رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أهالى المناطق المطورة: حالنا اتغير 180 درجة.. من العشوائيات إلى الحياة الكريمة

من العشوائيات إلى
من العشوائيات إلى حياة الكريمة

من المناطق العشوائية إلى الحياة الكريمة، بهذا تغيرت حياة الآلاف من أبناء هذا الوطن بعد انتقالهم إلى المجمعات السكنية الجديدة، التى شيّدتها الدولة على مدار السنوات الماضية، وسط مخطط التطوير العمرانى، الذى طال كل العشوائيات الخطرة بالمحافظات، على غرار «أهالينا» و«الأسمرات» وغيرهما.

ومع تغير مناطق السكن والبيئة الاجتماعية تروى آلاف القصص التى تعكس التغير الكبير فى حياة سكان هذه المناطق، بعد أن تحولت أحوالهم المعيشية الصعبة إلى الحياة فى بيئات صحية ونظيفة وآمنة، ذات بنية تحتية متميزة، وفرص لا تنتهى للعمل والتقدم والحياة الأكثر رقيًا واستقرارًا. 

وعن ذلك، استعاد حسن أبو أدهم، ٤٨ عامًا، فى حديثه مع «الدستور»، تفاصيل انتقاله من منطقة الرشاح فى حى السلام بمحافظة القاهرة إلى مشروع «أهالينا ١» السكنى، حيث يعيش الآن، فى إطار مخطط الدولة فى عام ٢٠١٨ لإزالة نحو ٣٠٠ مبنى عشوائى فى منطقته لإنشاء محور ترعة الطوارئ، مع تخصيص سكن لنقل أهالى المنطقة.

هذا الانتقال أصبح بالنسبة لـ«حسن» وأسرته وأبنائه الخمسة، بمثابة بداية حياة جديدة، إذ أصبح حاليًا مدير موقع تشغيل للمصاعد فى مشروع «أهالينا ١».

وأكد «حسن» أن الانتقال إلى «أهالينا» كان يعنى تحولًا كبيرًا فى مستوى معيشة أسرته، ليس فقط بسبب جودة السكن والبنية التحتية، ولكن أيضًا فى نوعية الحياة الاجتماعية.

وقال: «فى الحى الجديد، أشعر بترابط أكبر بين الجيران، حيث يجتمعون فى مناسبات واحتفالات تحمل بهجة تختلف عن تلك التى كانت عند مسكننا القديم، إذ لم يكن التفاعل بين سكان الرشاح قريبًا بهذا الشكل».

الأمر نفسه حدث مع شريف على، أحد سكان مشروع «أهالينا ٢»، بعد أكثر من ٢٥ عامًا قضاها فى عزبة الهجانة بمدينة نصر بالقاهرة.

وفى مسكنه الجديد، حيث يعيش الآن مع أسرته وأبنائه، أصبح «شريف»، الذى يعمل سائقًا، يحيا وسط مزيج من مشاعر الرضا والحنين، إذ يوضح أن الانتقال من منطقة عشوائية إلى مسكن حديث لم يكن أمرًا سهلًا، خاصة أنه حمل معه بعدًا عن الأهل والجيران، الذين اعتاد معهم على تقاسم الأفراح والمشاركة فى المناسبات والأعياد.

وفى حديثه لـ«الدستور»، أشار «شريف» إلى وجود فارق كبير بين ظروف المعيشة فى المنطقتين؛ موضحًا أن السكن الجديد فى «أهالينا ٢» يوفر بيئة آمنة لأطفاله للعب، وسط الشوارع النظيفة والممهدة، مقارنة بما كان عليه الوضع فى عزبة الهجانة.

وأضاف: «رغم أن بيئة السكن تحسنت، فإن الانتقال لم يغير من صعوبة الوصول إلى مكان عملى، إذ لا تزال المسافة تشكل تحديًا فى رحلاتى اليومية، لكن يظل الانتقال إلى السكن الجديد خطوة نحو تحسين حياة أسرتى».

