نقاشات الرياض حول سوريا
بمشاركة عربية ودولية، استضافت العاصمة السعودية الرياض، أمس الأحد، اجتماعات لمناقشة الوضع فى سوريا، وسبل دعم الدولة الشقيقة، إنسانيًا وسياسيًا. وخلالها استعرض وزير خارجيتنا، مجددًا، الموقف المصرى الداعى إلى ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى السورية، واحترام سيادتها، ودعم مؤسساتها الوطنية للارتقاء بقدرتها على القيام بأدوارها فى خدمة الشعب الشقيق.
شدّدت مصر، أيضًا، بلسان وزير خارجيتها، على أهمية تعاون جميع الأطراف الإقليمية والدولية فى مكافحة الإرهاب، لضمان ألا يتم إيواء أى عناصر إرهابية على الأراضى السورية، بما قد يمثل تهديدًا أو استفزازًا لأى من دول المنطقة، إلى جانب تكاتف المجتمع الدولى للحيلولة دون أن تكون سوريا مصدرًا لتهديد الاستقرار فى المنطقة أو مركزًا للجماعات الإرهابية. كما أدان الدكتور بدر عبدالعاطى، فى كلمته، أو كلمة مصر، توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا واحتلالها أراضى سورية، مشيرًا إلى الرفض المصرى الكامل لانتهاك إسرائيل اتفاق فض الاشتباك لسنة ١٩٧٤، داعيًا إلى احترام هذا الاتفاق، وإلى ضرورة الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى السورية. كما أعرب وزير الخارجية عن إدانة مصر للغارات الإسرائيلية الممنهجة، التى استهدفت البنية التحتية للجيش السورى وقدراته العسكرية.
مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجى، شارك فى الاجتماعات وزراء خارجية مصر، والإمارات، والأردن، وسلطنة عمان، ولبنان، والبحرين وسوريا، وقطر، إضافة إلى مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ووزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وإسبانيا، ووكيل وزارة الخارجية الأمريكية، ومفوضة الاتحاد الأوروبى للسياسة الخارجية والأمن، التى قالت إن وزراء خارجية الاتحاد سيجتمعون، نهاية الشهر الجارى، لمناقشة رفع العقوبات عن سوريا، وإن كنا نرجّح أنهم سيناقشون أو سيضعون «خطوطًا حمراء» يجب ألا تتخطاها السلطات السورية الجديدة.
اجتماعات، أو نقاشات، الرياض، تأتى امتدادًا، أو استكمالًا، للمحادثات بشأن سوريا ما بعد بشار الأسد، التى استضافتها مدينة العقبة الأردنية، منتصف ديسمبر الماضى، والتى أكدت خلالها «لجنة الاتصال الوزارية المعنية بسوريا» الوقوف إلى جانب الشعب السورى، وتقديم كل العون والإسناد له فى هذه المرحلة التاريخية لإعادة بناء وطنه على الأسس التى تحفظ أمنه واستقراره وسيادته ووحدته، و... و... وكنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، أن الموقف المصرى من الأزمة السورية يكاد يتطابق مع المبادئ والمرتكزات التى تضمنها البيان الختامى لاجتماع العقبة، أو وضعتها لجنة الاتصال، التى تضم وزراء خارجية مصر والعراق والأردن والسعودية ولبنان، والأمين العام لجامعة الدول العربية. وهى المبادئ والمرتكزات التى قال البيان إن التعامل مع الواقع الجديد فى سوريا سيرتكز على مدى انسجامه معها.
مجددًا، دعا وزير خارجيتنا، خلال نقاشات الرياض، إلى تبنى عملية سياسية شاملة بملكية سورية خالصة تضم كل مكونات المجتمع السورى وأطيافه، دون إقصاء لأى قوى أو أطراف سياسية واجتماعية، لضمان نجاح العملية الانتقالية، وتبنى مقاربة جامعة لكل القوى الوطنية السورية، تتماشى مع قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤. كما أكد وزير خارجيتنا وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السورى الشقيق ودعم تطلعاته المشروعة، داعيًا جميع الأطراف السورية، فى هذه المرحلة الفاصلة، إلى إعلاء المصلحة الوطنية، ودعم الاستقرار. وشدد على أهمية أن تعكس العملية السياسية الشاملة التنوع المجتمعى والدينى والطائفى والعرقى، وإفساح المجال للقوى السياسية الوطنية المختلفة، لأن يكون لها دور فى إدارة المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء سوريا ومؤسساتها الوطنية، لكى تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية التى تستحقها.
.. وأخيرًا، لا نجد ما يمنع تكرار الإشارة إلى أن مصر أعلنت عن موقفها من الأزمة السورية، عشرات المرات، قبل وبعد التطورات الأخيرة، بلسان رئيسها ورئيس وزرائها ووزير خارجيتها، و... و... وفى كلمتها أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أى منذ خمس سنوات تقريبًا، طالب الرئيس السيسى بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة التى تعيشها سوريا، منذ سنة ٢٠١١، تحترم سيادتها، وتحافظ على وحدتها وسلامة أراضيها، وتوقف نزيف الدم، وتقضى على الإرهاب.