رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اشتباك مع أسئلة التحرر والاستقلال فى زمن الاحتلال (1)

بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الكفاح‭ ‬الفلسطينى،‭ ‬لإنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬والمظلومية‭ ‬التاريخية،‭ ‬التى‭ ‬وقعت‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭.. ‬أثارت‭ ‬أحداث‭ ‬‮ «طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬والحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأطول‭ ‬على‭ ‬الأراضى‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬1948،‭ ‬صدمة‭ ‬ثقافية‭ ‬عالمية‭ ‬واسعة،‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬مناقشة‭ ‬مصير‭ ‬الإنسان‭ ‬وأسئلة‭ ‬الوجود‭ ‬والحياة،‭ ‬وقضايا‭ ‬الاستعمار‭ ‬والحرية،‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬مفكرون‭ ‬ومثقفون‭ ‬وأدباء‭ ‬وكتاب‭ ‬وفنانون‭ ‬من‭ ‬شتى‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حوارات‭ ‬طويلة،‭ ‬اشتبكوا‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬أسئلة‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة‭ ‬والاستقلال،‭ ‬فى‭ ‬الزمن‭ ‬الراهن،‭ ‬حيث‭ ‬ينفتح‭ ‬الأفق‭ ‬ثقافيًا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الُممكنات،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أثارت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬موجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاج‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وشملت‭ ‬تلك‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المثقفين‭ ‬والمفكرين،‭ ‬ومنهم‭ ‬أصوات‭ ‬عربية‭ ‬وغربية،‭ ‬متضامنة‭ ‬مع‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والرافضة‭ ‬الحرب،‭ ‬حيث‭‬‮ «‬الدور‭ ‬الحقيقى‭ ‬للكاتب‭ ‬قائم‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬من‭ ‬إبداع‭ ‬مُدافع‭ ‬عن‭ ‬الحرية،‭ ‬ومُحتضن‭ ‬القيم‭ ‬الكبرى»‬.‬

المثقفون‭ ‬والمفكرون‭ ‬والأدباء‭ ‬الموزعون‭ ‬على‭ ‬خرائط‭ ‬الإبداع‭ ‬والجغرافيا،‭ ‬يجمعهم‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬الدم‭ ‬الذى‭ ‬روى‭ ‬أرض‭ ‬غزة،‭ ‬الدم‭ ‬الذى‭ ‬هو‭ ‬‮ «ضحية‭ ‬مشروع‭ ‬إسرائيل‭ ‬الصهيونى‭ ‬الاستيطانى،‭ ‬وضحية‭ ‬مشاريع‭ ‬العنف‭ ‬والظلام‭ ‬التى‭ ‬خلقها‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الاستعمارى‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬وسوغ‭ ‬وجودها‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬وصف‭ ‬الكاتبة‭ ‬والباحثة‭ ‬اللبنانية،‭ ‬هدى‭ ‬فخر‭ ‬الدين،‭ ‬أستاذة‭ ‬الأدب‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التى‭ ‬شاركت‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬مثقفًا‭ ‬ومفكرًا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬بلدًا،‭ ‬فى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مشهد‭ ‬ثقافى،‭ ‬يحاول‭ ‬مقاربة‭ ‬أهوال‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬وفلسطين،‭ ‬إنسانيًا‭ ‬وأخلاقيًا‭ ‬وتاريخيًا‭ ‬وفكريًا،‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬المثقف‭ ‬فى‭ ‬التحولات‭ ‬التاريخية،‭ ‬حيث‭ ‬تنأى‭ ‬به‭ ‬المعرفة‭ ‬والسلطة‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬عن‭ ‬التبعية‭ ‬للسلطة‭ ‬أو‭ ‬الانعزال‭ ‬فى‭ ‬برج‭ ‬عاجى‭.‬

●‭ ‬يرى‭ ‬المفكر‭ ‬الفرنسى‭ ‬فرانسوا‭ ‬بورجا،‭ ‬أن‭ ‬حكومات‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ترى‭ ‬المشهد‭ ‬بعيون‭ ‬إسرائيلية‭ ‬فقط،‭ ‬ضاربة‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬صور‭ ‬الكارثة‭ ‬التى‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ..‬تحيز‭ ‬صارخ‭ ‬يدهش‭ ‬العالم،‭ ‬ربطه‭ ‬المفكر‭ ‬الفرنسى‭ ‬بتزايد‭ ‬قوة‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬الذى‭ ‬يرغب‭ ‬فى‭ ‬إشباع‭ ‬هواجسه‭ ‬المعادية‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬ويعكس‭ ‬خوف‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬من‭ ‬استيراد‭ ‬الصراع‭ ‬العربى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬إلى‭ ‬بلدانها،‭ ‬لذا،‭ ‬فإن‭ ‬دولة‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا‭ ‬تمنع‭ ‬المظاهرات‭ ‬المؤيدة‭ ‬لفلسطين‭.. ‬ فيما‭ ‬يراه‭ ‬بورجا،‭ ‬تفاقمًا‭ ‬للخلل‭ ‬العميق‭ ‬فى‭ ‬المواقف‭ ‬مع‭ ‬موجة‭ ‬الكراهية‭ ‬القوية‭ ‬للإسلام‭ ‬فى‭ ‬العقد‭ ‬الماضى، ‬‮«‬بداية،‭ ‬اقترب‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬من‭ ‬خط‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل؛‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬بإشباع‭ ‬هواجسه‭ ‬المعادية‭ ‬للمسلمين،‭ ‬أما‭ ‬اليسار،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬صوته‭ ‬قويًا‭ ‬نسبيًا‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬فقد‭ ‬تخلى‭ ‬عن‭ ‬مواقفه‭ ‬السابقة،‭ ‬وتوقف‭ ‬عن‭ ‬إدانة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تحدثت‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بلهجة‭ ‬إسلامية‮».. ‬‬ويعتبر‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬التى‭ ‬اختارت‭ ‬التنافس‭ ‬مع‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬معارضتها‭ ‬الانتخابية‭ ‬الرئيسة‭ ‬من‭ ‬اليسار،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬مسئولية‭ ‬تجريم‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ركوب‭ ‬موجة‭ ‬‮«‬الإسلاموفوبيا».. ‬‭‬و‮«‬بينما‭ ‬تتحدث‭ ‬أوروبا‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬تمنع‭ ‬فرنسا‭ ‬المظاهرات‭ ‬المؤيدة‭ ‬لفلسطين؛‭ ‬لأسباب‭ ‬أمنية‭ ‬مزعومة؛‭ ‬فيما‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬تعبيرها‭ ‬المُعلن‭ ‬لدعم‭ ‬الإسرائيليين»‬‭.‬

