هل اقتربت هدنة غزة؟
خلال ساعات، أو قبل نهاية الأسبوع الجارى بحد أقصى، قد نرى إعلانًا عن اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وتبادل الأسرى والمحتجزين بين حركة «حماس» وإسرائيل، طبقًا لتصريحات إسرائيلية وأمريكية وأخرى منسوبة لأطراف مختلفة منخرطة فى المفاوضات، رجّحت أن تكون مدة المرحلة الأولى من الهدنة ٤٢ يومًا. لكن قيل، أيضًا، إن رئيس الوزراء الإسرائيلى يواجه صعوبات شديدة فى مواجهة اليمين المتطرف داخل حكومته، الذى يهدّد بالانسحاب من الحكومة.
وسط تصاعد القصف الإسرائيلى على مناطق متفرقة من قطاع غزة، وبعد ١٥ شهرًا من العدوان الإسرائيلى على القطاع، كانت الخلافات الباقية، حتى ظهر أمس الأول، الإثنين، متعلقة بالثمن الذى ستدفعه إسرائيل مقابل ١١ جنديًا سيتم إطلاق سراحهم فى المرحلة الأولى، ولا تنطبق عليهم شروط «إنسانية»، إلى جانب نقاط خلافية بشأن الانسحاب من بعض الأماكن، والمنطقة العازلة التى تريدها إسرائيل. مع ملاحظة أن جيش الاحتلال، لا يزال، ينشر ٣ ألوية عسكرية داخل القطاع، ووحدات عسكرية فى بلدات غلاف غزة، إضافة إلى جدران أمنية، علنية وسرية، والعديد من وسائل المراقبة. ولعلك تعرف أن الوضع الكارثى، الذى يعيشه قطاع غزة، امتد ليشمل الضفة الغربية التى شهدت تهجير مجتمعات فلسطينية كاملة، إثر تصاعد عنف المستوطنين، وتوسع الحكومة الإسرائيلية فى أنشطتها الاستيطانية.
خلال مؤتمر صحفى، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن، أمس الأول الإثنين، إن إدارته تعمل بشكل سريع على إتمام اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، مؤكدًا أن الاتفاق «على وشك أن يكون واقعًا». ولشبكة «نيوماكس نيوز» الأمريكية، توقّع الرئيس الأمريكى السابق والمنتخب دونالد ترامب أن يتم الانتهاء من الاتفاق بنهاية الأسبوع، محذرًا من أن عدم حدوث ذلك سيؤدى إلى الكثير من المشاكل، التى لم تشهدها منطقة الشرق الأوسط من قبل، مكررًا، بصيغة أقل حدة، تهديده السابق بتحويل المنطقة إلى «جحيم» إذا لم يتم الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين قبل عودته إلى البيت الأبيض فى ٢٠ يناير الجارى.
إلى الآن، لم يحقق المسار التفاوضى غير هدنة إنسانية استمرت أسبوعًا، فى نوفمبر ٢٠٢٣، جرى بموجبها الإفراج عن ١٠٩ رهائن إسرائيليين و٢٤٠ سجينًا فلسطينيًا، وبعدها تعمّد رئيس الوزراء الإسرائيلى إفشال جولات المحادثات المكثفة فى القاهرة والدوحة وباريس وروما، وعرقل كل المساعى المصرية والأمريكية والقطرية، للتوصل إلى اتفاق، و«اخترع عقبة محور فيلادلفيا، لإحباط التوصل إلى اتفاق وحماية حكومته من السقوط» بتعبير يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية. كما لم يَسلم وسطاء التهدئة، مصر والولايات المتحدة وقطر، من أكاذيب وافتراءات واتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلى.
المهم، هو أن احتمالات التوصل إلى صفقة أو اتفاق، «باتت أكثر واقعية الآن، مقارنة بأى وقت سابق»، حسب ديفيد ستارفيلد، المبعوث الأمريكى السابق للشئون الإنسانية فى الشرق الأوسط، الذى كشف لقناة «الحرة» عن وجود «تنسيق استثنائى» بين الرئيسين الأمريكيين الحالى والمنتخب، وأشار إلى أن ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، وبريت ماكجورك، كبير مستشارى بايدن لشئون الشرق الأوسط، الموجودين حاليًا فى الدوحة، عملا خلال الأسبوع الماضى على وضع اللمسات النهائية للاتفاق، كما نقلت شبكة «سى إن إن» عن مسئول من «حماس»، أن الحركة «تقترب جدًا من التوصل إلى اتفاق». وقال «مسئول مطَّلع على المفاوضات» لوكالة «رويترز»، إن قطر سلمت إسرائيل و«حماس» مسودة «نهائية» وذكرت القناة ١١ الإسرائيلية، أن الرد النهائى من حماس متوقع خلال ٢٤ ساعة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة كان حاضرًا خلال جلسة المشاورات السياسية التى عقدها الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، أمس، مع زافيير بيتل، وزير خارجية لوكسمبورج، التى أشاد فيها بموقف الدولة الصديقة الداعم للقضية الفلسطينية ودعمها عمل وكالة «أونروا»، واستعرض الجهود المصرية المتواصلة للتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، مشددًا على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلى على القطاع وانتهاكاته للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى.