رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفروسية فى مصر.. شغف يجمع بين التحدى والعلاج النفسى

جريدة الدستور

في شوارع حي الهرم، حيث اعتاد الصغار أن يلهوا بدراجاتهم، كان هناك طفل مختلف، يركض خلف الأحصنة بشغف؛ يشد كف والدته ويصرخ متوسلًا للسماح له بمرافقة أصحاب العربات التي تجرها الخيول. ذلك الطفل كان فارسا شريفا، الذي بدأ شغفه بالفروسية منذ نعومة أظفاره، حيث كانت تلاحقه تلك الرغبة كلما رأى حصانًا يمر أمامه، وكان على يقين أن هناك رابطًا خفيًا يجذبه نحو هذا العالم. لم تتردد والدته كثيرًا، فقررت أن تدخله إلى عوالم الفروسية العميقة منذ أن كان في الثالثة من عمره، ولم يطل به الوقت حتى أصبح في الخامسة فارسًا صغيرًا، يتعلم القفز ويتنافس في البطولات الصغيرة، لتبدأ رحلته نحو عالم احتراف الخيل.

أرشيفية
أرشيفية

فارس: حصدت المركز الأول في بطولات كبرى

لم يكن شغف فارس شريف، 17 عامًا، مجرد ولع عابر؛ بل تحول إلى مسيرة حافلة بإنجازات عدة في رياضة الفروسية، فهو اليوم يحصد المركز الأول في بطولات كبرى، ولا يتوقف عن تقديم النصائح لكل من يسعى إلى الدخول إلى هذا المجال. يقول فارس، في حديثه مع "الدستور": بدأت الركوب والتدريب على قفز الحواجز في سن الخامسة، وكنت أتمرن في المدرسة المصرية للفروسية، هناك تعلمت الالتزام والشجاعة والصبر، لأن الفروسية ليست مجرد رياضة سهلة، بل تحتاج إلى الكثير من التركيز والرعاية بالحصان". يوضح فارس أن هذا المجال ليس عاديًا؛ فهو يتطلب اهتمامًا بالتفاصيل مثل نظافة الحصان وحالته الصحية، والأهم أن تبني رابطًا قويًا بينك وبين الحصان.

فارس شريف
فارس شريف

ولا تقتصر الفروسية على كونها رياضة تنافسية، بل تمتد لتكون علاجًا نفسيًا يتجاوز مجرد التمارين الجسدية. محمد عزت، 35 عامًا، والذي أسس أكاديمية لتعليم الفروسية، يروي لنا كيف ساعدته رياضة الفروسية في تخطي تحدياته النفسية. بدأ محمد التدريب منذ خمس سنوات، ويؤكد أن شعور السيطرة على الحصان يجلب إحساسًا بالقوة التي تعينه على مواجهة الأزمات النفسية. ويشرح محمد قائلًا: "في الفروسية، هناك مفهوم يعرف بـ horse empowerment، ويعني أن قوة الحصان تُكسب الفارس إحساسًا بالقوة الذاتية، وهو ما ساعدني على التغلب على اكتئابي".

أضاف محمد، الذي وجد في الفروسية حياة جديدة بعد ترشيح صديق له لتجربتها، أن الرياضة ساعدته أيضًا على إنقاص وزنه بحوالي 15 كيلوجرامًا، مما شجعه على الانتقال من كونه متدربًا إلى تأسيس إسطبل خاص به في مدينة دهب، وأصبح الآن يدرب الأطفال الصغار، بدءًا من سن الخامسة، ويساعدهم على التغلب على خوفهم تدريجيًا، حتى تصبح لديهم الألفة مع الخيل. يقول محمد عن ذلك: "الطفل الذي يشعر بالخوف في البداية، نحاول مساعدته حتى تتكون بينه وبين الحصان علاقة من الثقة، ثم نبدأ التدريب".

محمد عزت
محمد عزت

على صعيد آخر، يعتبر التدريب على الفروسية في مصر متاحًا لكن بأسعار تختلف باختلاف المكان، وفقًا لعبدالله شريف، 25 عامًا، وهو خريج كلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس، والذي يوضح أن أسعار التدريب قد تبدأ من 1000 جنيه وتصل إلى 5000 جنيه شهريًا. عبدالله يؤكد أن الاستمرارية في هذا المجال تحتاج إلى التزام وتدريب مكثف، إذ لا تكفي التدريبات البسيطة للوصول إلى الاحترافية. وأضاف أنه في أكاديميات الفروسية، يمر المتدرب بمراحل متدرجة حتى يصل إلى رتبة مساعد مدرب، ثم يتدرج ليصبح مدربًا معتمدًا بعد سنوات من التدريب المكثف.

عبدالله شريف
عبدالله شريف

وفي إطار تعزيز مجال الفروسية في مصر، أعلنت شركة Melee عن إطلاق مشروع جديد يحمل اسم "Equine"، وهو كيان رياضي متخصص في الفروسية وجميع جوانبها، مما يفتح الباب لمزيد من الفرص والاهتمام برياضة الخيل. تسعى شركة Melee من خلال هذا المشروع إلى تقديم دعم جديد لهذا المجال، وتعد خطوة إطلاق "Equine" ضمن استراتيجية موسعة للشركة لتأسيس مشاريع رياضية وسياحية وتعليمية متنوعة.

الآن، مع وجود "Equine"، يزداد الأمل في دعم وتطوير رياضة الفروسية، ومنح المزيد من الشباب فرصة الالتحاق بهذا المجال الذي يمنحهم الشعور بالقوة، ويكسبهم صفات التحمل والتركيز. ويأمل القائمون على هذه المبادرة أن يتمكن "Equine" من نشر ثقافة الفروسية، وتعزيز مكانتها كرياضة أساسية في المجتمع المصري، في ظل غياب الدعم الكافي لهذه الرياضة، سواء من المؤسسات الحكومية أو الخاصة، رغم وجود شعبية كبيرة لها بين الشباب والكبار على حد سواء.