مصر – الوطن والأمة – فوق الجميع!
مصر – الوطن والأمة – فوق الجميع!
«الرد على بيان الخديعة والغطرسة»
(١)
أكثر من عشرين منظمة حقوقية – بعضها غير مصرى – أصدرت بيانًا ترفض فيه القانون المصرى الخاص باللاجئين الذى ناقشه مجلس النواب المصرى. لقد أقر المجلس القانون بالفعل، وكان يمكن أن نتجاهل هذا البيان الصادر عمن لم يُطلب منهم الرأى، لكن هذا القدر من الاستفزاز الذى اشتملت عليه كثيرٌ من عباراته يدفعنى لكتابة هذا المقال. وإذا كان مصدرو البيان قد منحوا لأنفسهم حق إصداره بصفتهم، فإننى بحق بطاقة هويتى المصرية أمنح نفسى حقًا أصيلًا فى الرد!
وردى هذا موجهٌ بالأساس للمصريين لكشف ما ورد بهذا البيان من محاولات واضحة لخديعتهم، وما جاء به من تطاول وتعالى – يجاوز أحيانا التجاوز ويصل فى بعض ألفاظه إلى حد الوقاحة السياسية – موجه للدولة المصرية وبعض مؤسساتها، كما رأيتُ فى بعض ما جاء به صفاقة تمس الكرامة الوطنية المصرية للأفراد وأنا منهم.
لذلك فلا علاقة لردى هذا بإقرار القانون أو تأجيله أو حتى إلغائه، وإنما هو ردٌ خالص لوجه الكرامة الوطنية لهذا الوطن، وتسجيلٌ لصفحة جديدة من صفحات ما تُسمى بمنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية!
وسأبدأ أولا بعرضٍ لأهم ما ورد بالبيان من حيثيات تمثل رؤية الموقعين عليه، معقبا على كلٍ منها بما يليق بها من تفنيدٍ موجزٍ أو ما تستحقه بعض عباراتها من لفظٍ وردٍ!
ثم سأختص بعض عبارات البيان - والتى أرى أن بها كثيرًا من التجاوز والتعالى والغطرسة – بالذكر الحرفى والتوثيق حتى لا تضيع تلك العبارات من ذاكرة الشعب المصرى، وحتى يمكن استدعاؤها فيما بعد، وتعليقها فى رقاب أصحابها إن دعت الحاجة لذلك يوما ما!.
وأخيرا فإننى سأقدم بعضًا من صفحات تاريخ ممارسات بعض ما يسمى المنظمات الحقوقية فى مصر فى عقودٍ سابقة ربما يدرك معها المصريون أهداف وأغراض بعض من أصدروا هذا البيان!.
(٢)
بدأ البيان بفقرة عنوانها ابتزازى تقليدى بامتياز «مشروع القانون يتعارض بشكل صريح مع القانون الدولى والدستور المصرى!» وفسر البيانُ العنوان بأن القانون يأتى فى إطار «تمرير مجموعة من التشريعات التى تعيد تشكيل جزءٍ مهم من البنية التشريعية القانونية المكملة للدستور بشكل متسارع، دون مشاركة مجتمعية حقيقية».
أعتقد أنها فقرة غير موفقة لتكون كلمة البداية، لأن لعبة رفع راية التعارض مع القوانين الدولية فى وجه الدولة المصرية باتت لعبة قديمة مستهلكة، عفا عليها الزمن السياسى خاصة بعد مساخر المشهد القانونى الدولى فى العالم فى العام الماضى على الأقل!.
ولأن الغرض مرضٌ كما نقول فى مصر، فلقد سقط صائغو الفقرة الافتتاحية فى خطأ كبير دون أن يتنبهوا، وهو تجاهل أو القفز فوق الأسماء المصرية التى شاركت عبر الفترة الماضية فى حوار حقيقى تخصصى قبل أن تستقر على هذا المشروع المقدم. ولقد شملت هذه الأسماء كوكبة من كبار مستشارى مصر وقانونييها الأجلاء، والذين يشغلون مواقع رسمية كمستشارين قانونيين لوزارات مصر السيادية كالعدل والخارجية والداخلية والدفاع ووزارة الشئون النيابية. وقد ذُكر ذلك بشكل رسمى فى افتتاحية نص المشروع، وفى نص دعوة رئيس مجلس النواب للأعضاء لمناقشة مشروع القانون، بما يعنى أنه قد تمت بالفعل مطابقة النص - مع كل من مواد القانون الدولى، ومواد الدستور المصرى، وما وقعت عليه مصر من اتفاقات دولية - مطابقة مهنية فنية احترافية.
