توقيت زيارة حفتر
الذكرى الثالثة والسبعون لاستقلال ليبيا، حلّت فى ٢٤ ديسمبر الماضى، وبهذه المناسبة، طرح المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطنى الليبى، فى كلمة تليفزيونية، هذا السؤال: «هل حقًا قامت الدولة التى حلمنا بها لتهزم الفقر والجهل والتخلف، وتحتكر السلاح وتردّ المظالم وتجبر الضرر وتضمن الأمن والاستقرار؟»، وأجاب بأن الأوضاع الحالية تشكل خطرًا كبيرًا على المكاسب الوطنية، داعيًا الليبيين إلى العمل الجاد لبناء دولة حديثة قادرة على مواجهة الأزمات المتفاقمة.
مستذكرًا التضحيات الكبيرة، التى قدَّمها الأجداد والآباء لتحقيق الاستقلال وبناء الدولة والحفاظ على وحدة التراب الليبى، قال المشير حفتر إنه «لا يمكن الاحتفال بذكرى استقلال البلاد فى ظل تصدع أركان الدولة وأساساتها»، مشيرًا إلى أن «جميع المبادرات فشلت فى إيجاد حل للأزمة الليبية». كما شدد على ضرورة تحقيق آمال الليبيين، وضمان ألا تذهب تضحيات الشهداء والجرحى سدى، وقال إن قيادة الجيش تتابع «المتغيرات الخطيرة فى المنطقة»، مؤكدًا أن «الظرف أصبح أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى لتكاتف الجهود المحلية والدولية، قبل فوات الأوان، والعمل على مشروع جاد، يتجنب تكرار التجارب الفاشلة».
بعد خمسة أيام، استقبل القائد العام للجيش الوطنى الليبى، بمقر القيادة العامة فى بنغازى، اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة المصرية، وأعرب عن اعتزازه وتقديره الكبيرين لمصر، قيادةً وشعبًا، مشيدًا بدورها المحورى فى استعادة استقرار ليبيا، الذى جدّد الإشادة به، أمس، فى القاهرة، معربًا عن تقديره العميق للجهود الحثيثة التى تبذلها الدولة المصرية لدعم ومساندة الشعب الليبى، منذ اندلاع الأزمة. كما أشاد، أيضًا، بدور مصر الحيوى فى نقل تجربتها التنموية إلى ليبيا، عبر خبرات وإمكانات الشركات المصرية العريقة، مشددًا على استمرار الجهود الرامية لحلحلة الأزمة واستعادة مقدرات الشعب الليبى.
صباح أمس، السبت، زار المشير حفتر مصر، وبحضور رئيس المخابرات العامة، استقبله الرئيس السيسى الذى أشار، أو كرر إشارته، إلى أن استقرار ليبيا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومى المصرى، موضحًا أن مصر تبذل كل ما فى وسعها من الجهود والمساعى لضمان أمن واستقرار ليبيا، والحفاظ على سيادتها ووحدتها، واستعادة مسار التنمية بها، مؤكدًا دعم مصر كل المبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف. كما أكد الرئيس، أيضًا، حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية.
غالبية الأطراف الليبية، أو أكثرها قوة وتأثيرًا، تراهن على دور القاهرة، التى وضع إعلانها، الصادر فى يونيو ٢٠٢٠، أساس الاتفاق السياسى الليبى الليبى، ومهّد الطريق لانتخاب سلطة انتقالية موحدة، فى ٥ فبراير ٢٠٢١، كان من المفترض أن تنتهى مهمتها، ومهامها، فى ٢٤ ديسمبر التالى، بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وعليه، أشار الرئيس السيسى، أمس، إلى أهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدى إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن.
شدد الرئيس، أيضًا، على ضرورة منع التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية، معربًا عن تقدير مصر للدور الذى قام به الجيش الوطنى الليبى فى القضاء على التنظيمات الإرهابية بشرق ليبيا. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن الاتفاق الليبى الليبى، الذى تم توقيعه فى أكتوبر ٢٠٢٠، برعاية أممية، نص على خروج المرتزقة والقوات الأجنبية خلال ٩٠ يومًا، كما دعا قرار لمجلس الأمن، صدر لاحقًا، كل الأطراف المعنية إلى سحب قواتها ومرتزقتها من الأراضى الليبية!
.. أخيرًا، وفى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها ليبيا، والمنطقة إجمالًا، ومع استمرار محاولات قوى دولية وإقليمية، وتابعيها فى الداخل، إفساد أو إفشال أى محاولة لحل الأزمة، تواصل مصر جهودها وتحاول لملمة ما تبعثر، بالتوصل إلى حل توافقى يقود إلى إجراء الانتخابات التى طال انتظارها، ويحقق تطلعات الشعب الليبى الشقيق فى بناء دولة حديثة قادرة على مواجهة الأزمات المتفاقمة، ويمكنها أن تهزم الفقر والجهل والتخلف، وتحتكر السلاح، وتردّ المظالم، وتجبر الضرر، وتضمن الأمن والاستقرار.