نيولوك.. أبومحمد الجولانى
وكأن العودة إلى اسمه الأصلى أحمد الشرع يجعلنا ننسى أنه هو أبومحمد الجولانى الإرهابى المطلوب عالميًا، والذى وضعت أمريكا ملايين الدولارات مكافأة لمن يرشد عنه، وما بين دولارات أمريكا وتعاملها معه الآن كرجل انتصر فى الحرب، جرت مياه كثيرة، هذه المياه ليست جديدة فى السياسة الأمريكية، فقد سبق أن استخدمتها فى أفغانستان وأطلقت العنان لقوى التأسلم السياسى بهدف محاربة الاتحاد السوفيتى فى زمن الحرب الباردة، ومن بعدها انهارت أفغانستان ولم تقم لها قائمة، كما عادت هذه السياسة الشيطانية على أمريكا نفسها بتفجير الأبراج فى غزوة الطائرات الشهيرة، ولم تتعلم أمريكا الدرس أو تعلمته، ولكن وجدت مكاسبه لها أكثر من خسائره، فذهبت لتقوية تيارات متطرفة مسلحة فى بلدان مختلفة، كى تخوض تلك التيارات الحروب بالنيابة عن أمريكا أو كما يقولون حروبًا بالوكالة.
ومن هؤلاء الذين انخرطوا فى الحرب بالوكالة الأخ أبومحمد الجولانى، الذى تنقل فى حياته رغم صغر سنه بين أعتى التنظيمات الإرهابية، من تابع إلى أبومصعب الزرقاوى إلى سجين مع أبى بكر البغدادى إلى مؤسس لجبهة النصرة المصنفة عالميًا كجماعة إرهابية وأخيرًا كزعيم لجبهة تحرير الشام، التى اجتاحت دمشق بعد هروب بشار الأسد وجلس الجولانى مكانه.
الآن تتوافد الشخصيات السياسية العالمية إلى دمشق للجلوس بين يدى الجولانى والتفاهم معه وعقد الصفقات علنًا بعد أن كانت تتم فى الخفاء، البضاعة التى يبيعها الجولانى، وكذلك الأمريكان وبعض الأوروبيين هى ضرورة المحافظة على سوريا موحدة، وزير الخارجية الأمريكى يغنى والجولانى يرد عليه، العجيب هو أن لجنة الاتصال التى أسستها جامعة الدول العربية عقدت اجتماعًا مهمًا قبل أيام فى مدينة العقبة الأردنية، وأصدرت بيانًا احتوى على 17 بندًا ومن بينها الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، وبالرغم من حرص لجنة الاتصال على مستقبل سوريا، إلا أن الجولانى ورفاقه لم يصدروا أى تعليق على ما حدث فى العقبة، ولماذا يعلقون وهم متأكدون من أن أصحاب الفضل فى دخولهم دمشق هم الغرب وأمريكا ولا يد للعرب فى انتصارهم الوهمى.
أبومحمد الجولانى صاحى النيولوك الجديد له تسجيلات قديمة موثقة يؤكد فيها على ضرورة دفع الأقباط للجزية، ويرى أن الدروز أصحاب عقيدة محرفة، ويرى كذا وكذا، هذه التسجيلات القديمة هى حقيقة الجولانى وهى طبعه الأصيل، وكلنا يعرف أن الطبع يغلب التطبع، لذلك من حقنا أن نحذر وأن نراقب بدقة ما يتم الآن وما سيتم غدًا فى سوريا الغالية فى قلب كل عربى.
كل المؤشرات غير مطمئنة، الحراك السورى الذى بدأ عام 2013 كان يضم كل ألوان الطيف السورى من يساريين إلى قوميين إلى غير منتمين لأفكار معينة، حراك شعبى شامل، ثم ظهرت الفصائل المسلحة لاحقًا، هل معنى ظهورها المتأخر حتى لو كان حاسما فى الصراع أن يبدأ الجولانى فى التكويش وفرض سلوك تياره على كل الشعب السورى ؟ بالطبع لا.. سوريا أكبر من فصيل وأعرق من تيار وأقوى من بنادق الجولانى الذى وضع نفسه فى مكانة رئيس الدولة دون اعتبار لرأى الناس فى هذا البلد سىء الحظ.
تقول التقارير الواردة من سوريا إن نفس اللعبة التى لعبها تنظيم الإخوان فى مصر عندما حكموها فى سنة سوداء يتم لعبها الآن فى دمشق، حيث أطلق الجولانى أنصاره ليمسكوا مختلف المواقع فى الدولة دون خبرة، كانت بمصر اسمها أخونة الدولة وفى سوريا أيضًا يمكننا أن نقول عنها دعشنة سوريا، على اعتبار أن الجولانى داعشى قديم ولا يغفر له صالون الحلاق، الذى يضبط له النيولوك يومًا بعد يوم.