هذا يعنى أن ما جاء بالبيان عبارات ابتزازية فقط لا غير، ونشتم منها روائح ما حدث بعد ثورة يونيو ومحاولة بعض هذه المنظمات تقويض إرادة المصريين بالاستقواء بقوى وهيئات ومؤسسات دولية تحت زعم الدفاع عن الديمقراطية والدفاع عن حقوق من تورطوا فى مشاهد إرهاب صريحة!.
أما نص أو عبارة «دون مشاركة مجتمعية حقيقية»، فهى عبارة هزلية تمامًا تخلو من الجدية وتفترض فينا سذاجة غير مقبولة. فإن كان المقصود هو مناقشة المجتمع المصرى، فهذا قد حدث بالفعل عن طريق قيام متخصصين مفوضين من المصريين – أعضاء مجلس النواب – بهذه المناقشة. أما إن كان المقصود هو أنه كان متوجبًا على الدولة المصرية طرح هذا المشروع لطالبى اللجوء أو الحاصلين عليه بالفعل، فهذا يعنى أن كاتب البيان كان فى غير وعيه أو كان يلقى إلينا بدعابة سمجة! لأن معنى هذا أنه كان ينبغى أن نطلب مثلًا من مجموعات متهمة بالانضمام للجماعة فى بلادها ضد جيشها لأسباب مذهبية ثم أتت لمصر طالبة اللجوء، وبدلا من أن تتحرى مصر موقفهم تطلب رأيهم فى مشروع القانون!.
أى أن تستشير الدولة – أى دولة – طالبى اللجوء إليها فى قانون يفترض أن يضع ضوابط قبول هذا اللجوء؟!.
وأين المبدأ القانونى الشهير البديهى «تضارب المصالح»؟، والذى تتضاعف حقيقته مع مستجدات المشهد السياسى الذى أوجد مفردات جديدة مثل أعضاء فى جماعات تحترف الإرهاب، وآخرون ربما يكونون متورطين فى جرائم حرب قبلية فى بلادهم أو أنشطة ضد القانون فى مصر ذاتها!.
(٣)
فى الفقرة التالية نتحسس بشكل لذيذ مضحك السبب الأكثر صدقًا لغضب من أصدروا البيان فى فقرة ترى أن إصدار القانون هو «امتداد لسياسة الإقصاء التى تتجاهل أصحاب المصلحة من اللاجئين، وممثليهم من المنظمات الحقوقية والأممية إذا تم تقديمه دون إشراك الشركاء الدوليين أو منظمات المجتمع التى تتولى عبء إدارة آلية تحديد موقف اللجوء وتقديم المساعدات لمجتمعات اللاجئين منذ عقود بالتعاون أو نيابة عن الدولة».
خوض المعارك من أجل «أكل العيش أو السبوبة» قد يكون مقبولًا أو فى قمة المعارك الشريفة المشروعة، لكن تُنزع تلك المشروعية تمامًا حين يقرر أحد السذج محاولة خرق باطن سفينة قررت استضافته للعبور لبر آمن، لكنه يصر على خرقها، لأن أهل السفينة يرفضون تنطعه ومحاولته إجبارهم على مشاركتهم قيادتها أو مقاسمتهم فى نتاج جهدهم دون حق!.
إذا كنتم ترون أن إدارة الملف عبء كانت بعض المنظمات الأممية تقوم به بالتعاون أو النيابة مع الدولة المصرية، فها هى الدولة مشكورة تقرر تخفيف هذا العبء عنكم وأن تقوم هى – شأن دول أخرى كثيرة – بهذا العبء كاملا، وعلى أهل السبوبة أن يبحثوا لهم عن سبوبة أخرى! ولا أتجاوز فى هذا اللفظ، لأن البيان ذاته قد وصف هذه المنظمات بأنها من «أصحاب المصلحة!».
