ترامب.. جاء ليغير الشرق الأوسط
لا تحتاج لأن تكون خبيرًا لتفهم أن ترامب وفى الأيام الأولى منذ دخوله البيت الأبيض أراد ودون تردد أن يغير كل ما كان بايدن يفعله ويريده.. ليس فى أمريكا فقط ولكن فى الساحة الأهم: الشرق الأوسط، وهو فى طريقه إلى تحقيق خططه فى الشرق الأوسط بنهج سياسى وربما عدوانى، من شأنه أن يعزز إنشاء النظام الإقليمى الجديد الذى يطمح إليه.
فى يومه الأول، وقّع ترامب مجموعة من الأوامر التنفيذية، واستمر توقيع الأوامر المختلفة طوال اليوم. وحتى لو كانت تلك التوقيعات تتعلق بالسياسة الأمريكية الداخلية، مثل الهجرة، لكن هناك قرارات تتعلق بالشرق الأوسط سواء مباشرة أو بشكل غير مباشر.
بشكل ما يمكن تفسير قرار يتعلق بحماية الولايات المتحدة من «الإرهابيين» الأجانب بأنه بمثابة تعزيز للتركيز الأمريكى على الجماعات، مثل حماس وأنصارها، فى الولايات المتحدة.
كما أن أوامر ترامب التى تتعامل مع عصابات المخدرات لها أيضًا صلة بالشرق الأوسط، لأن بعض تلك العصابات لها علاقات مع حزب الله فى أمريكا الجنوبية.
كما ألغى ترامب عدة قرارات صدرت فى عهد بايدن، ويتعلق أحد هذه القرارات بالأمر التنفيذى رقم ١٤١١٥، الذى استُخدم لمعاقبة المستوطنين والناشطين فى المنظمات اليمينية الإسرائيلية، كما ألغى ترامب قرارًا بإلغاء العقوبات المفروضة على المحكمة الجنائية الدولية. وقد استهدفت المحكمة الجنائية الدولية إسرائيل فى العام الماضى. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن ترامب قد يتحرك لإيقاف تمويل «أونروا»، كما فعل فى ولايته السابقة. ومن المتوقع أن يلغى قرارًا آخر صدر فى عهد بايدن بإيقاف تسليم قنابل تزن ٢٠٠٠ رطل إلى إسرائيل. وفى هذه الحالات، كانت قرارات الرئيس الأمريكى الحالى تهدف إلى عكس القرارات، بدلًا من وضع سياسات جديدة.
كما أعلن الموقع الإلكترونى الجديد للبيت الأبيض عن أن «الإلغاءات» المذكورة فى القائمة ستكون الأولى من بين العديد من الخطوات التى تخطط الحكومة الأمريكية لاتخاذها «لإصلاح مؤسساتنا واقتصادنا».
وليس سرًا أن ترامب يسعى إلى توسيع اتفاقات إبراهام لتشمل السعودية فى انعطافة كبيرة فى الشرق الأوسط، وفقًا لما يراه سيجلب السلام والاستقرار للمنطقة، وعندما قال ترامب إن «غزة مكان رائع» على البحر، يمكن التكهن بأنه يريد أن يحولها إلى «gaza resort»، وفى الوقت نفسه إذا عادت إسرائيل إلى القتال فى غزة، فإن الإدارة الأمريكية لا تسعى إلى أن تكون عدوانية تجاه إسرائيل، فكما يبدو فإن ترامب لا يثق فى تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
إن دعم ترامب الأمريكى لإسرائيل ليس محل شك، ولكن السؤال الكبير هو مدى نطاقه، حيث قال الدكتور شاى هار تسفى، الذى يرأس مجال الساحة الدولية والشرق الأوسط فى معهد السياسة والاستراتيجية فى جامعة ريشمان: «إن ترامب يريد ترتيبات فى الشرق الأوسط تسمح له بالتركيز على الساحات الداخلية الأمريكية وأيضًا الصين، وبالتأكيد ليس فى الحروب التى يمكن أن تجر الولايات المتحدة إلى الأزمات. وعلى خلفية كل هذا تقف رؤيته.. التطبيع مع السعودية.. اتفاق نووى مطور مع إيران.. وأحد الألغام فى إسرائيل هو الترويج لحل القضية الفلسطينية على خلفية التركيبة الحالية للائتلاف»!