رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكالمة ترامب المؤجلة

المكالمة التليفونية، التى تلقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأول السبت، من نظيره الأمريكى دونالد ترامب، كان مقررًا إجراؤها، منذ أسبوع، حسب تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» عن الأخير، كما كان متوقعًا، طبقًا للتصريحات نفسها، أن تتناول قضية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، التى لم نجد أى إشارة إليها، فى البيان الصادر عن الرئاسة المصرية، أو ذلك الذى أصدره البيت الأبيض.

لأنها المكالمة الأولى، منذ بداية ولاية ترامب الثانية، قام الرئيس السيسى بتهنئته، مجددًا، لافتًا إلى أن إعادة انتخابه تعكس الثقة الكبيرة التى يتمتع بها لدى الشعب الأمريكى. ثم تناول الرئيسان القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وأكدا العلاقات الاستراتيجية، التى تجمع البلدين، وضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بينهما، وتحقيق السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط. وشهد الاتصال حوارًا إيجابيًا، حول أهمية الاستمرار فى تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وتثبيته، فى قطاع غزة، الذى تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية وأمريكية، وضرورة تكثيف إيصال المساعدات لسكان القطاع. كما ناقش الرئيسان «التعاون فى مجال الأمن المائى»، طبقًا لبيان الرئاسة المصرية، أو بحثا «ملف سد النهضة الإثيوبى»، كما أوضح بيان البيت الأبيض. 

لا اختلاف، تقريبًا، بين البيانين، باستثناء إشارة البيت الأبيض إلى أن الرئيسين ناقشا، خلال الاتصال، الدور المهم، الذى لعبته مصر، فى إطلاق سراح الرهائن أو المحتجزين. والأرجح، هو أن الرئيس ترامب تجنب التطرق إلى تهجير الفلسطينيين، بعد تأكيد الرئيس السيسى، الأربعاء الماضى، أنه «ظلم» لا يمكن أن نشارك فيه أو نسمح به أو نتساهل بشأنه، وتشديده على أن ثوابت موقف مصر التاريخى من القضية الفلسطينية، والأسس الجوهرية التى يستند إليها، لا يمكن أبدًا التنازل عنها بأى شكل من الأشكال.

قال الرئيس، أيضًا، يوم الأربعاء، فى المؤتمر الصحفى المشترك مع نظيره الكينى، إنه يعتزم العمل مع الرئيس ترامب على تحقيق السلام المنشود، القائم على حل الدولتين، معربًا عن ثقته فى أن الأخير يرغب فى ذلك وقادر على تحقيق هذا الهدف. وهو ما كرره، خلال اتصال السبت، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولى يعوّل على قدرة الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام دائم وتاريخى ينهى حالة الصراع القائمة، منذ عقود، خاصة مع انحياز الرئيس ترامب للسلام، وتأكيده، فى خطاب تنصيبه، على كونه رجل سلام. 

مصريًا، أردنيًا، وعربيًا، جرى حسم قضية التهجير. وأكد وزراء خارجية خمس دول عربية، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمين العام لجامعة الدول العربية، عقب اجتماعهم، فى القاهرة، أمس الأول السبت، بشكل قاطع، وواضح، استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطينى على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة، ورفضهم المساس بتلك الحقوق، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأى صورة من الصور، أو تحت أى ظروف ومبررات.

ربما تناول الرئيسان هذه القضية، واتفقا على عدم الإعلان عن ذلك، وربما قررا إرجاء مناقشتها إلى أن يلتقيا، وجهًا لوجه، فى القاهرة أو واشنطن. إذ وجّه الرئيس ترامب دعوة مفتوحة للرئيس السيسى لزيارة الولايات المتحدة ولقائه بالبيت الأبيض. كما وجه الرئيس السيسى الدعوة لنظيره الأمريكى، لزيارة مصر، فى أقرب فرصة ممكنة، لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتباحث حول القضايا والأزمات المعقدة، التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وكذا للمشاركة فى افتتاح المتحف المصرى الجديد. 

.. وأخيرًا، اتفق الزعيمان، فى نهاية الاتصال التليفونى، على أهمية استمرار التواصل بينهما، والتنسيق والتعاون بين البلدين فى القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتأكيد على ضرورة تكثيف الاجتماعات بين المسئولين المعنيين من الجانبين لمواصلة دفع العلاقات الثنائية فى كل المجالات، ودراسة سبل المضى قدمًا فى معالجة الموضوعات المختلفة، ما يعكس قوة وعمق العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية.