رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يُدار بعض المناطق السياحية المهمة فى صعيد مصر؟! «إدفو- كوم أمبو- فيلة- المراكب الشراعية»

 

                                                                                                      «١»
يُصادفنا بعض المشاهد من فرط عبثيته يفقد أحدنا قدرته على تصديق حدوثه، رغم أنه يحدث أمام عينيه! هذا ما دار بخاطرى صباح يوم السبت، ونحن نقف أمام شباك تذاكر معبد كوم أمبو..
معبد كوم أمبو أحد ثلاثة معابد كبرى بين «الأقصر وأسوان» يعود تاريخها للفترة اليونانية الرومانية من تاريخ مصر، ويتميز معبد كوم أمبو عن المعبدين الآخرين- إدفو وإسنا- بتميز موقعه على ربوة على الضفة الشرقية للنيل، ما يبهر كل من يراه عن بُعد حتى قبل أن تطأ أقدامه أرض هذا المعلم الخالد من معالم صعيد مصر! وهو من المزارات الرئيسية لعشرات الفنادق العائمة وأحد معالم ما يسمى بالرحلة النيلية الكلاسيكية فى مصر! فنحن لا نتحدث عن موقع أثرى مُنزوٍ فى منطقة ريفية لا يزورها أحدٌ إلا نادرًا! لذلك فحين تحدث مشاهد من شأنها إرباك الحركة السياحية أو تنفير الزائرين من هذا الأثر المتفرد موقعًا وتاريخًا- فلا بد ألا نصمت عن هذه المشاهد أو التفاصيل!
                                                                                                    «٢»
عشرات الفنادق العائمة تضبط مواعيدها وبرامجها على توقيت فتح المنطقة الأثرية المتجهة إليها خاصة فى ذروة الموسم السياحى فى صعيد مصر. كل المجموعات السياحية تحاول تفادى التزاحم فى الموقع الأثرى بقدر المستطاع لتحقيق أكبر قدر من المتعة، حتى لو لبضع دقائق يتمكن فيها سائحو كل مجموعة من التقاط بعض الصور الشخصية العائلية دون تزاحم. بعد دفع مبالغ طائلة فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية لقضاء هذه العطلة فى مصر، لا يمانع السائح فى الاستيقاظ مبكرًا قليلًا من أجل تحقيق متعته كاملة فى كل منطقة أثرية.
فى ظل هذه المفردات ومع آلاف السائحين الذين يرتادون هذا الموقع فى يومٍ واحد، هل يمكن أن يصدق أحد أن هناك جهة ما يمكنها أن تتعامل مع كل هذا بمنطق الموظف البيروقراطى؟! وأننا بكل بساطة وخيبة يمكن أن نُفسد كل ذلك، لأن موظف قطع التذاكر يصل متأخرًا عشر دقائق أو ربع ساعة عن الموعد الرسمى، فيتكدس أمام المدخل عدد غير قليل تصيبهم الدهشة حين يعلمون سبب انتظارهم! 
فى مفردات الموظفين البيروقراطيين تعد هذه الدقائق شيئًا تافهًا لا يستحق التوقف عنده، لكن فى صناعة السياحة وفى ذروة الموسم السياحى قد تسبب هذه الدقائق عددًا من الأشياء القاتمة، أولها بعض التكدس غير المبرر أمام بوابات الدخول، وثانيها وأسوأها إفساد زيارة عدد غير قليل من السائحين الذين فضلوا الوجود مبكرًا مع موعد فتح المزار الرسمى! 
وحتى لا نظلم هذا الموظف فربما يكون منطقيًا أن نعرف سبب تأخره.. هو من مدينة أخرى وعليه انتظار المواصلات العامة حتى يكون فى موعده! رد يزيد من عبثية الموقف ويكون التساؤل الذى ألقى به أحد السائحين فى وجه مرشده منطقيًا.. هل لا تستطيعون تنظيم طريقة تضمن لهذا الرجل أن يكون فى موعده وهو على هذه الأهمية فى صناعة مهمة لكم؟!
                                                                                                  «٣»
لم يكن هذا هو المشهد الوحيد الذى أوجه من خلاله هذا السؤال عنوان المقال.. لكن ما يحدث فى مرسى الفنادق العائمة ومنذ خروج السائحين ترجلًا إلى المعبد يصدمك هذا العدد الكبير من الأطفال من ست سنوات إلى سن الشباب من الباعة رغم وجود عشرات المحلات المرخصة. اعتدنا على هذه الظاهرة أمام جميع المناطق السياحية، لكن كان هناك بعض الضبط حتى شهور قليلة مضت، حيث أصبحت الظاهرة أمام معبد كوم أمبو خارج السيطرة.