●‭ ‬لا‭ ‬يستسلم‭ ‬المؤرخ‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬المناهض‭ ‬للصهيونية،‭ ‬آفى‭ ‬شلايم،‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬سانت‭ ‬أنطونى،‭ ‬التابعة‭ ‬لجامعة‭ ‬أكسفورد،‭ ‬لقراءة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬فلسطين‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬بل‭ ‬يُصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬يجد‭ ‬جذوره‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1967‭.. ‬فالطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لفهم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تتلخص‭ ‬فى‭ ‬فهم‭ ‬السياق‭ ‬التاريخى،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يُبين‭ ‬الأسباب‭ ‬التى‭ ‬تدفعه‭ ‬للاقتناع‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬‮ «لا‭ ‬معنى‭ ‬لها‮».. ‬‭ ‬إن‭ ‬مقاربة ‭ ‬‮«الانتقام‮»‬،‭ ‬التى‭ ‬تشتغل‭ ‬بها‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬أى‭ ‬نتيجة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬ينتمى‭ ‬شلايم‭ ‬إلى‭ ‬نخبة‭ ‬المؤرخين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الجدد،‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬نشأة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الروايات‭ ‬التى‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬ترويجها،‭ ‬ويؤمن‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬أصبحت‭ ‬قوة‭ ‬استعمارية‭ ‬وحشية،‭ ‬مهمة‭ ‬جيشها‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وهى‭ ‬تمارس‭ ‬نظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصرى،‭ ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬أفكاره‭ ‬فى‭ ‬كتبه،‭ ‬ومنها ‭ ‬‮«سياسة‭ ‬التقسيم‮» ‬و‮«‬تاريخ‭ ‬موجز‭ ‬للحرب‭ ‬والسلام‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬و«الجدار‭ ‬الحديدى‭ ..‬إسرائيل‭ ‬والعالم‭ ‬العربى»..‬‭ ‬وينتقد‭ ‬شلايم‭ ‬الازدواجية‭ ‬الغربية‭ ‬قائلًا،‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬متحيزة‭ ‬تمامًا‭ ‬لطرف‭ ‬واحد،‭ ‬فهم‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬يدينون‭ ‬حماس‭ ‬ويصفونها‭ ‬بالمنظمة‭ ‬الإرهابية،‭ ‬لكنهم‭ ‬فى‭ ‬المقابل‭ ‬لا‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ولا‭ ‬يوجهون‭ ‬لها‭ ‬أى‭ ‬انتقاد،‭ ‬ولهذا‭ ‬فهم‭ ‬متواطئون‭ ‬فى‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وعلى‭ ‬المدنيين‭.. ‬عمليًا،‭ ‬لقد‭ ‬منحوا‭ ‬إسرائيل‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للقيام‭ ‬بأبشع‭ ‬الأشياء،‭ ‬عوض‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار».. ‬ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وأصدقاءها‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يخلطون‭ ‬بين‭ ‬معاداة‭ ‬السامية،‭ ‬ومعاداة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬أنا‭ ‬أعرِّف‭ ‬‮«‬معاداة‭ ‬السامية‮»‬‭ ‬بكونها‭ ‬كراهية‭ ‬اليهود‭ ‬فقط‭ ‬لأنهم‭ ‬يهود،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بإسرائيل.. أما‭ ‬معاداة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬فأمر‭ ‬مختلف‭ ‬تمامًا،‭ ‬فهو‭ ‬انتقاد‭ ‬ومعارضة‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الصهيونية،‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الرسمية‭ ‬لدولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬خصوصًا‭ ‬فى‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسياسات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬ونظام‭ ‬فصل‭ ‬عنصرى ‬‮«‬الأبارتايد‮»‬،‭ ‬والاستعمال‭ ‬القاسى‭ ‬والعنيف‭ ‬للقوة‭ ‬كما‭ ‬نعيشه‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬فى‭ ‬غزة‭.‬

ويؤكد‭ ‬المؤرخ‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬المناهض‭ ‬للصهيونية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬جذور‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬بداية‭ ‬الاحتلال،‭ ‬بخلاف‭ ‬ما‭ ‬تروج‭ ‬له‭ ‬الرواية‭ ‬الرسمية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وأن‭ ‬ادعاء‭ ‬اليهود‭ ‬بمشروعية‭ ‬امتلاك‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬دينى،‭ ‬ادعاء‭ ‬باطل‭ ‬تمامًا‭ ‬فى‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وانتقد‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬إرهاب‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وعقيدة ‬‮«‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬القوة‭ ‬فاستخدم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القوة‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬اعتبر‭ ‬الصهيونية‭ ‬حركة‭ ‬علمانية‭ ‬استحضرت «‬الوعد‭ ‬الإلهى‭ ‬لليهود‭ ‬بأرض‭ ‬الموعد‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬إيمانهم‭ ‬بالله،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬استحضارهم‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬الدينية،‭ ‬كان‭ ‬فقط‭ ‬لأجل‭ ‬إيجاد‭ ‬مسوغ،‭ ‬لاغتصاب‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬أصحابها‭ ‬الفلسطينيين، ‬‮«‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال،‭ ‬لهم‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬مقاومة‭ ‬المحتل‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولى،‭ ‬وحماس‭ ‬تمارس‭ ‬حق‭ ‬مقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬وهى‭ ‬العنصر‭ ‬الوحيد‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬الفلسطينى‭ ‬الذى‭ ‬يقاوم‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬لأن‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تتعاون‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬إدامة‭ ‬الاحتلال».. ‬واعتبر‭ ‬‮«‬الدعاية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تجسيدًا‭ ‬لجهاز‭ ‬تجهيل‭ ‬الناس،‭ ‬الذى‭ ‬يتجاهل‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬ديمقراطيًا‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الفلسطينيين‭..‬ الواقع‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬جربت‭ ‬طريق‭ ‬السياسة،‭ ‬لكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أحكمت‭ ‬إغلاقه،‭ ‬ما‭ ‬تتجاهله‭ ‬إسرائيل‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬إعلامها‭ ‬إظهاره،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬شعب‭ ‬كباقى‭ ‬الشعوب،‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بحرية‭ ‬وكرامة‭ ‬على‭ ‬أرضه،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬هى‭ ‬التى‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬ذلك»‮‬‭..‬ وحمَّل‭ ‬الغرب ‬‮ «‬نصيبًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬المسئولية‭ ‬عن‭ ‬المأزق‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬الغرب‭ ‬منحاز‭ ‬تمامًا‭ ‬للأطروحة‭ ‬الإسرائيلية»..‬‭ ‬ومكمن‭ ‬خطر‭ ‬تجريد‭ ‬شعب‭ ‬بأكمله‭ ‬من‭ ‬إنسانيته،‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬إسرائيل‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يمهد‭ ‬الطريق‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقى‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وما‭ ‬نشهده‭ ‬اليوم‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬تجسيد‭ ‬لعمليات‭ ‬تطهير‭ ‬عرقى‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فى‭ ‬غزة‭.‬

