهي نتيجة رائعة لمجهود جبار".
ولم تكن تلك البطولة هي النهاية، بل البداية لمسيرة طويلة من النجاحات، حيث واصلت رحمة تفوقها وحصد الميداليات على المستوى الدولي، مما أثبت أنها ليست فقط بطلة رياضية بل أيضًا نموذجًا يُحتذى به في المثابرة والطموح.
استقالة مدرب "رحمة" بسببها
كان أحد أهم الأشخاص الذين كانوا بجانب رحمة طوال مسيرتها الرياضية هو مدربها كابتن أحمد يحيى، الذي آمن بموهبتها منذ بدايتها، وتروي والدتها قصة حدثت بعد إصابة رحمة في إحدى التدريبات: "أصيبت رحمة في الكوميتيه، وكنت أفكر في إبعادها عن اللعبة خوفًا عليها، لكن مدربها قال لي إنه سيترك التدريب إن قررت رحمة التوقف، فقد كان يؤمن بأنها ليست مجرد لاعبة محلية، بل بطلة عالمية".
وهذا الإيمان الكبير بقدرات رحمة كان دافعًا قويًا لها للاستمرار رغم التحديات، واستطاعت بفضل هذا الدعم والأسرة والمدربين أن تصل إلى مكانة مرموقة في رياضة الكاراتيه على المستوى الدولي.
والد رحمة: آمل أن تحصل على الدعم المعنوي والمرونة الدراسية
والتقط من الأم أطراف الحديث، الدكتور محمد طلبة، والد "رحمة"، فقال إنه يفخر بابنته ومجهوداتها، آملًا أن يكون لها نصيب في الدعم المعنوي على الأقل من قِبل الدولة، وأن تكون كليتها- طب عين شمس- أكثر مرونة معها، فيما يتعلق بتزامن امتحاناتها مع البطولات الدولية، حتى تستمر في التفوق رياضيًا ودراسيًا، مؤكدًا أنها في بداية مشوارها الرياضي، ولا تزال تسعى لتحقيق المزيد من الإنجازات ورفع علم مصر في المحافل الدولية، وذلك وبفضل إرادتها القوية، ودعم عائلتها ومدربيها.
وختامًا، تظل رحمة طلبة نموذجًا مشرفًا للشباب المصري، ليس فقط في الرياضة، بل في القدرة على تحقيق التوازن بين الطموحات الدراسية والرياضية. إنها بطلة مصرية استثنائية في طريقها نحو الأسطورة.