انتخابات أمريكا 2024.. سباق هاريس وترامب فى يد الولايات المتأرجحة
اليوم الثلاثاء الخامس من نوفمبر 2024، يتوجه ملايين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع في سباق انتخابي غير مسبوق؛ في نهايته تفتح أبواب البيت الأبيض لأول سيدة رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة، أو إعادة دونالد ترامب إلى الساحة من جديد.
ويصطف الناخبون في طوابير طويلة وسط أجواء من الترقب بشأن بلدهم، الذي يواجه انقسامات داخلية وتحديات عالمية تتطلب قيادة قوية وحاسمة، ويحتدم الصراع في ولايات حاسمة، فيما ترصد وسائل الإعلام نتائج استطلاعات الرأي وتقلباتها.
موعد الانتخابات الأمريكية
تجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الستون، اليوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024، وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها توزيع الأصوات الانتخابية بناءً على تعداد 2020، وتزامنًا مع السباق الرئاسي، ستشهد الانتخابات التنافس على 435 مقعدًا في مجلس النواب، و34 مقعدًا من أصل 100 في مجلس الشيوخ، و13 منصبًا لحكام الولايات، بالإضافة إلى عدد من الانتخابات المحلية والولائية الأخرى، ويحتاج المرشح الفائز للرئاسة إلى تأمين 270 صوتًا من أصل 538 في المجمع الانتخابي، ليحقق الفوز ويصعد إلى سدة الحكم.
الولايات المتأرجحة
يعتبر المجمع الانتخابي الركيزة الأساسية في النظام الانتخابي الأمريكي، إذ تحدد نتيجة كل ولاية بناءً على أصوات ناخبيها، والتي يتم احتسابها وفق قاعدة "الفائز يحصد الكل"، حيث يتنافس المرشحون بشكل خاص في الولايات المتأرجحة، والتي لم يستقر الناخبون فيها على دعم حزب واحد، مما يجعلها ساحة رئيسية للمعركة الانتخابية.
وتشمل الولايات الحاسمة في انتخابات 2024 كلًا من ميشيجان وجورجيا وبنسلفانيا ونيفادا وأريزونا ونورث كارولينا وويسكونسن، وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تقاربًا كبيرًا بين المرشحين في هذه الولايات، ما يجعل نتائجها حاسمة في تحديد هوية الرئيس المقبل.
وفي الإنفوجراف التالي، نوضح عدد الأصوات المقررة لكل ولاية متأرجحة في المجمع الانتخابي:
استطلاعات الرأي متقاربة
تشير الاستطلاعات الأخيرة إلى تقارب شديد بين كامالا هاريس ودونالد ترامب على المستوى الوطني، حيث تعادل الاثنان بنسبة 48% لكل منهما في التصويت الشعبي، وفقًا لاستطلاع "نيويورك تايمز" وكلية سيينا، وفي ولاية أيوا، أظهرت استطلاعات الرأي تقدمًا طفيفًا لـ"هاريس" بنسبة 47% مقابل 44% لترامب، ما يعكس تحرك الناخبين المستقلين نحو دعمها في الأيام الأخيرة.
كما أشار استطلاع "NPR/PBS News/Marist" إلى تقدم "هاريس" بنسبة 51% مقابل 47% على المستوى الوطني، فيما يحتفظ "ترامب" بدعم قوي بين الناخبين الجمهوريين والناخبين البيض من الطبقة العاملة، مما يعزز حظوظه في بعض الولايات الريفية.
وفقًا لمحاكاة "FiveThirtyEight"، من المتوقع فوز "ترامب" في 53 سيناريو من أصل 100 محاكاة انتخابية، بينما قد تفوز "هاريس" في 48 سيناريو، ومن المتوقع أيضًا أن تلعب الولايات المتأرجحة الدور الأبرز في هذه الانتخابات، مع بدء عمليات الفرز في الساعة السابعة مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (23:00 بتوقيت جرينتش)، وستتوالى النتائج تدريجيًا حتى صباح الأربعاء.
التحديات والملفات الرئيسية في السباق
تُطرح قضايا محورية قد تحدد خيارات الناخبين، من بينها:
1. الاقتصاد: يعد الاقتصاد أحد أبرز اهتمامات الناخبين الأمريكيين، حيث يستمر التضخم وتزداد تكلفة المعيشة، وتقدم "هاريس" حلولًا اقتصادية تشمل تخفيضات ضريبية، وزيادة الإسكان بأسعار معقولة، ودعم الصناعات المحلية، بينما يركز "ترامب" على تخفيض الضرائب وتعزيز التجارة الداخلية، مؤكدًا على أهمية حماية الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
2. الديمقراطية: في ظل تداعيات أحداث اقتحام "الكابيتول" في يناير 2021، تتصاعد المخاوف بشأن الديمقراطية الأمريكية، وهنا ركزت "هاريس" حملتها على تقديم "ترامب" كمهدد للمعايير الديمقراطية، فيما يصر "ترامب" على أن هاريس وحكومتها السابقة كانوا مصدرًا للتلاعب والفساد، فيما تظهر استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة أن العديد من الناخبين يرون "ترامب" أكثر قدرة على حماية الديمقراطية مقارنةً بـ"هاريس".
3. الإجهاض: بعد أن ألغت المحكمة العليا الحكم التاريخي الصادر في قضية "روي ضد وايد"، برز الإجهاض كقضية انتخابية ملحة، وفيها تدعم "هاريس" قانونًا وطنيًا لضمان الحق في الإجهاض، فيما يحافظ "ترامب" على موقفه بأن القضية يجب أن تُحسم على مستوى الولايات.
4. الهجرة: تستمر الهجرة كقضية جدلية، حيث يواصل "ترامب" تعهداته بتشديد الرقابة وتنفيذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير النظاميين، بينما تدعم "هاريس" سياسات من شأنها تنظيم الهجرة، بما في ذلك تعزيز الرقابة على الحدود، وتوفير برنامج شامل لمنح الجنسية للمهاجرين المؤهلين.
توقعات نتائج الانتخابات واستراتيجية الفرز
من المتوقع أن تشهد هذه الانتخابات مستوى عاليًا من المشاركة الانتخابية، حيث أدلى أكثر من 75 مليون أمريكي بأصواتهم عبر التصويت المبكر أو عبر البريد.
ويختلف توقيت إغلاق مراكز الاقتراع من ولاية لأخرى، فمع بدء إغلاق الصناديق في الساعة 18:00 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، واستمرارها حتى الساعة 01:00 بتوقيت شرق الولايات المتحدة في ولايات أخرى، تبدأ بعدها عمليات الفرز، مع احتمال الإعلان عن النتائج الأولية في الساعات الأولى من يوم الأربعاء، وقد تطول العملية في بعض الولايات الحاسمة، حيث يشير التقارب الشديد إلى احتمال إعادة فرز الأصوات في بعض الدوائر.
في النهاية، تعتبر هذه الانتخابات هي الأكثر جدلًا في التاريخ الأمريكي خلال السنوات الأخيرة، فإذا فازت "هاريس"، فإنها ستصنع التاريخ كأول سيدة تتولى رئاسة الولايات المتحدة، أما إذا عاد "ترامب" إلى البيت الأبيض، فسيكون الرئيس الثاني بعد جروفر كليفلاند الذي يعود للمنصب بعد انقطاع، لكن تتداخل الانقسامات السياسية والاجتماعية في هذا المشهد الانتخابي، مما يجعله لحظة حاسمة في تاريخ الولايات المتحدة، ومرحلة مهمة في تشكيل مستقبلها الداخلي والخارجي.
رؤساء أمريكا خلال آخر 100 عام