 

وقال‭ ‬المؤرخ‭ ‬ذو‭ ‬الأصول‭ ‬العراقية،‭ ‬‮ «‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجربة‭ ‬عائلتى‭ ‬وتجربة‭ ‬الجالية‭ ‬اليهودية‭ ‬فى‭ ‬العراق،‭ ‬يمكننى‭ ‬أن‭ ‬أفكر‭ ‬فى‭ ‬أفق‭ ‬لمستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬لمنطقتنا،‭ ‬لمواجهة‭ ‬الادعاء‭ ‬الصهيونى،‭ ‬بأن‭ ‬العداء‭ ‬اليهودى‭ ‬العربى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬أمر‭ ‬مقدر،‭ ‬وأن‭ ‬الجانبين‭ ‬محكوم‭ ‬عليهما‭ ‬بالعيش‭ ‬فى‭ ‬صراع‭ ‬دائم،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لى‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬اليهودى‭ ‬العربى»‬‭ ‬يساعدنى‭ ‬فى‭ ‬التفكير‭ ‬فى‭ ‬إمكانية‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬واحدة،‭ ‬يتمتع‭ ‬جميع‭ ‬مواطنيها‭ ‬بحقوق‭ ‬متساوية‭ ‬للجميع،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬والعرق‭.‬

●‭ ‬الكاتب‭ ‬والصحفى‭ ‬الإيطالى،‭ ‬فرانتشيسكو‭ ‬بورجونوفو،‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يخشى‭ ‬السباحة‭ ‬ضد‭ ‬التيار‭ ‬ونائب‭ ‬مدير‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لافيريتا‮»‬ ‬اليمينية،‭ ‬وصاحب‭ ‬برامج‭ ‬تليفزيونية‭ ‬وإذاعية‭ ‬عدة،‭ ‬والذى‭ ‬ينحدر‭ ‬من‭ ‬تقاليد‭ ‬أقصى‭ ‬اليمين‭ ‬الإيطالي،‭ ‬ويُعد‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الوجوه‭ ‬الإعلامية‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا‭ ‬وأكثرهم‭ ‬شعبية،‭ ‬يرى- وعلى‭ ‬عكس‭ ‬وجوه‭ ‬اليسار‭ ‬التى‭ ‬وصفت‭ ‬عمليات‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بالإجرامية‭ ‬وطالبت‭ ‬بعزلها‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬حركة‭ ‬سياسية‭ ‬تمثل‭ ‬شعبها،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬للغرب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الحوار‭ ،‬وقد‭ ‬أثارت‭ ‬إطلالته‭ ‬على‭ ‬القناة‭ ‬الإيطالية‭ ‬السابعة،‭ ‬مع‭ ‬إحدى‭ ‬صحفيات‭ ‬‮«‬كورييرى‭ ‬ديللا‭ ‬سيرا»‬‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الجدل،‭ ‬إذ‭ ‬وصفته‭ ‬الممثلة‭ ‬عن‭ ‬الصحيفة‭ ‬الليبرالية‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشارًا‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬بأنه‭ ‬موالٍ‭ ‬لحركة‭ ‬حماس،‭ ‬بسبب‭ ‬مطالبته‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬وطالب‭ ‬فى‭ ‬مناظرات‭ ‬تليفزيونية‭ ‬عدة‭ ‬بالحوار‭ ‬مع‭ ‬حماس‭ ‬وعدم‭ ‬ربط‭ ‬الحركة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بتنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬‮«‬داعش‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬الوحيد‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا‭ ‬الذى‭ ‬أذاع‭- ‬فى‭ ‬البرنامج‭ ‬الذى‭ ‬يقدمه‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬بيوبلو‭- ‬حوارًا‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬قياديى‭ ‬حماس،‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬لوتشى»‬‭ ..‬يقول،‭ ‬إن‭ ‬‮ «‬تاريخ‭ ‬اليمين‭ ‬الإيطالى‭ ‬فى‭ ‬أغلبه،‭ ‬تاريخ‭ ‬مناصر‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والانحياز‭ ‬لدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬الطارئ‭.. ‬هناك‭ ‬لحظة‭ ‬حدث‭ ‬فيها‭ ‬تقارب‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬تغير‭ ‬معها‭.. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صورة‭ ‬زائفة‭ ‬تقدم‭ ‬عن‭ ‬الإسلام،‭ ‬أنا‭ ‬أرفضها‭ ‬وأطالب‭ ‬بتصحيحها،‭ ‬يضيف‭ ‬فرانتشيسكو،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬دين‭ ‬رائع‭ ‬ينضح‭ ‬بقيم‭ ‬الفروسية،‭ ‬أما‭ ‬الادعاء‭ ‬أنه‭ ‬دين‭ ‬سلام‭ ‬فهو‭ ‬محاولة‭ ‬لتدجينه،‭ ‬والزعم‭ ‬بأن‭ ‬الثقافة‭ ‬الغربية‭ ‬ثقافة‭ ‬سلام،‭ ‬لأنها‭ ‬منحت‭ ‬العالم‭ ‬سبعين‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬السلام‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬هراء»‬‭.‬

●‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬قد‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬أضعف‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه،‭ ‬هكذا‭ ‬تحدث‭ ‬المؤرخ‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬إيلان‭ ‬بابيه،‭ ‬مُشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬قلقه‭ ‬تجاه‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬اليهودى،‭ ‬غير‭ ‬المستعد‭ ‬لتغيير‭ ‬موقفه‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطين‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطينى‭ .. ‬إن‭ ‬التوقعات‭ ‬بشأن‭ ‬الجدل‭ ‬السياسى‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬الصراع‭ ‬داخلها،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬قبل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬سيظل‭ ‬موجودًا‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ..‬ويؤكد‭ ‬بابيه،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صراعًا‭ ‬سيستمر‭ ‬بين‭ ‬‮ «‬دولة‭ ‬يهوذا‮»‬،‭ ‬أى‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬التى‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إسرائيل‭ ‬أكثر‭ ‬تدينًا‭ ‬وتعصبًا‭ ‬وثيوقراطية،‭ ‬وبين‭ ‬‮ «‬دولة‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬أى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الأكثر‭ ‬علمانية،‭ ‬كإيهود‭ ‬باراك‭ ‬مثلًا،‭ ‬التى‭ ‬يعتبرها‭ ‬البعض‭ ‬أكثر‭ ‬ديمقراطية‭ .. ‬إن‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬نموذج ‭ ‬‮«دولة‭ ‬يهوذا‮»‬،‭ ‬ونموذج ‬‮«‬دولة‭ ‬تل‭ ‬أبيب» ‬ليستا‭ ‬ديمقراطيتين‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالفلسطينيين،‭ ‬فيما‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الممكنة‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬‮ «‬دولة‭ ‬إسرائيل»‬‭ ‬تكون‭ ‬فقط‭ ‬بالنسبة‭ ‬لليهود‭ ‬وليس‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ويُفسر‭ ‬صاحب‭ ‬كتاب ‬‮«‬الفلسطينيون‭ ‬المنسيون‭. ‬ تاريخ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬والذى‭ ‬ترك‭ ‬التدريس‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬حيفا‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬بسبب‭ ‬آرائه،‭ ‬قائلًا ‬‮«‬أظن‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬الداخلى‭ ‬اليهودى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬سيستمر،‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬سينهى‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬أضعف‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬سابقًا،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬لديه‭ ‬قاعدة‭ ‬قوية‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬التى‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬داعمة‭ ‬له،‭ ‬وقد‭ ‬يخسر‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة،‭ ‬وربما‭ ‬قد‭ ‬يعود‭ ‬مجددًا،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬شىء‭ ‬مؤكدًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهذا‭ ‬الرجل»..‬‭ ‬لكن‭ ‬أساس‭ ‬المشكلة‭ ‬ليس‭ ‬نتنياهو،‭ ‬المشكلة‭ ‬هى‭ ‬أنه‭ ‬لدينا‭ ‬مجتمع‭ ‬يهودى‭ ‬إسرائيلى،‭ ‬ليس‭ ‬مستعدًا‭ ‬لأن‭ ‬يغير‭ ‬موقفه‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬وهذا‭ ‬مقلق‭ ‬جدًا‭.. ‬ لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتوقع‭ ‬التغيير‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إليه،‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬سابقًا‭ ‬وسأردده‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ضغط‭ ‬قوى‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬ومن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى،‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬حقًا‭ ‬أن‭ ‬ننهى‭ ‬معاناة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستعمار‭.‬

●‭ ‬وُلِدَ‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬الفرنسى‭ ‬الشهير،‭ ‬أوليفييه‭ ‬روا‭ ‬عام‭ ‬1949‭ ‬فى‭ ‬لا‭ ‬روشيل‭ ‬غرب‭ ‬فرنسا،‭ ‬وعمل‭ ‬أستاذًا‭ ‬فى‭ ‬المعهد‭ ‬العلمى‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬فى‭ ‬باريس،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يُصبح‭ ‬مدير‭ ‬أبحاث‭ ‬مركز‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬ومدير‭ ‬دراسات‭ ‬المدرسة‭ ‬العليا‭ ‬للعلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬ومستشارًا‭ ‬فى‭ ‬مركز‭ ‬التحليل‭ ‬والتوقع‭ ‬التابع‭ ‬للخارجية‭ ‬الفرنسية‭ ..‬يقول‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعيش ‭ ‬‮«جهلًا‭ ‬مقدسًا» ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الصدفة،‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬إسرائيل‭ ‬الآن‭ ‬بدعم‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬الإنجيليين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬فما‭ ‬هى‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬بينهما؟‭ .. ‬إنها‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الدين‭ ‬خارج‭ ‬التقاليد‭ ‬الثقافية‭.. ‬ويشرح، «‬هناك‭ ‬بالطبع‭ ‬تقاليد‭ ‬يهودية‭ ‬دينية‭ ‬وثقافية‭ ‬غنية‭ ‬جدًا‭..‬ فمثلًا‭ ‬يهود‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬كان‭ ‬لديهم‭ ‬دين‭ ‬متجذر‭ ‬فى‭ ‬الثقافة‭ ‬ولغة‭ ‬ومجتمع‭ ‬خاص‭ ‬بهم‭.. ‬يلاحظ‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه‭ ‬مع‭ ‬البروتستانتية‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ..‬حاليًا،‭ ‬هناك‭ ‬حركات‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬العالمين‭ ‬اليهودى‭ ‬والبروتستانتى‭ ‬تؤكد‭ ‬خصوصيتها،‭ ‬باعتبارهما‭ ‬الدين‭ ‬الحقيقى‭ ‬وتركزان‭ ‬على‭  ‬الولادة‭ ‬من‭ ‬جديد‬،‭ ‬وإبعاد‭ ‬نفسيهما‭ ‬عن‭ ‬الجذور‭ ‬التاريخية‭ ‬التى‭ ‬تعتبرها‭ ‬سلبية‮»‬.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬يقول‭ ‬أوليفييه،‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬اليهودية‭ ‬الأرثوذكسية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬التى‭ ‬تأسست‭ ‬مؤخرًا‭ ‬نسبيًا‭ ‬فى‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬تبدو‭ ‬كأنها‭ ‬جديدة‭ ‬كليًا،‭ ‬لكونها‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬التقاليد‭ ‬اليهودية‭ ‬التى‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬قرون‭ ‬مضت،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الحاخام‭ ‬المؤسس‭ ‬يخلق‭ ‬حقيقة‭ ‬دينية‭ ‬جديدة،‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬مماثل،‭ ‬يُروج‭ ‬المستوطنون‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الإنجيليين‭ ‬فى‭ ‬أمريكا،‭ ‬لسردية‭ ‬مفادها‭ ‬بناء‭ ‬أرض‭ ‬مقدسة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬تحريف‭ ‬تاريخى‭.. ‬فمثلًا‭ ‬هم‭ ‬يُطلقون‭ ‬أسماء‭ ‬توراتية‭ ‬على‭ ‬الأماكن،‭ ‬لتبدو‭ ‬قديمة‭ ‬تاريخيًا‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬حديثة‭ ‬كليًا‭ .. ‬ويضيف ‭ ‬‮«‬فى‭ ‬الجوهر،‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬هو‭ ‬يهودية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬ذات‭ ‬تطلعات‭ ‬عالمية،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الاستمرارية‭ ‬التاريخية‭ ‬وتثبيت‭ ‬نفسها‭ ‬بالأرض،‭ ‬لكنها‭ ‬فى‭ ‬صميمها،‭ ‬اختراع‭ ‬لتقليد‭ ‬مجتمع‭ ‬يهودى‭ ‬كان‭ ‬غائبًا‭ ‬منذ‭ ‬ألفى‭ ‬عام،‭ ‬وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬شكلًا‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الأصولية،‭ ‬أو‭ ‬انفصال‭ ‬الدين‭ ‬الخالص‭ ‬عن‭ ‬التقاليد‭ ‬والثقافة»‬‭.‬

●‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬الإدانات‭ ‬لجرائم‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬العالم‭ ‬العربى،‭ ‬بل‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العواصم‭ ‬الأوروبية‭ ..‬وهنا،‭ ‬صوت‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬السويد،‭ ‬عبَّر‭ ‬عنه‭ ‬الكاتب‭ ‬السويدى،‭ ‬يوران‭ ‬بورين،‭ ‬بانتقاده‭ ‬سياسة‭ ‬حكومة‭ ‬بلاده‭ ‬الحالية‭ ‬‮ «المؤيدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بقوة‮».. ‬ولبورين‭ ‬عمل‭ ‬مهم،‭ ‬يكشف‭ ‬انحياز‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الغربى‭ ‬عمومًا‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الطرف‭ ‬العربى‭ ‬الفلسطينى،‭ ‬إذ‭ ‬شرح‭ ‬فى‭ ‬كتابه ‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬اغتيال‭ ‬الوسيط‭ ‬الدولى‭ ‬فى‭ ‬فلسطين،‭ ‬الكونت‭ ‬فولك‭ ‬برنادوت‮»، ‬‭ ‬2022‭ ‬الذى‭ ‬صدرت‭ ‬ترجمته‭ ‬العربية‭ ‬حديثًا‭ ‬بترجمة‭ ‬سامح‭ ‬خلف‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬السويدية،‭ ‬قصة‭ ‬اغتيال‭ ‬الكونت‭ ‬فولك‭ ‬برنادوت،‭ ‬الذى‭ ‬ارتبط‭ ‬اسمه‭ ‬بأحداث‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬فى‭ ‬فلسطين،‭ ‬والصراع‭ ‬الذى‭ ‬دار‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والمهاجرين‭ ‬اليهود،‭ ‬الذين‭ ‬تدفقوا‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬فى‭ ‬العقود‭ ‬القليلة‭ ‬قبل‭ ‬النكبة،‭ ‬وقد‭ ‬انتهت‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬بالنكبة‭ ‬والتهجير‭ ‬فى‭ ‬فلسطين،‭ ‬وإعلان‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭.. ‬وفى‭ ‬الحوار‭ ‬الذى‭ ‬أجرته‭ ‬معه‭ ‬الجزيرة،‭ ‬تناول‭ ‬الكاتب‭ ‬السويدى‭ ‬الموقف‭ ‬الغربى‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬دمار،‭ ‬ووصفه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬عادل‮»‬،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أن ‭ ‬‮«إسرائيل‭ ‬وأمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬هى‭ ‬المسئولة‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬التى‭ ‬اختمرت‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬والتى‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تنفجر،‭ ‬عاجلًا‭ ‬أم‭ ‬آجلًا».‬‭.‬

يقول‭ ‬الكاتب،‭ ‬إن‭ ‬الدعم‭ ‬الرسمى‭ ‬لإسرائيل‭ ‬كان‭ ‬قويا‭ ‬دائمًا،‭ ‬خصوصًا‭ ‬خلال‭ ‬حكومتى‭ ‬أولوف‭ ‬بالمه‭ ‬ـ‭ ‬1927‭: ‬1986‭ ‬1986‭ ‬وإينجفار‭ ‬كارلسون‭.. ‬ وكان‭ ‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومنذ‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية،‭ ‬أصبح‭ ‬الدعم‭ ‬الرسمى‭ ‬السويدى‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أقوى‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.. ‬ويعتبر‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الغربى‭ ‬ليس‭ ‬عادلًا‭ ‬بأى‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هى‭ ‬المسئولة‭ ‬عما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الأوضاع‭ ‬فى‭ ‬فلسطين‭.. ‬ وبشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬نفسها،‭ ‬هى‭ ‬المسئولة‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬التى‭ ‬اختمرت‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬والتى‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تنفجر‭ ‬عاجلًا‭ ‬أم‭ ‬آجلًا،‭ ‬ولذلك،‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬ضد‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬يعتبر‭ ‬حقًا‭ ‬مشروعًا‭ ‬تكفله‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬فإننى‭ ‬لا‭ ‬أؤيد‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭ ..‬كما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬عمومًا،‭ ‬تعتبر‭ ‬متحيزة‭ ‬وبدرجات‭ ‬متفاوتة،‭ ‬فى‭ ‬تغطيتها‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ويظهر‭ ‬فى‭ ‬تغطيتها‭ ‬الأحداث،‭ ‬أن‭ ‬حياة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬السويديين‭ ‬يشككون‭ ‬فى‭ ‬الادعاء‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬نظرًا‭ ‬لواقع‭ ‬الاحتلال‭ ‬والقمع‭ ‬المستمر‭ ‬للفلسطينيين.. أنا‭ ‬شخصيًا‭ ‬أعتبر‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬فصل‭ ‬عنصرى‭.. ‬و«آمل‭ ‬أن‭ ‬تتعب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبقية‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها،‭ ‬وأن‭ ‬تُجبر‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬حكم‭ ‬الأغلبية‭ ‬فى‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬الانتداب،‭ ‬لكنْ‭ ‬هناك‭ ‬طريق‭ ‬طويل‭ ‬يجب‭ ‬عبوره»‬‭.‬

●‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬إمامًا،‭ ‬ولكنه‭ ‬يتمتع‭ ‬بتأثير‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬مسلمى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬اسمه‭ ‬دافيدى‭ ‬بيكاردو،‭ ‬وهو‭ ‬القائل‭ ‬إن‭ ‬حماس‭ ‬حركة‭ ‬مقاومة‮»‬.. ‬هكذا‭ ‬وصفه‭ ‬الصحفيان‭ ‬الإيطاليان،‭ ‬كلاوديو‭ ‬أنطونيللى،‭ ‬وسلفاتورى‭ ‬دراجو،‭ ‬بُعيد‭ ‬إعلانه‭ ‬دعمه‭ ‬الكامل‭ ‬لحركة‭ ‬حماس،‭ ‬فى‭ ‬وقفة‭ ‬تنكّر‭ ‬كل «‬أصدقاء‭ ‬فلسطين»‬‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا‭ ‬لحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فى‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭..‬ هو‭ ‬ابن‭ ‬مترجم‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الإيطالية،‭ ‬روبيرتو‭ ‬حمزة‭ ‬بيكاردو،‭ ‬والرئيس‭ ‬السابق‭ ‬لتنسيقية‭ ‬الجمعيات‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬ميلانو‭.. ‬يدير‭ ‬دافيدى‭ ‬بيكاردو‭ ‬حاليًا‭ ‬مجلة ‭ ‬‮«‬لا‭ ‬لوتشى‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬انفرد‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بمحاورة‭ ‬القيادى‭ ‬بحماس‭ ‬باسم‭ ‬نعيم،‭ ‬فى‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والتحريض‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإيطالية،‭ ‬واستضافته‭ ‬الجزيرة،‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬فلسطين‭ ‬والعلاقة‭ ‬بين‭ ‬العالمين‭ ‬العربى‭ ‬والأوروبى‭.‬