(٤)
يستميت كاتبو المقال فى محاولة إثبات فكرة وهمية بتكرارها عدة مرات وبطرق لفظية مختلفة، وهذه الفكرة هى عدم امتلاك مصر القدرة على إدارة الملف، فيقول مرة: «غياب المعايير الدولية لاختيار وتدريب الموظفين فى اللجنة المزمع تشكيلها، والمعايير التى ستستند إليها اللجنة فى إصدار قراراتها، ومدى توافق هذه المعايير مع الاتفاقات الدولية التى تستند إليها المفوضية السامية للأمم المتحدة فى إداراتها لآلية تحديد موقف اللجوء وتقديم المساعدات».
وهذا الزعم تنسفه تمامًا عبارة واحدة وردت فى البيان ذاته وفى الفقرة السابقة مباشرة وهى عبارة أن تلك المنظمات كانت تعمل لمدة خمسة عقود «بالتعاون مع الدولة المصرية!» فهذا يعنى اعترافًا صريحًا من جانب كاتبى البيان أنهم كذابون فى هذا الزعم وأن الدولة باعترافهم كانت شريكة أساسية مع تلك المنظمات بما يعنى امتلاك الدولة كوادر بشرية لديها الخبرة الكاملة على مدار خمسة عقود أى أيضا لديها أكثر من جيل!.
والنقطة الثانية التى تكمل نسف هذا الهراء هى أن مصر متشابكة ومشاركة بشكل فعال فى أنشطة الأمم المتحدة المختلفة بما فيها هذا الملف وعبر دول العالم، بما يعنى امتلاك مصر ترسانة بشرية كاملة قادرة تمامًا على إدارة هذا الملف ليس فى مصر فقط بل فى دول عدة، فمصر لا تحيا فى كهف بدائى منعزلة عن العالم وسوف تتخبط حين تتولى إدارة أحد ملفاتها بديلًا عمن يعتبرون أنفسهم خبراء فوق مستوى الدولة المصرية!.
ثم يقول البيان فى مرة أخرى.. «الفراغ الانتقالى من تفويض الأمم المتحدة إلى العمل وفق منظومة وطنية.. تجاهل القانون للنص على فترة انتقالية تتناسب مع حجم المهمة، بل تتجاهل بالكامل وجود منظومة قانونية قائمة بالفعل. ولم يشر القانون إلى تنظيم الانتقال السلس إلى المنظومة الجديدة. تشكيل بنية قانونية لتسجيل ملتمسى اللجوء وإدارتها عملية بالغة التعقيد قانونًا ولوجستيًا، تحتاج إلى فترة إعداد وتأهيل طويلة وتعاون لصيق مع الجهات التى اضطلعت بهذه المهمة لفترة تقترب من خمسة عقود».
مرة أخرى أقول هذا الزعم يفترض فينا سذاجة غير مقبولة. كيف يزعم أحد ما يعمل فى المجال الحقوقى القانونى بعجز مصر عن الاضطلاع بتدشين بنية قانونية بديلة ومصر لديها تاريخ متفرد فى نفس العقود فى القدرة على خوض معارك قانونية شرسة لم تناطحها فيها دولة أخرى؟! هل نسيتم معركة طابا؟! دولة كانت بتلك القدرة القانونية منذ أكثر من أربعة عقود كيف تعجز عن تدشين أى منظومة قانونية بديلة فى أى فرع من أفرع القانون الدولى أو المحلى؟!.
إن هذا الزعم برمته استعلائى عن غير حق أو منطق، ويشبه موقف ما بعد تأميم قناة السويس حين توهموا عدم قدرة مصر على إدارة القناة! نجحت مصر وقتها، ونجاحها وقدرتها الآن أقوى بكثير جدًا من ذلك التاريخ!.
(٥)
«استقلال اللجنة» تحت هذا العنوان المثير يتحدث البيان عن: «القلق بشأن استقلالية اللجنة المشكلة من رئيس مجلس الوزراء وممثلين عن وزارات حكومية، فضلًا عن تمويلها من الميزانية العامة للدولة، مما يجعل أعضاءها موظفين عموميين غير مستقلين، بعكس الوضع القائم الذى تتولى فيه المنظومة الأممية المستقلة تنفيذ اللوائح والقوانين المعنية بتحديد وضع اللاجئ، بغض النظر عن التوجه السياسى للحكومات المتعاقبة».
