محمود الأفندي لـ"الدستور": سوريا تواجه مستقبل غامض.. ونخشى فخ التقسيم والهيمنة الإقليمية
أكد الدكتور محمود الأفندي، الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية، أن مرحلة ما بعد رحيل الرئيس بشار الأسد ستشهد تشكيل حكومة انتقالية جديدة في سوريا وفقًا لاتفاقات الدوحة، حيث ستتولى قيادة الدولة لفترة انتقالية تتبعها انتخابات ووضع دستور جديد. ووفقًا لهذه الاتفاقات، من المتوقع أن يتولى الائتلاف السوري المعارض إدارة الدولة خلال هذه المرحلة.
الأفندي: الجيش السوري موقف حيادي ورفض قتال فصائل المعارضة
وأضاف الأفندي أن الجيش السوري اتخذ موقفًا حياديًا، رافضًا القتال ضد فصائل المعارضة السورية، مما قد يسهم في تقليل فرص نشوب حرب طائفية شاملة، خاصة مع ضعف القدرات العسكرية في بعض القرى العلوية والمسيحية التي فقدت جزءًا كبيرًا من سكانها بسبب الهجرة والنزوح.
ورأى الأفندي أن التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة سيكون الصراع مع الفصائل الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، خاصة في شمال شرق سوريا. وأشار إلى أن الحكومة الجديدة، المتوقع أن تكون قريبة من تركيا، ستسعى للسيطرة على منابع النفط والغاز والقمح الموجودة في هذه المنطقة.
وأضاف أن تصريحات الدكتور هادي البحرة، رئيس الائتلاف السوري المعارض، حول ضرورة التعامل مع الفصائل الكردية وقوات حزب العمال الكردستاني، توحي باحتمالية اندلاع حرب شديدة الحدة في هذه المنطقة لضمان السيطرة الكاملة للدولة المقبلة.
الأفندي: نخشى تحول سوريا إلى نموذج مشابه للنظام الإيراني
وحذر الأفندي من إمكانية تحول سوريا إلى نموذج مشابه للنظام الإيراني، حيث قد يظهر قائد روحاني يسيطر على المشهد السياسي. وأشار إلى أن لقاء رئيس الوزراء السوري الحالي مع الجولاني قد يضع الأساس لهذا السيناريو، حيث يمكن أن يصبح الجولاني المشرف الروحي على الدولة، تاركًا للحكومة والرئيس سلطات تنفيذية محدودة.
وأضاف أن هذا الوضع قد يؤدي إلى تأسيس "دولة عميقة" يكون للجولاني وأتباعه فيها السيطرة الفعلية، على غرار الدور الذي يلعبه المرشد الأعلى في إيران.
وفيما يتعلق بإمكانية إزالة هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، أكد الأفندي أن الأمر معقد للغاية ويحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولي، الذي يضع قيودًا صارمة على التعامل مع الهيئة باعتبارها منظمة إرهابية، مشيرا إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 2170 لعام 2013 يمنع أي دولة أو منظمة من التعامل مع هيئة تحرير الشام، مما يجعل أي محاولات لرفعها من القوائم تتطلب توافقًا دوليًا، بما في ذلك موافقة روسيا والصين. وأضاف أن هذا الموضوع قد يفتح الباب أمام صراعات دبلوماسية حادة على الساحة الدولية.
الأفندي: سوريا تواجه مستقبل غامض
وحذر من أن سوريا تواجه مستقبلًا غامضًا مليئًا بالتحديات، بدءًا من الصراعات الداخلية المحتملة بين الأطراف المختلفة، وصولًا إلى الضغوط الدولية لتحقيق توازن جديد في البلاد.
وأكد على ضرورة أن تكون المرحلة المقبلة مدروسة بدقة لتجنب وقوع سوريا في فخ التقسيم أو الهيمنة من قبل قوى إقليمية ودولية.
وأكد الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية، أن إعادة إعمار سوريا تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي، وهو ما يمثل تحديًا رئيسيًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة عالميًا، موضحًا أن أوروبا، المثقلة بأزماتها الداخلية والصراع في أوكرانيا، ليست مؤهلة حاليًا لدعم هذا المشروع، في حين أن الولايات المتحدة قد تكتفي برفع العقوبات ودعم بعض المنظمات غير الحكومية داخل سوريا.
وأضاف أن العبء الأكبر سيقع على الدول العربية، مشيرًا إلى أن السعودية والإمارات وقطر قد تكون اللاعب الأساسي في هذا المجال. وتوقع الأفندي أن تضطلع قطر بدور محوري في عملية إعادة الإعمار، تمامًا كما كانت عنصرًا رئيسيًا في ترتيبات إسقاط نظام الأسد خلال اجتماع الدوحة، وربما تمتد جهودها لتشمل مشاريع أخرى في غزة وجنوب لبنان.
وعن التأثير الإقليمي لتغير موازين القوى في سوريا، سلط الأفندي الضوء على التحديات التي تفرضها الجماعات الإسلامية المسيطرة على المشهد، مثل هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة. وأوضح أن هذه الجماعات، ذات الطابع الإسلامي، تعيد تشكيل التوازنات في المنطقة العربية، ما يضع الدول المجاورة في حالة ارتباك.
الأفندي: إسرائيل تسعى لتوسيع نفوذها في سوريا
وأشار الأفندي إلى أن إسرائيل تواجه تحديات كبيرة في هذا السياق، إذ تخشى أن تتحول سوريا إلى "غزة جديدة" أو أن تظهر حركة مشابهة لحماس على حدودها الشمالية.
وأضاف أن إسرائيل تتعامل مع هذا التهديد المحتمل عبر ضربات استباقية، مستهدفة مواقع عسكرية للجيش السوري في المناطق الحدودية.
وأكد الأفندي أن إسرائيل تسعى لتوسيع نفوذها وتأمين حدودها من خلال إنشاء مناطق عازلة، مشيرًا إلى أنها قد استغلت الوضع في سوريا لتبرير احتلالها مساحات إضافية داخل الأراضي السورية.
وحذر الأفندي من أن المنطقة العربية ما زالت تعيش في حالة من الصدمة تجاه ما يحدث في سوريا.
وأشار إلى أن ضبط الوضع الجديد، خاصة مع التحديات التي تفرضها الجماعات الإسلامية على المنطقة، سيحتاج إلى وقت وجهود دولية وإقليمية متواصلة، لضمان عدم تحول سوريا إلى نقطة صراع جديدة تهدد استقرار المنطقة بأكملها.