رئيس لبنان الرابع عشر
بعد سنتين وشهرين وعشرة أيام من الفراغ الرئاسى، تخللتها ١٢ محاولة فاشلة لانتخاب رئيس جديد، خلفًا للرئيس السابق ميشال عون، صار العماد «الجنرال» جوزيف عون، قائد الجيش اللبنانى، هو الرئيس الرابع عشر للبلد الشقيق بعد استقلاله سنة ١٩٤٣، والرئيس الخامس للجمهورية اللبنانية الثانية، التى بدأت سنة ١٩٨٩، بعد توقيع وثيقة الوفاق الوطنى اللبنانى، المعروفة باسم «اتفاق الطائف»، التى أنهت ١٥ سنة من الحرب الأهلية، ووضعت قاعدة المحاصصة الطائفية.
موجهًا «التهنئة الحارة» على انتخابه، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى إيمان مصر بقدرة الرئيس اللبنانى الجديد على قيادة البلاد، خلال هذه المرحلة الدقيقة، وتحقيق تطلعات الشعب اللبنانى الشقيق. وخلال الاتصال التليفونى، الذى أجراه أمس الأول الخميس، مع جوزيف عون، أعرب الرئيس السيسى عن تطلعه إلى لقائه قريبًا، لمناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، مؤكدًا أن مصر ستظل دائمًا داعمة للبنان وسيادته، وأنها مستعدة لتقديم المساعدة وكل سبل الدعم الممكنة، لضمان استقرار البلد الشقيق، وتعزيز قدرته على مواجهة التحديات، ومساعدته فى أن يبدأ مرحلة جديدة ينعم فيها بالأمن والاستقرار.
فى خطاب القَسَم، قال الجنرال جوزيف عون إن «مرحلة جديدة من تاريخ لبنان» بدأت اليوم، وتعهد بأن يكون خلالها «الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطنى»، وأضاف أنه سيمارس «صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات»، وسيسهر «على تفعيل عمل القوى الأمنية كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين»، وسيناقش «استراتيجية دفاعية كاملة، على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية»، تمكّن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلى وردع عدوانه. كما أكد «التزام لبنان الحياد الإيجابى»، وشدّد على «تثبيت حق الدولة فى احتكار حمل السلاح»، وإعادة إعمار ما دمّره «العدو الإسرائيلى» فى الجنوب والضاحية والبقاع وكل أنحاء لبنان، وأكد ضرورة الاستثمار فى الجيش لـ«ضبط الحدود وتثبيتها جنوبًا وترسيمها شرقًا وشمالًا، ومحاربة الإرهاب».
الجنرال الخامس، الذى يتولى الرئاسة، بعد فؤاد شهاب وإميل لحود وميشال سليمان وميشال عون، أعلن، أيضًا، فى خطابه الشامل والمتكامل، عن رفضه «توطين الفلسطينيين»، واعتزامه «تولى أمن المخيمات»، ودعا إلى بدء «حوار جدّى وندّى مع الدولة السورية»؛ لمناقشة كل العلاقات والملفات العالقة بين البلدين، خاصة ملف المفقودين والنازحين السوريين. كما دعا، أيضًا، إلى إجراء استشارات نيابية فى أسرع وقت لاختيار رئيس حكومة «يكون شريكًا وليس خصمًا»، و... و... وكان لافتًا أنه لم يتحدث فى الخطاب، ولو ضمنيًا، عن «المقاومة»، كعادة سابقيه، منذ بداية الجمهورية اللبنانية الثانية.
مع التهنئة المصرية، قوبل انتخاب الجنرال عون بترحيب شديد من أعضاء مجلس الأمن، الذين أكدوا «دعمهم القوى لسلامة أراضى لبنان وسيادته واستقلاله السياسى»، ودعوا إلى التنفيذ الكامل للقرار ١٧٠١ وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. ومن ركنه البعيد الهادئ، قال الرئيس الأمريكى، المنتهية ولايته، جو بايدن، إن قائد الجيش اللبنانى هو «الزعيم المناسب لهذه الفترة»، ووصف جوزيف عون بأنه «رجل من الطراز الأول»، وأشار إلى أنه تحدث معه تليفونيًا، لمدة تتراوح بين ٢٠ دقيقة ونصف الساعة.
أيضًا، أكد أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أن انتخاب رئيس جديد للبنان يمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار الداخلى، لكنه أشار إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تعاونًا لبنانيًا، ودوليًا، لضمان استعادة الثقة السياسية والاقتصادية. وعليه، حث الأمين العام للأمم المتحدة القيادة اللبنانية على الالتزام بالمبادئ الوطنية، التى تضمن استقرار البلاد فى ظل التحديات الإقليمية والدولية، ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وتحقيق تطلعات الشعب اللبنانى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن رئيس لبنان الرابع عشر، المدعوم لبنانيًا، عربيًا ودوليًا، أعرب، خلال الاتصال التليفونى الذى تلقاه من الرئيس السيسى، عن تثمينه الدور المصرى الداعم والمساند للبنان وشعبه، وشدّد على اعتزازه بالعلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين، مؤكدًا حرصه على تعزيز الروابط التى تجمع الشعبين الشقيقين، وتحقق تطلعاتهما المشتركة.