يقول‭ ‬بيكاردو،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬النقاش‭ ‬السياسى‭ ‬والإعلامى‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا‭ ‬ليس‭ ‬حرًا‭ ‬عكس‭ ‬كل‭ ‬الادعاءات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬شرخًا‭ ‬بين‭ ‬النُخب‭ ‬والشعب‭ ‬الإيطالى‭ ‬الذى‭ ‬يقف‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الانحياز‭ ‬الإعلامى‭ ‬الكامل‭ ‬لصالح‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.. ‬إن‭ ‬اعتبرنا‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬إرهابًا،‭ ‬علينا‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬نندد‭ ‬بأثر‭ ‬رجعى،‭ ‬بجميع‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬الوطنية‭ ‬التى‭ ‬عرفها‭ ‬التاريخ‭ .. ‬وينتقد‭ ‬اليمين‭ ‬واليسار‭ ‬قائلًا: ‬‮«‬الأعداء‭ ‬الصريحون‭ ‬لفلسطين،‭ ‬هم‭ ‬ممثلو‭ ‬ذلك‭ ‬اليمين‭ ‬المؤسساتى،‭ ‬الذى‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تخوض‭ ‬حربها‭ ‬نيابة‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬الغرب‭ ‬كله،‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬نظرية‭ ‬صدام‭ ‬الحضارات‭..‬ وفى‭ ‬المقابل،‭ ‬اليسار‭ ‬الإيطالى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يقف‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭ ‬فى‭ ‬صف‭ ‬الشعوب‭ ‬المضطهدة‭ ‬ويؤيد‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الاستعمار،‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يدعم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينى،‭ ‬سوى‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مجرد،‭ ‬لا‭ ‬يفضى‭ ‬إلى‭ ‬أى‭ ‬شىء‭ ‬ملموس‮»‬‬.. ويفصل‭ ‬فى‭ ‬نقده‭ ‬للمنظور‭ ‬اليسارى‭ ‬الأوروبى،‭ ‬قائلًا،‭ ‬‮ «خطورة‭ ‬اليسار‭ ‬الإيطالى‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لا‭ ‬تكمن‭ ‬فى‭ ‬أنه‭ ‬اختار‭ ‬بيع‭ ‬الكلام‭ ‬لفلسطين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬رفضه‭ ‬المقاومة‭ ‬الحقة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬خصوصًا‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬مسلمين،‭ ‬وهذا‭ ‬ملمح‭ ‬خطير‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬سلوك‭ ‬اليسار،‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬فلسطينيين‭ ‬سوى‭ ‬على‭ ‬شاكلته،‭ ‬يريد‭ ‬علمانيين،‭ ‬نسويين‭ ‬ومتحولين‭ ‬جنسيًا».. ‬‭ ‬ويضيف،‭ ‬أن ‭ ‬‮«المقاربة‭ ‬الفولكلورية‭ ‬اليسارية‭ ‬لموضوع‭ ‬الهجرة،‭ ‬تريد‭ ‬مسلمين‭ ‬ينخرطون‭ ‬فى‭ ‬السياسة،‭ ‬لاستغلالهم‭ ‬إعلاميًا‭ ‬فقط‭ ‬بأسمائهم‭ ‬العربية‭ ‬والحجاب‭ ‬على‭ ‬رأسهم،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتجردوا‭ ‬من‭ ‬تقاليدهم‭ ‬المحافظة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬أيديولوجيا‭ ‬الجندر‮»‬‭.‬

●‭ ‬تُوصف‭ ‬رومانا‭ ‬روبيو،‭ ‬بأنها‭ ‬أهم‭ ‬صحفية‭ ‬مختصة‭ ‬بالشأن‭ ‬الفلسطينى‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬وأشدهم‭ ‬حرصًا‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بالسردية‭ ‬الفلسطينية‭.. ‬أثارت‭ ‬بكتاباتها‭ ‬سخط‭ ‬الصحافة‭ ‬الإيطالية‭ ‬الموالية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬منذ‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬للعدوان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬كتبت‭ ‬عنها‭ ‬صحيفة ‬‮«‬إل‭ ‬جورنالى»‬‭‬ فى‭ ‬مقال‭ ‬بتاريخ‭ ‬11‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضى،‭ ‬أنها «‬تلك‭ ‬الصحفية‭ ‬التى‭ ‬تتحدث‭ ‬على‭ ‬حساباتها‭ ‬فى‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬عن‭ ‬إرهابيى‭ ‬حماس‭ ‬بوصفهم‭ ‬مقاومة،‭ ‬وتلك‭ ‬التى‭ ‬ترفق‭ ‬تعليقاتها‭ ‬باقتباسات‭ ‬على‭ ‬شاكلة،‭ ‬إن‭ ‬النصر‭ ‬لقادم‭ .. ‬إنها‭ ‬روبيو،‭ ‬التى‭ ‬كتبت‭ :‬قلوبنا‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينى‭ ‬العظيم،‭ ‬الشعب‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يقبل‭ ‬التدجين»..‬‭ ‬وتعمل‭ ‬روبيو‭ ‬رئيسة‭ ‬تحرير‭ ‬النسخة‭ ‬الإيطالية‭ ‬من‭ ‬صحيفة ‬‮«‬بالستاين‭ ‬كرونيكل‮»‬،‭ ‬التى‭ ‬أسسها‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ويديرها‭ ‬الصحفى‭ ‬الفلسطينى‭ ‬المقيم‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬رمزى‭ ‬بارود،‭ ‬وهى‭ ‬أيضًا‭ ‬مترجمة‭ ‬كتابه «‬الأرض‭ ‬الأخيرة» إلى‭ ‬الإيطالية‭.‬

