المثقفون ونشر الوعى
فى ظل هذه التحديات الجسام التى تواجهها الدولة المصرية، لا بد أن ينشط دور المثقفين المصريين فى نشر الوعى بالبلاد. فدورهم بالغ الأهمية خلال هذه المرحلة من تاريخ البلاد. والتاريخ يذكرنا بما فعله المثقفون خلال نهاية فترة الخمسينيات وكل الستينيات من القرن الماضى. والمعروف أن المثقفين يلعبون دورًا مهمًا فى رفع مستوى الوعى لدى الشعب لمواجهة التحديات المختلفة التى تواجه البلاد على كل الأصعدة. فهم بمثابة منارات فكرية وثقافية، يشعلون شرارة الوعى والمعرفة، ويسهمون فى تشكيل وعى الجماهير، وتوجيههم نحو الطريق الصحيح. ويعمل المثقفون على نشر المعرفة الصحيحة بين أفراد الشعب، وتنويرهم بالحقائق، وتفنيد الشائعات والأكاذيب التى تروجها الجماعات المتطرفة، وذلك من خلال الكتابة والمحاضرات والندوات ووسائل الإعلام المختلفة. كما يقوم المثقفون بتحليل التحديات التى تواجه البلاد، واقتراح الحلول المناسبة لها، وتقديم رؤى مستقبلية للمساهمة فى مواجهة هذه التحديات. ويعمل المثقفون على توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وتنمية شعورهم بالمسئولية الوطنية، وتشجيعهم على المشاركة الفعالة فى الحياتين السياسية والاجتماعية، وتعزيز الهوية الوطنية والانتماء للوطن والحفاظ على التراث الثقافى والحضارى للبلاد. ومن دور المثقفين أيضًا تشجيع الحوار البنّاء والتفكير النقدى لدى المواطنين، وتنمية قدراتهم على تحليل المعلومات وتقييمها بشكل موضوعى. ولا ينسى أحد الدور العظيم الذى يقوم به المثقفون فى مواجهة الإرهاب والتطرف، من خلال فضح أساليب الجماعات المتطرفة، وتوعية الشباب بمخاطر الانضمام إليها، وتقديم البدائل الفكرية والثقافية السليمة. وأسهم المثقفون فى دعم جهود التنمية الاقتصادية، من خلال نشر الوعى بأهمية العمل والإنتاج، وتشجيع الاستثمار، وتقديم الاقتراحات والتوصيات لتحسين الأداء الاقتصادى. كما دافع المثقفون عن قضايا العدالة الاجتماعية، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وحقوق الإنسان، وطالبوا بتطبيق القوانين التى تكفل تحقيق العدالة الاجتماعية.
ويظل المثقفون المصريون يلعبون دورًا حيويًا فى رفع مستوى الوعى لدى الشعب، ومواجهة التحديات التى تواجه البلاد. فهم ضمير الأمة، وقوتها الفكرية، وقادتها نحو التقدم والازدهار.
ولقد لعب المثقفون المصريون على مر التاريخ أدوارًا متنوعة فى بناء المجتمع وتطويره، وأبرز هذه الأدوار نشر الوعى والتنوير، حيث كان المثقفون المصريون، منذ عصر النهضة، روادًا فى نشر الوعى بين أفراد المجتمع، وتنوير العقول، ومحاربة الجهل والخرافات، وذلك من خلال الكتابة، والمقالات، والمحاضرات، والندوات، ووسائل الإعلام المختلفة. كما أسهموا فى تعريف المصريين بحقوقهم وواجباتهم، وبأهمية التعليم، والمشاركة السياسية، والتنمية الاجتماعية.
وشاركوا فى صياغة الهوية الوطنية المصرية، وتعزيز الشعور بالانتماء والوحدة الوطنية، وذلك من خلال إحياء التراث المصرى القديم، وإبراز الشخصية المصرية المتميزة، والتأكيد على القيم المشتركة بين المصريين، مثل اللغة، والتاريخ، والثقافة، إضافة إلى إثراء الحياة الفكرية والثقافية فى مصر، وذلك من خلال إنتاج الأعمال الأدبية، والفنية، والفكرية، التى تعبر عن روح العصر، وتعالج قضايا المجتمع، والمساهمة فى تطوير الفكر الإنسانى. كما كانت لهم يد فى تأسيس المؤسسات الثقافية، مثل الجامعات، والمتاحف، ودور الكتب، والمسارح. وأيضًا شاركوا فى الحياة السياسية، من خلال الكتابة عن القضايا السياسية، وتقديم التحليلات والاقتراحات، والمشاركة فى الحركات الوطنية، والأحزاب السياسية، والنضال من أجل الاستقلال، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. وكان لهم دور كبير فى تشكيل الرأى العام، والتأثير على القرارات السياسية. وكانوا صوتًا للمظلومين، والمهمشين، وأسهموا فى كشف الفساد، والاستبداد، والدفاع عن حقوق الإنسان.
وكان المثقفون المصريون، ولا يزالون، منفتحين على الثقافات الأخرى، وتفاعلوا معها، من خلال الترجمة، والاقتباس، والتأثر والتأثير. وأسهموا فى نقل المعرفة، والأفكار، والتجارب بين الثقافات المختلفة، وإثراء الثقافة المصرية. ويمكن القول إن المثقفين المصريين، على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، لعبوا دورًا مهمًا فى بناء المجتمع المصرى، وتطويره، على مر التاريخ. وما زالوا يلعبون هذا الدور، وسيستمرون فى لعبه فى المستقبل.