الفقر والغربة والألم.. كيف عبر نجيب سرور عن المعاناة في حياته؟
"يا عش عصفور رمته الريح في عش غريب".. ربما يعلن هذا البيت الشعري، جانب من حياة الشاعر نجيب سرور، التي عاش أغلبها في الغربة، وقد لاحقه الفقر والألم والمعاناة.
ويحل اليوم ذكرى رحيل الشاعر نجيب سرور، في يوم 24 أكتوبر عام 1978، وهو أبرز الشعراء المصريين الذين عبروا بصدق عن معاناتهم الشخصية والوطنية، نستعرض في التقرير التالي، كيف عبر نجيب سرور عن "المعاناة" في حياته؟
الفقر شبح يطارد نجيب سرور
عانى سرور في حياته من شبح الفقر الذي طارده والفساد الذي كتب عنه، فلم يجد من يواجه هذا الفقر، بل كان أصحاب المصالح والسارقون هم الذين يتجلون بوضوح في أعمال نجيب سرور عندما قال:
تسرق شلن تبقى هيصه وبلوه وجَرِيمَه
تسرق أُلوف الأُلوف تبقى م الابطال
وكل ما السرقه تكبر.. القانون سيما
وكل ما السرقه تصغر.. فيه حرام وحلال
التمرد على الحياة الاجتماعية والسياسية
لم يكن نجيب سرور شاعًرا عاديًا، بل كان ناقدًا صريحًا للظروف السياسية والاجتماعية التي أحاطته، فاستخدم سرور شعره كأداة للتمرد على القمع والفساد والاضطهاد، وهو ما عبر عنه بشكل كبير في أعماله مثلما كتب "الأميات"، مثلما قال:
"عقود عمل ع القفا بس العمل بره
هاجر وسيب البلد مفروشه للغربان
يعنى يا إما السجون يا الشنق يا الهجره
يا اما تهمه جنون يا العيشه ع الصلبان"
اللغة الشعبية الجريئة
كتب سرور عن معاناته بلغة شعبية وجريئة، فما جاء فيي فكر "سرور" كتبه بصدق بدن تزييف، حتى وإن كان شعره يحمل بعض “السباب”، كما وصف شعره بعد النقاد، وهذه اللغة كانت تعكس حياته المليئة بالشقاء، ويبرر "سرور" طريقته في الكتابه هذه في إحدى أبياته الشعرية قائلًا:
"الألفاظ لها ميزان
ثمة لفظ قد يكسبك العالم لكن.. تخسر نفسك !
ثمة لفظ قد يفقدك العالم لكن.. تكسب نفسك
زن ألفاظك تعرف نفسك"
المنفى والعزلة والمرض
وبسبب سرور إلى جماعة شيوعية، وإخفاءه هذا الأمر، قبل سفره في بعثة حكومية إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي من عام 1958 وحتى عام 1973، ثم أعلن هناك ميله للإنتماء الماركسي، مما أدي إلى تعرضه للكثير من المشاكل وعاش حياة المنفى، حيث أُلغيت منحته الدراسية إلى الاتحاد السوفيتي وانتقل بعدها إلى المغرب، وكتب عن المنفى قائلًا:
“أنا لا أجيد القول، قد أُنْسِيتُ فى المنفى الكلام
وعرفتُ سرَّ الصمت.. كم ماتت على شفتى فى المنفى الحروف !
الصمت ليس هنيهةً قبل الكلام
الصمت ليس هنيهة بين الكلام
الصمت ليس هنيهة بعد الكلام
الصمت حرف لايُخَط ولا يقال..
الصمت يعنى الصمت.. هل يغنى الجحيم سوى الجحيم؟ !”
وهاجم نجيب سرور المرض النفسي والعزلة في أواخر حياته، وقد انعكس ذلك في شعره بشكل واضح في الكثير من قصائده وأعماله.