تقول‭ ‬روبيو‭ ‬‮«‬مَنْ‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬تحديد‭ ‬شكل‭ ‬عمليات‭ ‬المقاومة‭ ‬ونوعها‭ ‬وتوقيتها،‭ ‬هو‭ ‬حتما‭ ‬الشعب‭ ‬الذى‭ ‬يرزح‭ ‬تحت‭ ‬نير‭ ‬الاستعمار‭ ‬والاحتلال‭ ‬العسكرى،‭ ‬والآن‭ ‬يتعرض‭ ‬للإبادة‭ ‬الصريحة،‭ ‬وليس‭ ‬تلك‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تتم‭ ‬بالتقسيط‭ ‬فقط،‭ ‬بتعبير‭ ‬المؤرخ‭ ‬إيلان‭ ‬بابيه» ‬‭‬وتنتقد‭ ‬اليسار‭ ‬الأوروبى‭ ‬قائلةً،‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الناشطين‭ ‬الإيطاليين‭ ‬قد‭ ‬تحجرت‭ ‬فكرتهم‭ ‬عن‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطينى،‭ ‬عند‭ ‬سنوات‭ ‬السبعينيات،‭ ‬أيام‭ ‬النضال‭ ‬الشيوعى‭ ..‬هؤلاء‭ ‬يريدون‭ ‬فلسطين‭ ‬كما‭ ‬يتخيلونها‭ ‬هم‭ ‬وفقط‭.. ‬وتُكمل «‬التغير‭ ‬الثقافى‭ ‬الذى‭ ‬وصفته‭ ‬بدقة‭ ‬داخل‭ ‬اليسار‭ ‬الإيطالى،‭ ‬تسبب‭ ‬فعلًا‭ ‬فى‭ ‬تشويش‭ ‬أيديولوجى‭ ‬كبير،‭ ‬أثر‭ ‬فى‭ ‬دعم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬اليسار‭ ‬يستلهم‭ ‬أفكاره‭ ‬تحديدًا‭ ‬من‭ ‬التوجهات‭ ‬الثقافية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أنتج‭ ‬أزمة‭ ‬فكرية‭ ‬لدى‭ ‬مثقفى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬سببه‭ ‬أن‭ ‬اعتناق‭ ‬النزعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬تاريخية‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬المقاومة‭- ‬على‭ ‬غرار‭ ‬التجربة‭ ‬الجزائرية‭ ‬أو‭ ‬الجنوب‭ ‬إفريقية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الإيطالية‭ ‬نفسها‭ ‬والكوبية‭ - ‬خارج‭ ‬المعايير‭ ‬المقبولة»، ‬‭‬وعن‭ ‬دور‭ ‬الدين‭ ‬فى‭ ‬الصراع‭ ‬تقول، «‬الدين‭ ‬لا‭ ‬يلعب‭ ‬عند‭ ‬الصهيونى‭ ‬الدور‭ ‬ذاته‭ ‬الذى‭ ‬يلعبه‭ ‬لدى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الصهيونية‭ ‬تم‭ ‬تأسيسها‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬مُلحدين،‭ ‬استغلوا‭ ‬اليهودية‭ ‬لإطلاق‭ ‬مشروعهم‭ ‬الاستعمارى‭ ‬ليس‭ ‬غير،‭ ‬فيما‭ ‬الدين‭ ‬بالنسبة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬هو‭ ‬روحانيات‭ ‬وإيمان‭ ‬حقيقى،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعلهم‭ ‬يتعلقون‭ ‬بالأمل،‭ ‬ويمدهم‭ ‬بما‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬قدرة‭ ‬تفوق‭ ‬طاقة‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬التحمل»‬‭.‬

●‭ ‬يرى‭ ‬الصحفى‭ ‬والكاتب‭ ‬الفرنسى‭ ‬آلان‭ ‬جريش،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المجتمع‭ ‬الدولى‭  ‬خصوصًا‭ ‬العالم‭ ‬الغربى‭ ‬لا‭ ‬يفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬لوقف‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭ ‬التى‭ ‬تجرى‭ ‬فى‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬منتقدًا‭ ‬‮ «العالم‭ ‬الغربى‭ ‬الذى‭ ‬يدعى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتقرير‭ ‬المصير،‭ ‬لكنه‭ ‬يثبت‭ ‬الآن‭ ‬أنه‭ ‬عالم‭ ‬منافق‭ ‬يُقدم‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الصحفيين‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬قاموا‭ ‬بعمل‭ ‬خيالى،‭ ‬وقدموا‭ ‬لنا‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬نريده،‭ ‬فهم‭ ‬بالفعل‭ ‬صحفيون‭ ‬شجعان»‬‭.‬.

وجريش‭ ‬صحفى‭ ‬فرنسى‭ ‬مخضرم،‭ ‬وخبير‭ ‬فى‭ ‬شئون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ولد‭ ‬بالقاهرة‭ ‬سنة‭ ‬1948‭ ‬لعائلة‭ ‬يهودية‭ ‬مصرية‭ ‬ذات‭ ‬أصول‭ ‬أوروبية،‭ ‬والده‭ ‬هنرى‭ ‬كوريل،‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسى‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعى‭ ‬المصرى،‭ ‬وكان‭ ‬لتلك‭ ‬النشأة‭ ‬تأثير‭ ‬فى‭ ‬تكوينه‭ ‬الفكرى‭ ‬والسياسى،‭ ‬إذ‭ ‬غلب‭ ‬عليه‭ ‬التوجه‭ ‬اليسارى‭ ‬واهتمامه‭ ‬بمشكلات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والعالم‭ ‬العربى،‭ ‬رغم‭ ‬مغادرته‭ ‬وعائلته‭ ‬القاهرة‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ..‬ويُعدّ‭ ‬جريش‭ ‬خبيرًا‭ ‬بقضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأحد‭ ‬المتخصصين‭ ‬فى‭ ‬صراعات‭ ‬المنطقة،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬مناصر‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وازداد‭ ‬اهتمامه‭ ‬بقضايا‭ ‬العالم‭ ‬العربى،‭ ‬مع‭ ‬تسلمه‭ ‬رئاسة‭ ‬تحرير‭ ‬صحيفة‬‮ «‬لوموند‭ ‬دبلوماتيك» العريقة‭ ‬لمدة‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬وأسس‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكترونى ‭ ‬‮«أوريان‭ ‬21‮»‬،‭ ‬المتخصص‭ ‬فى‭ ‬قضايا‭ ‬العالمين‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى‭.‬

يقول‭ ‬إن‭ ‬التغيير‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬الرسمية‭ ‬الفرنسية‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬عام‭،‬2001‭ ‬ حيث‭ ‬بدا‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬نظرة‭ ‬فرنسا‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطينى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬بدأت‭ ‬تتغير،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬فرنسا‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬هو‭ ‬بين‭ ‬قوة‭ ‬احتلال‭ ‬وشعب‭ ‬واقع‭ ‬تحت‭ ‬ذلك‭ ‬الاحتلال،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬الصراع‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬التى‭ ‬قادتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالتحالف‭ ‬مع‭ ‬أوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬وإسرائيل‭..‬ ويعتبر‭ ‬جريش‭ ‬المسئولين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬اليوم‭ ‬مساهمين‭ ‬فى‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬وهم‭ ‬مشاركون‭ ‬فى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬ويضيف ‭»‬‮‬بدأت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الفرنسية‭ ‬تتحدث‭ ‬عما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬لأن‭ ‬الأمر‭ ‬أصبح‭ ‬واضحًا‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر،‭ ‬بوجود‭ ‬تطهير‭ ‬عرقى‭ ‬حقيقى‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لم‭ ‬يجر‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭ ‬مسبقًا،‭ ‬ومن‭ ‬الأسباب،‭ ‬أنهم‭ ‬يقولون‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬صور‭ ‬عما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬بالطبع‭ ‬لديهم‭ ‬الصور،‭ ‬فمعظم‭ ‬الصحفيين‭ ‬الغربيين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬الصورة‭ ‬التى‭ ‬مصدرها‭ ‬إسرائيل‭ ‬هى‭ ‬المقبولة،‭ ‬أما‭ ‬التى‭ ‬مصدرها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬للدراسة‮».‬