أما «أم عبدالله»، وهى السيدة التى تقف على أعتاب الخمسين عامًا، فقد تحدثت مع «الدستور» عن حياتها السابقة كبائعة خضروات فى منطقة قلعة الكبش، التى كانت تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

وقالت: «كنت أعيش وسط العشش والبيوت الصغيرة التى بُنيت بجوار بعضها البعض، والوضع كان أشبه بمكب للنفايات؛ فالشوارع ضيقة، والمبانى متداخلة، ما جعل الحياة صعبة للغاية، لكن بعد ذلك، عندما بدأ التطوير، حصلت كل عائلة فى منطقتنا على شقة بمساحة ٧٠ مترًا، تتكون من غرفتين وصالة، وبها جميع الخدمات الأساسية، بما فى ذلك الغاز الطبيعى، وكل هذا مقابل إيجار رمزى يبلغ ٥٥ جنيهًا فقط شهريًا».

وعند «سلم الكبش»، وهى إحدى المناطق التى شملها التطوير، تحدث «أبوأحمد»، أحد سكان المنطقة القدامى، مع «الدستور»، مسترجعًا ذكرياته حول المنطقة قبل تطويرها.

وقال «أبوأحمد» إن السلم كان يضم على جانبيه العديد من الدكاكين الصغيرة، وفى أسفله كانت هناك منازل عشوائية يسكنها الناس، لكن بدأت الحكومة هدم هذه المبانى، وتم نقل العديد من السكان إلى مشروع «الأسمرات»، حيث حصلوا على شقق مجهزة وأماكن آدمية للمعيشة.

وأضاف: «المنطقة كانت مليئة بالمشاكل، من انتشار الباعة الجائلين إلى وجود تجار المخدرات، وكان السلم ملاذًا للكثير من الأنشطة غير القانونية، لكن ما تقوم به الحكومة اليوم يُظهر أن هناك اهتمامًا حقيقيًا بتوفير بيئة نظيفة وآمنة للمواطنين».

وحول مخطط التطوير، قال الدكتور سيف الدين فراج، أستاذ التخطيط العمرانى، إن الدولة تمكنت خلال السنوات الماضية من تحقيق إنجازات ملموسة فى ملف العشوائيات، ما يعد نقلة نوعية فى التعامل مع هذا الملف، الذى ظل مهملًا لعقود طويلة.

وقال: «هذه الجهود بدأت بشكل منهجى منذ حوالى عشر سنوات، حيث تم تصنيف المناطق العشوائية إلى عشوائيات شديدة الخطورة وإسكان غير مخطط، وتم وضع خطط للتعامل مع كل تصنيف، حسب الاحتياجات».

وأضاف: «الدولة شرعت فى التعامل مع العشوائيات شديدة الخطورة أولًا، من خلال توفير ٣ بدائل للأسر المقيمة فى هذه المناطق؛ وتمثلت هذه البدائل فى تقديم مبلغ مالى يساعدهم على شراء شقق بديلة، أو توفير وحدات سكنية جديدة لهم فى مشروعات الإسكان مثل مشروع (حى الأسمرات) بتشطيبات كاملة، أو إتاحة الإقامة على نفقة الدولة فى مشاريع مثل (حى الأمل)، لحين الانتهاء من إعادة البناء فى مناطقهم الأصلية».

ونوه، فى ختام حديثه لـ«الدستور»، إلى أن عمليات التطوير تتطلب استثمارات ضخمة تفوق بكثير تكلفة إنشاء الطرق فى المدن الجديدة، نظرًا لافتقار المناطق العشوائية وغير المخططة للبنية التحتية الأساسية، الأمر الذى يستدعى إنشاء شبكات للصرف الصحى، وشبكات مياه صالحة للشرب، ومحطات لمعالجة المياه والكهرباء، وكذلك خطوط الغاز، بالإضافة إلى دراسة الطاقة الاستيعابية للمرافق لتلبية احتياجات السكان بشكل متكامل.

وفى الإطار نفسه، أكد الدكتور إسلام رأفت، أستاذ التخطيط العمرانى، أن ملف تطوير العشوائيات فى مصر شهد تحسنًا كبيرًا خلال العقد الأخير، بعد أن تم تنفيذ حلول استباقية لتحسين جودة حياة المواطنين فى عدد من المناطق غير المخططة.