هذه الفقرة نموذج لما أعتقد أنه وقاحة سياسية، وتدخل سافر فى شأن مصرى سيادى، ومحاولة لفرض وجود هيئة أممية تعمل على الأرض المصرية ولا تحترم كيان الدولة المصرية.
لأن معنى هذه العبارة أن هذه الهيئة الأممية تمنح حق اللجوء أو تمنعه بغض النظر عما يمكن أن يمثله بعض اللاجئين من توجهات سياسية أو أيديولوجية مناقضة لشخصية الدولة المصرية. وأنهم يريدون غل يد الدولة المصرية تمامًا عن أى تدخل تمارسه دول أخرى بما يتوافق مع دساتيرها ومبادئها! هم يريدون أن يحرموا مصر من حق تمارسه دول أخرى بإبعاد من ترى خطرًا من وجودهم على أراضيها كأن تبعد دول غربية مثلًا مدرجين على قوائم كيانات متطرفة أو إرهابية وكأن مصر دولة بلا سيادة!.
(٦)
اكتظ البيان بفقرات موجهة لخداع المصريين صراحة، ونشر أكاذيب متعمدة مثل هذه الفقرة: «انعدام الاستقلالية مع منح صلاحيات كاملة لهذه اللجنة يهدد اللاجئين الحاليين وملتمسى اللجوء بمجرد بدء عمل اللجنة. ويمنح اللجنة الحق فى طلب اتخاذ ما تراه من تدابير إزاء اللاجئين الذين منحتهم اللجنة ذاتها الحماية بعد منحهم حق اللجوء مما يثير مخاوف مجتمع اللاجئين الذى يعانى من ممارسات السلطات المصرية المتكررة سواء بالترحيل القسرى أو الحملات والحملات على مجتمعات تحمل جنسية محددة».
نحن هنا أمام مجموعة مركبة من الأكاذيب الموجهة والاستخفاف بالقوانين المصرية القائمة بالفعل. فالفقرة تخلط عن عمد بين عمل اللجنة حسب نص القانون وبين إجراءات الدولة المصرية العادية تجاه الأجانب المقيمين على أرضها وتطبيق الدولة لقوانينها الموجودة بالفعل. وتشير الفقرة إلى إجراءات تقنين أوضاع الأجانب التى أعلنتها مصر ومنحتهم مهلًا معلنة للتقنين. كما تخلط مرة أخرى بين تلك الإجراءات وبين صلاحية لجنة اللاجئين فى سحب صفة لاجىء ممن يثبت كذبه وتدليسه أو اقترافه جرائم فى بلاده أو مصر بعد منحه الصفة. وهذا تفعله كل الدول فلا يوجد ما يسمى تأبيد وضع قانونى لأى لاجئ فى أى دولة. فإذا انتفت مبررات المنح يتم سحب الصفة القانونية وهذا ما فعلته هولندا وألمانيا تجاه أعداد كبرى من لاجئى الشرق الأوسط حين رأت أى من الدولتين أن مبررات لجوء بعضهم قد انتفت! فهل مصر دولة ناقصة الأهلية لمحاولة فرض أوضاع شاذة عليها؟!
