الكنائس الغربية في مصر تحيي ذكرى اثنين من قديسيها
تحتفل الكنائس الغربية في مصر اللاتينية والمارونية والبيزنطية بذكرى القدّيسة البارّة في الشهيدات أنستاسيا الرومانيّة، التي استشهدت في روما حول سنة 290. وتدعى "الرومانية" وقد قضت حياتها بعد ترمّلها في خدمة المرضى والبؤساء. تعيّد لها الكنيسة في 22 ديسمبر. فراجع سيرتها في اليوم المذكور.
كما يحيي الغربيين كذلك ذكرى البارّ أبراميوس ويذكر التقليد أنه من مدينة لمبساكوس في ميسيّا، عاش في القرن السادس. وانه، اذ ارغم على الزواج، غادر عروسته إلى القفار وانقطع إلى الله.
وبهذه المناسبة، ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: إنّ التمييز هو، في الواقع، مثل عين النفس وسراجها، على حدّ تعبير الإنجيل: "سِراجُ الجَسَدِ هو العَين. فإِن كانَت عَينُكَ سَليمة، كانَ جَسدُكَ كُلُّه نَيِّراً وإِن كانت عَينُكَ مَريضة، كانَ جَسدُكَ كُلُّه مُظلِماً. فإِذا كانَ النُّورُ الَّذي فيكَ ظَلاماً، فَيا لَه مِن ظَلام!" يفحص التمييز كلّ أفكار وأفعال الإنسان، ويرفض ويشتّت كلّ ما هو سيّئ وغير مَرضيّ لله، وبذلك يحفظه من الضياع.
والتمييز أيضًا هو ما يسمّيه بولس الرَّسول "الشمس" عندما قال: "لا تَغرُبَنَّ الشَّمْسُ على غَيظِكم" . نحن نعتبره أيضًا كدفّة حياتنا، وفقًا لما هو مكتوب: "بِفِقْدانِ السِّياسَةِ (أي القيادة) يَسقطُ الشَّعْب" في التمييز تكمن الحكمة، وفيه الذكاء والحُكم، اللّذَين من دونهما لا يمكننا بناء بيتنا الداخليّ ولا جمع الغنى الروحيّ، بحسب الكلمة: "بِالْحِكْمَةِ يُبْنَى الْبَيْتُ وَبِالْفطنة يُثَبَّتُ، وبِالعلِمَ تَمتَلِئ الأَهْراء مِن كلِّ مالٍ نَفيسٍ شَهِيّ"
هي (أي الحكمة) "الطَّعامَ القَوِيَّ لِلرَّاشِدين، لأَولئِكَ الَّذينَ بِالتَّدَرُّبِ رُوِّضَت بَصائِرُهم على التَمْييزِ بَينَ الخَيرِ والشَّرّ" . تُظهر جميع هذه النصوص بوضوح أنّه من دون موهبة التمييز، لا يمكن لفضيلة أن تترسّخ أو تبقى ثابتة حتّى النهاية، لأنّ التمييز هو الذي يُوَلِّد ويحفظ كلّ الفضائل.
لذلك دعونا نسعى بكلّ قوّتنا وكلّ حماستنا لنكتسب موهبة التمييز الّذي بإمكانه أن يحفظنا سالِمين من المغالاة في اتّجاهين مُضادَّين. في الواقع، كما يقول الآباء، فإنّ المغالاة في اتّجاه أو في آخَر هي أيضًا ضارّة. من خلال هذه التعاليم وغيرها الكثير، ملأنا الآباء بالفرح، فاستطعنا أن نمجّد الربّ الذي يمنح هكذا حكمة لِمَن يخافونه. له الكرامة والقوّة على مدى الأجيال. آمين