بعض الأطفال يقوم بما هو أشبه للتسول منه إلى البيع. هناك خلل ما لا أدرى سببه. فرجال شرطة السياحة يقولون إن مسئوليتهم تقع داخل أسوار وحرم المنطقة الأثرية التى يحدها السور الحديدى، بينما المسافة خارج هذا السور وحتى سلالم المرسى السياحى هى مسئولية جهة أخرى! فى حين أن هناك مداخل ومخارج للمنطقة يمكن التحكم بسهولة فى دخول وخروج أى شخص منها! من المنطقى أن يستفيد أبناء كل مدينة من وجود منطقة سياحية داخل مدينتهم، لكن لا بد أن تكون هناك ضوابط منظمة لكيفية هذه الاستفادة بما لا يؤثر سلبًا على الحركة السياحية وبما يضبط ظاهرة وجود أطفال صغار من المفترض أن يكونوا فى مدارسهم لا أن يقوموا بالتسول أمام هذه المناطق السياحية. وقد سُئلنا كثيرًا من الضيوف عن مدى جدية العملية التعليمية فى مصر، وعن سبب وجود هؤلاء الأطفال صباحًا هنا، وعدم ذهابهم لمدارسهم، وهل يقومون بإعالة عائلاتهم؟!
                                                                                                  «٤»
منذ أكثر من عامين كان الحديث عن «حناطير إدفو» وأهمية القيام بإعادة النظر فى هذه المنظومة الخاصة بنقل السائحين من المرسى السياحى وحتى المعبد. وبعد مرور عامين على تداول الموضوع وتشكيل لجان رسمية للمتابعة، فلا يزال هناك بعض القصور. بعض هذه العربات متهالك ويجب إخضاعه لعمليات فحص دقيقة لمراعاة عوامل الأمان. وهناك ما يخص البارك الخاص بهذه العربات فى باحة الانتظار الكبرى أمام المعبد. يحتاج هذا البارك لعملية تطوير لأرضيته المذرية والتى يمكنها أن تتسبب فى حوادث تصادم أو سقوط للبعض. هل من المعقول أن أكثر من عامين كمدة زمنية لا تكفى لتجهيز هذه الأرضية؟! 
                                                                                                 «٥»
معبد فيلة فى مدينة أسوان هو المقصد الأثرى الرئيسى بالمدينة ولأنه يقع على جزيرة فوسيلة الوصول إليه هو المراكب ذات المواتير. هناك عدد كافٍ جدًا وتشرف جمعية أهلية على تنظيم عمل هذا العدد الهائل من المراكب. لكن ينقص ضبط المنظومة الاهتمام بعوامل الأمان فى ذروة التزاحم حيث لا توجد جهة تنظيمية للإشراف على عمل هذه المواتير فى ساعات الذروة، ويحدث كثيرًا تصادم بينها مما قد يتسبب فى وقوع إصابات بين الزائرين. ويحتاج المرسى العائم أسفل الموقع الأثرى ذاته لعمليات ضبط وتفعيل أن يكون هناك منطقة للدخول وأخرى للخروج بعيدة تمامًا عن منطقة الدخول مثلما يحدث فى جزيرة النباتات. وربما يحتاج هذا المرسى العائم إلى إعادة تخطيط ليتناسب مع هذه الطفرة فى زيادة عدد الزائرين. 
                                                                                                 «٦»
عوامل الأمان الخاصة بالمراكب الشراعية فى نيل أسوان لا تؤخذ بجدية، ولا يتم الالتزام بوجود عدد من «جواكت النجاة» أو عوامات النجاة رغم نص القانون على ذلك حين يتم منح رخص التسيير. لا بد أن يكون هناك إلزام بوجود عدد كافٍ وغير تالف من هذه الجواكت والعوامات فى كل فلوكة أو مركب شراعى، خاصة أننا فى ذروة الموسم السياحى وبدء فصل الشتاء بما يصاحبه من نشاط لحركة الرياح والأمواج. نحن فى حاجة لتغيير ثقافتنا بخصوص الالتزام الجدى بعوامل أمان السائحين حتى لا نفاجأ بكارثة قد تؤثر سلبًا على الحركة السياحية برمتها!