تدويل وتصدير التعليم
مع مبدأ «المرجعية الدولية»، ركزت «الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي»، التي تم إطلاقها في مارس 2023، على ملف تدويل التعليم، الذي كان أحد أبرز الملفات التي تناولها اجتماع عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الإثنين، مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ومحمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في إطار مُتابعة الرئيس لعدد من الملفات، التي تُشرف عليها الوزارتان.
التدويل، هو التحول من الإطار المحلي الضيق، أو الإطار الإقليمي الأقل ضيقًا، إلى الإطار العالمي الواسع. أما التعريف الإجرائي لتدويل التعليم، الذي تستخدمه «منظمة التنمية الاقتصادية والتعاون»، فهو إضافة بعد دولي للوظائف الثلاثة للمؤسسات التعليمية، التي تتمثل في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع وتنمية البيئة. وانطلاقًا من «رؤية مصر 2030» للتنمية المستدامة، وتنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بجذب الجامعات الدولية المرموقة، ذات التصنيف الدولي المتميز، أولت الدولة المصرية، اهتمامًا كبيرًا لإنشاء أفرع لجامعات دولية جديدة، لتطوير نوعية التعليم والاستفادة من الخبرات الأجنبية، وزيادة تنافسية الخريجين، وجذب الطلاب الوافدين من الدول المحيطة، وتقليل فرص اغتراب الطلاب المصريين في الخارج، بمنحهم فرصة الحصول على تعليم أجنبي، وشهادات دولية من الجامعة الأم.
تطور كمي وكيفي كبير، وغير مسبوق، شهدته منظومة تدويل التعليم الجامعي بمصر، خلال السنوات العشر الماضية، وجرى بالفعل توفير العديد من البرامج الدراسية المتميزة، التي تفتح آفاق سوق العمل، محليًا ودوليًا، أمام الخريجين. واستكمالًا لهذا التطور، وفي إطار توجه الدولة نحو تدويل وتصدير التعليم، جرى الاتفاق على فتح أفرع لعدد من الجامعات المصرية في الخارج، بالاشتراك مع القطاع الخاص، «دون أن تتحمل الدولة أي تكاليف»، بحسب وزير التعليم والبحث العلمي، الذي أكد، أيضًا، خلال اجتماع أمس، أن العام الدراسي المقبل، 2025/2026، سيشهد إدخال 10 جامعات أهلية جديدة إلى منظومة التعليم الجامعي المصري، ليصبح لدينا 30 جامعة أهلية. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن «الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي»، تقوم على 7 مبادئ أساسية هي: التكامل، التخصصات المتداخلة، التواصل، المشاركة الفعالة، الاستدامة، المرجعية الدولية، والابتكار وريادة الأعمال.
في هذا السياق، وجه الرئيس السيسي بضرورة تجهيز أفرع الجامعات المصرية، بما في ذلك الجامعات الأهلية، وفقًا للمعايير الدولية، مشددًا على ضرورة أن تشمل الكليات التابعة لها التخصصات العلمية والعملية المرتبطة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والرقمنة والهندسة. كما وجه الرئيس، أيضًا، بضرورة إيلاء أهمية خاصة لتلك التخصصات، نظرًا لاحتياج سوق العمل لها، ولارتباطها بالتقدم التكنولوجي، الذي يُعد قاطرة التقدم في أي دولة. وخلال مناقشة الجهود المبذولة لزيادة أعداد الطلاب الوافدين، أو الأجانب، للدراسة بالجامعات المصرية، وجّه الرئيس، كذلك، بمواصلة الجهود لتحويل مصر إلى مقصد جاذب للتعليم العالي المتميز، وقِبلة للطلاب الأجانب، أو الوافدين من الخارج.
في مصر، الآن، 116 جامعة، حكومية، خاصة، أهلية، تكنولوجية، وأجنبية، تضم 1079 كلية. وخلال اجتماع أمس، استعرض وزير التعليم العالي والبحث العلمي الزيادة في أعداد الطلاب الملتحقين بقطاعات الذكاء الاصطناعي والرقمنة والحاسب الآلي والتكنولوجيا بالجامعات المصرية، خلال العام الدراسي الجامعي الجاري 2024/2025، موضحًا أن تلك الأعداد زادت بنسبة 40% مقارنة بالعام الدراسي الماضي، كما تناول الاجتماع، أيضًا، الإجراءات التنفيذية المتعلقة بالتنسيق والقبول بالجامعات والمعاهد للسنة الدراسية 2024/2025، بما في ذلك أعداد الطلاب وتوزيعهم على الجامعات الحكومية أو الأهلية أو الخاصة، بالإضافة إلى الجامعات الأجنبية والمعاهد المتوسطة والتكنولوجية.
..وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس شدّد، خلال اجتماع أمس، على أهمية تركيز الجهود على تحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، مع تعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، وأهمية ربط الأبحاث العلمية بخطط التنمية واحتياجات المجتمع، ومعالجة نقص الكفاءات الأكاديمية ومنع تسربها للخارج، بما يعزز من مكانة مصر كوجهة رائدة في مجال التعليم.