(٧)
الفقرات الأكثر وقاحة.. هى الفقرات التى وردت تحت عنوان «مخاوف بشأن الحقوق السيادية» وكانت منصبة وموجهة إلى مفهوم ومفردات الأمن القومى المصرى مثل هذه الفقرة: «يتضمن القانون توسيعًا غير مبرر للصلاحيات الممنوحة للجنة فى إسقاط صفة لاجئ لأسباب تتعلق بمصطلحات فضفاضة كالأمن القومى، وبسبب الطبيعة شديدة العمومية، وغموض مصطلح الأمن القومى فإن هذا قد يُستغل لتقييد حرية اللاجئين بشكل مفرط ودون أى رقابة». إننى أعتبر هذه الفقرات هى ذروة الصفاقة الواردة فى البيان وقمة الاستخفاف بالكرامة الوطنية المصرية. فهل توجد دولة فى العالم ليس لها مؤسسة سيادية تسمى بمجلس الأمن القومى؟! وهل مصطلح الأمن القومى بدعة ابتدعتها مصر؟! أى غموض فى هذا المصطلح؟! حين يثبت مثلًا قيام لاجئين بممارسة أنشطة إرهابية أو اقتصادية تضر باقتصاد مصر أو أنشطة دعائية لنشر الفوضى بين قطاعات من الشعب المضيف فهل فى هذا غموض؟ أى دولة تلك التى يريد كاتبو البيان إقامتها على أرض مصر؟! أيريدون من مصر أن تطأطئ رأسها احترامًا لحق اللجوء أمام أنشطة إجرامية تعبث باستقرارها؟! حتى لو أراد بعضهم ذلك فنحن الأمة المصرية لن نسمح ولن نتخلّ عن مساندة دولتنا فى الحفاظ على أمنها القومى! فمصر – الوطن والأمة – فوق الجميع.. فوق السماسرة وفوق كل من يسىء ترجمة كرم وفادتها!.
(٨)
يستمر البيان فى الكذب والاستخفاف بالعقول فيقول فيما يشبه الفقرة الكوميدية: «يغفل مشروع القانون حماية بيانات اللاجئين مما يعرض معلوماتهم الشخصية لخطر الكشف وسوء الاستخدام».
قمة الاستخفاف أن يدعى أحدهم أن مصر دولة عارية من القوانين التى تضبط أداء موظفيها العاملين فى مؤسسات الدولة. مصر لديها ترسانة من القوانين التى تحمى سرية البيانات لمواطنيها وتعاقب أى موظف عام يقوم بتسريب أى معلومات شخصية لأى مواطن خارج السياق القانونى المشروع. فكرة اختصاص اللاجئين بقانون حماية بيانات خاص بهم دون المصريين هو مخالفة للدستور المصرى. فالدستور يكفل لمواطنيه هذه الحماية ولن يقدم دستور أى بلد مزايا لمواطنين أجانب تفوق ما يقدمه لمواطنيه أصحاب السيادة الذين صيغ الدستور من أجلهم! مصر تحمى كل من يقيم على أرضها بالقوانين القائمة بالفعل، ولن نسمح بعودة المحاكم المختلطة على أرض مصر!.
(٩)
أما التطاول الأكبر الذى سقط به كاتبو البيان فهو ما ورد تحت عنوان «السياق الخارجى»، وجاء به نصا.. «لا يمكن فصل مشروع القانون عن الاتفاقيات والشراكات المستمرة بين مصر والاتحاد الأوروبى ودوله الأعضاء منذ ٢٠١٤م، فهو ليس نابعًا من إرادة مصرية حقيقية لحل قضايا اللاجئين أو وضع إطار قانون شامل يتيح دمج اللاجئين فى المجتمع. فمنذ اتفاقية الخرطوم ومرورًا بمشاريع التعاون فى حوكمة الهجرة والسيطرة على الحدود وصولًا لاتفاقية الشراكة بدا واضحًا أن هذه التشريعات تستجيب لضغوط خارجية».
تطاول وقح أرفضه كمواطن مصرى. أثبتت مصر فى الأعوام السابقة، وفى مناسبات أكثر خطورة مما نحن بصدده أنها دولة مستقلة القرار والإرادة. تتخذ قراراتها بناءً على ما تراه يصب فى صالح شعبها وصالحها كدولة مستقلة. ضبط حدود مصر هو مسألة أمن قومى مصرى تتشارك فى أهميته القارة الأوربية، لأن مصر هى قلب العالم الجغرافى. لكن هذه الحقيقة فى الاتفاق على الهدف لا يعنى أن مصر تعمل كشيخ خفر لأوروبا وهو ما حاول المتطاولون تمريره. مصر تعمل لصالح مصر ولا يعيبها توقيع أى اتفاقيات دولية للتعاون فى سبيل الوصول لأهدافها الوطنية.
(١٠)
جاءت الفقرة الختامية للبيان بعبارات تغازل الدولة المصرية على طريقة الأفلام العربية وأشبه بعبارة امرأة تغازل رجلًا قائلة «الاهتمام ما يطلبش!».