●‭ ‬قال‭ ‬أستاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السياسى‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬الأمريكية،‭ ‬جيفرى‭ ‬ساكس،‭ ‬إن ‬‮«‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‮»‬،‭ ‬وإن‭ ‬القصف‭ ‬المستمر‭ ‬والحصار‭ ‬الدائم‭ ‬قد‭ ‬يتسببان‭ ‬فى‭ ‬سقوط‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الأبرياء‭.. ‬ويرى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الحرب،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسوية‭ ‬تضمن‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطينى،‭ ‬بوصف‭ ‬ذلك‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬حل‭ ‬سياسى‭ ‬شامل‭ ‬وعادل‭ ..‬وساكس‭ ‬تم‭ ‬اختياره‭ ‬مرتين‭ ‬ضمن ‬‮«‬قائمة‭ ‬مجلة‭ ‬التايم‮»‬،‭ ‬لأكثر‭ ‬مائة‭ ‬شخصية‭ ‬مؤثرة‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وله‭ ‬مؤلفات‭ ‬عدة،‭ ‬كانت‭ ‬ثلاثة‭ ‬منها‭ ‬الأكثر‭ ‬مبيعًا‭ ‬وفقًا‭ ‬لصحيفة ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬حاز‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬جائزة‭» ‬‮‬تانج‮»‬ للتنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

●‭ ‬الأكاديمى‭ ‬والمستعرب‭ ‬الإسبانى،‭ ‬إجناطيوس‭ ‬جوتيريث‭ ‬دى‭ ‬تيران‭ ‬جوميث‭ ‬بينيتا،‭ ‬أستاذ‭ ‬اللغة‭ ‬والأدب‭ ‬العربى‭ ‬والتاريخ‭ ‬المعاصر‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامى،‭ ‬بقسم‭ ‬الدراسات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬مدريد‭ ‬المستقلة،‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬حضورًا‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬ليس‭ ‬بالبعيد،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هنالك‭ ‬إلمام‭ ‬بخفايا‭ ‬القضية‭ ‬ومتابعة‭ ‬لمجرياتها‮» ‬‭.. ‬لذا،‭ ‬فإن ‬‮«‬العدوان‭ ‬الجارى‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬يُشكل‭ ‬صدمة‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدًا‭ ‬ما‭ ‬الذى‭ ‬أدى‭ ‬بالمنطقة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الحرج‭ ‬جدًا،‭ ‬الذى‭ ‬ينبئ‭ ‬بنزاع‭ ‬إقليمى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬التنبؤ‭ ‬بعواقبه‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن ‬‮«‬المواطن‭ ‬الأوروبى‭ ‬عمومًا‭ ‬متعاطف‭ ‬مع‭ ‬شعب‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬يعانيه‭ ‬من‭ ‬تجويع‭ ‬وتشريد‭ ‬وقصف‭ ‬ممنهج‮» ‬‭.. ‬ويعتبر‭ ‬دى‭ ‬تيران،‭ ‬أن‭ ‬‮ «الكثير‭ ‬من‭ ‬الغربيين‭ -‬وتحديدًا‭ ‬النُخب‭ ‬السياسية‭- ‬يؤمنون‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬وأنها‭ ‬تمثله‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬مثلنا،‭ ‬حتى‭ ‬نعبر‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬بعبارة‭ ‬مبسطة‭.. ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬مثلنا‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نؤيدهم،‭ ‬بالمقابل‭ ‬الفلسطينى‭ ‬دائمًا‭ ‬يمثل‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬الغير‭ ‬أو‭ ‬المجهول‭ ‬الذى‭ ‬يعارضنا‮» ‬‭..‬ويتساءل «‬كيف‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نناقض‭ ‬نفسنا‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬البشعة؟‭..‬ لأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬الآن‭ ‬تمارس‭ ‬سياسة‭ ‬قمعية‭ ‬وقاهرة،‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالقيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬ولا‭ ‬أخلاق‭ ‬لما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ..‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬محتلة‭ ‬ومغتصبة،‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬لهذا‭ ‬الوجه‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ ‬المرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها»‬.

‮«‬أين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية؟‭ ..‬وأين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬مفهوم‭ ‬جديد‭ ‬لما‭ ‬هى‭ ‬الحداثة‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستغلال؟‭ ..‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬مستعمرة،‭ ‬دولة‭ ‬محتلة،‭ ‬دولة‭ ‬تُهجِّر‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأصحاب‭ ‬غير‭ ‬حداثيين‭ ‬بالمعنى‭ ‬الذى‭ ‬يريدونه،‭ ‬ولكن‭ ‬لهم‭ ‬حقوقهم‭ ..‬الحداثة‭ ‬هى‭ ‬أن‭ ‬نحترم‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق،‭ ‬الحداثة‭ ‬هى‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬فعلنا‭ ‬لمدة‭ ‬قرون،‭ ‬أوروبا‭ ‬دائمًا‭ ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬تمارس‭ ‬الاحتلال‭ ‬وتمارس‭ ‬الاستعمار‭ ‬وتمارس‭ ‬التمييز‮».‬‭.. ‬ويعتبر‭ ‬إجناطيوس‭ ‬أن‭ ‬المجتمعات‭ ‬المتوسطية‭ ‬تفهم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بطريقة‭ ‬أخرى،‭ ‬أقصد‭ ‬إسبانيا‭ ‬وجنوب‭ ‬فرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬واليونان‭ ‬وقبرص‭ ‬ومالطا‭..‬ هذه‭ ‬الدول‭ ‬ومجتمعاتها،‭ ‬لها‭ ‬مفهوم‭ ‬مختلف‭ ‬للعالم‭ ‬العربى‭ ‬وللقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الإسبانى‭ ‬معروف‭ ‬عنه‭ ‬تضامنه‭ ‬التاريخى‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ونستكمل‭ ‬بقية‭ ‬الاشتباك‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬والمثقفين‭ ‬والأدباء،‭ ‬حول‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الاحتلال‭.‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬كيد‭ ‬الكائدين‭ ..‬آمين‭.‬