حيث يُختتم البيان برفض الموقعين له للقانون ومطالبتهم بإعادته للجنة المختصة من مجلس النواب لفتح نقاش حقيقى بمشاركة الخبراء وتعديل بعض مواده. «وأن المجتمع الحقوقى يتعامل بمسئولية مع التشريعات المصرية إيمانًا منه بأهمية التعاطى البناء مع قضايا الشأن العام رغم تجاهل السلطات المصرية الدائم لهذا التعاطى!».
وأنا أنوب عن الدولة المصرية فأقول إن تعامل المجتمع الحقوقى مع التشريعات المصرية بمسئولية ليس منا من هذا المجتمع وإنما هو إلزامٌ قانونى يلتزم به كل من يعيش على أرض هذه الدولة سواء أفرادا أو كيانات، مصريين كانوا أو غير مصريين. وأن الدولة قادرة على تحديد أصحاب الحق الأصيل فى مناقشة مجتمعية لملفٍ دون غيره. وأن هناك ملفات من حق المجتمع المصرى مناقشتها والاتفاق أو الاختلاف عليها، وهناك ملفات سيادية خاصة بكيان ومؤسسات الدولة ولها الحق المطلق الأصيل فى أن تجعل نقاشها مؤسسيًا متخصصًا!.
(١١)
بقيت نقطتان أختتم بهما ردى كمواطن على ما ورد فى هذا البيان المتهافت: النقطة الأولى أن أشير كأمثلة فقط لكيفية تعاطى ثلاث دول مع نفس القضية. إنجلترا تتولى الملف كاملًا وزارة داخليتها! ألمانيا يتولى الملف المجلس الاتحادى الألمانى! فرنسا لديها مكتب وطنى! فرنسا عدلت قوانين اللجوء عدة مرات آخرها يناير هذا العام لمزيد من التضييق لمن يحصلون على حق اللجوء!.
أما النقطة الثانية الأهم فهى أن أوضح للأجيال التى لم تعاصر ما مرت به مصر فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى بعض ما حدث. تعرضت مصر لموجات متتالية من الجرائم الإرهابية تورط فيها آلاف الأعضاء من الجماعات الإرهابية. فى تلك السنوات انبرى بعض ما تسمى المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى فى الدفاع عن مجرمين مدامين باقتراف جرائم إرهاب!
وفتحت بعض صحف اليسار صفحاتها على مصراعيها لمتحدثى هذه المنظمات لإلقاء أطواق نجاة كاذبة تتهم من خلالها الدولة المصرية بأنها هى المدانة، وأن تلك الجرائم كانت ردًا على ممارسات هذه الدولة!.
فى سنوات استشهاد وإصابة آلاف المصريين من رجال الشرطة والمدنيين كان هناك من يدافع ويبرر للقتلة، وبعضهم ساهم فى هروب مدانين لدول مثل إنجلترا التى منحتهم – عن طريق وزارة داخليتها – حق اللجوء!.
مصر دولة شريفة تحترم باقى الدول وسيادتها واستقرارها وموقفها الأخير يثبت ذلك. لو أنها كانت تريد لاستغلت هذا الملف ومنحت لمن عبثوا ببلادهم حق اللجوء لاستغلالهم سياسيًا كما فعلت بعض الدول! أنا أدافع عن مصر ليس فقط لأنها بلدى لكنها وبالتاريخ والواقع هى الدولة الأشرف فى هذه المنطقة.
ليكن ختامى أن أسجل موقفى كمواطن مصرى عادى بلغتنا العامية المتفردة...
فى مصر كلمة راجل بركة أو ست بركة.. نستخدمها للناس الكبار الطيبين.. ونستخدمها للسخرية.. اللى كتب البيان دا راجل بركة بالمعنى التانى أو ست بركة.. علم على نفسه وعلى كل اللى مضوا معاه.. إنهم مش على مستوى الحدث لا من ناحية القانون ولا التاريخ ولا فهم الفترة اللى بتمر بيها مصر.. نصيحة مش أخوية خالص.. اختاروا مواضيعكم وكلامكم مع المصريين..الشعب المصرى قلبته صعبة جدًا.. ما تستفزوش المصريين فى كرامتهم الوطنية.. اللهم بلغت اللهم فاشهد!.